النفط الكردي... صراعات مريرة من أجل الاستقلال

 

شبكة النبأ: تحولت قضية بيع النفط العراقي عبر خطوط ناقلة وبالتنسيق بين إقليم كردستان وتركيا الى قضية دولية، بعد ان رفعت دعاوى قضائية من قبل حكومة المركز الى محاكم دولية، معتبرة ما تقوم به حكومة كردستان امر غير قانوني، فيما اقامت حكومة إقليم كردستان دعاوى قانونية مشابهه ضد حكومة بغداد، وكانت الناقلة (يونايتد كالافرفتا) العملاقة والتي حملت بالنفط الخام العراقي (مليون برميل تعادل قيمته 100 مليون دولار امريكي تقريبا)، اخر هذه المحطات القضائية، بعد ان رست بالقرب من ميناء جالفيستون في ولاية تكساس لغرض بيع نفطها الخام، لكن القاضية في تكساس (نانسي جونسون)، أصدرت امرا فدراليا بعدم شرعية النفط، وطالبت بمصادرته، في حال رست الناقلة داخل الأراضي الامريكية والتي لا تبعد عنها سوى 100 كيلومتر، بحسب التصريحات الرسمية.

واعربت السلطات الاميركية عن استعدادها لمصادرة نفط بقيمة 100 مليون دولار بعد ان ابلغت الحكومة العراقية محكمة فدرالية اميركية بان النفط تم نقله بشكل غير قانوني من اقليم كردستان العراق، وقال المتحدث باسم سلطات تطبيق القانون الاميركية ديف اوني، "لم ننفذ الحكم بعد، وفي الوقت الحالي فإننا نراقب الوضع"، وجاء في شكوى وزارة النفط العراقية المقدمة للمحكمة ان حكومة منطقة كردستان ضخت وصدرت بشكل غير قانوني النفط من شمال العراق عبر تركيا حيث تم تحميله على ناقلة في ميناء جيهان في اواخر حزيران، واضافت الشكوى ان "وزارة الثروات الطبيعية لإقليم كردستان التي قامت بتحميل الشحنة ليست مالكة للنفط، الذي تم الحصول عليه بشكل غير قانوني"، ووصلت الناقلة الى جوار خليج غلافيستون، الا انه لم يتم اي اجراء لتفريغ حمولتها، وتحمل السفينة اكثر من مليون برميل من النفط الخام تبلغ قيمتها نحو 100 مليون دولار، وقال مسؤولون اميركيون ان واشنطن تفضل دائما اشراف الحكومة الاتحادية في بغداد على اي مبيعات للنفط.

فيما أفادت شركة "ليوندلبازل" للكيماويات العائدة للبليونير الأوكراني الأصل ليونارد بلافاتنيك إنها ستتوقف عن شراء النفط "المتنازع عليه" من العراق وذلك بعد يوم من نشر تقرير صنفها المستورد الأميركي الغامض للخام الكردي، اما الشحنات الأخرى فتم بيعها الى إسرائيل بحسب التسريبات الأولية الخاصة بمواقع تتبع السفن المحملة بالنفط الخام، وتأتي الخلافات النفطية بين الإقليم والمركز ضمن سلسلة حادة من الخلافات تزامنت مع سيطرة الجماعات الإسلامية المتطرفة على مناطق واسعة من العراق في التاسع من حزيران الماضي، إضافة الى سيطرة قوات البيشمركة التابعة لحكومة كردستان العراق على كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها مع الحكومة المركزية، فيما أعلن رئيس حكومة إقليم كردستان ان الإقليم يطمح الى الاستقلال عن العراق من خلال استفتاء خاص لمواطني الإقليم، الامر الذي يفسر محاولاتهم المستمرة لتصدير النفط من اجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، وان كان بأسعار تقل كثيرا عن الأسعار العالمية، كما يرى محللون.

يذكر ان الكرد ما زالوا مشاركين في العملية السياسية بعد ان اختير رئيس الجمهورية العراقي (فؤاد معصوم) من الكتلة الكردية، إضافة الى حصصهم الأخرى في الحكومة القادمة، الى جانب قيامهم بعمليات عسكرية تستهدف تنظيم ما يسمى "الدولة الإسلامية/ داعش"، وسط انباء عن سيطرة التنظيم على عدة مدن استراتيجية (منها سنجار، إضافة الى سد الموصل الكبير)، وانسحاب الكرد منها، فيما يقوم الجيش العراقي بمقاتل التنظيم في عدة جبهات قتالية في شمال بابل وصلاح الدين والانبار وديالى وكركوك.

