شبكة النبأ: مع استمرار المعارك في
سوريا التي دمرتها الحرب تزداد معاناة النازحين السوريين، التي اجبرتهم
الظروف الحالية الى ترك ديارهم والهروب الى الدول المجاورة التي اصبحت
وبحسب بعض التقارير، غير قادرة على استيعاب اعداد اللاجئين السوريين
الذين اصبحوا يشكلون عبئا ثقيلا على تلك الدول خصوصا وان هذه الاعداد
قد فاقت كل التوقعات، يضاف الى ذلك غياب وضعف الدعم الدولي المقدم من
قبل دول المانحة التي اخلت بواجباتها والتزاماتها وهو ما قد يسهم
بتفاقم هذه المشكلة، خصوصا وان الكثير من دول الجوار وبحسب بعض
المراقبين تعاني اليوم من مشاكل امنية واقتصادية كبيرة وهوما قد يدفع
بعض الحكومات الى اتخاذ بعض القرارات والقوانين الخاصة التي قد تضاعف
معاناة اللاجئين السوريين.
ويرى بعض المراقبين ان المجتمع الدولي قد تخلى عن مسؤولية المباشرة
في دعم السوريين بسبب "فشله المخزي" في تمويل برامج الأمم المتحدة
لمساعدة اللاجئين، وقد حذرت العديد من المنظمات الانسانية الدولية من
ان نقص المساعدات الدولية والثغرات في النظام الصحي قد يجعل الأوضاع
أكثر خطورة.
دعم مخيب للآمال
وفي هذا الشأن اعتبر رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ان الدعم
المقدم حتى الآن الى الاردن ولبنان للتجاوب مع ازمة اللاجئين السوريين
"مخيب للآمال"، داعيا المجتمع الدولي للتحرك وتقديم المزيد. وقال كيم
في عمان في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير التخطيط والتعاون الدولي الاردني
ابراهيم سيف ان "الدعم المقدم حتى الآن للاردن ولبنان بصراحة مخيب
للآمال، نريد من الدول المانحة وكل من يهتم بالسلام والاستقرار في
المنطقة ان يزيد الدعم".
واضاف ان "الاردن يتحمل عبء جزء كبير من قضية عالمية، فهذه أزمة
عالمية لا تخص فقط دول المنطقة بل العالم اجمع، واعتقد ان الوقت حان
لأن تقوم الدول الاخرى بالنهوض بمسؤولياتها والايفاء بوعودها". وتابع
كيم "علينا ضمان ان لا يعاني هذا البلد الذي كان مستقرا منذ امد طويل،
خلال عملية استقباله هذا العدد الكبير من اللاجئين وان يستمر في
النمو".
ووفقا لمفوضية شؤون اللاجئين، يستضيف لبنان العدد الاكبر من
اللاجئين السوريين اي اكثر من مليون لاجئ سوري، في حين يستضيف الاردن
ما يقارب ال600 الف لاجئ مسجل يضاف اليهم نحو 700 الف سوري آخرين دخلوا
المملكة قبل آذار/مارس 2011. وقتل اكثر من 160 الف شخص منذ اندلاع
النزاع في سوريا في اذار/مارس 2011 بحسب ارقام المرصد السوري لحقوق
الانسان، وبلغ عدد النازحين داخل سوريا 6,5 ملايين بحسب الامم المتحدة،
فيما وصل عدد الذين فروا من البلاد الى حوالى 2,6 مليون لجأوا بشكل
رئيسي الى الدول المجاورة.
وكان رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم اكد في جدة الاحد ان النزاع في
سوريا كلف لبنان 7,5 مليار دولار حتى صيف 2013. وناشدت الامم المتحدة
في كانون الاول/ديسمبر الماضي المجتمع الدولي توفير حوالى 6,5 مليار
دولار (4,7 مليار يورو) لضحايا الحرب في سوريا. وهو مبلغ اكبر من ذلك
الذي تعهد بتقديمه المشاركون في مؤتمر المانحين في الكويت مطلع العام
الحالي والبالغ 2,3 مليار دولار. الا ان مسؤولي الامم المتحدة قالوا ان
خطة العام 2014 مولت بنسبة 25% فقط.
