بوكو حرام تغرز براثن العنف والإرهاب لاقامة إمارة إسلامية

 

 شبكة النبأ: العديد من الدول الافريقية هي اليوم وبحسب بعض المراقبين، ساحة قتال مفتوحة ما بين السلطات الحكومية و الجماعات الإسلامية المتطرفة، ومنها جماعة بوكو حرام المتشددة التي تعد اكبر تهديد امني للكثير من الدول الافريقية وخصوصا نيجيريا التي تعاني اليوم من انفلات امني كبير بسبب ضعف الاجراءات الحكومية واتساع اعمال العنف الانتقامية التي تقوم بها الجماعة بهدف اقامة انشاء إمارة إسلامية. وتعتبر بوكو حرام التي يعنى اسمها "التعليم الغربي حرام" على نطاق واسع مصدر الخطر الرئيسي في نيجيريا أكبر اقتصاد في افريقيا وأكبر بلد منتج للنفط فيها.

وبحسب بعض الخبراء فان جماعة بوكو حرام والتي اصبحت محط اهتمام خاص لدى الكثير من الاوساط الاعلامية والدولية بسبب نشاطاتها الاجرامية المستمرة، تسعى الى اعتماد خطط تمويل خاصة تمكنها من الاستمرار والبقاء وادارة اعمالها القتالية في مختلف انحاء البلاد، مصادر التمويل الرئيسية لهذه الحركة لاتزال حتى اليوم مجهولة لدى الكثير من المراقبين لكن الكثير منهم اكد ان هناك دعم خاص من قبل بعض الدول والحكومات ومنها بعض دول الخليج، التي تسعى الى دعم مثل هكذا توجهات في سبيل ضمان مصالحها الخاصة.

هذا بالإضافة الى ان الجماعة اعتمدت ايضا اسلوب اجرامي جديد يهدف الى اشاعة حالة الرعب من خلال استهداف الجميع وبشكل عشوائي، وكانت الجماعة في البداية تهاجم في الأغلب قوات الأمن ومسؤولي الحكومة وفي بعض الأحيان كانت تهاجم رجال الدين الإسلاميين الذين ينتقدونها. لكن عندما أمر الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان بشن هجوم عسكري ضد الجماعة لاستئصال شأفتها شكل مدنيون مجموعات للمساعدة وتحولوا أنفسهم إلى أهداف.

وفي هذا الشأن قال زعماء محليون بنيجيريا إن حصيلة ضحايا إسلاميي بوكو حرام خلال 48 ساعة فقط بلغت ما بين 400 و500 شخص، لكن السلطات لم تؤكد هذه الحصيلة التي إذا تتبين أنها صحيحة ستكون من الأكبر منذ بداية حركة التمرد الإسلامية في 2009 التي تسببت في سقوط ألفي قتيل هذه السنة فقد تتالت المجازر المنسوبة إلى إسلاميي جماعة بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا حيث سقط "مئات" القتلى ودمرت قرى بأكملها وأطلق مسلحون النار على حشد من الناس فقتلوا 45 شخصا.

وأفاد سكان ومسؤولون محليون الخميس أن مئات الأشخاص قتلوا برصاص مقاتلين مدججين بالسلاح يرتدون الزي العسكري دمروا بالكامل قرى غوشي وأتاغارا وأغابلوا أنغاجارا في ولاية بورنو (شمال شرق). وقال بيتر بيي نائب المنطقة إن "لا أحد يستطيع الوصول إلى ذلك المكان الذي ما زال فيه المتمردون. لقد سيطروا على كل المنطقة" مؤكدا أن "جثثا ممددة في كامل المنطقة وقد فر السكان".

ووقعت مجزرة مماثلة في مدينة غمروبو نغالا في المنطقة التي سقط فيها 300 قتيل مطلع أيار/مايو. ووقعت مجزرة أخرى قتل فيها 45 نيجيريا في ضواحي مايدوغوري، كبرى مدن ولاية بورنو معقل حركة التمرد الإسلامية، وفق ما أفاد إثنان من السكان. وروى الناجي ملام بونو أن قرويين تجمعوا في برديري للاستماع لرجال قالوا إنهم دعاة متجولون وهي ظاهرة عادية في شمال نيجريا حيث أغلبية السكان من المسلمين، فخرج حينها "من حيث لا يدري أحد" مسلحون أطلقوا النار على الحشود وأضاف "أحصيت 45 جثة".

كذلك يشتبه بأن بوكو حرام أطلقت النار على حاجز للجيش وأحرقت كنسية كاثوليكية وبناية حكومة في مدينة مداغالي (شمال شرق، بولاية أداماوا) على مسافة 25 كلم من مقاطعة غووزا حيث وقعت مجزرة ، كما قال زعيم البلدة ماينا أولارامو. وقال هذا الأخير إنه لم يتبلغ عن سقوط ضحايا لكن شاهدا قال أنه رأى مدنيين قتلا لأنهما علقا بين الجيش والمهاجمين.

وفي أتاغارا حيث أغلبية السكان من المسيحيين، أحرقت المنازل والكنائس وقتل عشرات الأشخاص وفق الشاهد بولوس ياشي الذي اعتبر أن أعمال العنف هذه "انتقام" من قبل الإسلاميين من سكان هذه القرية الذين قتلوا بعض المهاجمين خلال الأيام الأخيرة. ويقول السكان إنهم طلبوا حماية الجيش بعد هجوم لكن لم يرسل إلى اتاغاري أي جندي. بحسب فرانس برس.

ونزح حوالي 250 ألف شخص من ديارهم منذ فرض حالة الطوارئ في المنطقة قبل سنة، وفق تقرير مرصد وضع التنقلات الداخلية وتحدثت منظمة غير حكومية استنادا إلى أرقام الأمم المتحدة عن ثلاثة آلاف قتيل في الفترة نفسها. وأوضحت المنظمة أن حوالي 800 شخص ينزحون يوميا بسبب أعمال العنف.

وتساعد مليشيات دفاع ذاتي مدنية الجيش في مكافحة الإسلاميين ما يدفع بهؤلاء إلى الانتقام من السكان. وأصبحت الكاميرون التي كانت جارة غير عابئة بخطر بوكو حرام، تشن "حربا" على الإسلاميين واعتقل عشرون شخصا يشتبه بانتمائهم إلى الجماعة الإسلامية الأربعاء في أمشيدي (أقصى الشمال) وفق مصدر أمني.

عمليات اخرى

من جانب اخر قال مسؤولون حكوميون إن متشددين إسلاميين يستهدفون العاصمة أبوجا ويخططون لزرع عبوات ناسفة في صهاريج بنزين متوجهة إلى المدينة. وتصاعدت هجمات جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة لتتخطى حدود معقلها الشمالي التقليدي في الأشهر الأخيرة. ويقول محللون إن جماعة بوكو حرام- التي تهدف إلى إقامة دولة إسلامية في الشمال المسلم من البلاد- كانت تركز أكثر على الأهداف البارزة وزادت جرأتها بعد الاهتمام الإعلامي الذي حظيت به إثر عملية الخطف.

وقال مايك أوميري وهو مسؤول كبير في وزارة الاعلام في بيان ا "تلقت قوات الأمن النيجيرية معلومات من المخابرات تفيد أن المتشددين ينوون خطف صهاريج بنزين وزراعة عبوات ناسفة بدائية الصنع في الناقلات وقيادتها إلى مناطق مزدحمة في أبوجا." وفي سياق منفصل قال متحدث عسكري إن قوات الأمن اكتشفت وجود مسؤول كبير في بوكو حرام ضمن قافلة من 500 مسافر تم اعتقالهم هذا الأسبوع في ولاية أبيا في جنوب البلاد. وسيثير وجود مسؤول للجماعة المتشددة في الجنوب مخاوف من امكانية أن يستهدف المتشددون الجنوب ذا الغالبية المسيحية وأيضا ستزيد من المخاوف بأنهم في النهاية سيحاولون شن هجمات على دلتا النيجر الغنية بالنفط.

على صعيد متصل قتل ما لا يقل عن 40 شخصا في انفجار قنبلة في ملعب لكرة القدم في مدينة موبي في شمال شرق نيجيريا بحسب مصادر أمنية وطبية. وقال مصدر أمني إن القنبلة انفجرت خلال مغادرة المتفرجين ملعب كرة القدم إثر نهاية المباراة. ولم يتضح بعد إذا كانت العبوة الناسفة قد أوقعت ضحايا في صفوف اللاعبين. وسبق لجماعة بوكو حرام الاسلامية المتطرفة أن استهدفت هذه المدينة مرارا بهجمات وتفجيرات.

وأكدت ممرضة في مستشفى موبي العام الحصيلة التي أعلن عنها المسؤول في الشرطة وأوضح المسؤول الأمني أن العبوة الناسفة انفجرت في الملعب واستهدفت المتفرجين أثناء مغادرتهم المدرجات. وقال أحد شهود العيان ويدعى محمد حسن وهو من سكان موبي وكان يتفرج على المباراة ان "نساء وأطفالا سقطوا في الانفجار".

وأضاف أن القنبلة انفجرت على ما يبدو في أرض الملعب بينما كان يغص بالمتفرجين الذين كانوا يغادرون الملعب بعد انتهاء المباراة. وتقع موبي في ولاية أداماوا، إحدى ثلاث ولايات في شمال شرق نيجيريا تفرض فيها السلطات منذ أكثر من سنة حالة الطوارئ لتمكين الجيش من القضاء على التمرد المسلح الذي تشنه جماعة بوكو حرام منذ خمس سنوات.

فرار أكثر من60 رهينة

في السياق ذاته أفاد مصدر أمني أن 63 إمرأة وفتاة من أصل 68 خطفن في حزيران/يونيو الماضي في نيجيريا في سلسلة هجمات نسبت إلى جماعة بوكو حرام الإسلامية في شمال شرق البلاد تمكن من الفرار من الخاطفين. ومن جهته قال ممثل للميليشيات المحلية في ولاية بورنو يتعاون بشكل وثيق مع قوات الأمن "تلقيت للتو خبرا من زملائي في منطقة دامبوا بأن حوالي 63 من النساء والفتيات المخطوفات تمكن من العودة إلى منازلهن".

وأوضح أنهن "قمن بهذا العمل الشجاع في وقت كان الخاطفون غائبين للقيام بعملية". وكان مسؤول في دامبوا قال بعد عملية الخطف إن بعض الفتيات تتراوح أعمارهن بين 3 سنوات و12 سنة. وباشرت جماعة بوكو حرام خطف فتيات في هذه المنطقة قبل هذه العملية حيث قامت في منتصف نيسان/أبريل بخطف أكثر من 200 تلميذة من مدينة شيبوك في الولاية ذاتها ما أثار استنكارا شديدا في نيجيريا والعالم.

وأفاد تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش يعود إلى نهاية 2013 عن قيام بوكو حرام بعمليات خطف واغتصاب لنساء وفتيات فضلا عن تجنيد أطفال بالقوة. وفي السابع من تموز/يوليو تحدثت تقارير عن خطف 20 إمراة من مخيم للبدو في قرية غاركين فولاني على بعد ثمانية كيلومترات عن شيبوك، وقيل بعد ذلك أن اختفاء النساء ناتج عن الترحال السنوي للبدو. بحسب فرانس برس.

ويرى خبراء عسكريون أن الجيش النيجيري الذي يعاني من سوء التجهيز عاجز عن التصدي بشكل فاعل لبوكو حرام التي تقاتل بهدف إقامة دولة إسلامية في الشمال وقد أسفر تمردها عن سقوط آلاف القتلى خلال خمس سنوات وأكثر من 2500 منذ الأول من كانون الثاني/يناير.

تمويل بوكو حرام

الى جانب ذلك وعندما فرضت واشنطن عقوبات في يونيو حزيران عام 2012 على أبو بكر شيكاو زعيم جماعة بوكو حرام في نيجيريا قال إنها خطوة لا طائل من ورائها. وبعد مرور عامين يبدو أن تشكيك شيكاو في القرار الأمريكي يستند إلى أساس جيد إذ أن جماعته الإسلامية المتشددة أغنى من أي وقت مضى وأكثر عنفا في حين تواصل عمليات اختطاف النساء والأطفال والإفلات من العقاب وأصبحت الجماعة تمثل الآن أخطر تهديد أمني لأكبر منتج للنفط في أفريقيا.

وفيما تبذل الولايات المتحدة ونيجيريا وآخرون جهودا حثيثة لاقتفاء أثر تمويل الجماعة وخنقه تعطي مقابلات مع ما يربو على 12 مسؤولا أمريكيا سابقا وحاليا يتابعون عن كثب بوكو حرام أكمل صورة حتى الآن عن كيفية تمويل الجماعة لأنشطتها. ويتضمن نهج الجماعة المتشددة استخدام الافراد في نقل الأموال في عملية يصعب تتبعها والاعتماد على مصادر تمويل محلية والانخراط في علاقات مالية محدودة مع الجماعات المتطرفة الأخرى. وجنت بوكو حرام الملايين أيضا من عمليات خطف لشخصيات بارزة.

وقالت ليندا توماس جرينفيلد مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية في مقابلة "نشتبه أنهم يعيشون على أنشطة إجرامية مربحة جدا تشمل عمليات الخطف." وحتى الآن رفض مسؤولون أمريكيون مناقشة تمويل بوكو حرام بهذا التفصيل. وكثفت الولايات المتحدة تعاونها مع نيجيريا لجمع المعلومات عن بوكو حرام التي يقتل مسلحوها المدنيين بصورة شبه يومية في معقل الجماعة بشمال شرق الدولة الواقعة في غرب أفريقيا. لكن عدم وجود علاقات مالية دولية للجماعة المتشددة يحد من الإجراءات التي يمكن للولايات المتحدة أن تتخذها لإضعاف الجماعة مثل العقوبات المالية.

وعادة ما تعتمد وزارة الخزانة الأمريكية على حزمة إجراءات لتعقب المعاملات المالية للجماعات الإرهابية لكن يبدو أن بوكو حرام تعمل خارج النظام المصرفي إلى حد كبير. وقال المسؤولون إن بوكو حرام تستخدم في المقام الأول لتمويل شبكتها الفتاكة نظام سعاة ينقلون الأموال داخل نيجيريا وعبر حدود دول أفريقية مجاورة يسهل اختراقها. وعندما أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن بوكو حرام منظمة إرهابية العام الماضي وصفتها بأنها منظمة متطرفة عنيفة تربطها صلات بتنظيم القاعدة.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إن الولايات المتحدة رصدت أدلة على أن بوكو حرام تلقت دعما ماليا من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وهو فرع للجماعة الجهادية التي أسسها أسامة بن لادن. إلا أن هذا الدعم محدود. ويقول مسؤولون لديهم معرفة عميقة بمصادر بوكو حرام المالية إن أي صلات بالقاعدة أو بالجماعات التابعة للتنظيم ليست مهمة لتمويل بوكو حرام بشكل عام.

وقال مسؤول أمريكي "أي دعم مالي ربما كان يقدمه تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لبوكو حرام سيتضاءل مقارنة بالموارد التي تحصل عليها من الأنشطة الإجرامية." وتختلف التقييمات للتحويلات المالية من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لكن تقديرا أمريكيا يشير إلى مئات الآلاف من الدولارات وهي مبالغ قليلة مقارنة بملايين الدولارات التي تجنيها بوكو حرام من عمليات الاختطاف.

وقال المسؤلون الأمريكيون الذين طلبوا عدم نشر اسمائهم إن الفدى فيما يبدو هي المصدر الرئيسي لتمويل تمرد بوكو حرام المستمر منذ خمس سنوات في نيجيريا التي يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة نصفهم تقريبا من المسيحيين والنصف الآخر من المسلمين. وفي فبراير شباط العام الماضي اختطف مسلحون على دراجات نارية الفرنسي تانجي مولان فورنييه وزوجته وأطفاله الأربعة وشقيقه عندما كانوا يقضون عطلة قرب متنزه وازا الوطني في الكاميرون القريب من حدود نيجيريا.

وفي وقت لاحق كشف تقرير سري لحكومة نيجيريا أن مفاوضين من فرنسا والكاميرون دفعوا لبوكو حرام ما يعادل 3.15 مليون دولار قبل إطلاق سراح الرهائن. وتتفاوت الأرقام بشأن ما تجنيه بوكو حرام من عمليات الاختطاف. ويقدر بعض المسؤولين الأمريكيين إن الجماعة تتلقى مليون دولار مقابل إطلاق سراح كل ثري نيجيري تختطفه. ويفترض على نطاق واسع في نيجيريا أن بوكو حرام تتلقى الدعم من المتعاطفين معها دينيا داخل البلاد ومنهم بعض المهنيين الأثرياء وبعض سكان شمال البلاد الذين يبغضون الحكومة على الرغم من الافتقار إلى الأدلة التي تثبت هذا الزعم.

ويقول مسؤولون أمريكيون ونيجيريون حاليون وسابقون إن عمليات بوكو حرام لا تتطلب مبالغ مالية كبيرة وهذا يعني أن حتى حملات رصد واعتراض أموالهم لن تفلح على الأرجح في تعطيل حملتهم. وقال بيتر فام وهو باحث نيجيري في مؤسسة اتلانتيك كاونسيل البحثية في واشنطن إن بوكو حرام طورت "نموذجا متنوعا ومرنا جدا لدعم نفسها."

