عذرا .. لا جديد ولا استغراب لعدم تحرك العرب وبالخصوص المسلمين في
هذا العصر حول ما يحدث من قتل وتفجير وتهجير في فلسطين والعراق وسوريا
وفي العديد من البلدان، وتدمير دور العبادة ومقامات الأنبياء
والأولياء، فذلك استمرار للجيل الذي صمت عندما تعرضت أهم مواقع الآثار
الدينية في مكة المكرمة والمدينة المنورة ومنها البقيع للتدمير
والإعتداء بعد محاصرة الحجاز.
ولكن للاسف لا يوجد صور لتلك الأحداث المأساوية المفجعة!!. بل هذا
الجيل قد يكون أسوأ لأنه في مرحلة تشهد طفرة في كل المجالات التقنية
والإعلامية وإمكانية التعبير عن الرأي ومشاهدة الصور المروعة، ومن
المؤسف ان الصور عجزت عن تحريك ضمائر الكثير في العالم!!.
ماذا تسمى الجماعات والفئات التي تقتل الإنسان بطرق بشعة وتدمر
الدور الدينية للفئات التي تختلف معها، وتدمر التراث والآثار، وتستخدم
كافة الأساليب القذرة والدموية لفرض ما تعتقد به، كما تفعل جماعة داعش
واخواتها في هذا العصر؟.
أليس هولاء ( داعش واخواتها ) يكررون فعل ما قام به أساتذتهم الكبار
في الفكر عندما دخلوا الحجاز في عام 1925م. ودمروا كل ما يتعلق بالتراث
الإسلامي الذي حافظ عليه المسلمون طوال مئات السنين، إذ لم يسلم بيت
الرسول الأعظم (ص)، ولا البيت الذي ولد فيه، ولا القباب التي كانت على
قبور آل البيت والصحابة من العبث والتدمير، وتدمير بعض المساجد
والمقامات، والتشكيك بإيمان العباد ووصفهم بالمشركين والكفار وعباد
القبور؟.
هل من سيطر على منطقة الحجاز ودمر المواقع الدينية وكل ما يتعلق
بالتراث، قام بإرهاب الناس بالقتل البشع لأخضاع الناس، وفعل ما يريد
بدون مقاومة من الناس الخائفين والمرعوبين كما تفعل ويحدث في الدول
والمدن التي يسيطر عليها جماعة ( داعش واخواتها ) في هذا الزمن ؟.
لماذا يتم وصف ( داعش واخواتها ) بالإرهاب والفئة الضالة والفتنة
بسبب جرائمها ومنها تدمير دور العبادة، أليس هم ينفذون ما تعلموه
ودرسوه ويسيرون على نفس منهج ابائهم السابقين الذين دخلوا اقليم الحجاز
ودمروا كل التراث الإسلامي؟.
هل الآثار والمقامات والمواقع الدينية أهم من الإنسان، أم روح
الإنسان أهم من اي شيء، حرصت الديانات السماوية وبالخصوص الإسلام على
حماية وصيانة الأرواح وحرم الإعتداء عليها، ووصف قتل النفس بغير حق
كأنه قتل للناس، واحيائها كأنه احياء للناس جميعا، وان من يسعى لتدمر
المقامات أو الآثار ويقتل الناس بسبب ذلك مصيره الفشل الذريع بل سيجعل
الناس تتمسك أكثر بمعتقدها، وسيقوم الناس بإعادة البناء بشكل أفضل، لأن
الإنسان هو الذي يقوم ببناء الآثار والقباب ومقامات الأنبياء
والأولياء.
ولهذا فالروح البشرية غالية، ولكن ينبغي عدم الإعتداء على دور
العبادة والأضرحة، بل يجب احترامها مهما كان الاختلاف في الدين
والعقيدة، لأن تلك المواقع والمقامات منذ ارتباطها باسم العقيدة تكون
لها واقعا جديدا، فالأرض التي ليس لها اعتبار قبل تشييد الموقع الديني
أصبحت لها مكانة مقدسة ولو تحولت إلى خربة أو فضاء، وأتباع أي ديانة
تبذل الغالي والرخيص لحماية هذه مواقع المقدسة من الإعتداء لأنها تمثل
رمزية روحية مقدسة.
لماذا يقوم البعض بالإعتداء والتفجير والتدمير لدور العبادة المساجد
والحسينيات والكنائس والأضرحة، وقتل المصلين فيها، وتدمير الآثار
والتراث وبالخصوص الإسلامي وما يتعلق بالرسول الأعظم محمد (ص) وأهل
بيته؟.
وللحديث بقية.. حول مرور الذكرى الأليمة والمفجعة لهدم آثار روضة
البقيع في المدينة المنورة. |