من جانبه، قال سيف ان البنك الدولي "قدم للاردن في ما يخص اللجوء
السوري قرضا ميسرا العام الماضي 150 بقيمة مليون دولار، وفي الاسابيع
الماضية انهينا اتفاقية قرض قيمته 250 مليون دولار". واضاف "بحثنا
وسائل الدعم الممكنة وكيف يمكن للبنك الدولي ان يوسع من الهامش المالي
المتاح لدعم الاردن ودعم انشطته الاقتصادية والاستثمارية". بحسب فرانس
برس.
واشار سيف الى ان "هناك امكانية لان يحصل الاردن على ما يقارب 700
الى 800 مليون دولار لدعم مشاريع استثمارية يمكن ان تساعد في تنمية
البنية التحتية بشكل عام، وهناك سقف ايضا بقيمة 200 مليون دولار دعم
اضافي للخزينة يمكن ان يحصل عليه الاردن خلال الفترة المقبلة".
لبنان
على صعيد متصل قال وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس إن
لبنان يواجه تهديدات بانهيار سياسي واقتصادي إذ من المتوقع أن يتجاوز
عدد اللاجئين السوريين ثلث عدد السكان. وقال درباس إن من المتوقع أن
يبلغ إجمالي عدد اللاجئين 1.5 مليون بحلول نهاية العام وهو عبء شديد
على كاهل بلد لا يتجاوز عدد سكانه أربعة ملايين نسمة.
وأضاف أن من المتوقع أن يكلف تدفق اللاجئين الفارين من الحرب
الأهلية في سوريا اقتصاد لبنان الهش بالفعل نحو 7.5 مليار دولار بين
2012 و2014. وتعاني المجتمعات التي تعيش على الحدود وتستضيف لاجئين
سوريين من ضغوط خاصة مع تزايد عدد الأشخاص الذين يرغبون في العمل بأجور
منخفضة. وأضاف درباس أن البطالة تضاعفت خاصة بين غير المتخصصين أو بين
العمالة غير الماهرة في أكثر المناطق فقرا محذرا من أن أزمة اللاجئين
تهدد لبنان بانهيار اقتصادي وسياسي وربما أمني.
ولم تلحق الحرب الأهلية السورية الضرر بالاقتصاد اللبناني وحسب
لكنها أذكت التوترات الطائفية واشعلت أعمال العنف. ويستضيف لبنان حاليا
نحو 1.1 مليون لاجيء سوري مسجل. وقال درباس لاجتماع ضم وزراء لبنانيين
ومنظمات إغاثة دولية إن لبنان في طريقه لاستضافة 1.5 مليون لاجيء سوري
مسجل بنهاية 2014 وهو ما يزيد عن ثلث السكان.
ووفقا لبيانات الأمم المتحدة تدفق 38 في المئة من اللاجئين السوريين
على لبنان ليكون صاحب النصيب الأكبر من هؤلاء اللاجئين. وأكثر من نصف
اللاجئين السوريين في لبنان أطفال غالبيتهم لا تنتظم في الدراسة. وفي
أحيان كثيرة تشاهد النساء والأطفال السوريون يشحذون في الشوارع في
أجزاء من العاصمة بيروت وبينما أجر بعض اللاجئين شققا يعيش آخرون في
ملاجيء مؤقتة في مآرب السيارات والمباني المهجورة.
وزاد اللاجئون الضغط على البنية الأساسية في بلد يعاني من انقطاع
متكرر في التيار الكهربي وغير قادر على امداد كل السكان بالمياه
النظيفة. وتقدر الأمم المتحدة أن لبنان سيحتاج إلى 1.6 مليار دولار من
التمويل ليواجه الوضع الإنساني هذا العام لكن تم جمع 23 في المئة فقط
من هذا المبلغ حتى الآن. وقالت نينت كيلي الممثل الاقليمي لمفوضية
الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في لبنان انه في ظل معدلات
التمويل الحالية لن تتمكن وكالات الاغاثة من الوفاء بهدف دمج 172 ألف
طفل سوري لاجيء في المدارس اللبنانية العام المقبل. بحسب رويترز.
