اردوغان ومعركة الرئاسة... حسابات انتخابية قد تغير مسار تركيا

 

شبكة النبأ: لم يبق سوى أيام قلائل على سباق الرئاسة في تركيا، والذي أضاف اليه اردوغان هذه المرة نكهة مميزة، بعد ان أعرب عن رغبته الصريحة في إضافة المزيد من الصلاحيات الى منصب رئيس الجمهورية في حال فوزة في الانتخابات القادمة، والتي رشح مراقبون ومراكز بحثية عالمية من خلال استطلاعات الراي التي أجرتها، فوز اردوغان الكبير على منافسيه، وقد حاول خصوم اردوغان المعارضين (الذين يتهمونه بالاستبداد وفرض سلطته في اغلب مفاصل الدولة، إضافة الى اسلمة المجتمع والدولة العلمانية في تركيا، بعد ان استطاع تسيس الجيش واقصاء اغلب خصومة ومن ابرزهم كولن المقيم في الخارج) التصدي لطموحات اردوغان، بعد اكثر من عقد من الحكم، الا ان شعبية رئيس الوزراء ما زالت في الصدارة.

واستطاع اردوغان، بالاعتماد على الشرائح الفقيرة والمجتمع المسلم في تركيا، من الحصول على شعبية كبيرة، بعد ان رفع من مكانة تركيا الاقتصادية، إضافة الى سعية لكسب الاكراد وإقامة سلام دائم معهم، في خطوة عدها كثيرون جريئة وحاسمة، مما سهل إمكانية حصوله على اغلبية مريحة في الانتخابات القادمة، وعليه  تبدو الانتخابات المحتدمة في ذروتها قبل ايام من بدئها، وبالتالي يبقى الحسم مبهما حتى اللحظة الراهنة.

في سياق متصل قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إنه يريد أن يتم تعزيز سلطات الرئاسة مضيفا أنه يتوقع أن يقترح حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه دستورا جديدا بعد الانتخابات البرلمانية التي ستجري في العام 2015، ويأمل أردوغان أن يصبح أول رئيس لتركيا يتم اختياره في الانتخابات المباشرة ولم يخف رغبته في أن يرى الدور الرمزي إلى حد بعيد للرئيس وقد اقترن بنفوذ أكبر بكثير إذا فاز بالمنصب كما هو متوقع، ويخشى منتقدوه أن يستخدم المنصب في تشديد قبضته على السلطة السياسية وهو ما يعرض للخطر أكثر من عقد من الزمن من النمو والاستقرار.

وقال أردوغان "أرغب في أن تتحول بلدي إلى نظام رئاسي، لكن لا يمكني قول ما إذا كان حزبي سيوافق على هذا في ذلك الوقت"، وأضاف دون أن يذكر المزيد من التفاصيل "إذا لم يكن نظاما رئاسيا كاملا فالنظام شبه الرئاسي قد يكون ممكنا أيضا، بهذه الطريقة يصبح صنع القرار، أسرع وأسهل"، وقال أردوغان إنه "ليس سرا" أن حزب العدالة والتنمية يريد إعادة كتابة الدستور وسيسعى لإحداث تغييرات إذا حقق أداء جيدا في الانتخابات العامة العام القادم، وفشلت الجهود السابقة لإجراء إصلاح دستوري عندما انهارت المفاوضات مع المعارضة، ولإدخال تعديلات على الدستور يجب أن يوافق عليها البرلمان بأغلبية الثلثين بينما يشغل نواب حزب العدالة والتنمية حاليا 58 في المئة من المقاعد. بحسب رويترز.

ويهيمن أردوغان على الساحة السياسية في تركيا منذ أكثر من عقد من الزمن وصعدت في عهده البلاد من التخلف الاقتصادي نسبيا إلى اقتصاد يحتل المركز السابع عشر عالميا، لكن سمعته تضررت بعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تم قمعها بصرامة في العام الماضي ومزاعم الفساد التي شابت الدائرة المقربة منه في الأشهر الأخيرة.

