قراءة في كتاب: القوة الثالثة.. المؤسسات العالمية عبر الحدود القومية

 

 

 

اسم الكتاب: القوة الثالثة.. المؤسسات العالمية عبر الحدود القومية

الكاتب: آن فلوريني

ترجمة: تانيا بشارة

عدد الصفحات: 269

الناشر: مركز البابطين للترجمة بالتعاون مع دار الساقي

عرض: شبكة النبأ المعلوماتية

 

 

 

شبكة النبأ: لم يعد الانغلاق والانجماد في الرقعة الواحدة هدف العالم الحديث. كما أن فكرة الانكفاء على الذات اقتصادياً واجتماعيا او سياسياً بات أمرا باهتاً إن لم نقل بموت الفكرة في أساسها لما تحمله من بذور فناء واقعي في ظل حركة التأريخ. يتجه العالم اليوم للتمدد آخذاً بعبور الحدود وتجاوزها، قافزا فوق الفئة القومية للعالم. لتحل المؤسسات العالمية المتعددة الجنسيات محل الهيمنة الوطنية لأي بلاد. هذا وسواه قدمته الكاتبة (آن فلوريني) في كتابها (القوة الثالثة) الذي أعدته من مجموعة تجارب ومقالات وتوصيات. إذ تؤكد فلوريني على أن (هذه الشبكات التي تتخطى الحدود هي بمثابة قوة واقعية راسخة في العلاقات الدولية للقرن الحادي والعشرين). الكتاب الذي طبع في (مركز البابطين للترجمة) في الكويت وبالتعاون مع (دار الساقي) ببيروت، مترجماً للقارئ العربي للمترجمة (تانيا بشارة) أحتوى على ثمانية فصول بعناوين فرعية سلطت جميعها الضوء على اهم هذه المؤسسات في العالم ودورها الفاعل والريادة في تقدم الانسانية وبقاءها على الطريق.

الفصل الاول لمعدّة الكتاب (آن فلوريني) والكاتبة (بين سيمونز) والذي جاء تحت عنوان (ما الذي يحتاج إليه العالم).سُلط الضوء في هذا الفصل على أهم المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الناشطة ومؤسسات حقوق الانسان في العالم وطبيعة رفضها ومواقفها إزاء عمالة الانسان وعبوديته أن انتهاك حقوقه كما جاء في قضية شركة الاحذية الرياضية الشهيرة (نايكي) والاتهامات التي وجهت لها في قضية انتهاك حقوق عمالها في الدول الفقيرة. اما العناوين الفرعية التي جاءت في هذا الفصل فهي (طبيعة الوحش) إذ تطرق هذا العناون إلى الاعتصامات والتظاهرات التي غصت بها شوارع سياتل أواخر 1999. كما جاء في هامش المقال ما للمؤسسة اليوم من دور كبير وفاعل في تغيير الواقع الاقتصادي الذي يؤول حتما إلى تغيير جذري في السياسات الداخلية للبلدان في العالم، معتبرة أن منظمات المجتمع المدني مابعد القومي هي المؤسسة التي تتجاوز العرف والمعتقد والتفضيل بحسب الانتماء لمجاميع على حساب آخرى. مؤكدة أن هذه المنظمات تحظى بتواجد ضئيل في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا، عازية الامر إلى وجود أنظمة سياسية شمولية تحول دون فاعلية هذه المنظمات والمؤسسات. كما تطرق المقال إلى تعريف جوهري للمجتمع المدني ما بعد القومي، وهذا التعريف مكون من ثلاث اجزاء هم أولاً: وكأي مجتمع مدني أنه يضم فقط تلك المجموعات غير المتربطة بالحكومات أو الهيئات الخاصة الساعية إلى الربح. ثانياً: هذه المجموعات متخطية للحدود القومية. ثالثا: هي تتخذ اشكالا متنوعة كما تظهر الدراسات. كما ضم الفصل مقالا آخر هو (التقليد القديم) ومقالين أخريين هما (كيف ينجز ذلك) واخيراً (طرح الاسئلة) والاخير يقوم بتقديم امثلة على آليات الحكم الجديدة المنوعة والتعاطي مع المسئل التي تجد أنظمة الدول نفسها غير مؤهلة جيداً للتعاطي معها.

الفصل الثاني من الكتاب كان للكاتب (فريدريك غالستونغ) وجاء تحت عنوان (شبكة عالمية للتصدي للفساد). استهل الكاتب هذا الفصل بضوررة ايجاد منظمات عالمية مابعد قومية لمراقبة الشركات والمجاميع الاقتصادية الحكومية منها وغير الحكومية للقضاء على الفساد فيها، مستعينة هذه المنظمات بشركاء محليين لهذا الغرض. أمثال منظمة الشفافية الدولية. يتفرع الفصل الثاني إلى سبعة عناوين ومنها (مسرح الفساد قبل منظمة الشفافية الدولية) و(نشوء منظمة الشفافية الدولية) والذي تحدث عن مناخ وظروف تأسيس منظمة الشفافية في العام 1990. أما العناوين الفرعية الاخرى فهي (استراتيجية منظمة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد) و(زيادة الوعي) حتى آخر مقال في الفصل والذي جاء تحت عنوان (عولمة السيطرة على الفساد).