ناقلات النفط الكردي

فقد أظهرت بيانات من أقمار صناعية تتبع تحركات السفن أن ناقلة تحمل نفطا خاما من إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق على مقربة من ميناء في الولايات المتحدة رغم القلق الذي تبديه واشنطن منذ فترة طويلة بسبب مبيعات النفط المستقلة من الإقليم، وأظهرت أن الناقلة يونايتد كالافرفتا التي غادرت ميناء جيهان التركي في يونيو حزيران محملة بنفط من خط الأنابيب الكردي الجديد ترسو في جالفستون بتكساس، وإذا تم بيع خام كردي لمصفاة في الولايات المتحدة فإنه سيثير غضب بغداد التي ترى أن مثل تلك الصفقات تعد تهريبا وأيضا تساؤلات بشان التزام واشنطن بمنع مبيعات النفط من إقليم كردستان.

وأبدت واشنطن مخاوف من أن مبيعات النفط المستقلة من كردستان قد تساهم في تفتيت العراق حيث تواجه الحكومة في بغداد صعوبات في احتواء المسلحين من الإسلاميين السنة الذين سيطروا على مناطق واسعة من البلاد لكنها تشعر أيضا باستياء متزايد من طريقة تعامل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع الأزمة، وتضغط واشنطن على شركات وحكومات للامتناع عن شراء النفط من حكومة إقليم كردستان لكنها لم تمنع الشركات الأمريكية صراحة من شرائه، وجددت حكومة كردستان مطالبها لإنشاء دولة مستقلة وسط أعمال العنف الدائرة في العراق، وتدهورت علاقاتها مع بغداد جراء ما تراه من دور للمالكي في إذكاء الأزمة إضافة إلى النزاع طويل الأمد بشأن مبيعات النفط.

وقال كارلوس باسكوال رئيس مكتب الطاقة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية إنه لا تغير في سياسة واشنطن تجاه مبيعات النفط الكردية المستقلة لكنه أبدى أمله في أن تتوصل الحكومة المركزية والإقليم إلى اتفاق في الوقت المناسب، وهددت بغداد بمقاضاة أي مشتر لنفط كردستان، وقال باسكوال بعد نقاش في مؤسسة كارنيجي "جعلنا الناس يدركون أن أي مشتريات تنطوي على مخاطر وأبلغناهم مرارا بذلك"، وقال في كلمة ألقاها "في مرحلة ما يجب أن تتوصل بغداد وأربيل إلى تفاهم بشأن كيفية إسهام تطوير تلك الموارد وتصديرها في تنمية العراق بشكل عام"، وأضاف أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فإن هناك مخاطر بأن يصبح الصراع بين الطرفين "أكثر حدة"،

ولم تتمكن مصادر تجارية في تكساس ونيويورك ولندن وجنيف من تحديد هوية مشتري الشحنة التي تنقلها يونايتد كالافرفتا، وعادت إشارات خدمة تتبع السفن إلى الظهور بعد اختفائها فترة قصيرة حينما كانت تبحر حول شبه جزيرة فلوريدا، وتحمل السفينة قرابة مليون برميل من الخام قد تصل قيمتها إلى أكثر من 100 مليون دولار بالأسعار العالمية، ومع ذلك فمن المحتمل أن تغير السفينة مسارها وتتجه بعيدا عن الولايات المتحدة إلى المكسيك أو بلد آخر في أمريكا الوسطى أو الجنوبية، وقال مسؤول في مؤسسة تسويق النفط الحكومية في العراق (سومو) ان المؤسسة ستقاضي أي شركة تشتري النفط الكردي وتضعها في القائمة السوداء لحرمانها من أي صفقات كبيرة لتصدير الخام. بحسب رويترز.

وقال المسؤول "تحتفظ الحكومة العراقية بالحق في مقاضاة أي شركة أو مصفاة أو تاجر يشتري الخام العراقي الذي تعرضه حكومة كردستان بشكل مخالف للقانون"، وأضاف قوله "ويراقب فريقنا القانوني الأجنبي عن كثب تحركات السفينة ويستعد لاستهداف أي مشتر محتمل بصرف النظر عن جنسيته"، وكانت اول ناقلة تحمل خاما من خط الأنابيب الكردي أبحرت من جيهان في مايو آيار الماضي، وأبحرت ثلاث ناقلات أخرى منذ ذلك الحين وتم تسليم واحدة من الشحنات الأربع حتى الآن الى ميناء إسرائيلي بعد نقلها من سفينة إلى أخرى، وترفض حكومة كردستان حتى الآن التعقيب على أي مبيعات لشحنات تنقلها ناقلات سوى نفي أنها باعت إسرائيل نفطا، ولم يمكن الوصول إلى متحدث باسم وزارة الموارد الطبيعية لسؤاله التعقيب.

ولم تحظر الولايات المتحدة رسميا شراء النفط الخام الكردي لكنها في الأشهر الأخيرة ضغطت على الشركات في الداخل والخارج لكي لا تشتري الخام العراقي من خارج منظومة مبيعات النفط المركزية لبغداد، وكانت كردستان العراق بدأت بيع نفطها بمعزل عن الحكومة المركزية في عام 2012 إذ قامت بادئ الأمر بنقل كميات صغيرة من المتكثفات بالشاحنات عبر تركيا ثم نوعين من النفط الخام، وذهبت إلى الولايات المتحدة بالفعل ناقلة واحدة على الأقل تحمل الخام الكردي الذي تم نقله بالشاحنات الى تركيا قبل تصديره لكن بغداد زادت معارضتها للمبيعات الكردية منذ بدء تشغيل خط انابيب كردستان إلى تركيا في يناير كانون الثاني، ويزعم الجانبان كلاهما ان الدستور العراقي يقف في صفه.

من جهة أخرى، للبيع وبالتقسيط المريح مليون برميل نفط خام، على متن ناقلة نفط في عرض سواحل المغرب، هذا ما يعرضه أكراد في حلقة متجددة من سعيهم إلى إثبات استقلالهم الاقتصادي عن حكومة بغداد ضمن نشاط معقّد يؤثر حاليا في أسواق الطاقة، فالحكومة الإقليمية في كردستان تعمل باستقلالية عن بغداد، ومن ضمن الشركات التي تعمل في الإقليم شركات عملاقة مثل إكسون موبيل وشيفرون وطوطال.

ويتم نقل النفط الخام من هناك بواسطة أنبوب يصل حتى ميناء جيهان التركي على سواحل المتوسط، هناك يتم تحميله في خزانات تشق عباب البحر بحثا عن مشترين، ويتم وضع المحصول من الأموال في بنك تركي، حيث يتحصل الأكراد على 17 بالمائة منه وتستأثر الحكومة العراقية بالباقي، ويقول صناعيون إنّه يتم نقل ما لا يقل عن 100 ألف برميل يوميا عبر الأنبوب وأن أكثر من مليوني برميل مخزّنة حاليا في ميناء جيهان، أما آخر المشترين فيبدو أنها إسرائيل، ووصل مليون برميل نفط أمس الأول من إقليم كردستان العراقي إلى إسرائيل عبر ميناء عسقلان، وأشارت إلى أن الأكراد قدموا للإسرائيليين عروضا مغرية، لكن الحكومة المركزية في بغداد تهدد بمقاضاة الدول التي تشتري النفط الكردي، ولماذا إسرائيل؟ ليس واضحا من كان المشتري وما إذا تعددت الأيادي المالكة قبل المحطة النهائية للصفقة، لكن من المرجح أن الإسرائيليين يرون في كردستان حليفا في منطقة يعدان فيها أقليتين صغيرتين.

لكن شحنة أكبر بكثير، تقول تقارير إنها تحمل ما لا يقل عن مليون برميل، مازالت في عرض البحر منذ نحو شهر ونصف تبحث عن مشتر بكثير من اليأس، فقد قالت مصادر تعمل في قطاع الشحن، إنّ ناقلة تحمل اسم "يونايتد ليدرشب" موجودة مقابل الدار البيضاء في المملكة المغربية تبحث عن مشتر محتمل، ووفقا لوثائق تتعلق بحمولتها فإنّها مازالت لا تعرف وجهتها النهائية بعد، ويعني هذا أنه رغم عرض تخفيضات مهمة، إلا أنّ الأكراد مازالوا يعانون من مشاكل في بيعها، فبعض المشترين يخشون تهديد الحكومة العراقية بملاحقة أي شخص يشتري النفط من دون أن يمر عبر الشركة المملوكة للدولة.

وكانت الحكومة العراقية قد وضعت لائحة سوداء لعدة وسطاء ومصدري النفط الكردي، وقالت تقارير إنّ شركة روسية معروفة اشترت شحنة من الخام الكردي لمصفاة في ألمانيا تشترك معها في ملكيتها، وتعتبر تركيا عملية البيع قانونية وكذلك استخدام ميناء جيهان كما أنها لها مصلحة في الوضع بالنظر للتطورات الجارية في المنطقة، وبدأت الحكومة العراقية إجراءات قانونية ضد أنقرة في محكمة التحكيم الدولية، وقال وزير الطاقة العراقي حسين الشهرستاني إنّ تركيا تلعب بالنار بإهدار ثروة العراق،  كما أن الولايات المتحدة تعارض عمليات البيع الكردية وترى فيها عاملا إضافيا لهزّ استقرار المنطقة.

حقول كركوك

فيما قال مسؤول كبير بقطاع النفط العراقي إن إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق بدأ ضخ النفط من حقول كركوك التي كانت تحت سيطرة الحكومة المركزية في بغداد عبر خطوط الأنابيب التي تمتد في أراضيه، وتقع كركوك في منطقة متنازع عليها بين إقليم كردستان وبقية العراق وهي بؤرة نزاع طويل الأمد على الأراضي والموارد الطبيعية بين بغداد وأربيل عاصمة الإقليم الكردي، وسيطرت قوات كردية على منشآت الإنتاج في حقلي النفط الشماليين كركوك وباي حسن في 11 يوليو تموز مستغلة الفراغ الذي نتج عن انسحاب قوات الجيش العراقي تحت ضغط هجوم شنه مسلحون إسلاميون.

وقال المسؤول العراقي إن الإقليم الكردي بدأ ضخ الخام من كركوك إلى خورمالة باستخدام وصلة قائمة، وأضاف "يستخدمون خط أنابيب كان يستخدم أساسا في نقل الخام (من كرستان) لكنهم عكسوا اتجاهه الآن" مقدرا الكميات التي ينقلها خط الأنابيب بنحو 20 إلى 25 ألف برميل يوميا، وكانت بغداد تدير مكامن بابا وأفانا بكركوك قبل الاستيلاء عليها في 11 يوليو تموز بينما كان خورمالة المكمن الثالث في منطقة كركوك تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان منذ فترة طويلة. بحسب رويترز.

وتبلغ الطاقة الإنتاجية لحقلي كركوك وباي حسن معا 450 ألف برميل يوميا من النفط الخام لكنهما لم ينتجا كميات كبيرة منذ مارس آذار حين تعرض خط أنابيب تصدير النفط الذي يمتد من كركوك إلى ميناء جيهان التركي لعملية تخريب من مسلحين إسلاميين، وفي العام الماضي وقعت بغداد اتفاقا مع بي.بي بخصوص حقل كركوك النفطي رفضته حكومة كرستان ووصفته بأنه غير شرعي.

خلاف قانوني

من جهته هدد إقليم كردستان العراقي باتخاذ إجراء قانوني ضد من يشترون النفط العراقي ما لم يحصل الإقليم شبه المستقل على نصيبه من إيرادات أي مبيعات، وقالت حكومة الاقليم إن من يشترون النفط العراقي متواطئون في انتهاك الدستور لأن حكومة بغداد خفضت حصة الاقليم البالغة 17 بالمئة من الميزانية العراقية، ومن غير الواضح ما إذا كان التهديد سيؤثر على كبار المشترين للنفط العراقي لكنه يظهر تشديد موقف حكومة كردستان في النزاع طويل الأمد مع بغداد بخصوص السيطرة على الموارد الطبيعية.

وخفضت بغداد حصة الاقليم من الميزانية العراقية منذ يناير كانون الثاني ردا على تحركات الاقليم لتصدير وبيع النفط مباشرة للأسواق العالمية وهددت أيضا بتحرك قانوني ضد من يشترون الخام الكردي، وقالت وزارة الثروات الطبيعية في الاقليم في بيان إنه في حالة عدم تقاسم الحكومة الاتحادية الايرادات بموجب الدستور العراقي فإن حكومة الاقليم لها الحق في اتخاذ الإجراءات التي تعتبرها مناسبة للحصول على كل المستحقات التي يلزم الدستور العراقي الحكومة الاتحادية بسدادها لإقليم كردستان، وأضاف البيان أن المشترين الذين يتقاعسون عن تقديم تلك المدفوعات لحكومة الاقليم يسهلون انتهاك الحكومة الاتحادية لحقوق حكومة الاقليم ويسلمون الحكومة الاتحادية أموالا تخص حكومة الإقليم، وكان الأكراد قد هددوا بمقاضاة الحكومة الاتحادية لمحاولتها عرقلة مبيعاتهم وذلك في خطاب شديد اللهجة يعكس ثقة متنامية في الوقت الذي تكافح فيه بغداد مسلحين استولوا على مساحات من البلاد. بحسب رويترز.

