إسرائيل وفلسطين... من حافة السلام الى الاجتياح البري؟

 

شبكة النبأ: مع الساعات الأولى لفجر أمس الجمعة وقع المحذور، إسرائيل تبدأ بعملياتها الهجومية للغزو البري لقطاع غزة والمتوقعة مع بدء العدوان الإسرائيلي منذ أكثر من عشرة أيام، خصوصا وان الملل والفشل قد أصاب الجيش الإسرائيلي والحكومة من منع او إيقاف إطلاق الصواريخ المتواصل على إسرائيل من غزة على يد الحركات الجهادية في فلسطين داخل القطاع.

السيناريو الاولي للعمليات تمثل بقصف مدفعي كثيف على امتداد الحدود الشرقية من بلدة رفح الجنوبية إلى شمال قطاع غزة، إضافة الى القصف الجوي والبحري، فيما بدأت أعداد صغيرة من الدبابات الإسرائيلية الدخول من معبر اريز الحدودي من إسرائيل، وقعت خلالها "اشتباكات ضارية على امتداد الحدود بما في ذلك في بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا الشماليتين"، كما أشار شهود عيان.

وجاءت الرواية الرسمية الإسرائيلية للاجتياح البري المتوقع لقطاع غزة، حسب تصريحات الجيش، إضافة الى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعمليات محدودة تشمل:

1. بتدمير الأنفاق التي يستخدمها النشطاء في التسلل إلى إسرائيل وتنفيذ هجمات.

2. الهجوم البري لا يهدف إلى الإطاحة بحركة حماس التي تهيمن على القطاع.

3. الغزو البري سيكون محدودا.

من جانبها حذرت حماس بان الغزو البري الإسرائيلي لغزة وستكون له "عواقب مروعة"، واكد سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس ان هذا العمل "أحمق".

وكان نتنياهو قد حذر من أن إسرائيل سترد بقوة في حال استمرار إطلاق الصواريخ من غزة، وكانت الحكومة الإسرائيلية المصغرة المعنية بالشؤون الأمنية وافقت في وقت سابق على الهدنة بتأييد ستة أعضاء ومعارضة اثنين، وقال نتنياهو إنه يتوقع "التأييد التام من الأعضاء المسؤولين في المجتمع الدولي" لأي تصعيد للهجمات الإسرائيلية ردا على امتناع حماس عن القبول بهدنة، وفي وقت سابق قال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس في غزة إنه يجب أولا تلبية المطالب التي قدمتها قبل أن توقف إطلاق النار.

وقالت جماعات فلسطينية أخرى كالجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إنها لم توافق بعد على المبادرة المصرية، وقامت إسرائيل بتعبئة آلاف الجنود مع تهديدها بغزو غزة إذا استمرت الهجمات الصاروخية، وقال عاموس جلعاد المسؤول الكبير بوزارة الدفاع الإسرائيلية ومبعوث إسرائيل للقاهرة "لا تزال هناك إمكانية للدخول وفقا لسلطة مجلس الوزراء وأن نضع نهاية لها (الصواريخ)"، وتتضمن المبادرة المقترحة أن تستقبل مصر وفودا "رفيعة المستوى" من الحكومة الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية خلال 48 ساعة من بدء تنفيذ المبادرة لاستكمال مباحثات تثبيت وقف إطلاق النار واستكمال إجراءات بناء الثقة بين الطرفين.

انهيار هدنة مصر

في سياق متصل استأنفت إسرائيل ضرباتها الجوية في قطاع غزة بعد موافقتها على هدنة اقترحتها مصر لكن أخفقت في حمل مقاتلي حركة حماس على وقف الهجمات الصاروخية التي أوقعت أول قتيل اسرائيلي في المواجهة المستمرة، ويبدو أن المواجهة تمر بنقطة تحول مع تحدى حماس الدعوات العربية والغربية لوقف إطلاق النار بينما تهدد إسرائيل بتصعيد حملتها التي قد تتضمن غزوا للقطاع الذي يضم 1.8 مليون نسمة، وبموجب المبادرة التي أعلنتها وزارة الخارجية المصرية كان مقررا أن تبدأ "تفاهمات التهدئة" في الساعة التاسعة صباحا على أن يتم إيقاف إطلاق النار خلال 12 ساعة من إعلان المبادرة وقبول الطرفين بها.