سباق إلى كرسي الرئاسة

فيما هللت الجماهير التي اكتظت بها المدرجات عندما أحرز رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان هدفه الثالث في مباراة في كرة القدم بين فريقين من المشاهير أقيمت بمناسبة افتتاح استاد في إسطنبول، وكان اردوغان يرتدى قميصا برتقاليا يحمل الرقم 12 في إشارة إلى طموحه أن يصبح الرئيس رقم 12 لتركيا في أول انتخابات يختار فيها الشعب التركي رئيسه في العاشر من أغسطس، ولا يكاد يشك أحد أن اردوغان الذي هيمن على الحياة السياسية في تركيا لأكثر من عشر سنوات سيفوز على منافسه الرئيسي أكمل الدين إحسان أوغلو الدبلوماسي الذي لم يكن له دور يذكر في الساحة السياسية أو على السياسي الكردي الطموح صلاح الدين دميرتاش، لكن خصوم اردوغان يقولون إن السباق غير متكافئ وإن كان رئيس الوزراء نفسه ينفي ذلك.

والواقع أن فوز اردوغان سيركز مزيدا من السلطات في أيدي الرجل الذي قسم المجتمع التركي على أسس علمانية ودينية وأثار القلق بين حلفاء تركيا الغربيين، وفي حين أن منافسي اردوغان مولوا حملتهم الانتخابية من التبرعات فقد حول رئيس الوزراء ظهوره في المناسبات العامة وبعضها تموله الدولة إلى استعراض للقوة من مراسم بدء العمل في ثالث مطارات اسطنبول في يونيو حزيران إلى افتتاح خط قطار فائق السرعة في أواخر يوليو تموز، وجاب اردوغان البلاد طولا وعرضا بطائرة رئيس الوزراء ليخطب في أنصاره وبدأ بالفعل حملته الانتخابية قبل موعد بدايتها رسميا الذي حددته لجنة الانتخابات في 11 يوليو تموز، وقال المتحدث باسم اردوغان إن رئيس الوزراء توقف عن استخدام الطائرة والسيارة الرسميتين منذ سريان قيود أكبر على الحملة الانتخابية في 31 يوليو تموز.

ورفضت لجنة الانتخابات الشهر الماضي التماسا من حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري أن يستقيل اردوغان من رئاسة الوزراء حتى يمكنه الترشح للرئاسة، ويشير اردوغان نفسه إلى الحملات الانتخابية التي قام بها الرئيس الامريكي باراك أوباما والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل أثناء وجودهما في السلطة، وقال جم توكر رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي المعارض الذي كتب الكثير عن النظام الانتخابي في البلاد "في رأيي أن اردوغان أشبه برياضي يسمح له باستخدام العقاقير المنشطة المخالفة للقوانين والمشاركة أيضا في المنافسة"، وأضاف توكر الذي يؤيد حزبه إحسان أوغلو "الفترة التي قضاها في السلطة وشعبيته والكاريزما التي يتمتع بها تمنحه مزية عادلة، لكن استخدامه أموال الدولة ومواردها دون أي تمييز يمنحه مزية غير عادلة على الاطلاق"، ورددت عدة وفود أوروبية زارت تركيا لمراقبة الحملة الانتخابية أصداء مخاوف توكر.

وقالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تراقب الانتخابات في تقرير مبدئي صدر في 31 يوليو تموز "أنشطة رئيس الوزراء في الحملة الانتخابية أحداث من الحجم الكبير وكثيرا ما يتم الجمع بينها وبين مناسبات حكومية رسمية"، وأضاف التقرير "رغم أن المرشحين الآخرين يشاركون بنشاط في الحملات الانتخابية فإن قدرة جمهور الناس على متابعة حملاتهم محدودة"، وأشار وفد المنظمة إلى أن لعب أطفال وأوشحة نسائية وزعت على الجمهور في أعقاب كلمة ألقاها اردوغان في مدينة أوردو المطلة على البحر الأسود يوم 19 يوليو تموز، وقال متحدث باسم مكتب اردوغان إن أنشطة رئيس الوزراء الانتخابية لم تخالف القانون، وقال المتحدث "القول الفصل لما ورد في القانون ولا شيء حدث هنا يخالف القانون".

