قتل الناس على الهوية الدينية والمذهبية، وتفجير دور العبادة:
الكنائس والمساجد والحسينيات والمزارات ومقامات الأنبياء والأولياء
والمعالم التراثية؛ محاولة جديدة من قبل الإرهابيين والجماعات
التكفيرية المتطرفة لإشعال نار الفتنة بين المسيحيين والمسلمين –
والسنة والشيعة – في البلد نفسه؛ وعملية التهجير القسري للشيعة في بعض
المناطق، كما حدث في غرب العراق، وترحيل المسيحيين من الموصل
والاستيلاء على منازلهم والكنائس والمحلات التجارية، لأول مرة في تاريخ
العراق، من قبل (داعش وأخواتها)، «وصمة عار» على جبين العرب والمسلمين
والعالم والبشرية، لا يمكن السكوت عليها، ولها مخاطر كبيرة على
المنطقة، وستدفع شعوبها من العرب والمسلمين الثمن، وربما ستكون هناك
ردود فعل وانتقام سينال الأبرياء.
تلك الأعمال الإرهابية الإجرامية والوحشية، هي من صناعة أعداء
الديانات السماوية والإنسانية، التي تعتمد فكرا متشددا تكفيريا يؤمن
بتصفية وقتل من يختلف معهم في العقيدة والأفكار، وتدمير الكنائس
والمساجد والحسينيات والمزارات والآثار، وهؤلاء الارهابيون يطبقون
الفكر الذي درسوه وتعلموه، وللأسف هذا الفكر المدعوم من قبل مؤسسات
دينية وتعليمية في دول معروفة في المنطقة، مازال لغاية اليوم يدرس
وينشر، وبالتالي هذه الدول ليست بعيدة عن تمويل تلك المجموعات وان
اختلفت معها في الفترة الأخيرة نتيجة اختلاف أولويات المصالح.
داعش وأخواتها، لا تمثل الإسلام والعرب، بل ان الإسلام والعروبة
مختطفان من قبل هذه الجماعات التي تدعي التدين، وكافة الأديان – خاصة
الاسلام – بريئة من أعمال هذه الجماعات الإجرامية والوحشية، لأنها ضد
أهداف رسالات السماء وضد مصالح شعوب الأمة العربية، في الحصول على
حقوقها الوطنية والإنسانية وتأسيس دول قائمة على العدالة والحرية
والمشاركة في السلطة، عبر دستور منبثق من الشعب، واحترام التعددية
وحقوق الإنسان.
القاعدة وداعش ومن يدور في فلكهما تشكل خطرا على الدين الإسلامي
والعروبة والمنطقة وشعوبها، بل العالم اجمع، لانها تحمل فكرا تكفيريا
للآخر، واتباعهما يحملون قلوبا خالية من المحبة والسلام، مليئة
بالكراهية والحقد، لا يفرقون بين تفجير كنيسة أو مسجد أو حسينية أو سوق
أو مجمع سكني، ولا بين قتل مسلم أو مسيحي، بل انها جماعة تتفاخر
بالعمليات التفجيرية والإرهابية ضد من يختلف معهم في المذهب كالشيعة أو
في الدين كالمسيحيين، جماعات اعتادت على العنف والقتل والإعــتداء على
العباد ودور العبادة.
استهداف الكنائس، وترحيل المسيحيين من مدنهم والاستيلاء على منازلهم،
وكذلك في ما يخص التركمان والشبك من قبل «داعش» في الموصل بالعراق
محاولة جديدة من قبل الإرهابيين والجماعات المتطرفة لإشعال نار الفتنة
بين المسيحيين والمسلمين، كجزء من مسلسل الدمار والتخريب في جسد الأمة
بعد تأجيج الصراعات الطائفية بين المسلمين، الشيعة والسنة، وتفجير
المساجد والحسينيات في العراق، كما حدث بتفجير مرقد سامراء وغيره، وفي
العديد من الدول مثل باكستان التي شهدت جرائم مماثلة. ووصل هذا الأسلوب
إلى البحرين، الدولة العربية الصغيرة الحجم التي تشهد ثورة شعبية كبيرة
منذ عام 2011، ومازالت مستمرة لغاية اليوم، شعب البحرين يواجه
الاعتقالات التعسفية من قبل النظام الذي يستخدم أسوأ الوسائل القمعية
للقضاء على الحراك المطلبي والثوري، ومن المؤسف قيام النظام البحريني
بهدم المساجد والحسينيات.
ينبغي على محبي السلام والعدالة من جميع الأديان والطوائف في العراق
وسوريا والخليج ومصر والعالم التنديد بتفجير الكنائس والمساجد أو أي
موقع للعبادة في العراق وأي مكان في العالم.
المسيحيون والصائبة والايزدية وغيرهم من الاقليات هم أخوة في الوطن
والإنسانية، وينبغي على المسلمين في العالم العربي والاسلامي الدفاع عن
الكنائس كما الدفاع عن المساجد وحماية المسيحيين واتباع الأقليات الذين
يعيشون بينهم، حسب توجيهات القرآن الحكيم والنبي الكريم محمد (ص)
والعقل والوطنية والإنسانية.
الكنائس والمساجد هي دور لعبادة الله – عز وجل – حسب العقيدة، ودور
العبادة هي محل تقدير واحترام لدى من يؤمن بالتعددية الدينية واحترام
عقيدة وفكر ورأي الآخر، وقد دعا الإسلام الى حماية الناس من اي دين
والدفاع عن دور عباداتهم. عملية التهجير القسري ضد المسيحيين في
العراق، «وصمة عار» للعرب والمسلمين والعالم والبشرية، لا يمكن السكوت
عنه، لان القادم من «داعش وأخواتها» أكثر فظاعة.
ألف تحية لناشطي حقوق الإنسان في العالم، وتحية لشهداء المحبة
والسلام والتسامح والإيمان من المسيحيين والمسلمين وجميع الطوائف.
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |