أفغانستان... واخطار الدخول في النفق العراقي

 

شبكة النبأ: بعد ان تبادل المرشحان الرئيسان (عبد الله عبد الله وأشرف غاني احمدزاي) الاتهامات بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية، تدخلت الولايات المتحدة الامريكية، مرة أخرى، لفض الاشتباك السياسية بين المتصارعين، ليعلن وزير خارجيتها "جون كيري" التوصل الى اتفاق تاريخي يقضي بإعادة فرز أصوات المقترعين في الدورة الثانية (8 مليون صوت)، فيما وافق الرئيس "حميد كرزاي" المنتهية ولايته على الاستمرار في منصبه لحين حسم هوية الرئيس القادم بعد انتهاء عملية تدقيق الأصوات والتأكد من خلو العملية الانتخابية من التزوير، سيما وان المرشحان قد تعهد الالتزام بنتائج عملية الفرز، وأن يُعلن الفائز رئيساً لأفغانستان ويعمل فوراً لتأليف حكومة وحدة وطنية.

وسبق ان حذر وزير الخارجية الاميركي جون كيري من اي محاولة للاستيلاء على السلطة بشكل غير مشروع في افغانستان مهددا بقطع المساعدة المالية والامنية عن البلاد، غداة صدور النتائج الاولية للانتخابات الرئاسية، وقال كيري خلال محطة في طوكيو لدواع فنية في طريقه الى بكين ان "اي عمل يهدف الى الاستيلاء على السلطة بوسائل خارجة عن القانون سيكلف افغانستان الدعم المالي والامني من قبل الولايات المتحدة والاسرة الدولية" وذلك في وقت تشهد افغانستان تصعيدا في التوتر بين المرشحين للرئاسة الافغانية على خلفية اتهامات بحصول عمليات تزوير.

وتعيش أفغانستان واقعا امنيا وسياسيا واقتصاديا لا تحسد عليه، وسيواجه الرئيس القادم تحديات صعبة، سيبرز اغلبها بعد انسحاب القوات الدولية بعد أيام قليلة، حيث يرى الكثير من الخبراء، ان مهمة حفظ الامن في أفغانستان ليست بالمهمة اليسيرة، خصوصا وأنها كانت المعقل الرئيسي لحركة طالبان بعد استيلائها على الحكم (1996-2001)، إضافة الى العديد من الحركات المتطرفة الأخرى، وفي حال تجاوز العقبة الانتخابية بسلام، فان مسالة حكومة الوحدة الوطنية، وتدعيم الامن والاقتصاد، والقضاء على الفساد، سيكون في مقدمة أولويات الرئيس المنتظر لأفغانستان.

الولايات المتحدة تحذر

في سياق متصل افادت النتائج الاولية التي اعلنتها المفوضية المستقلة للانتخابات في افغانستان ان الخبير الاقتصادي اشرف غني متقدم بحصوله على 56,4 بالمئة من الاصوات، غير ان خصمه عبد الله عبد الله (43,5 بالمئة) يرفض هذه النتائج مؤكدا ان الانتخابات شهدت عمليات تزوير مكثفة، ولم يبدد اعلان هذه النتائج الذي ارجئ مرارا الالتباس القائم حول الانتخابات التي يرفض عبدالله الاعتراف بنتائجها من دون تدقيق واسع في عمليات التزوير التي يعتبر انها قد تسلبه فوزه بعدما تقدم بفارق كبير في الدورة الانتخابية الاولى.

وقال مجيب رحمن رحيمي المتحدث باسم عبد الله ان "النتائج التي اعلنتها المفوضية تشكل مساسا بإرادة الشعب"، لافتا الى انه لدى اعلان النتائج قطع فريقه الاتصالات التي اجراها في الايام الاخيرة مع فريق المرشح المنافس، وقال كيري "أخذت علما بقلق شديد بتقارير تفيد عن احتجاجات في أفغانستان، ان الولايات المتحدة تنتظر من الهيئات الانتخابية الافغانية ان تجري تدقيقا شاملا ومعمقا في كل المزاعم المعقولة بحصول مخالفات"، وكان رئيس المفوضية المستقلة للانتخابات احمد يوسف نورستاني اكد لدى اعلان النتائج على ان الارقام ليست "نهائية".