وقالت في اجتماع نصف سنوي لاستعراض الوضع "لن نتمكن من اطلاق حملة
للتحصين من شلل الأطفال في لبنان للأطفال دون الخامسة...800 ألف لاجئ
سيحرمون من معونة الشتاء." وذكرت مفوضية الأمم المتحدة العليا أن
اللاجئين السوريين مازالوا يسجلون بمعدل 100 ألف شهريا في البلدان
المجاورة بالرغم من ان الاعداد تباطأت نوعا ما في الشهور الأخيرة.
وأضافت أنه وفقا للتقديرات الجديدة سيصل عدد اللاجئين السوريين في
المنطقة بنهاية 2014 إلى 3.6 مليون مقابل 2.9 مليون مسجلين حاليا. وإلى
جانب لبنان فر السوريون عبر الحدود إلى تركيا والأردن والعراق.
الاردن
من جانب اخر افتتح الأردن مخيم الأزرق للاجئين السوريين في شرق
المملكة والذي تقول الأمم المتحدة إنه قد يصبح أكبر مخيم للاجئين
السوريين في الشرق الأوسط. ويقع المخيم في الصحراء على بعد 100 كيلومتر
إلى الشرق من العاصمة عمان وافتتح بعد عشرة شهور من أعمال تمهيد الطرق
وبناء آلاف الملاجئ التي ستكون قادرة في نهاية المطاف على استضافة 130
ألف شخص.
وسعى المانحون عند التخطيط للمخيم الجديد الذي تبلغ مساحته 15
كيلومترا مربعا لتفادي مساوئ المخيم الأول بالأردن مخيم الزعتري الذي
افتتح على عجل قبل نحو عامين في منطقة حدودية متربة حيث تسبب ضعف
الخدمات وسوء الادارة في احتجاجات عنيفة. وقال أندرو هاربر ممثل
المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لدى الأردن خلال
مراسم افتتاح المخيم التي حضرها مسؤولون حكوميون ومانحون "ما ترونه
عندما تتجولون ربما يكون أحد أفضل مخيمات اللاجئين تخطيطا في العالم
وربما سيكون أحد أكبر مخيمات اللاجئين في العالم."
وعلى خلاف مخيم الزعتري يضم المخيم الجديد مدرستين ومستشفى مركزيا
يديره الصليب الأحمر ومتجرا كبيرا يقبل القسائم التي يصدرها برنامج
الأغذية العالمي. وقال جوناثان كامبل منسق الطوارئ لدى البرنامج "يأتي
الناس لشراء ما يريدون تناوله ويذهبون إلى منازلهم ويطهون.. ولذلك فهذا
مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية بالنسبة لهم في وجود متجر كبير مليء
بالسلع."
وشرعت وكالات الأمم المتحدة في إنشاء المخيم الكبير في ذروة تدفق
اللاجئين العام الماضي عندما كان عدد الواصلين إلى الأردن يتجاوز الألف
يوميا وهو ما أثار مخاوف من ألا تتمكن المملكة من التعامل معهم. وقال
دبلوماسيون إن افتتاح المخيم الجديد أيضا يعتبر اعترافا بالصعوبات التي
تواجه توسيع جهود الإغاثة داخل جنوب سوريا لتخفيف العبء عن الأردن.
ويأتي افتتاح مخيم الأزرق بمنطقة صحراوية مقفرة قرب الحدود العراقية
بعدما أغلقت عمان معابر غير رسمية قرب مدينة درعا السورية حيث كان
اللاجئون لا يحتاجون سوى للسير بضع مئات من الأمتار فقط للجوء إلى
المملكة. أما الآن فالرحلة من سوريا تستغرق عدة أيام عبر مئات
الكيلومترات في صحراء سوريا والأردن إلى الأزرق. وقال دبلوماسيون
ومنظمات مساعدات إن هذا قلص بشدة تدفق اللاجئين. بحسب رويترز.
ولم تخف المؤسسة السياسية والعسكرية بالأردن الصعوبات التي تواجهها
البلاد للتعامل مع اللاجئين والضغوط على الدولة التي تفتقر إلى الموارد.