ورفضت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس محتوى المبادرة المصرية وقالت "معركتنا مع العدو مستمرة وستزداد ضراوة وشدة"، لكن موسى أبو مرزوق القيادي بحركة حماس الموجود بالقاهرة قال إن الحركة لم تتخذ قرارها النهائي بعد، وقال أبو مرزوق على موقع فيسبوك "لا زلنا نتشاور ولم يصدر موقف الحركة الرسمي بشأن المبادرة المصرية"، وقال الجيش الإسرائيلي إن مدنيا اسرائيليا قتل بنيران صاروخ أطلق من غزة وهو أول قتيل اسرائيلي خلال القتال. بحسب رويترز.

وأضاف الجيش أنه منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار أطلقت 76 صاروخا على إسرائيل وأن نظام الدفاع الصاروخي المسمى القبة الحديدية اعترض تسعة منها في حين لم يتسبب أغلبها في أي أضرار أو إصابات، وبعد ست ساعات على الموعد المفترض للبدء في تنفيذ الهدنة استأنفت إسرائيل هجماتها على غزة مشيرة إلى استمرار إطلاق الصواريخ من القطاع، وقال الجيش إنه استهدف 20 منصة مخبأة لإطلاق الصواريخ وأنفاقا ومخازن للسلاح، وأفاد مسؤولون طبيون في غزة بأن مدنيا فلسطينيا قتل في ضربة جوية إسرائيلية في بلدة خان يونس مما زاد عدد القتلى خلال ثمانية أيام في قطاع غزة إلى 188 شخصا بينهم 150 مدنيا ومنهم 31 طفلا.

وتفجر العنف بعد مقتل ثلاثة طلاب يهود الشهر الماضي في الضفة الغربية المحتلة ومقتل صبي فلسطيني في القدس في رد انتقامي يوم الثاني من يوليو تموز، وقالت إسرائيل إن الأشخاص الثلاثة الذين اعتقلوا فيما يتعلق بقتل الصبي الفلسطيني اعترفوا بحرقه حيا، ودوت صفارات الإنذار في مناطق تبعد نحو 130 كيلومترا شمالي قطاع غزة، وأعلنت كتائب عز الدين القسام مسؤوليتها عن بعض الصواريخ التي أطلقت، وفي فيينا أبدى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري دعمه لإسرائيل وقال "لا أجد كلمات قوية بالدرجة الكافية لإدانة تصرفات حماس بعد أن أطلقت عددا كبيرا من الصواريخ بشكل وقح في الوقت الذي تبذل فيه جهود (للتوصل) لوقف لإطلاق النار."

ويقول قادة حماس إن الهدنة يجب أن تتضمن رفع حصار إسرائيل عن قطاع غزة وإعادة الالتزام باتفاق التهدئة الذي أنهى حرب غزة التي استمرت ثمانية أيام في عام 2012، وفضلا عن ذلك تريد حماس أن تخفف مصر القيود في معبر رفح التي فرضت بعد أن عزل الجيش الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي في يوليو تموز الماضي، غير أن المبادرة المصرية لم تورد ذكرا لمعبر رفح على الحدود مع غزة ولم تذكر موعدا محتملا لتخفيف القيود، وتواجه حماس أزمة مالية، وتفاقمت المشاكل الاقتصادية في غزة نتيجة لتدمير الأنفاق الحدودية التي تستخدم في التهريب، وتتهم القاهرة حماس بمساعدة متشددين معارضين للحكومة في شبه جزيرة سيناء، وتنفي حماس هذه الاتهامات.