وقال ان النتائج الاولية "يمكن ان تتغير، وهي لا تؤكد من هو الفائز" اذ يبدأ الان عمل لجنة الشكاوى التي تتولى النظر في الشكاوى التي ترفع اليها بشأن الانتخابات، مضيفا ان عمل المفوضية انتهى، وشارك اكثر من ثمانية ملايين شخص في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الافغانية في 14 حزيران/يونيو بحسب ارقام المفوضية، مقابل نحو ستة ملايين في الدورة الاولى من اصل عدد ناخبين مقدر ب13,5 مليون ناخب، وهذا العدد المرتفع قد يشكل اساسا لاتهامات فريق عبدالله بحصول تزوير وقد اكد المرشح ان مسالة المشاركة ستكون من تساؤلاته الرئيسية خلال الايام المقبلة. بحسب فرانس برس.

من جهتها، تفادت ازيتا رافات المتحدثة باسم حملة غني ابداء اي شعور بالانتصار وصرحت "نرحب بإصدار المفوضية النتائج الأولية، لقد بذلنا جهدا كبيرا، لكننا لا نستطيع توقع النتائج النهائية التي سنقبلها مهما كانت بعد النظر في الشكاوى"، ولم يخف انصار غني فرحتهم فرقصوا في شوارع كابول وقندهار، وفي العاصمة سمع ليلا إطلاق نار ابتهاجا، ويخشى بعض المراقبين ومنهم الامم المتحدة ان تواجه العملية الانتخابية مازقا يسفر عن توترات او حتى اعمال عنف في مرحلة حساسة حيث تستعد قوات حلف شمال الاطلسي لمغادرة البلاد في نهاية العام الحالي مع استمرار حركة التمرد التي يشنها عناصر طالبان.

واعترف رئيس المفوضية بحصول اعمال تزوير وقال "ان المفوضية المستقلة للانتخابات تقر بانه رغم بذلها اقصى جهودها لضمان افضل انتخابات حصلت اخطاء تقنية وثغرات في العملية الانتخابية"، وندد عبد الله منذ الجولة الثانية بعمليات حشو صناديق بشكل مكثف لصالح غني الذي رد برفض الاتهامات جملة وتفصيلا مؤكدا الفوز "ضمن الاصول"، وكان اعلان النتائج مقررا اصلا في الثاني من تموز/يوليو الحالي لكنه ارجئ خمسة ايام للتثبت من الارقام في 1930 مكتب اقتراع يشتبه في انها شهدت عمليات تزوير مكثفة من بين نحو 23 الف مكتب اقتراع، وكان عبد الله انسحب من الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية الاخيرة عام 2009 منددا بعمليات تزوير واسعة لصالح منافسه حميد كرزاي ما ادى الى اعادة انتخاب الاخير بصورة تلقائية.

لكن عبد الله قرر عدم الانسحاب هذه المرة وترك الساحة خالية لمنافسه، ويطالب عبد الله مدعوما بقسم من المجتمع الدولي بإجراء دراسة دقيقة لوقائع التزوير، وفي الجولة الاولى التي جرت في 5 نيسان/ابريل الماضي تصدر عبد الله الانتخابات بحصوله على 45% من الاصوات مقابل 31,6% لاشرف غني، ليعتبر بذلك الاوفر حظا لخلافة كرزاي الرئيس الوحيد الذي قاد أفغانستان منذ سقوط نظام طالبان في نهاية 2001، وفي حال استمرار المأزق السياسي يخشى بعض المراقبين عودة التوتر بين الطاجيك الذين يشكلون الغالبية في الشمال، معقل انصار عبد الله، وبين الباشتون في الجنوب والشرق الذين ينتمي اليهم غني، ويعيد هذا السيناريو شبح الحرب الاهلية الدامية من 1992 الى 1996 التي سبقت استيلاء طالبان على السلطة.