وقال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة خلال المراسم إن هذا ليس احتفالا
وإنما الاحتفال سيكون عند إغلاق المخيمات وعودة السوريين إلى ديارهم في
سلام وأمن.
الاتحاد الأوروبي
على صعيد متصل ناشدت مسؤولة كبيرة في الاتحاد الأوروبي الدول
الثماني والعشرين الأعضاء بالاتحاد تكثيف جهودها لإعادة توطين اللاجئين
السوريين قائلة إنه يجب على أوروبا أن تقدم بديلا قانونيا للمهاجرين
الذين يخاطرون بأرواحهم للوصول إلى أوروبا عن طريق البحر. وقالت مفوضة
الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي سيسليا مالمستروم إن جيران سوريا
يستضيفون ثلاثة ملايين لاجئ شردتهم الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من
ثلاثة أعوام لكن أوروبا استقبلت أقل من 100 ألف.
وأضافت "هذا ليس عددا كبيرا من الأشخاص. يقول نحو نصف دول (الاتحاد
الأوروبي) إنها ستشارك في عمليات إعادة توطين من سوريا. أعتقد أنه يجب
على كل (الدول الأعضاء بالاتحاد) الثماني والعشرين أن تشارك." وقالت
إنه إذا أعادت جميع دول الاتحاد الأوروبي توطين أعداد مثل التي
استقبلتها السويد وألمانيا العضوين بالاتحاد "فقد نساعد على الأقل في
إعادة توطين 150 ألف لاجئ."
وجاءت تصريحات مالمستروم في مؤتمر صحفي لنشر التقرير السنوي للمكتب
الأوروبي لدعم اللجوء والذي قال إن عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات
للجوء في الاتحاد الأوروبي ارتفع 30 في المئة إلى 435760 في العام 2013
وهو أعلى رقم منذ أن بدأ الاتحاد تجميع البيانات في 2008.
وقال المكتب إن عدد الطلبات شهد زيادة قدرها 19 في المئة خلال
الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وارتفع عدد طالبي اللجوء من سوريا إلى أكثر من ضعفيه العام الماضي ليصل
إلى 50495 طلبا في حين جاء ثاني أعلى رقم لطلبات اللاجئين من روسيا
وبلغ أكثر من 41 ألف طلب.
وتأتي معظم طلبات اللجوء الروسية من جمهوريات شمال القوقاز حيث يقول
التقرير إن وضع حقوق الانسان لا يزال يبعث على القلق. ويحاول آلاف
اللاجئين من الشرق الاوسط وافريقيا بينهم كثيرون من سوريا عبور البحر
المتوسط كل عام في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا لا سيما عبر
إيطاليا التي تحث شركاءها الأوروبيين على بذل مزيد من الجهد لمساعدتها
في التصدي للمشكلة. وتقول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة
للأمم المتحدة إن نحو 500 مهاجر لاقوا حتفهم حتى الآن هذا العام في
البحر المتوسط.
ضائعون في مليلية
من جانب اخر ظل يحيى خضر يتنقل طوال أكثر من عامين في خمس دول
واستخدم ستة جوازات سفر مزورة في محاولة لاخراج أسرته من مدينة حمص
السورية التي مزقتها الحرب الأهلية ونقلها إلى أوروبا. لكن رغم وصول
زوجته وأطفاله الخمسة إلى مليلية الجيب الأسباني الصغير الواقع على
الساحل المغربي المطل على البحر المتوسط لا تزال فرصتهم في العيش في
أوروبا بعيدة المنال كما كانت من قبل.
وقال خضر الذي كان قبل اندلاع الحرب يدير تجارة ناجحة في استيراد
قطع غيار الشاحنات من أوروبا "يسافر الناس إلى مليلية على أمل الوصل
إلى أوروبا... لكن هنا مجرد سجن في الهواء الطلق." ويقف الحراس
المسلحون والأسلاك الشائكة على طول الحدود بامتداد 12 كيلومترا حول
المدينة ولطالم خيب ذلك آمال الأفارقة الفارين من الفقر والصراع الذين
كانوا يتطلعون لمليلية كبوابة لأوروبا التي تقبع أمامهم لا يفصلهم عنها
سوى 180 كيلومترا من مياه البحر المتوسط.