وقالت حماس إن على إسرائيل الإفراج عن مئات الفلسطينيين الذين اعتقلتهم في الضفة الغربية الشهر الماضي أثناء البحث عن الطلاب الثلاثة، ولم تتضمن مبادرة وقف إطلاق النار المقترحة ذكرا للأسرى الفلسطينيين، وقال عدنان أبو عامر وهو محلل سياسي في غزة إن مصر تعمدت فيما يبدو ألا تلبي مبادرتها مطالب حماس في مسعى لجعل الحركة تبدو متعنتة، وأضاف أن مصر وقفت إلى جانب إسرائيل كما لو كانت تحاول معاقبة حماس ومنح إسرائيل بعض الوقت لمواصلة حملتها العسكرية.

استهداف حماس

فيما قتل ثلاثة فلسطينيين في غارتين جويتين اسرائيليتين غلى قطاع غزة، وبذا ارتفعت حصيلة القتلى الى 197 في الايام الماضية، وقال اشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة في غزة إن الغارة الاولى اسفرت عن مقتل شخصين كانا يستقلان سيارة الى الجنوب من رفح، فيما قتل الثالث في غارة استهدفت وسط القطاع، وقصف الطيران الحربي الاسرائيلي منزل محمود الزهار القيادي في حركة حماس في قطاع غزة، حسبما افاد مسؤولون امنيون، خلال الحملة العسكرية الاسرائيلية ضد المسلحين الفلسطينيين في القطاع المحاصر، ونقل عن مصادر امنية وشهود قولهم إن المنزل كان خاليا من السكان وقت وقوع الغارة، مضيفين ان منازل تعود لقياديين آخرين استهدفت هي الاخرى. بحسب بي بي سي.

وقال شهود إن صاروخين على الاقل ضربا منزل الزهار مما ادى الى هدمه بالكامل والى احداث اضرار بمسجد مجاور وعدد من الدور، كما استهدف الطيران الاسرائيلي مسكن القيادي في حماس باسم نعيم غربي مدينة غزة ومنزلي وزير الصحة السابق في حكومة حماس فتحي حماد والنائب اسماعيل الاشقر في جباليا شمالي القطاع، وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو قد قال في وقت سابق إن اسرائيل "ليس لها خيار آخر" غير تصعيد ضرباتها الجوية لقطاع غزة، وذلك عقب رفض الفصائل الفلسطينية في القطاع اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه بوساطة مصرية، وقال رئيس الحكومة "عندما لا يكون هناك وقف لإطلاق النار، سيكون جوابنا اطلاق النار".

منظومة القبة الحديدية

الى ذلك قال مسؤول إٍسرائيلي إن بلاده قد أمنت التمويل اللازم لشراء ثلاثة بطاريات صواريخ اعتراضية جديدة من منظومة القبة الحديدية وذلك بعد بدء صراعها مع المقاتلين الفلسطينيين في قطاع غزة، وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إن إسرائيل كانت تملك سبع وحدات من نظام القبة الحديدية معدة لإسقاط الصواريخ عندما تصاعدت وتيرة القتال عبر حدود قطاع غزة الفلسطيني مع مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الثامن من يوليو تموز ومنذ ذلك الحين أدخلت اثنتين إضافيتين إلى الخدمة، وقال المسؤول الإسرائيلي الذي تحدث شرط عدم الكشف عن اسمه إنه بسبب الأزمة في غزة فان ثلاث وحدات جديدة من القبة الحديدية "باتت في الطريق."

ولم يتوسع المسؤول الإسرائيلي في الحديث عن مصدر الأموال لشراء الصواريخ الاعتراضية الجديدة لكن يائير رماتي مدير وكالة الدفاع الصاروخي التابعة لوزارة الدفاع قال للصحفيين إن جميع بطاريات صواريخ القبة الحديدية العاملة (ما عدا واحدة) مدفوعة من هبات أمريكية، ولم تعلق سفارة الولايات المتحدة في اسرائيل على الفور على الزيادة المخطط لها في بطاريات القبة الحديدية الصاروخية.