فيما أظهر خطاب من الحكومة الاقليمية لمنطقة كردستان العراقية شبه المستقلة أن المنطقة هددت بمقاضاة الحكومة المركزية في بغداد إذا عرقلت صادرات النفط المستقلة من كردستان، ويظهر الخطاب ذو اللهجة القوية ثقة متزايدة من العاصمة الكردية اربيل في النزاع الطويل الأمد بشأن مبيعات النفط في حين تكافح بغداد لاستعادة السيطرة على مساحات من الاراضي خسرتها لصالح تنظيم سني متشدد، وقال الخطاب الموجه لوزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي من وزير الثروات الطبيعية في كردستان اشتي هورامي إن الأكراد سيسعون لتحرك قضائي بحلول منتصف الشهر الجاري إذا لم توقف بغداد "تدخلها".

وكتب هورامي في الخطاب المؤرخ بيوم 29 يونيو حزيران ونشر بموقع تابع لحكومة كردستان "سوف تتخذ حكومة اقليم كردستان الاجراءات المدنية والجنائية (اذا لزم الامر) ضد وزارتكم وأي شخص أو مستشار أجنبي أو أي كيان يتآمر مع وزارتكم بأي شكل"، ولم يحدد الخطاب محكمة لاتخاذ الاجراء، وتحاول منطقة كردستان تحقيق استقلال مالي أكبر عن بغداد ببيع انتاجها النفطي الخاص مباشرة في الأسواق الدولية،  وتفادت الى حد كبير العنف الذي يؤثر على باقي العراق، ولقيت حكومة كردستان دعما أيضا من حكم للمحكمة الاتحادية العليا في العراق التي رفضت طلبا لوزارة النفط العراقية باصدار امر قضائي أولي ضد صادرات كردستان.

وقال هورامي إن هذا دليل على انه مسموح للأكراد بتصدير نفطهم بموجب دستور 2005 رغم أن بغداد ترفض تفسيرهم لقرار المحكمة العليا، وأضاف في الرسالة "هذا القرار من المحكمة يلزمكم بضمان ان تكف وزارتكم فورا عن أي اجراءات أخرى للتدخل بصورة مباشرة او غير مباشرة في تصدير حكومة اقليم كردستان للنفط الخام"، ووصفت وزارة النفط العراقية موقف حكومة كردستان بأنه "كاذب ومضلل" وقالت في بيان إن المحكمة لم تصدر قرارا "بشأن جوهر القضية"، وزاد التوتر بين العاصمة الكردية الاقليمية اربيل وبغداد منذ بدء خط انابيب جديد تسيطر عليه حكومة كردستان ويمتد الى ميناء جيهان التركي في مايو أيار.

خطط لمضاعفة الانتاج

الى ذلك كشف اقليم كردستان عن خطط لزيادة صادرات النفط بسرعة بعد أن سيطرت قوات الاقليم على حقول نفطية رئيسية في شمال العراق في خطوة قد تعصف بتسوية ساعدت في الحفاظ على وحدة العراق منذ سقوط صدام حسين، وقال وزير الموارد الطبيعية في حكومة كردستان العرق آشتي هورامي إن لدى الأكراد خططا لزيادة صادراتهم ثمانية أضعاف بنهاية عام 2015 بما في ذلك ضخ النفط من حقول استولى عليها مقاتلون أكراد، وأضاف "نتوقع أن يكون باستطاعتنا تصدير مليون برميل يوميا بنهاية العام المقبل بما في ذلك نفط من كركوك"، لكنه أكد على أن الأكراد سيقتسمون العائدات مع بغداد، وتابع "نرغب في التعاون مع بغداد في إطار الدستور وسيحصلون على نصيبهم من النفط الذي يصدرونه من كركوك".