وكان البيت الابيض قد رحب بإجراء الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الافغانية معتبرا اياها "خطوة مهمة" للديموقراطية في البلاد، وشدد على اهمية عمل اللجان الانتخابية في إضفاء شرعية على الاقتراع، وقال البيت الابيض في بيان ان "الولايات المتحدة تهنئ الشعب الافغاني على اجرائه بنجاح الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التاريخية"، واضاف ان "عمل اللجان الانتخابية في الاسابيع المقبلة سيكون شديد الاهمية"، وهنأ "الناخبين والهيئات الانتخابية والقوى الامنية على التزامها بالعملية الانتخابية".

وتحدى ملايين الافغان تهديدات طالبان في الدورة الثانية من الانتخابات التي يتنافس فيها عبد الله عبد الله واشرف غني، واضاف البيت الابيض ان "هذه الانتخابات تشكل خطوة مهمة على طريق افغانستان ديموقراطية"، معتبرا ان "شجاعة وتصميم الشعب الافغاني على إسماع صوته يشهدان على اهمية هذه الانتخابات في ضمان مستقبل افغانستان"، بدوره اعتبر وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان الشعب الافغاني "تحدى تهديدات العنف بذهابه الى صناديق الاقتراع"، منوها بتصميم الافغان على بناء "مستقبل اكثر استقرارا، ومتماسكا ومزدهرا".

ودعا كيري الى ابقاء العملية الانتخابية "شفافة ومسؤولة"، مطالبا المرشحين والاحزاب السياسية المعنية ب"العمل مع اللجنة الانتخابية واحترام نتائجها"، ومن المرجح ان تتلقى اللجنة الانتخابية طعونا من الطرفين بحدوث مخالفات وعمليات تزوير، وتعد هذه الانتخابات، وهي اول عملية تداول للسلطة بين رئيسين افغانيين منتخبين ديموقراطيا، اختبارا هاما لهذا البلد الفقير الذي تسيطر عليه حركة طالبان جزئيا والذي ينتظره مصير مجهول بعد انسحاب قوة الحلف الاطلسي بحلول نهاية العام، ويشكل هذا الاقتراع نهاية عهد الرئيس حميد كرزاي، الرجل الوحيد الذي قاد أفغانستان منذ سقوط حركة طالبان في 2001 والذي لم يسمح له الدستور بالترشح لولاية ثالثة.

احتجاجات واسعة

فيما  احتشد الاف المحتجين من مؤيدي المرشح الرئاسي عبد الله عبد الله في وسط كابول في اشارة على التحدي بعد اعلان فوز المرشح المنافس أشرف عبد الغني في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة الافغانية الاخيرة، وأظهرت النتائج الأولية أن عبد الغني (المسؤول السابق في البنك الدولي) فاز في الجولة الثانية من التصويت التي جرت في 14 يونيو حزيران لكن عبد الله رفض النتيجة قائلا إن التصويت شابه عملية تزوير على نطاق واسع، ويخشى المراقبون من أن تدفع المواجهة بين عبد الله وعبد الغني أفغانستان إلى الفوضى في ظل غياب قائد واضح للبلاد التي تعاني بالفعل من انقسامات عرقية عميقة، واتهم عبد الله الرئيس الأفغاني المنتهية ولايته حامد كرزاي (الذي سيترك منصبه بعد أن أمضى 12 عاما في السلطة) بالمساعدة في تزوير التصويت لصالح عبد الغني ووصف ما حدث بأنه "انقلاب" على ارادة الشعب.