وقبل أزمة غزة قال المسؤولون الاسرائيليون إنهم يحتاجون إلى 13 قبة حديدية لتوفير الحماية الشاملة لإسرائيل على الجبهة الفلسطينية بالإضافة إلى الحدود المضطربة مع جنوب لبنان ومع مصر في منطقة سيناء، لكن البعض تنبأ بأن إسرائيل لن تتمكن من تأمين هذا العدد بسبب تخفيض الموازنة الدفاعية. بحسب رويترز.

وقالت مصادر في صناعة الدفاع الاسرائيلية في السابق إن كل بطارية في القبة الحديدية تكلف 50 مليون دولار ولكنها أشارت إلى ان هذه التكلفة ستنخفض بعد قيام شركة أنظمة دفاع رافاييل المتقدمة المملوكة من الدولة بصقل تقنياتها الإنتاجية، وقال مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إن القبة الحديدية المصممة لإسقاط الصواريخ التي تهدد المناطق السكنية وتجاهل تلك التي تقع خارجها حققت نجاحا في إصابة الأهداف نسبته 90 في المئة خلال الجولة الأخيرة من القتال مع غزة.

فرار آلاف المدنيين

من ناحية أخرى فر آلاف من منازلهم في بلدة في غزة بعد أن حذرتهم إسرائيل مطالبة إياهم بالرحيل قبل هجمات على مواقع إطلاق صواريخ، وواصل النشطاء في قطاع غزة الواقع تحت سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إطلاق الصواريخ على مناطق أعمق عن ذي قبل في إسرائيل، ولم تظهر بوادر على تراجع أسوأ موجة من أعمال العنف وإراقة الدماء بين الفلسطينيين وإسرائيل في عامين، وقال وزراء الخارجية الغربيون إن وقف إطلاق النار أولوية ملحة، وكتب في منشور أسقطه الجيش الإسرائيلي على بلدة بيت لاهيا قرب الحدود مع إسرائيل "من لم يلتزموا بالتعليمات بالمغادرة فورا سيعرضون أرواحهم وأرواح عائلاتهم للخطر، احترسوا".

وأبلغ الجيش الإسرائيلي سكان ثلاثة من عشرة أحياء في بيت لاهيا بأن عليهم مغادرة البلدة البالغ عدد سكانها 70 ألف نسمة، وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إن نحو أربعة آلاف شخص فروا جنوبا إلى ثماني مدارس تديرها المنظمة الدولية في مدينة غزة، وقال ضابط كبير بالجيش الإسرائيلي في تصريحات بالهاتف للصحفيين الأجانب إن إسرائيل "ستضرب بقوة" في منطقة بيت لاهيا، ولم يذكر ما إذا كان هذا سيشمل توسيع حملة القصف الجوي والبحري لتشمل عملية برية في شمال قطاع غزة، وقال "أقام العدو بنية أساسية صاروخية بين المنازل، يريد إسقاطي في شرك هجوم وإلحاق الأذى بالمدنيين". بحسب رويترز.

وفي المدارس التي تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمدينة غزة وصل سكان بيت لاهيا في عربات تجرها الحمير محملة بالأطفال والأمتعة والحشيات بينما وصل آخرون في سيارات خاصة وسيارات أجرة، وقال رجل كان يرتدي ملابس النوم إن بعض السكان تلقوا اتصالات هاتفية تخطرهم بالرحيل، وقال سالم أبو حليمة (25 عاما) وهو أب لطفلين "ماذا كان يمكن أن نفعل؟ كان علينا الفرار لإنقاذ أرواح أبنائنا"، وفي بيان أذاعه راديو حركة حماس رفضت وزارة الداخلية في غزة التحذيرات الإسرائيلية بوصفها "حربا نفسية" وقالت لمن تركوا منازلهم إن عليهم العودة ووجهت من لم يرحلوا إلى البقاء في أماكنهم.