وقال وفد من مجلس أوروبا الذي يهدف للترويج لحقوق الانسان ونشر الديمقراطية للمجلس المسؤول عن تنظيم البث الاذاعي والتلفزيوني في تركيا في يوليو تموز إنه يجب التمييز بوضوح بين خطب اردوغان كرئيس للوزراء والخطب التي يلقيها كمرشح للرئاسة، وقالت وسائل اعلام محلية إن تقريرا تم إعداده بناء على طلب عضو من المعارضة بالمجلس توصل إلى أن هيئة البث التابعة للدولة خصصت 533 دقيقة لاردوغان في الفترة بين الرابع والسادس من يوليو تموز، وفي الفترة نفسها خصصت الهيئة لاحسان أوغلو ثلاث دقائق و24 ثانية ولدميرتاش 45 ثانية فقط، وأشار مجلس أوروبا إلى عواقب مقلقة ربما تنتج عن قرار لجنة الانتخابات الشهر الماضي أن اردوغان ليس بحاجة للاستقالة من رئاسة الوزراء أثناء خوضه حملة انتخابات الرئاسة. بحسب رويترز.

وقال في البيان الذي صدر عقب زيارته في يوليو تموز "أشار الوفد، أن رئيس الوزراء ليس مجبرا على الاستقالة بمقتضى القانون غير أن القانون يمنع استخدام الموارد الادارية"، وأضاف "هذا المنصب يتيح له إمكانية كبيرة للاستفادة من موارد وتغطية اعلامية في غياب قواعد صارمة، وقد أثيرت مسألة سوء استخدام الموارد الادارية في عدة مناسبات خلال الاجتماعات"، وقال متحدث باسم مكتب اردوغان إن كل الأنشطة الانتخابية تتفق مع القانون، وتمنع القوانين الانتخابية في تركيا إلقاء الخطب وإقامة مراسم افتتاح رسمية لخدمات أو مشروعات تمولها الدولة والمجالس البلدية خلال فترة الحملات الانتخابية، كما أنها تفرض بعض القيود على استخدام سيارات الدولة خلال الحملات.

لكن ترشح اردوغان أعلن قبل نحو ثلاثة أسابيع من البداية الرسمية للحملات في 31 يوليو تموز، وخلال تلك الفترة ألقى اردوغان خطبا في مناسبات في مختلف أنحاء البلاد موجها الانتقادات لخصومه ومهللا لنجاحاته، وقال سامي سلجوق أستاذ القانون والرئيس السابق لمحكمة الاستئناف "الغرض من الضرائب التي ندفعها كمواطنين أن تنفق على الصالح العام، ولا يمكن للسياسي أن ينفقها لصالحه الخاص، ومن الواضح أن استخدام طائرة رئيس الوزراء في الحملة الانتخابية مخالف لقيم أخلاقية بعينها"، وتخوض تركيا للمرة الأولى تجربة التصويت الشعبي لاختيار الرئيس، ففي الماضي كان البرلمان يختار رؤساء الدولة ولهذا لم تثر من قبل مسألة تمويل الحملات الرئاسية على النحو الحالي.

وقال جوخان سين رئيس شركة بروجي يابيم للدعاية لصحيفة حريت إن الحملة الانتخابية تتكلف ما يقرب من 50 مليون ليرة (24 مليون دولار) ينفق جانب كبير منها على التلفزيون والمطبوعات وكذلك المؤتمرات الانتخابية، وفي السنوات التي قضاها اردوغان في الحكم والتي تجاوزت العشر سنوات شهدت تركيا فترة نمو اقتصادي وظهور طبقة جديدة من رجال الأعمال المحافظين الموالين لاردوغان، ويقول خصوم اردوغان إن هذه الشبكة من قطاع الاعمال وسهولة تدبيرها للمال استفادة من ثروات أصحابها سهلت مهمة اردوغان ما خلق خللا في عملية تمويل الحملات الانتخابية، وامتنع اردوغان نفسه عن التعقيب على تمويل حملته الانتخابية.

وقال دميرتاش الذي يحتل المركز الثالث في استطلاعات الرأي بفارق كبير إنه جمع حوالي 600 ألف ليرة من تبرعات الناخبين بينما قال إحسان أوغلو إنه جمع أكثر من مليوني ليرة، ولم يذكر مكتب اردوغان رقما لما جمعه رئيس الوزراء لحملته، وشكا المرشحان المنافسان من هيمنة اردوغان على وسائل الاعلام التركية التي تملكها في الغالب شركات كبرى لها صلات أعمال بحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء والتي تراجعت مكانتها في تصنيفات حرية الصحافة العالمية في السنوات الأخيرة، وتراجعت تركيا إلى المركز 154 من بين 180 دولة في المؤشر العالمي لحرية الصحافة للعام الجاري بالمقارنة مع 116 عام 2003 عندما وصل حزب العدالة والتنمية للحكم.