وفي احتجاج صاخب احتشد مؤيدو عبد الله في وسط العاصمة كابول وهتف المحتجون "الموت لكرزاي" ومزقوا صورة ضخمة لكرزاي واستبدلوها بأخرى لعبد الله، ووسط اجواء متوترة أعلن عبد الله وهو مقاتل سابق مناهض لحركة طالبان أنه الفائز في الانتخابات ليضع نفسه في مسار تصادمي مع منافسه عبد الغني، وقال أمام حشد من مؤيديه "أنا الفائز في هذه الجولة من الانتخابات دون شك"، ويستمد عبد الله معظم دعمه من أقلية الطاجيك في شمال أفغانستان حيث يتولى حلفاؤه هناك مناصب رفيعة أما عبد الغني فيحظى في الأساس بتأييد قبائل البشتون في جنوب وشرق البلاد. بحسب رويترز.

وقال عبد الله "يطالبني الشعب الافغاني بأن أعلن تشكيل حكومتي اليوم، كان هذا وما زال طلب الشعب الأفغاني، لا يمكن أن نتجاهل هذه الدعوة"، ويأتي تصريحه بعد أن تحدث هاتفيا مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري والرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقال عبد الله "النقطة الأساسية فيما جرى بحثه مع كل من وزير الخارجية والرئيس هي أن جون كيري سيأتي إلى أفغانستان وتعهد الاثنان بأنا يقفا إلى جانب الشعب الأفغاني في الدفاع عن العدالة ومحاربة التزوير والكشف عنه"، وبعيدا عن وسط المدينة مزق مؤيدون لعبد الله صورة اخرى لكرزاي في مطار كابول الدولي.

وفي بيان حاد اللهجة حذر كيري أفغانستان من أن أي محاولة للسيطرة على السلطة بطريقة غير قانونية عقب الانتخابات المتنازع عليها ستحرم البلاد من الدعم الأمريكي، وقال كيري في البيان الذي أصدرته السفارة الامريكية في كابول "لاحظت بقلق بالغ تقارير عن احتجاجات في أفغانستان وتلميحات الي (حكومة موازية)"، وبدد الخلاف حول نتيجة الانتخابات الرئاسية الآمال في انتقال سلس للسلطة في أفغانستان وهي مصدر قلق للغرب مع انسحاب معظم القوات التي تقودها الولايات المتحدة من البلاد هذا العام، وأعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات فوز عبد الغني في الجولة الثانية بنسبة 56.44 في المئة من أصوات الناخبين وفقا للنتائج الأولية، وقد تتغير هذه النسبة عند اعلان النتائج الرسمية النهائية في 22 يوليو تموز.

واستبعد مرشح الرئاسة الأفغانية أشرف عبد الغني تشكيل حكومة ائتلافية مع غريمه عبد الله عبد الله مما يبدد الآمال في التوصل لاتفاق لتقاسم السلطة بهدف نزع فتيل التوتر الذي يهدد بتقسيم أفغانستان على أسس عرقية، واصطدم عبد الغني وعبد الله منذ جولة الإعادة في الانتخابات التي أجريت في 14 يونيو حزيران وتبادلا الاتهامات بمحاولة التلاعب في التصويت وإعلان النصر في السباق لخلافة حامد كرزاي، وارجأ مسؤولون اعلان النتائج الأولية للانتخابات مما أثار تكهنات بأن هناك مساعي خلف الكواليس لأبرام اتفاق تقاسم للسلطة، ويمنح هذا التأجيل كلا المرشحين مزيدا من الوقت لإيجاد سبل للخروج من المأزق.

لكن خلال كلمة للصحفيين نفى عبد الغني بشكل علني أنه يسعى لتشكيل حكومة ائتلافية، وقال عبد الغني "الناس يشعرون بالقلق ويتساءلون إن كنا أبرمنا اتفاقا، اجابتنا واضحة، لم نبرم أي اتفاق، نطمأن الناس بأننا لن نخون أصواتهم"، وأضاف "التزامنا هو الدفاع عن المصالح الوطنية وليس المصالح الشخصية"، وبدد النزاع الطويل بشأن الانتخابات آمال الغرب تقريبا في حدوث انتقال سلس للسلطة في أفغانستان حيث تسود أجواء التوتر فيما تستعد معظم القوات التي تقودها الولايات المتحدة للانسحاب هذا العام.