وسوت الجرافات الإسرائيلية عشرات المنازل في أجزاء من بيت لاهيا بالأرض خلال الحرب التي استمرت شهرا في غزة في أواخر عام 2008 وبداية عام 2009، وتقول إسرائيل إن هذه المنازل توفر غطاء للنشطاء ومنصات إطلاق الصواريخ، وهذه هي المرة الأولى التي تحذر إسرائيل فيها الفلسطينيين مطالبة إياهم بمغادرة منازلهم في مثل هذه المنطقة الواسعة، وكانت التحذيرات السابقة تتم عبر الهاتف أو بإطلاق صواريخ دون شحنة ناسفة على المنازل المستهدفة بالهجوم، وقالت وزارة الصحة في غزة إن امرأة وطفلة عمرها ثلاث سنوات قتلتا في غارات جوية إسرائيلية في وقت سابق.

حملة اعلامية

بدورهم حذر نشطاء من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسرائيل للمرة الأولى وباللغة العبرية من هجوم صاروخي وشيك مطلقين حربا نفسية مع إسرائيل مع محاولة رفع الروح المعنوية للفلسطينيين في غزة الذين اصطلوا بنيران القصف الإسرائيلي الضاري، وقتل المئات في قطاع غزة الذي يعج بالسكان ومعظمهم من المدنيين خلال أيام من القتال بينما لم تعلن إسرائيل عن سقوط قتلى في جانبها وهو ما دفع قيادة حماس إلى اللجوء إلى وسائل دعائية مبتكرة، وتعرض موقف حماس المحلي لانتقادات في أوقات السلم مع تفاقم الفقر والجوع في قطاع غزة، وأسهم في ذلك الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع والتدابير المصرية المشددة على الحدود وتدمير الأنفاق التي كانت شريان حياة لاقتصاد غزة.

واليوم تعمل حماس على الدعاية لإنجازاتها في المواجهة الدامية مع إسرائيل واستدعت الأيام التي سبقت عام 2007 بوصفها فصيلا نشطا يتعرض للهجوم وليس بوصفها راعيا سياسيا لواحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا وازدحاما من حيث الكثافة السكانية، وبثت فضائية الأقصى التابعة لحماس صوت أبو عبيدة المتحدث الملثم باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة وهو يطلق تحذيرا، وحذر أبو عبيدة من أن حماس سنشن ضربة عسكرية بالصواريخ على تل أبيب ومحيطها بصاروخ جيه 80 بعد الساعة التاسعة مساء، وبعدها أذيع تسجيل صوتي باللغة العبرية تلقفته على الفور محطات التلفزيون الإسرائيلية وأذاعته.

وفي الساعة التاسعة وسبع دقائق أثار انطلاق سلسلة من الصواريخ دويا كبيرا في غزة، وانطلقت على الفور صافرات الإنذار في منطقة تل أبيب، وصدر صوت من مكبر الصوت الخاص بمسجد في غزة يقول "صواريخنا أصابت تل أبيب" وبعدها علا تكبير الرجال والصبية من نوافذ المنازل، ولم يصب أي صاروخ تل أبيب في واقع الأمر، فالصواريخ إما أسقطتها القبة الحديدة المضادة للصواريخ في إسرائيل أو سقطت في منطقة مفتوحة، ولكن ذلك لا يهم بالنسبة لغزة، فسكان القطاع يعتمدون في أخبارهم على الإذاعة والتلفزيون والرسائل النصية التي تبثها حماس والتي تشيد بالهجمات الصاروخية على "الكيان الصهيوني" وتشيد بالقتلى الذين بلغ عددهم نحو 160 فلسطينيا منذ بدأت الحملة الإسرائيلية قبل ستة أيام بوصفهم شهداء.