وتعرضت وسائل الاعلام التركية لانتقادات من منتقدي الحكومة الصيف الماضي لبث خطب اردوغان على الهواء وعدم تغطية المظاهرات المناهضة للحكومة التي اجتاحت البلاد في بدايتها على الأقل، وقالت إسراء ارسان أستاذ الصحافة بجامعة بيلجي في اسطنبول "خلال 12 عاما ازداد حزب العدالة والتنمية خبرة في كيفية فرض الرقابة على الصحف وكيفية نشر الخوف بين وسائل الاعلام، والممارسة تصل بالرقابة إلى مستوى الكمال".

الاتراك وانتخابات الرئاسة

الى ذلك قال مسؤولون إن الاقبال بين المغترين الاتراك الذين يدلون بأصواتهم في الخارج للمرة الاولى جاء اقل من التوقعات إذ بلغ ثمانية في المئة فقط من المؤهلين للتصويت في انتخابات الرئاسة التي يتوقع ان يفوز فيها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وكان أردوغان يأمل في اجتذاب تأييد قوي من قطاعات ضمن 2.8 مليون تركي يعيشون في الخارج وقال مسؤول من حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي اليه اردوغان إنه سيكون أكثر المتضررين من الاقبال الضعيف رغم أن مؤيدي المعارضة لم يقبلوا أيضا على التصويت، وبدأ التصويت في الخارج الذي يتم بصفة أساسية في السفارات والقنصليات يوم 31 يوليو تموز، لكن المغتربين مازال يمكنهم التصويت في مكاتب الجمارك على حدود تركيا الى ان تجري الانتخابات في العاشر من اغسطس اب مما قد يزيد النسبة النهائية للاقبال.

وقال مسؤول آخر في حزب العدالة والتنمية "بلغت المشاركة نحو ثمانية في المئة لكن مثلي أو ثلاثة أمثال هذه النسبة يتوقع ان تشارك في التصويت"، وكان الاتراك في الخارج يمكنهم الادلاء بأصواتهم في مكاتب الجمارك على الحدود فقط وأنحى المسؤول باللائمة عن ضعف الاقبال على الاجراءات المعقدة التي تستلزم من الناخبين حجز موعد مسبق، وأبلغ بعض الناخبين عن مصاعب في تحديد مواعيد حتى قبل ان تبدأ العملية، وقال نائب رئيس الوزراء أمر الله إيسلر للصحفيين ان عدد الذين أدلوا بأصواتهم في الخارج بلغ 232 الف ناخب وأن 152 الف ناخب آخرين سيصوتون في مكاتب الجمارك، وقال مسؤول تركي كبير آخر إن عدد المغتربين الذين يصوتون في الانتخابات يدور على المستوى الدولي حول مستوى يتراوح بين عشرة و15 في المئة رغم أنه كان من المتوقع ان يكون المستوى أعلى من ذلك في هذه الانتخابات. بحسب رويترز.

فيما كشف استطلاع للراي نشر في الولايات المتحدة ان الاتراك منقسمون جدا حول اداء رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان على مدى 11 عاما، مع بقائه الاوفر حظا للفوز في الانتخابات الرئاسية، وستنتخب تركيا للمرة الاولى رئيسها بالاقتراع العام المباشر في العاشر من اب/اغسطس في اطار توترات سياسية حادة واتهامات بالفساد في حكومة اردوغان، وقال 44% ممن استطلاعهم مركز بيو للأبحاث من 1000 وشخص، بين 11 نيسان/ابريل و14 ايار/مايو، ان رئيس بلدية اسطنبول السابق وحزب العدالة والتنمية الاسلامي المحافظ قادا تركيا في الاتجاه الصحيح، لكن 51% منهم قالوا انهم غير راضين عن الطريق الذي تسلكه بلادهم.

