هل تفتح أوكرانيا أبواب الحرب العالمية الثالثة؟

 

شبكة النبأ: زاد خطر الازمة الأوكرانية، مؤخرا، بعد تصعيد المواقف للدول الكبرى، وسط الإصرار في المواقف، الذي قد ينذر بكارثة عالمية (بدئت بضم روسيا لشبه جزيرة القرم التي اعتبرتها استحقاقا تاريخيا لها، وانها تشكل جزء من أراضي الدولة الروسية)، بعد ان توحدت الجبهة الاوربية (الاتحاد الأوربي) والولايات المتحدة الامريكية، ضد روسيا، المتهمة بدعمها الكبير للحركات الانفصالية في شرق أوكرانيا، والتي تحولت لاحقا الى قتال عنيف، كان من تداعياته اسقاط الطائرة المدنية التابعة للخطوط الجوية الماليزية بصاروخ جوي، انكرت جميع الاطراق صلتها بالموضوع، وقد زاد التباعد والامل للتوصل الى اتفاق سلمي لحل الازمة الأوكرانية، بعد ان بدئت الحرب الاقتصادية بين الأطراف المتنازعة، سيما وان الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي قد وسع مؤخرا من قائمة العقوبات الاقتصادية ضد روسيا التي قامت بدورها بفرض عقوبات مشابهة.

عسكريا، حذرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، إضافة الى حلف شمال الأطلسي، روسيا من التدخل العسكري في شرق أوكرانيا لدعم الانفصاليين، وعدوه امرا كارثيا، يمكن ان يؤدي الى عواقب وخيمة تمس المجتمع الدولي، وتهدد السلم والامن العالمي، وجاءت هذه المخاوف بعد ان اكد المتحدث العسكري الأوكراني اندريه ليسينكو إن روسيا حشدت 45 ألف جندي على حدودها مع اوكرانيا مدعومة بمعدات ثقيلة تشمل دبابات وانظمة صواريخ وطائرات حربية وطائرات هليكوبتر هجومية، واضاف ليسينكو للصحفيين "تتجمع حوالي 45 ألف جندي من القوات المسلحة والقوات الداخلية للاتحاد الروسي في المناطق الحدودية"، وقال إنهم مدعومون من 160 دبابة و1360 عربة مدرعة و390 نظام مدفعية وما يصل الى 150 قاذفة صواريخ جراد و192 طائرة مقاتلة و137 طائرة هليكوبتر هجومية.

ويخشى محللون من تصاعد الازمة الأوكرانية التي قد تجبر الأطراف الدولية في خوض نزاعات مسلحة، تنعكس مدياتها على اغلب دول العالم، وبالتالي انتهاء فترة السلام العالمي الذي جنب العالم الحروب الكبرى، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ومع ان احتمال قيام حرب واسعة تشترك فيها الدول الكبرى، ما زال بعيد الوقوع، الا ان خبراء ومحللين يرونه امرا ليس بالمستحيل؟

حرب المعونات الانسانية

في سياق متصل قالت وكالة إيتار-تاس الروسية للأنباء إن قافلة روسية تضم 280 شاحنة تحمل معونات إنسانية إتجهت الى أوكرانيا،ونقلت اذاعة بيزينس اف ام عن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوله "تم الاتفاق على كل الامور مع أوكرانيا"، وكانت الولايات المتحدة حذرت من أن أي تدخل من جانب روسيا في أوكرانيا دون موافقة كييف سيكون "غير مقبول" وسيمثل انتهاكا للقانون الدولي.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن موسكو تجري محادثات مع كييف واللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة بشأن إرسال مساعدات إنسانية لشرق أوكرانيا، وقال لافروف للصحفيين "نعتقد أن من الأولوية الان التوصل إلى اتفاق مع الجانب الأوكراني واللجنة الدولية للصليب الأحمر والوكالات الإنسانية الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن ضرورة ارسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى لوجانسكودونيتسك (الواقعتين في شرق أوكرانيا)".

فيما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن القافلة الروسية التي تضم 280 شاحنة والمتجهة إلى أوكرانيا قد تكون محاولة من موسكو لتحقيق وجود دائم في البلاد، وقال فابيوس "ينبغي أن نتوخى الحذر الشديد لأن هذا قد يكون غطاء للروسيين لوضع أنفسهم قرب لوجانسكودونيتسك ووضعنا امام أمر واقع، لا مبرر لإرسال القافلة الا بتفويض من الصليب الأحمر". بحسب رويترز.

الى ذلك حذر رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من اي تدخل في اوكرانيا "ايا كان الدافع حتى الانساني" بعد ان تحادث معه هاتفيا خلال النهار، وعبر باروزو في بيان عن "قلقه ازاء حشود القوات الروسية على الحدود الاوكرانية وحذر من اي تدخل احادي الجانب في اوكرانيا ايا يكن الدافع وحتى الانساني"، وينضم بذلك الى الموقف الذي عبر عنه في عطلة نهاية الاسبوع الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل، ويرفض الغربيون بشكل قاطع فكرة القيام بمهمة انسانية روسية، ويتهمون موسكو بإمداد المتمردين في اوكرانيا بالسلاح ويخشون تدخلا مقنعا تحت ذريعة القيام بمهمة لمساعدة المدنيين.

لكن روسيا تفاهمت مع كييف لكي يقوم الصليب الاحمر بمهمة انسانية في شرق اوكرانيا، وتأمل ان "لا يضع الغربيون العصي في الدواليب" كما قال وزير خارجيتها سيرغي لافروف، وقال الوزير الروسي لوكالة الانباء ريا نوفوستي "آمل ان يتم هذا التحرك الانساني في مستقبل قريب تحت اشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اننا متفقون مع القادة الاوكرانيين على كل التفاصيل"، واكد الكرملين في بيان صدر بعد المكالمة الهاتفية بين بوتين وباروزو، "ان الجانب الروسي يستعد لارسال قافلة انسانية الى اوكرانيا بالتعاون مع الصليب الاحمر"، بدون مزيد من التوضيحات. بحسب فرانس برس.

واضاف البيان ان بوتين "لفت الانتباه الى العواقب الكارثية للعملية العسكرية التي تقوم بها سلطات كييف" في شرق اوكرانيا والى "ضرورة تقديم مساعدة انسانية عاجلة الى منطقة النزاع"، وكان لافروف طلب دعم الولايات المتحدة لمشروع القيام بمهمة انسانية روسية لمساعدة ضحايا النزاع في شرق أوكرانيا، لكن الرئيس الاميركي باراك اوباما رفض هذا الطلب الذي وصفه اثناء محادثة هاتفية مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بانه "غير مقبول"، قبل ان يصفه ب"غير المبرر وغير المشروع" اثناء مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

من جهته قال أندرس فو راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي إنه يرى "احتمالا كبيرا" لأن تتدخل روسيا عسكريا في شرق أوكرانيا وإن الحلف لم يرصد أي اشارة على أن موسكو تسحب قواتها من المناطق القريبة للحدود الأوكرانية، وردا على سؤال حول احتمالات التدخل العسكري الروسي قال راسموسن "هناك احتمال كبير"، وأضاف "نرى أن الروس يطورون الخطاب والذرائع لمثل هذه العملية تحت غطاء عملية انسانية ونرى حشدا عسكريا يمكن أن يستخدم لتنفيذ مثل هذه العمليات العسكرية غير القانونية في أوكرانيا".