وينفي إعلام حماس ألا يكون هناك قتلى في إسرائيل جراء الهجمات الصاروخية مؤكدا على أن ذلك كذب، ويبدو أن الجمهور الفلسطيني يؤيد ذلك الموقف، وقال محمد أبو عاصي (19 عاما) الذي يقول إنه وأسرته يعتمدون على تلفزيون الأقصى في معرفة أخبار الحرب "حينما سمعنا بالتهديد الليلة الماضية، انتابتنا فرحة عارمة، هذا ممتاز، المقاومة توجه ضربات موجعة أكثر من أي وقت مضى، وإسرائيل تكذب كي تغطي على خسائرها لأنها تعرف أن ذلك سيكون انتصارا بالنسبة لنا، ونحن واثقون من النصر".

وتقول حماس وكثير من الأهالي إن التحذيرات الهاتفية الإسرائيلية من وقوع ضربات جوية وشيكة على المنازل والتي لم ينفذ الكثير منها على مدى أيام هي جزء من حملة إسرائيل لإضعاف الروح المعنوية عند أهالي غزة، ونفت وزارة الداخلية التابعة لحماس د ما جاء في منشورات إسرائيلية تم إسقاطها على المناطق الحدودية وتدعو فيها الناس لإخلاء منازلهم قبيل غزو بري محتمل، ووصفت الوزارة ذلك بأنه "حرب نفسية"، ولكن لغة خطاب حماس بدت مسلية للإسرائيليين أكثر من كونها مخيفة حتى مع هرع آلاف المقيمين في المدن والبلدات الإسرائيلية إلى الملاجئ مع انطلاق صفارات الإنذار.

وعرضت محطات التلفزيون الإسرائيلية لقطات حية لتل أبيب أظهرت أن الصواريخ الموعودة انفجرت في الجو بفعل مظلة القبة الحديدية الإسرائيلية، وانطلقت في المقاهي الواقعة على البحر في تل أبيب أهازيج الفرح جراء عرض اللقطات التلفزيونية، وفي حفل لأوركسترا إسرائيلية طلب إعلان قبيل العرض من الناس الانتظار في مقاعدهم لحين توقف أصوات الصافرات، وبعدها بدأت الموسيقى، ولكن أصاب الإحباط إسرائيليين جراء إلغاء حفل للمغني نيل يونج في تل أبيب بسبب الصواريخ. بحسب رويترز.

وفي المقابل تلزم أسر غزة منازلها خشية القصف الإسرائيلي، ويظل أفراد الأسر على مدى ساعات متسمرين أمام التلفزيون المحلي وتغطيته الحماسية التي تمزج تداعيات القصف الجوي الإسرائيلي بنشرات تتحدث عن الانتصارات في المعركة، وبث التلفزيون لقطة لوالد طفل قتيل في الرابعة من عمره وهو يهز جثمانه ويبكي طالبا منه الاستيقاظ ليرى اللعبة التي اشتراها له، وبعدها ظهر خبر عاجل "صواريخ المقاومة تضرب عسقلان" الواقعة في جنوب إسرائيل، وبعدها تبدأ الأغاني الحماسية، ولا يوجد أي ذكر تقريبا لاعتراض الصواريخ من جانب القبة الحديدية، ولا يتعامل إعلام حماس مع إسرائيل وتجنب تغطية أي ردود فعل على أحداث العنف التي شهدها قطاع غزة في الحروب الصغيرة الماضية في أعوام 2008/2009 و 2012.

وأدت التحذيرات من القصف الصاروخي إلى تبادل نادر ولكن غير فاعل لمصادر الأخبار بين الجانبين، فالقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي وقناة الأقصى تبادلتا بث تغطية حية من بعضهما، فأذاعت القناة الثانية الإسرائيلية التحذير وأذاعت فضائية الأقصى ردود الفعل، وسأل المذيع الإسرائيلي نظيره الفلسطيني "هل يمكننا التحدث؟"، وقال المذيع الفلسطيني عبر مترجم "سنواصل استعراض القوة الفلسطينية، لا يمكن أن يقوم حوار بين الفلسطينيين والاحتلال الصهيوني".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/تموز/2014 - 20/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م