لكن اليأس دفع مئات السوريين أمثال خضر لأن يقطعوا رحلات طويلة
ويجازفوا بمواجهة العصابات المغربية التي تستغل محنة المهاجرين ليصلوا
إلى البوابات لتصبح المدينة الساحلية التي يبلغ عدد سكانها 80 ألف نسمة
نقطة جديدة تستهدفها موجات اللاجئين أملا في الوصول إلى الأمن وسعة
العيش في أوروبا.
وغرق أكثر من 360 شخصا قرب جزيرة لامبيدوزا الايطالية الواقعة قبالة
تونس والتي كانت دوما نقطة جذب للمهاجرين. وقالت انا تيرون مستشارة
مفوض الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي ووزيرة الهجرة الأسبانية
السابقة "لا توجد خطة رئيسية. انها مشكلة دولية يجب التعامل معها على
المستوى الأوروبي لكن الارادة غائبة."
وقال الاتحاد الأوروبي إن أكثر من 72000 شخص وصلوا إلى دول الاتحاد
بطريقة غير مشروعة العام الماضي بينهم 8000 سوري وهو ما يمثل زيادة
قدرها خمسة أمثال. وعادة ما كان الفارون من الصراعات في الشرق الأوسط
يسلكون الطرق الشمالية عبر تركيا واليونان ودول البلقان على أمل الوصول
إلى الدول الأغنى مثل المانيا أو السويد أو بريطانيا. لكن تشديد
الاجراءات الأمنية خاصة حول اليونان وايطاليا دفع المزيد من الأشخاص
إلى اللجوء إلى الطرق الجنوبية.
واحتجز 74 سوريا في مدينة لشبونة الاسبانية بعد أن فروا باستخدام
جوازات سفر مزورة من غينيا بيساو والمغرب ودول أخرى. وينتقل آخرون عبر
سواحل شمال أفريقيا من ليبيا والجزائر إلى المغرب أملا في الوصل إلى
أوروبا عبر سبتة ومليلية. ويقول خوسيه بالاثون وهو مدرس في مليلية يرأس
منظمة برودين التي تقدم يد العون للمهاجرين لاسيما الأطفال الذين
يختبئون حول أحواض السفن في المدينة على أمل التسلل إلى العبارات
والسفن الأخرى المتجهة إلى أسبانيا "الهجرة مثل المياه. دائما تبحث عن
طريق لتتدفق".
وأضاف بالاثون "إذا ما أغلقت كل الممرات المائية يرتفع المنسوب كما
هو الحال في أي سد. حتى يفيض." مشبها ذلك بالطريقة التي يخيم بها
المهاجرون في الغابات والتلال المحيطة بمليلية يتحينون الفرصة للتسلل
عبر السياج الأمني ودخول المدينة. وبينما تمكن أمثال خضر من تهريب
أسرته إلى المدينة وتوفير اقامة لهم في النزل المخصص للاجئين
بالاستعانة بجوازات سفر مزورة يقيم مئات آخرون لا يتمتعون بنفس القدرة
المالية ومعظمهم أفارقة من جنوب الصحراء في خيام خارج المدينة ينتظرون
اقتناص أي فرصة للدخول.
وقال سيرجي (30 عاما) وهو شاب من الكاميرون يعيش عند التلال خارج
مليلية منذ شهور "في بلادنا نعيش على أقل من دولار في اليوم. "تحتاج
أفريقيا إلى اصلاحات كي تتباطأ وتيرة المهاجرين. إذا لم يحدث أي شيء
ستزداد الاعداد." وردت اسبانيا التي تبلغ نسبة البطالة فيها 25 بالمئة
بتزويد السياج الحدودي بالأسلاك الشائكة. وفجر هذا موجة من الانتقادات
من جانب جماعات حقوق الانسان حينما تعرض مهاجرون حاولوا تسلق السياج
للضرب وتركوا معلقين على الحاجز.