جاء الفصل الثالث بتوقيع الكاتبة (ريبيكا جونسون) تحت عنوان (مقاربات حيال الحدّ من انتشار الاسلحة وحظر التجارب). كما حمل الفصل الثالث سبعة عناوين فرعية أيضاً. تحدثت هذه العناوين عن اساس دور المجتمع المدني والاطراف الاساسية وحملات الحركات العامة والناشطين الشعبيين.

أما الفصل الرابع فكان من حصة الكاتب (سانجيف ماغرام) معنونا الفصل (نحو الحكم الديموقراطي للتنمية الدائمة). تناول الكتاب في هذا الفصل بداية السيطرة على الطبيعة وانتقالها من سيطرة التقاليد والعشوائية إلى التكنولوجيا متناولاً مثال ذلك السدود الكبيرة. كما احتوى الفصل الرابع على ستة عناوين فرعية منها ظهور المعارضة المحلية، والتي تناول الكاتب فيها الانتقادات التي تُمنى بها المنظمات مابعد القومية من الداخل. أيضاً جاء تحت عنوان بناء الصلات مابعد القومية ونشوء اللجنة المائية للسدود، ونحو الحكم الديموقراطي للتنمية الدائمة القوة، وأخيراً الاستمرارية والرغبة.

(تشيتان كومار) هو كاتب الفصل الخامس والذي جاء تحت عنوان (الشبكات مابعد القومية والحملات في سبيل الديموقراطية) وقد تطرق الكاتب في هذ الفصل إلى حملة (تشياباس) وأيضا تسلسل الثورة الزمني والمجتمع المدني مابعد القومي ومراقبة حقوق الانسان، أيضا التقويم وختام الفصل بحديثه عن حملة هاييتي.

أما الكاتب (موتوكو ميكاتا) فقد كتب في الفصل السادس معنوناً إياه (بناء الشبكات نحو هدف مشترك) وفيه تطرق إلى قضية بالغة الأهمية وهي مشكلة الالغام الارضية المضادة للأشخاص، من ثم ظهور الحملة الدولية لحظر الالغام الارضية، وصولا إلى مؤتمر لندن وكيفية عمل المجتمعات المدنية الداخلية. كما كتب ذاكراً الحملة البلجيكية التي أنطلقت في العام 1995 لتعد بلجيكا بذلك الدولة الاولى في العالم التي تحظر انتاج الالغام المضادة للاشخاص. كما عرج الكاتب أيضا على مؤتمر بروكسل والحملة اليابانية.

الفصل السابع من الكتاب تطرق إلى (سلطة المعايير مقابل معايير السلطة) وكان بتوقيع الكاتب (توماس ريس). في هذا الفصل سلط الكاتب الضوء على المشكلات العميقة والقديمة لدى السلطات الديكتاتورية المستبدة والعدالة العالمية. مقسما الفصل إلى خمس مراحل وهي: مرحلة القمع واطلاق المجتمع المدني مابعد القومي، مرحلة انكار المعايير، مرحلة التنازلات التكتيكية، مرحلة الوضع التقادمي، وأخيراً مرحلة السلوك المتطابق مع القانون.

الفصل الثامن والأخير فكان بتوقع معدّة الكتاب (آن فلوريني). تحدثت فلوريني في هذا الفصل عن الدروس المستخصلة من الفصول السابقة، مؤكدة الاهتمام المتزايد بالمجتمع المدني مابعد القومي للفاعلية الكبيرة في عدد الشبكات غير الحكومية مابعد القومية في العالم. هذا الفصل تحدث أيضا عن السلطة المتزايدة وحدودها وشرح تغيير السلطة والفروع المحلية والتكنولوجيا والتمويل والتعلم من التجربة.

ان كتاب (القوة الثالثة) يضع الكثير من النقاط فوق حروف وكلمات كانت تبدو شبه ضبابية ومبهمة عن ماهية وجدية عمل هذا المؤسسات، المؤسسات غير الحكومية مابعد القومية في العالم، وطريقة تخطيها الحدود لمد جسور التواصل في العالم أجمع، عبر وظيفة من شأنها السيطرة على مايعرف بالانفلات غير الضروري للانسان والتمادي الذي يتولد نتيجة اندفاع الرغبات، كما انها عونا كبيراً في الكثير من الظروف الاستثنائية التي يمر بها الكوكب، كالكوارث الطبيعية والحروب وسواها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/آب/2014 - 15/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م