أوكرانيا والانفصاليين

بدوره رفض متحدث باسم الجيش الأوكراني دعوة لوقف اطلاق النار أطلقها قائد انفصالي في شرق أوكرانيا وقال إن هذا لن يحدث إلا إذا ألقى المتمردون أسلحتهم واستسلموا، وتراجع الانفصاليون عن تصريحاتهم السابقة بشأن امكانية وقف اطلاق النار وقالوا إن على الجيش الأوكراني أن يوقف العمل العسكري أولا، وضيقت القوات الحكومية الخناق على المعقل الرئيسي للمتمردين في مدينة دونيتسك الصناعية، وقال سكان إنهم يسمعون دوي قصف شديد،وكان زعيم كبير فيما يسمى جمهورية دونيتسك الشعبية في شرق أوكرانيا ذكر أن المتمردين على استعداد لهدنة مع القوات الحكومية للسماح بادخال المساعدات الإنسانية، وردا على سؤال قال المتحدث العسكري أندري ليسينكو "إذا ما كانت هذه مبادرة فيجب تنفيذها بوسائل عملية وليس بالكلام، برفع الرايات البيضاء والقاء السلاح، وفي بيان لاحق قال المتمردون إنهم ما زالوا مستعدين لهدنة مؤقتة لمنع "كارثة إنسانية"، لكنهم أضافوا "لا يمكن ان يكون هناك وقف لإطلاق النار طالما استمر الجيش الأوكراني في العمل العسكري".

وضيق الجيش الاوكراني الخناق على معقلي المتمردين في دونيتسكولوغانسك قاطعا الطرقات بين المدينتين، وسط جدال سياسي حول ارسال روسيا قافلة مساعدات انسانية الى أوكرانيا، واعلن الكرملين ارسال قافلة اغاثة الى شرق اوكرانيا رغم المخاوف الغربية من ان يشكل ذلك غطاء للتدخل هناك، وافاد بيان للكرملين ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ابلغ رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو خلال اتصال هاتفي ان "روسيا سترسل قافلة اغاثة الى اوكرانيا بالتعاون مع ممثلي اللجنة الدولية للصليب الاحمر".

ويرفض الغربيون بشكل قاطع فكرة القيام بمهمة انسانية روسية، ويتهمون موسكو بامداد المتمردين في اوكرانيا بالسلاح ويخشون تدخلا مقنعا تحت ذريعة القيام بمهمة لمساعدة المدنيين، واكد المتحدث باسم الكرملين ارسال قافلة اغاثة "بدون مواكبة عسكرية"، مشيرا الى ان مبدا ارسال هذه القافلة الانسانية الروسية الى اوكرانيا كان "موضع اتفاق مع الجانب الاوكراني" دون ان يتمكن من اعطاء موعد لانطلاقها، من جانبها قللت الرئاسة الاوكرانية من شان الاعلان الروسي مشددة على ان اي مساعدة روسية محتملة ستكون في اطار عملية انسانية دولية دعا اليها الرئيس بترو بوروشينكو، وقال نائب رئيس الادارة الرئاسية الاوكرانية فاليري شالي "لا ننتظر قافلة انسانية من اي نوع، المطروح هنا مبادرة من الرئيس الاوكراني لارسال مساعدة انسانية دولية الى سكان مدينة لوغانسك بالاشتراك مع الاتحاد الاوروبي، الولايات المتحدة، المانيا، وشركاء اخرين".

وكان بوروشنكو اعلن بعد محادثات مع مسؤولي اللجنة الدولية للصليب الاحمر عن استعداده لقبول بعثة انسانية في لوغانسك شرط ان تكون دولية وغير مسلحة وان تمر عبر حواجز حدودية خاضعة لسيطرة كييف، وتندد سلطات لوغانسك التي يتعذر الوصول اليها حاليا "بحصار" وبوضع "حرج" منذ تسعة ايام، نتيجة انقطاع الكهرباء والمياه الجارية وخطوط الهاتف في المدينة فيما يتناقص مخزون الوقود والاغذية بسرعة، وبحث بوروشنكو خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الاميركي باراك اوباما مشاركة روسيا في المهمة التي سيقوم بها الصليب الاحمر الدولي، وجاء في بيان للرئاسة الاوكرانية ان "الرئيس الاميركي دعم مبادرة الرئيس الاوكراني بشان ارسال بعثة دولية الى لوغانسك (شرق) باشراف اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي بمشاركة الاتحاد الاوروبي وروسيا والمانيا وشركاء آخرين"، واضاف ان اوباما اكد رغبة الولايات المتحدة بالمشاركة "الفعالة" في بعثة انسانية دولية.