ودافع عبد المالك البركاني ممثل الحكومة الاسبانية في مليلية عن
الاجراءات باعتبارها ضرورية وقال إن بضعة لاجئين يريدون التقدم بطلب
للجوء إلى الجيب وانهم يفضلون نقلهم إلى أوروبا. كما عززت مدريد
تعاونها مع الشرطة المغربية على أمل منع المتسللين من الاقتراب من
الشاطيء. ومنذ ثلاث سنوات كان خضر الذي يبلغ الان 43 عاما يعيش في رغد
بفضل تجارته في قطع غيار الشاحنات الأوروبية المستوردة. وكان يقضي عدة
أشهر في مدينة مرثيا بجنوب اسبانيا حيث يملك حانة ويدير أعماله
التجارية.
كما سافر إلى اماكن اخرى في أوروبا فاصطحب أسرته إلى ديزني لاند في
باريس وكان يزور ابنته التي تعيش في ايطاليا. لكن الآن معظم أنحاء
مدينته حمص تحولت إلى أنقاض. ودمر القصف في الفترة الأولى من الحرب
الأهلية عام 2011 منزله لينضم خضر إلى 2.3 مليون لاجيء سوري.
ولانه يحمل تصريح اقامة في أسبانيا لنفسه فقط سافر مع عائلته عبر
لبنان ومصر وليبيا والجزائر إلى المغرب. وهناك اشترى جوازات سفر مغربية
لزوجته وأطفاله لدخول مليلية في بموجب القواعد الاسبانية التي تسمح
بدخول المغاربة الذين يعيشون قرب الجيب الاسباني. ويقول اللاجئون
السوريون إن العصابات المغربية تحصل على 1500 دولار أو أكثر مقابل جواز
السفر المزيف. ولم يفصح خضر عن المبلغ الذي دفعه. بحسب رويترز.
وتعيش أسرته الآن مع نحو 900 مهاجر في مركز اللاجئين في مليلية
المخصص لاستضافة أكثر قليلا من نصف هذا العدد. ويوفر خضر المال باقامته
في فندق في مدينة الناظور المغربية القريبة مقابل 12 دولارا في اليوم.
وبالاستعانة بتصريح الاقامة الاسبانية يمكنه السفر كل أسبوع لزيارة
العائلة في مليلية. وفي غياب أي مؤشر على السماح له بدخول أسبانيا
يتساءل خضر هل يبدأ في العودة إلى بلاده ويقول "انها
كارثة...الأوروبيون يقولون انهم يذرفون الدموع من أجل سوريا لكن كل هذا
غير حقيقي."
وفاة الأطفال
في السياق ذاته توفي طفل سوري جراء حريق اندلع في الخيمة التي يقيم
فيها مع عائلته قرب مدينة صور في جنوب لبنان، بحسب ما افاد مصدر امني
وقال المصدر ان "الطفل محمود العرفان البالغ من العمر عاما ونصف عام،
توفي احتراقا بعد اندلاع النيران في الخيمة التي تقيم فيها عائلته ضمن
مخيم عشوائي للاجئين السوريين على الطريق بين بلدتي رأس العين
والناقورة" جنوب مدينة صور الساحلية.
واوضح المصدر ان الطفل "كان وحيدا في الخيمة لحظة اندلاع النيران
نظرا لكون ذويه يعملون في الزراعة"، وافاد ان شابين سوريين "اصيبا
بجروح لدى محاولتهما اخماد النيران في الخيمة وانقاذ الطفل، ونقلا الى
المستشفى للمعالجة"، في حين طاول الحريق اربع خيم من اصل 20 يضمها
المخيم. وتتحدر عائلة الطفل من ريف محافظة حلب في شمال سوريا، وهي تقيم
في لبنان منذ نحو تسعة اشهر. ووالد محمود متزوج من امرأتين وله 13
ولدا، بينهم الضحية. بحسب فرانس برس.
وقال المشرف على المخيم علي جمعة منصور ان "معظم النساء والرجال
كانوا خارج الخيم وقت حصول الحادث لانهم يعملون في الزراعة". اضاف
"رأينا الحريق يندلع وبدأت النساء بالصراخ، فهرعنا لمحاولة اطفائه".
واوضح ان "ثلاثة اطفال كانوا مفقودين في حينه، تمكنا من انقاذ اثنين
منهم، في حين قضى الثالث احتراقا". |