وقال مركز الابحاث الاميركي ان "نصف (المستطلعين) يقولون ان وضع الاقتصاد جيد في حين ان 46% يقولون انه سيء، ويعتبر 48% ان لاردوغان تاثيرا ايجابيا على البلاد والعدد نفسه يرى عكس ذلك"، ودعمت غالبية من الاتراك التظاهرات التي هزت البلاد العام الماضي وانتقد55% الطريقة التي لجأ اليها اردوغان لقمعها بالقوة، وخلال السنوات التي امضاها في الحكم حد اردوغان من نفوذ الجيش في البلاد لكنه يواجه اليوم اخطر ازمة مع سلسلة اتهامات موجهة ضده وللمقربين منه تتعلق بالفساد وتهريب الذهب والتجارة غير المشروعة مع ايران، وكان للرؤساء الاتراك السابقين دور بروتوكولي لكن وفقا لمساعد رئيس الوزراء بولنت ارينتش يتوقع ان يكون اردوغان رئيسا اكثر حضورا.

وقال ارينتش "اذا اصبح رئيس الوزراء رئيسا سيكون بالتأكيد فاعلا، هذا طبعه"، كما اظهرت الدراسة ان الثقة في الجيش التركي تراجعت مع تعبير 55% فقط من المستجوبين عن رأي ايجابي بالمؤسسة العسكرية، وفي 2007 رأى 85% من الاتراك ان للجيش دورا إيجابيا، وقال 73% من المستطلعين ان رايهم في الولايات المتحدة سيء و66% انهم يعارضون الاتحاد الاوروبي لكن غالبية (53%) ترغب رغم كل شيء بالانضمام اليه، ولدى سبعة اتراك من اصل 10 صورة سيئة عن حلف شمال الأطلسي، ويقدر هامش الخطأ في الاستطلاع بنحو 4,5%.

المعارضة التركية

من جهتها اتهمت المعارضة التركية الحكومة باللجوء للمماطلة في التحقيق في مزاعم فساد لتجنب ظهور معلومات يحتمل أن تلحق بها أضرارا قبل انتخابات الرئاسة، لكن الأفضل أن يخوضها دون ظهور فضيحة الفساد على السطح من جديد بعد أن لاحقت حكومته لعدة شهور في وقت سابق هذا العام، ورفض متحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يقوده اردوغان فكرة أن الحكومة تعطل التحقيق وقال إنه يجب عدم التعجل في العملية.

ووصف اردوغان الفضيحة التي أدت الى رحيل أربعة من وزراء حكومته بأنها محاولة من خصومه السياسيين للإطاحة به، ورد على ذلك بحملة تطهير قام خلالها بنقل آلاف من رجال الشرطة والقضاء والنيابة من مواقعهم، واصطدمت لجنة برلمانية أنشئت في مايو ايار لدراسة ملفات ممثلي الادعاء التي تزعم ارتكاب الوزراء الأربعة مخالفات بسلسلة من العقبات واجتمعت اللجنة للمرة الأولى مؤخرا بعد تأجيلات متكررة لترشيح أعضائها، ونفى الوزراء الأربعة الاتهامات، وأعاد رئيسها حقي كويلو المنتمي لحزب العدالة والتنمية الملفات دون قراءتها لأنها لا توجد بها فهارس.

وقال رضا تيرمن عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري المعارض وعضو اللجنة "هذا سخيف، لن يمنعنا من دراسة التقارير على أي حال، وأثارت الفضيحة ورد فعل اردوغان عليها غضب المعارضة وانتقادات من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى، وفي رده على ما حدث شدد رئيس الوزراء التركي القيود على الانترنت وفرض حظرا لمدة أسبوعين على موقع تويتر، وقال اردوغان إن الفضيحة تأتي في إطار محاولة "انقلاب قضائي" من تدبير رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن وهو حليف سابق له تحول الى عدو ويتمتع بنفوذ في الشرطة والقضاء، ونفى كولن اي علاقة له بالأمر، وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية حسين جيليك إن الحكومة لا تماطل لكن صفحات الفهارس التي طلبها رئيس اللجنة ضرورية، وأضاف للصحفيين في أنقرة "يجب الا يتوقع أحد تحقيقا متعجلا في مسألة خطيرة كهذه"، وأضاف "ليس هناك ما يمكن أن يظهر (في هذه الملفات) ليزعجنا قبل انتخابات الرئاسة، لو كان هناك شيء من هذا النوع لكان قد ظهر للعلن عدة مرات".