مستقبل افغانستان

من جهته عبر قائد القوات البريطانية في افغانستان عن ثقته بأن ذلك البلد لن يحذو حذو العراق بالانزلاق الى حرب طائفية بعد انسحاب القوات الغربية منه نهاية العام الحالي، وقال القائد العسكري، وهو الفريق جون لوريمر، إن الظروف السائدة في افغانستان "تختلف كليا" عن تلك السائدة في العراق، الذي تقاتل قواته حاليا تمددا تقوده "الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)"، وكان رئيس اركان القوات البريطانية الاسبق اللورد ريتشاردز قد حذر بأن ما يجري حاليا في العراق قد يتكرر في افغانستان.

ولكن الفريق لوريمر، الذي ينهي خدمته في افغانستان قريبا، فند هذه الاقوال واكد على ثقته بأن القوات الافغانية اكثر قدرة على التعامل مع التهديدات التي يشكلها المسلحون من القوات العراقية، وقال "لا أظن انه من المفيد مقارنة القوات الافغانية بالقوات العراقية، فالظروف في البلدين مختلفة الى حد بعيد، كما ان السياق مختلف أيضا، فالأفغان يريدون من المجتمع الدولي ان يكون حاضرا هنا"، واضاف القائد العسكري البريطاني ان القوات الافغانية "ادت عملا يثير الاعجاب" بحفظتها الامن قبيل الانتخابات الرئاسية التي اجريت مؤخرا، وقال "ما زالت هناك ثغرات في قدرات القوات الافغانية، ولكنهم يعملون على معالجتها، فقد تعرفوا على مكامن الخلل، ويقوم المجتمع الدولي بمساعدتهم في التعامل معها". بحسب بي بي سي.

وكانت الدول الغربية قد تعهدت بالتبرع بمبلغ 4 مليارات دولار سنويا لتثبيت الامن في افغانستان حتى عام 2017، واربعة مليارات اخرى لتطوير القدرات المستقبلية لقوات الامن الأفغانية، وكان الرئيس الافغاني حامد كرزاي قد استبعد في وقت سابق احتمال عودة الجماعات المرتبطة "بتنظيم" القاعدة الى افغانستان كما عادت الى العراق، وقال الرئيس الافغاني ردا على سؤال حول ما إذا كان ممكنا ان يتكرر السيناريو العراقي الحالي في بلاده، "ابدا، لن يتكرر بالمرة".

وقال مسؤولون وسكان محليون إن القوات الأفغانية خاضت معارك ضد جماعة طالبان الإسلامية المتشددة في مقاطعة هلمند في جنوب البلاد، وتسعى القوات الأفغانية لاستعادة السيطرة على المنطقة الاستراتيجية بعد أسابيع قليلة على مغادرة الجنود الأمريكيين، وتسهم معركة هلمند في رسم صورة عن تردي الوضع الأمني في أفغانستان حيث تسعى حركة طالبان المتشددة (التي حكمت البلاد بين عامي 1996 و2001) إلى طرد القوات الأجنبية وتأسيس دولة إسلامية، وعلى الرغم من صمود القوات الأفغانية بمساندة القوات الجوية الأمريكية في معظم المواجهات هذا العام غير أنهم سيتركون وحدهم للتصدي لأعمال العنف المسلحة التي تقودها طالبان بعد مغادرة معظم القوات الأجنبية البلاد مع نهاية هذا العام.