وأضاف "يمكنها بشكل أساسي أن تعتمد على ما تجود به الأرض بموارد إضافية متواضعة للغاية." وقال فام "نحن لا نتحدث عن جماعة تشتري أسلحة متطورة مثل التي تستخدمها بعض الجماعات الجهادية في سوريا أو مناطق أخرى. نحن نتحدث عن بنادق كلاشينكوف وقليل من القذائف الصاروخية ومواد لصنع القنابل. هذه عملية منخفضة التكلفة جدا."

ويتطلب ذلك دفع مبالغ زهيدة لبعض الشباب يوميا لتعقب تحركات القوات النيجيرية والإبلاغ عنها. ومعظم المعدات العسكرية التي تمتلكها بوكو حرام لا تشتريها لانها مسروقة من الجيش النيجيري. وفي وقت سابق اقتحم عشرات من مقاتلي بوكو حرام موقعا عسكريا نائيا في تلال جوزا بولاية بورنو شمال شرق البلاد ونهبوا 200 قذيفة مورتر و50 قذيفة صاروخية ومئات من طلقات الذخيرة.

وسلحت مثل هذه الغارات الجماعة تسليحا جيدا. وفي عشرات الهجمات خلال العام المنصرم أغار مسلحون يركبون شاحنات ودراجات نارية وعربات مدرعة مسروقة في بعض الأحيان على جنود نيجيريين وأطلقوا قذائف صاروخية. وقال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن القيادة الداخلية لبوكو حرام تتمتع بالدهاء الأمني ليس فقط في طريقة نقلها للأموال لكن أيضا في اتصالاتها واعتمادها على الاتصال وجها لوجه إذ أن الرسائل أو المكالمات يمكن اعتراضها. بحسب رويترز.

وقال مسؤول سابق بالجيش الأمريكي "إنهم متطورون جدا إذ يعملون على حماية كل هذه الأنشطة من مسؤولي إنفاذ القانون في أفريقيا وبالتأكيد من جهود مخابراتنا لمحاولة القاء نظرة على ما يفعلون." وأقر مسؤولون أمريكيون بأن الأسلحة التي خدمت واشنطن جيدا في حربها المالية على الجماعات الإرهابية الأخرى تثبت فعالية أقل في مواجهة بوكو حرام. وقال مسؤول دفاعي أمريكي "أعتقد أننا نستخدم الأدوات المتاحة لدينا لكنها ليست مصممة بالشكل الجيد الذي تمول به بوكو حرام نفسها."

السلطات والصحافة

على صعيد متصل تخضع الصحافة في نيجيريا لهجمات متعددة تشنها سلطات سياسية عاجزة عن التصدي لاعمال العنف التي تشنها حركة بوكو حرام الاسلامية المسلحة، من خلال مصادرة صحف وفرض قيود صارمة على النقاشات السياسية قبل الانتخابات الرئاسية. ودعت هيئة ضبط وسائل الاعلام السمعية البصرية (ان بي سي) كل قنوات التلفزيون والاذاعات في نيجريا الى اطلاعها قبل 48 ساعة على الاقل على برامج الحوارات السياسية المباشرة غير المدرجة على جداول برامجها الفصلية.

واوضحت "ان بي سي" في بيان ان هذا القرار اتخذ "لضبط حالات متزايدة من المعالجة غير المهنية" للمواضيع في الحوارات السياسية التي تتضمن "تعليقات استفزازية تتسبب في انقسام عميق للرأي العام". واثار هذا الاعلان ردود فعل شديدة بين الصحافيين الذين يعتبرون ان الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان وادارته يسعيان لسكات المعارضين في وقت يتعرضان لانتقادات متواصلة تاخذ عليهم عجزهم عن احتواء حركة التمرد الاسلامية التي تسببت في سقوط الاف القتلى منذ خمس سنوات.

واعتبرت منظمة الصحافة النيجيرية انها "رقابة شديدة تكم وسائل الاعلام وهو ما يتناقض مع روح ونص كل القوانين الانتخابية في نيجريا"، داعية الحكومة الى التراجع عن "هذا القرار المعيب وغير الديمقراطي". وقبل ذلك اعلنت اربع صحف يومية نيجيرية ومجلة اسبوعية ان نسخها لم توزع في عدة مدن من البلاد بسبب "عملية امنية" قام بها الجيش مستهدفا سيارات توزيع الصحف. وقد نشرت اثنتان من تلك الصحف قبل ذلك بقليل تحقيقا محرجا للعسكريين.