ومن المفترض ان يلتقي بوروشنكو واوباما على هامش قمة الحلف الاطلسي في الرابع والخامس من ايلول/سبتمبر في بريطانيا، وفق ما اعلنت الرئاسة الأوكرانية، وكان الامين العام لحلف الاطلسي اندريس فوغ راسموسن، الذي زار كييف مؤخرا، اعرب عن استعداده تعزيز دعم الحلف لاوكرانيا في مواجهة "العدوان" الروسي، واكد ان العلاقة بين اوكرانيا والحلف "صلبة" مشيرا الى عقد اجتماع استثنائي على هامش قمة الحلف الأطلسي، ومن جهته اعرب رئيس الحكومة البريطاني دايفيد كاميرون عن رغبته في ان تستغل القمة من اجل الاتفاق على سياسة اكثر تشددا ازاء روسيا. بحسب فرانس برس.

وميدانيا دمرت طلقات مدفعية جزءا من مباني السجن الواقع في كيروفسكي في ضواحي دونيتسك (شرق) وادت الى سقوط قتيل وعدد من الجرحى بحسب بلدية دونيتسك، وفر حوالى مئة سجين وما زال اربعون اخرون مفقودين، وذكرت صحافية ان بوابة السجن الرئيسية مفتوحة وان مقاتلين متمردين وفدوا الى المكان للمساعدة في البحث عن الفارين، وافاد متحدث باسم المتمردين انهم اتوا لضمان امن المنطقة ومنع الفارين من الاستيلاء على أسلحة، وقال مسؤولون في السجن ان "بعضا" من الفارين عادوا الى السجن لكن 40 ما زالوا مفقودين، مرجحين ان يكونوا مختبئين في مبان مجاورة.

وفي دونيتسك المعقل الرئيسي للمتمردين الموالين لروسيا والتي شهدت معارك عنيفة واطلاق مدفعية منذ أيام، فيما شوهدت مدرعات للمتمردين وهي تعبر وسط المدينة، وادى قصف الى تكسير زجاج دار حضانة في وسط دونيتسك من دون الحاق ضحايا بعد اختباء الامهات والرضع في قبو، والحقت قذائف اضرارا في مركز سابق للتجنيد تابع للجيش ومكاتب ومبنى سكني في جنوب دونيتسك، واكد نيكولاي المقيم في الحي "لم يكن اي متمرد هنا، لا افهم لماذا يقصفون هذه المنطقة".

اما الجيش الاوكراني فقد "قطع الاتصال بين منطقتي دونيتسكولوغانسك" اكبر مدينتين في المنطقة تشكلان معقلين للمتمردين، كما اكد اوليكسيدميتراشكيفسكي المتحدث باسم العملية العسكرية التي تشنها كييف، واضاف "رفع العلم الوطني في مدينة بانتيليمونيفكا" التي تقع على بعد 34 كلم في شمال شرق دونيتسك على طريق لوغانسك، بحسبه، وبلغت خسائر الجيش الاوكراني 568 قتيلا و2120 جريحا منذ بدء العملية في الشرق قبل اربعة اشهر، من بينهم ستة قتلى و24 جريحا في الساعات الـ24 الاخيرة بحسب المتحدث العسكري اندري ليسنكو، واعلن الجيش الاوكراني انه "ضيق الخناق الى اقصى الحدود" على دونيتسك التي تشهد منذ ايام معارك مكثفة تخللها اطلاق نار مدفعي ادت الى مقتل عدة مدنيين، واقر "رئيس الوزراء" الانفصالي اليكساندرزخارتشينكو بان دونيستك "محاصرة" وعلى شفير "كارثة انسانية"، معربا عن الاستعداد لاقرار وقف لاطلاق النار ان اوقف الجيش عمليته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/آب/2014 - 16/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م