وتعارض الحكومة المركزية في بغداد بشدة مبيعات النفط الكردية وتقول إنها انتهاك للدستور، ومن شأن زيادة الصادرات لمثل هذه المستويات أن تحدث تغييرا جذريا في ميزان القوى بالعراق وربما تدفع الحكومة المركزية لأن تطلب من الأكراد حصة من الايرادات وليس العكس، وبسطت قوات البشمركة الكردية سيطرتها على كركوك (وهي مدينة يعتبرها الأكراد عاصمة أجدادهم) والمناطق الريفية النائية الغنية بالنفط لتوسع حجم المنطقة التي يهيمن عليها الأكراد بأكثر من الثلث، ويقول الأكراد إنهم يملؤون فراغا أمنيا بعد فرار القوات العراقية من مقاتلين سنة ينتمون لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام الذي استولى على الموصل أكبر مدينة في شمال العراق في بداية حملة مباغتة يوم 10 يونيو حزيران.

وقال هورامي إن سقوط الموصل بدل أوضاع العراق مشيرا إلى أن هذا يتطلب تسوية جديدة بشأن الحقوق النفطية، وأضاف هورامي خلال مقابلة في مكتبه الذي يقع قرب البرلمان الاقليمي الكردي "يجب اقتسام الموارد والايرادات، انتهى عراق ما قبل سقوط الموصل وهناك الآن واقع جديد، وذكر هورامي أنه يتوقع ان تخف حدة أزمات نقص الوقود في كردستان العراق الناتج عن الحملة التي يقودها تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام خلال شهرين مع اتخاذ الحكومة الكردية خطوات لتحرير جزء من السوق والمساعدة في زيادة واردات البنزين ووقود الديزل. بحسب رويترز.

وشهد اقليم كردستان العراق ازدهارا منذ سقوط صدام عام 2003 إذ يتمتع الاقليم بالحكم الذاتي بموجب تسوية تنص على أن تبيع الحكومة المركزية في بغداد كل النفط العراقي على أن يحصل الاقليم على نسبة ثابتة من الدخل الإجمالي، لكن هذا الاتفاق انهار هذا العام بعدما بدأ الأكراد في تصدير كميات صغيرة من النفط إلى ميناء في تركيا وردت الحكومة المركزية بخفض نصيبهم من أموال الميزانية، ويعوض 125 ألف برميل يوميا يمكن للأكراد بيعهم للخارج حتى الآن قدرا يسيرا من الأموال التي كانوا يتلقونها فيما سبق من بغداد لكن السيطرة على حقول النفط في كركوك قد تدر ايرادات أكبر بكثير.

وسارعت شركات النفط الغربية للعمل مع الأكراد متحدية بغداد التي قالت إن مثل هذه الصفقات غير مشروعة، وكان هناك نحو 20 مديرا تنفيذيا لشركات طاقة غربية ينتظرون لمقابلته، وتوقفت الصادرات من حقول النفط العراقية الشمالية القريبة من كركوك منذ شهور إذا دمر مسلحون سنة خط الأنابيب الرئيسي الممتد إلى تركيا وهددوا المهندسين الذي جرى ارسالهم لاصلاحه.

وقال هورامي إن الطريقة الوحيدة التي يعول عليها لاستئناف الصادرات هي ربط كركوك بخط الأنابيب المنفصل الذي يديره الأكراد ويقومون على حراسته، وأضاف "اتفقنا مع شركة نفط الشمال وبغداد على ربط القباب الثلاث في كركوك وغيرها من الحقول المجاورة لخط أنابيب التصدير التابع لنا منذ نحو ثلاثة أشهر وتم استكمال بناء الخط بالفعل، يحتاج إلى تجربته، لكن هذا لن يأخذ وقتا طويلا، وأضاف أن الأكراد لن يتصرفوا وحدهم "نحتاج إلى التوصل لاتفاق مع بغداد. لن نبدأ تصدير النفط من كركوك بشكل منفرد"، وفال هورامي إن الصادرات قد تتضاعف "خلال شهر أو نحو ذلك" إلى 250 ألف برميل يوميا تقريبا وتصل إلى 400 ألف برميل يوميا بنهاية 2014.

وأوضح ان طاقة خط انابيب التصدير الكردي 300 ألف برميل يوميا لكن يمكن تعزيزها بسرعة مع بعض تعديلات صغيرة ومن خلال محطات ضخ اضافية مستبعدا فكرة أن تبعد تهديدات بغداد الشركات عن شراء النفط الكردي، وقال هورامي "تظهر شركات النفط والحكومات في مختلف أنحاء العالم اهتماما متزايدا بشراء نفطنا، لقد اشترى الكثير منهم بالفعل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/آب/2014 - 8/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م