واقر الجيش بانه فتش سيارات تنقل صحفا لاسباب امنية لكنه نفى ان تكون نيته كم وسائل الاعلام. وردت صحيفة "بونش" في مقال شديد اللهجة وصفت فيه ذلك الحادث بانه "سقوط سريع في الهاوية بالنسبة لحكومة فقدت مع اجهزتها الامنية كل مصداقية واتجاهها نحو نظام استبدادي بشكل فاضح".

واضافت الصحيفة ان تلك العملية "تذكر بالدكتاتورية العسكرية" في اشارة الى الرقابة الصارمة التي فرضها قائدي الدكتاتورية العسكرية في نيجريا ابراهيم بابانغيدا وساني اباشا على وسائل الاعلام خلال الثمانينيات ونهاية التسعينيات. ويواجه الجيش النيجيري انتقادات متزايدة من الراي العام تنقلها وسائل الاعلام فتأخذ عليه عجزه امام جماعة بوكو حرام لا سيما بعد خطفها اكثر من مئتي تلميذة ثانويات في نيسان/أبريل في شمال البلاد، ما اثار استنكار العالم باسره.

كذلك تعرض الرئيس جوناثان الى انتقادات شديدة داخل البلاد وخارجها لعدم تحركه امام عدة عمليات خطف. واعلنت منظمة لجنة حماية الصحافيين الدولية ان توزيع عشرة صحف تعطل ما كلفها مئات الاف النسخ عبر نيجيريا. ووصف فيتر نغانكا ممثل اللجنة في غرب افريقيا هذا العمل بانه "رقابة حكومية على طريقة الغيستابو"، الشرطة السرية الالمانية ايام النازية.

واعلن على موقع لجنة حماية الصحافيين ومقرها في نيويورك انه "لا يمكن حرمان النيجيريين من الاعلام والاخبار بفرض رقابة على وسائل الاعلام واضطهاد الصحافيين، ان ذلك يزرع بذور الشائعات والريبة". واعتبر رالف اكينفيليي مدير دائرة الاتصالات في جامعة لاغوس ان تلك الانتهاكات لحرية الصحافة مثيرة للقلق مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في شباط/فبراير 2015. وقال ان "وسائل الاعلام هي الوقود لمحرك الديموقراطية وكل محاولة لاسكات وسائل الاعلام ستكون غير مجدية".

لا سيما انه اذا كانت وسائل الاعلام التقليدية مقيدة بشكل مفرط في تغطيتها الاخبار فان الناس سيتهافتون على شبكات التواصل الاجتماعي التي هي اقل مصداقية، كما اضاف. ونيجيريا مصنفة في المرتبة 112 من اصل 180 بلدا في تصنيف منزمة مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة لسنة 2014. بحسب فرانس برس.

الى جانب ذلك ذكرت صحيفة نيويورك تايمز إن الولايات المتحدة تمول قناة فضائية تلفزيونية تعمل 24 ساعة في شمال نيجيريا بهدف مواجهة تمرد جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة وجماعات آخرى في المنطقة. وأكد مسؤول أمريكي أن المشروع جار ولكنه لم يذكر تفاصيل كاملة. وقال المسؤول إن الولايات المتحدة"ستدعم الجهود النيجيرية لتوفير بديل جذاب لنقل رسائل للمتطرفين الذين يستخدمون العنف."

وأضاف المسؤول إن هذا المشروع كان نتيجة لمناقشات مع نيجيريا تعود لأواخر عام 2012 بشأن سبل التعاون ضد بوكو حرام وأن محتوى القناة سينتجه نيجيريون في نيجيريا. وزادت الولايات المتحدة من تعاونها في الأشهر الأخيرة مع لاجوس ردا على العنف الذي تمارسه بوكو حرام بما في المساعدة في مجال المراقبة والاتصالات بعد خطف أكثر من 200 تلميذة في إبريل نيسان. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن تلك القناة التلفزيونية التي لم تبث برامجها بعد ولكنها شارفت على الاكتمال يمولها مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية ومن المتوقع أن تتكلف نحو ستة ملايين دولار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/تموز/2014 - 14/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م