وتفجرت الفضيحة في ديسمبر كانون الاول حين ألقت الشرطة القبض على عشرات الأشخاص بينهم رجال أعمال مقربون من اردوغان وثلاثة من ابناء الوزراء في إطار تحقيق أجرته الشرطة في منح تراخيص بناء غير قانونية في اسطنبول ومزاعم عن عصابة تهريب تساعد ايران في استغلال ثغرة في نظام العقوبات الغربية الذي تخضع له، وفي مايو ايار أسقط ممثلو ادعاء عينوا حديثا الدعاوى ضد 60 مشتبها به واعتبر هذا انتصارا كبيرا للحكومة في جهودها لوأد التحقيق، وأثار نواب معارضون مخاوف من أن الأغلبية البرلمانية التي يتمتع بها حزب العدالة والتنمية ستقوض عمل اللجنة، وقال بنجي يلدز عضو اللجنة من حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد "اذا تحولت هذه اللجنة الى لجنة للتبرئة فإن سمعة البرلمان ستتضرر ونحن لا نريد أن نصبح أداة لتحقيق ذلك". بحسب رويترز.

ونشب عراك بالايدي في البرلمان التركي بين نواب الغالبية والمعارضة على خلفية تشكيل لجنة لبحث خطر الجهاديين المتطرفين في العراق، ودار عراك عنيف بالايدي بين النواب في البرلمان قبل ايام من استحقاق انتخاب رئيس جديد، وطالب نواب حزب الحركة القومية المعارض بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول تجاوزات "الدولة الاسلامية" التي خطفت عشرات الاتراك في مدينة الموصل شمال العراق بحسب ما ذكر تلفزيون ان تي في الخاص، وخلال التصويت على هذا الاقتراح اتهم النائب علي اوزونرماك خصومه في حزب العدالة والتنمية الحاكم بالتصويت عن زملائهم الغائبين ووصفهم ب"غير النزيهين".

ورد النائب عن حزب العدالة مصطفى شاهين على اوزونرماك وسرعان ما تحولت المشادة الكلامية الى عراك بالأيدي، واظهرت مشاهد التقطت في البرلمان شاهين وهو ينزف من انفه فيما كان اوزونرماك يعاني من جروح في الرأس، لكن الامور تدهورت اكثر بعد ان نشب عراك اخر بين النائب عن حزب الحركة القومية سينان اوغان ونواب من حزب العدالة، وبعد ان سقط ارضا تلقى اوغان لكمات في الوجه ما ادى الى رفع الجلسة البرلمانية، وواصل النائب حملته على تويتر واصفا خصومه في حزب العدالة والتنمية ب"الكلاب"، وقال "لا يمكنهم ان يكونوا خمسة في مواجهة شخص واحد، هاجمني 60 شخصا في آن واحد لكن جاءهم الرد، بعون الله سندافع عن حقوق الشعب التركي في البرلمان، لا يهم عدد الكلاب في حزب العدالة والتنمية الذين سنواجههم".

اردوغان والاكراد

من جانب اخر قال صلاح الدين دمرداش الذي ينافس رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في انتخابات الرئاسة ان عملية السلام في تركيا مع الناشطين الاكراد ستمضي قدما سواء فاز أردوغان أو لم يفز في الانتخابات لكنه امتنع عن الكشف عما اذا كان سيؤيد رئيس الوزراء في حالة اجراء جولة إعادة، ويحتل دمرداش الذي يخوض الانتخابات مرشحا عن حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للاكراد المرتبة الثالثة بفارق كبير في استطلاعات الرأي، ولم يوضح من سيؤيد من المرشحين اللذين يتقدمان سباق انتخابات الرئاسة، وتأييد الاكراد الذين يشكلون خمس السكان يمكن ان يكون المفتاح لتأمين حصول أردوغان على أغلبية مطلقة يحتاج اليها في الجولة الاولى من انتخابات الرئاسة التي تجرى في العاشر من اغسطس اب وله نفس الاهمية في حالة اجراء جولة اعادة بعد اسبوعين.