وذكرت الأمم المتحدة أن ولاية هلمند تنتج قرابة نصف محصول أفغانستان من الأفيون حيث ارتفع الإنتاج السنوي قرابة الثلث عام 2013، وقدم المحصول الوفير في العام الماضي دعما ماليا للمتشددين الذين يتمركزون في الجنوب كما دعم أيضا شبكات الجريمة التي تنقل المخدرات عبر الحدود مع ايران، وقال المسؤولون إن كفة المعركة تميل لصالح قوات الأمن الأفغانية التي استعادت السيطرة على معظم مقاطعة سانجين وهي جزء من طريق الأفيون التجاري باتجاه الغرب، ولم يؤيد سكان محليون هذا الرأي وقالوا إن مقاتلي طالبان استمروا في شن الهجمات على الشرطة والجيش من مخابئهم في القرية، وقال حاكم مقاطعة سانجن سليمان شاه "القتال مستمر إنما ليس بالكثافة التي كان عليها قبل ايام وبشكل عام فان الوضع الأمني تحت السيطرة"، وأضاف أن القوات الأفغانية المتمركزة في المنطقة نفدت منها الذخيرة والطعام ولكن الإمدادات وصلت لاحقا.

وبدأت طالبان هجومها على المنطقة عندما هاجم نحو ألف مقاتل مكاتب الحكومة ومراكز الشرطة في المقاطعة اثر مغادرة القوات الأمريكية في مايو أيار الماضي، ولم يتسن التأكد من أعداد القتلى ولكن قوات الأمن قدرت مقتل حوالي 50 رجل شرطة وعسكري ومدني في الأيام الأولى من القتال، وقال الزعيم القبلي في سانجن محمد هاشم سانجينزوي إن طالبان غيرت استراتيجيتها من المواجهة المباشرة إلى زرع العبوات الناسفة في الشارع ومن ثم اللجوء إلى قرى في مقاطعة كاجاكي شمال المنطقة، وقال "يخرج مقاتلو طالبان من مخابئهم ويزرعون العبوات الناسفة على جوانب الطرقات ثم يلوذون بالفرار، وهو ما أدى إلى مقتل اثنين على الأقل من رجال الشرطة المحليين".

ورفضت الحكومة الأفغانية اقتراحا بحجب موقع فيس بوك المتهم بتأجيج التوترات السياسية والضغائن العرقية على خلفية تعيين رئيس جديد يخلف حميد كرزاي الذي يتولى هذا المنصب منذ 2001، وأشعلت المواجهة بين المرشحين أشرف غني وعبد الله عبد الله بشأن عمليات التزوير في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأفغانية في 14 حزيران/يونيو، حربا من الرسائل المتبادلة والعنيفة أحيانا بين أنصار كل من الرجلين.

والباشتون في جنوب وشرق أفغانستان من أبرز داعمي غني المنتمي هو نفسه إلى هذه المجموعة القومية الأكبر في أفغانستان، بينما يدعم الطاجيك وغالبيتهم في الشمال، المرشح المنافس عبد الله عبد الله، ويخشى المراقبون اشتعال التوترات بين هاتين المجموعتين اللتين تواجهتا في حرب أهلية دامية (1992-1996)، وقال فايق وحيدي مساعد المتحدث باسم الرئاسة إن "مجلس الأمن الوطني ناقش مسألة حجب الفيس بوك خلال اجتماع"، وأضاف "هناك أشخاص يستخدمون الفيس بوك لإثارة الضغائن وتعريض الوحدة الوطنية للخطر، لكن المجلس قرر بعد محادثات عدم حظر هذا الموقع" للتواصل الاجتماعي.

واستخدام الإنترنت اتسع في أفغانستان في السنوات الأخيرة ومنذ أن ظهرت الاتهامات بالتزوير التي أطلقها معسكر عبد الله تبارى أنصار كل من الفريقين في بث الرسائل المعادية والصور، ودقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن السلوكيات العدوانية على شبكات التواصل الاجتماعي، وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان يان كوبيس آنذاك "هناك لهجة مسيئة على بعض شبكات التواصل الاجتماعي، ندعو الأنصار، إلى تفادي التصريحات النارية والتحريضية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 16/تموز/2014 - 17/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م