وفعل أردوغان أكثر مما فعله أي زعيم تركي سابق لتعزيز حقوق الاكراد ويأمل في الاستفادة من تأييد الاكراد نتيجة لذلك في أول انتخابات رئاسية مباشرة تشهدها البلاد، وتحت قيادته بدأت تركيا محادثات سلام مع الزعيم الكردي السجين عبد الله أوجلان في عام 2012 في محاولة لانهاء تمرد مستمر منذ 30 عاما وقتل فيه 40 ألف شخص، لكن دمرداش قال ان مستقبل عملية السلام لا يتوقف على أردوغان فقط، وقال "عملية المفاوضات ليست مجرد عملية تعتمد على أردوغان"، وقال "لو كنت الرئيس فسأحرز تقدما أفضل، أكمل الدين احسان أوغلو (مرشح الرئاسة المعارض الرئيسي) يقول انه لا يعارض اجراء حوار".

ويقل التأييد لحزب الشعب الديمقراطي عن عشرة بالمئة في استطلاعات الرأي فيما يشير الى ان نسبة كبيرة من أكراد تركيا سيصوتون لصالح أردوغان لكن الحزب يهدف الى توسيع التأييد له خارج الجذور الكردية، ودمرداش (41 عاما) محام حقوقي أصغر سنا بكثير من أردوغان الذي يبلغ 60 عاما أو احسان أوغلو (70 عاما) الرئيس السابق لمنظمة التعاون الاسلامي الذي يخوض الانتخابات على تذكرة حزب الشعب الجمهوري العلماني، ورغم الاحتجاجات الواسعة المناهضة للحكومة وفضيحة الفساد اثناء ولاية رئيس الوزراء السابقة فان أردوغان مازال يتمتع بتأييد ضخم ويتوقع على نطاق واسع ان يفوز بالرئاسة، وأظهر استطلاعان للرأي في الشهر الماضي انه سيحقق فوزا مريحا في الجولة الاولى التي ستجري في العاشر من اغسطس اب حيث أعطت لأردوغان 55-56 في المئة متقدما بواقع 20 نقطة مئوية على احسان أوغلو، واذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 في المئة في الجولة الاولى تجري جولة اعادة يوم 24 اغسطس اب.

فيما قال الجيش التركي إن ثمانية أشخاص على الاقل قتلوا في اشتباكات بين قواته ومسلحين أكراد على الحدود مع سوريا في أخطر أعمال العنف منذ أن أعلن المسلحون الأكراد وقف إطلاق النار في العام الماضي، وأشار مسؤول محلي في وقت سابق بأصبع الاتهام الى مهربين بعد أن عبرت مجموعة مسلحة الحدود من سوريا إلى تركيا متجاهلة نداءات للتوقف وفتحت النار على موقع للجيش، لكن هيئة الاركان العامة للجيش التركي قالت في بيان إن ثلاثة من حرس الحدود أصيبوا بجروح توفى اثنان منهم في وقت لاحق بعد أن تعرضوا لهجوم من نحو 15 شخصا حاولوا العبور الى تركيا. بحسب رويترز.

وقال الجيش إنه تم نشر تعزيزات وإنه يعتقد أن ستة "إرهابيين" على الأقل من حزب العمال الكردستاني المحظور أو حزب الاتحاد الديمقراطي التابع له ومقره سوريا قتلوا في الاشتباك، ولم يصدر تعليق على الفور من حزب العمال الكردستاني أو حزب الاتحاد الديمقراطي، وقد يشكل هذا الاشتباك ضربة لجهود رئيس الوزراء طيب أردوغان لإنهاء تمرد حزب العمال الكردستاني الذي قتل فيه أكثر من 40 الف شخص على مدى ثلاثة عقود، وفي وقت سابق وافق النواب الاتراك على مشروع قانون يمنح اعترافا قانونيا بالمفاوضات لأول مرة وهو إجراء وصف بأنه خطوة مهمة في الطريق نحو السلام.

فوضى العراق واقتصاد تركيا

من ناحيتهم قال خبراء اقتصاديون إن الفوضى التي يشهدها العراق قد تكلف تركيا خسائر تجارية تقدر بنحو 2-2.5 مليار دولار هذا العام وهو ما يؤدي إلى تباطؤ الجهود الرامية لتعزيز الصادرات وإعادة التوازن إلى الاقتصاد لكن تأثيرها على المدى الطويل سيكون محدودا ما لم يتدهور الوضع بشدة، وأظهرت بيانات من معهد الإحصاء التركي أن صادرات البلاد إلى العراق ثاني أكبر أسواق التصدير للمنتجات التركية تراجعت بنسبة 19.3 بالمئة إلى 745 مليون دولار في يونيو حزيران وهو انخفاض كبير لكنه يتماشى مع التوقعات إلى حد بعيد، وأثار تقدم خاطف لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذي اجتاح شمال وغرب العراق مخاوف من انهيار الطلب على السلع التركية وارتفاع فاتورة واردات الطاقة التركية ارتفاعا كبيرا في الوقت الذي يعد فيه العراق أكبر مورد للنفط الخام إلى تركيا.

وتسببت الاضطرابات في ارتفاع أسعار النفط العالمية لفترة وجيزة حتى وصلت إلى أعلى مستوياتها في تسعة أشهر فوق 115 دولارا للبرميل، غير أن الصادرات القادمة من مرافئ النفط في جنوب العراق زادت في يوليو تموز إلى معدل شبه قياسي إذ لم تتأثر بعد بالقتال الدائر في مناطق أخرى بالبلاد، وتراجعت أسعار النفط حاليا إلى ما دون 108 دولارات للبرميل وهو ما أدى إلى انحسار مخاوف تركيا، وقال اقتصاديون إن البيانات التجارية لشهر يونيو حزيران تشير إلى أن إجمالي خسائر الصادرات هذا العام ستكون ضئيلة إذا ما قورنت بالمستوى المستهدف لإجمالي الصادرات التركية، وقال معمر كومورجو أوغلو الخبير الاقتصادي في إيز انفستمنت "إذا لم يتحول الصراع إلى حرب شاملة فسيقتصر التأثير الكلي على ما قيمته ملياري دولار وهو تأثير يسهل تداركه بالمقارنة مع مستوى الصادرات الذي تستهدفه تركيا والبالغ 166 مليار دولار هذا العام". بحسب رويترز.

وكان وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي قال إن موظفيه قدروا الخسائر التجارية المتوقعة بسبب العراق بما قيمته 2.5 مليار دولار مشيرا إلى أن هذا مستوى يمكن تداركه، وتهدف تركيا لتصدير ما قيمته 166.5 مليار دولار هذا العام بارتفاع عشرة بالمئة عن صادرات العام الماضي التي بلغت قيمتها 151.8 مليار دولار حين سجلت عجزا تجاريا بلغ نحو 100 مليار دولار، ويساهم التعافي في أوروبا بالفعل في تعويض خسائر العراق إذ ارتفعت الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي التي تشكل 46 بالمئة من إجمالي الصادرات التركية بنسبة 14.7 بالمئة في يونيو حزيران، وكان محمد بويوكيكسي رئيس اتحاد المصدرين الأتراك قال في وقت سابق هذا الشهر إن الوضع في العراق مثير للقلق لكن لن يكون له تأثير يذكر إذا تعافي الطلب الأوروبي، ووصل العجز التجاري التركي إلى 39.58 مليار دولار في النصف الأول من العام بانخفاض 21.9 بالمئة عن نفس الفترة من العام الماضي.

ويتراجع العجز أيضا في ميزان المعاملات الجارية لتركيا وهو نقطة الضعف الرئيسية في اقتصاد البلاد التي ترجع في الأساس إلى اختلالات التجارة، وتهدف الحكومة للوصول بالعجز هذا العام إلى 55 مليار دولار من 65 مليارا في العام الماضي ويتوقع بعض الاقتصاديين مستويات أكثر تفاؤلا، وقالت جيزيم أوستوك ألتينساك الخبيرة الاقتصادية في جرانتي انفستمنت "التراجع المتوقع الذي تبلغ قيمته ملياري دولار في الصادرات العراقية خلال بقية السنة ليس ضئيلا أو كبيرا جدا على موازين الاقتصاد الكلي التركية"، وأضاف "لا نفكر في تعديل تنبؤنا للعجز في ميزان المعاملات الجارية البالغ 45 مليار دولار".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/آب/2014 - 12/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م