الأزمة

إعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: ما قبل العاشر من حزيران ودخول داعش الى الموصل، ثم دخول قوات البيشمركة الى كركوك والمناطق المتنازع عليها، ما قبل هذا التاريخ يعبر عنه في الادبيات السياسية بانه صراع.

ما بعد العاشر من حزيران ووفق الادبيات نفسها يعبر عنه بالازمة.

يعرف الصراع بانه مواجهة بين الأفراد أو المجموعات في حالات عندما يدرك طرف أو كلا الطرفين أن الطرف الآخر أعاق أو يحاول إعاقة اهتمامه.

او هو ردود الأفعال التي يبديها الفرد في المنظمة نتيجة تعرضه لمثيرات أو عوامل بيئية أو ذاتية لا يكون قادرا على التكيف معها بقدراته الفعلية.

وهو أيضا عبارة عن حالة اضطراب وتعطيل لعملية اتخاذ القرار، بحيث يواجه الفرد أو الجماعة صعوبة في اختيار البديل الأفضل.

كيف ينشأ الصراع؟

بسبب تعارض الأهداف والمصالح، سواء بين الأشخاص، وبين الكيانات التنظيمية والاجتماعية المختلفة.

ماهي الازمة؟

انها الشدة والقحط، وهي المضيق، والطريق بين جبلين.

في اللغة الصينية، هناك مفارقة جميلة في معناها، فهي بتكونها من كلمتين تشير الكلمة الاولى الى معنى (الخطر) والكلمة الثانية تشير الى معنى (الفرصة).

وتكمن المفارقة  هنا في تصور إمكانية تحويل الأزمة وما تحمله من مخاطر إلى فرصة لإطلاق القدرات الإبداعية التي تستثمر الأزمة كفرصة لإعادة صياغة الظروف وإيجاد الحلول السديدة.

قاموس رندام يعرف الازمة بأنها ظرف انتقالي يتسم بعدم التوازن ويمثل نقطة تحول تحدد في ضوئها أحداث المستقبل التي تؤدي إلى تغيير كبير.

أما معجم ويبستر فيعرف الأزمة بأنها نقطة تحول إلى الأفضل أو الأسوأ. وهي لحظة حاسمة، أو وقت عصيب، أي وضع وصل إلى مرحلة حرجة.

تطور مصطلح الازمة من المجال الطبي الاغريقي الذي ظهر فيه، حين كان يعني لحظة قرار حاسمة في حياة المريض، حين يحدث تغيير جوهري ومفاجئ في جسم الإنسان، ليتم اقتباسه في القرن السابع عشر للدلالة على ارتفاع درجة التوتر في العلاقات بين الدولة والكنيسة، وبحلول القرن التاسع عشر تواتر استخدامه للدلالة على ظهور مشكلات خطيرة أو لحظات تحوّل فاصلة في تطور العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

يعرّف ألستار بوخان الأزمة بأنها تحد ظاهر أو رد فعل بين طرفين أو عدة أطراف، حاول كل منهم تحويل مجرى الأحداث لصالحه.

أما كورال بل، فإنها تعرفها بأنها ارتفاع الصراعات إلى مستوى يهدد بتغيير طبيعة العلاقات الدولية بين الدول.

ولها ايضا عدة تعريفات مثل: الازمة تعني تعني تهديدا خطرا متوقعا أو غير متوقع لأهداف وقيم ومعتقدات وممتلكات الأفراد والمنظمات والدول والتي تحد من عملية اتخاذ القرار.

وهي: حالة توتر ونقطة تحول تتطلب قراراً ينتج عنه مواقف جديدة سلبية كانت أو إيجابية تؤثر على مختلف الكيانات ذات العلاقة.

ويمكن تعريف الأزمة ايضا باعتبارها نقطة تحول، أو موقفا مفاجئا يؤدي إلى أوضاع غير مستقرة، وتحدث نتائج غير مرغوب فيها، في وقت قصير، وتستلزم اتخاذ قرار محدد للمواجهة، في وقت تكون فيه الأطراف المعنية غير مستعدة أو غير قادرة على المواجهة.

في كتابه إدارة الأزمات يذكر ستيف ألبرت  ستة سمات تميز الأزمة وهي:

• المفاجأة: وتعني أن الأزمات تحدث بدون سابق إنذار، أو قرع للأجراس بل بشكل مفاجئ.

• نقص المعلومات: وتعني عدم توفر معلومات عن المتسبب بهذه الأزمة، ويعود السبب إلى النقص في المعلومات، خصوصاً إذا كانت تحدث لأول مرة.

• تصاعد الأحداث: عند حدوث الأزمات تتوالى الأحداث لتضييق الخناق على أصحاب القرار.

• فقدان السيطرة: جميع أحداث الأزمة تقع خارج نطاق قدرة وتوقعات أصحاب القرار فتفقدهم السيطرة والتحكم بزمام الأمور.

• حالة الذعر: تسبب الأزمة حالة من الذعر فيعمد صاحب القرار إلى إقالة كل من له علاقة بوقوع الأزمة، أو يلجأ إلى التشاجر مع معاونيه.

• غياب الحل الجذري السريع: الأزمات لا تعطي مهلة أو فرصة لصاحب القرار حتى يصل إلى حل متأن، بل بسرعة لا بد من الاختيار بين عدد محدود من الحلول واختيار أقلها ضررا.

تتداخل مع الازمة عدد من المصطلحات والمفاهيم، منها:

1. الحادث: هو حالة فجائية غير متوقعة تحدث بصورة سريعة وتنتهي هذه الحالة فور انقضاء الحادث، بمعنى أنها لا تتسم بالاستمرارية.

2. المشكلة: حالة من التوتر وعدم الرضا، الناجمين عن بعض الصعوبات، التي تعوق تحقيق الأهداف.

3. الصدمة: شعور مفاجئ حاد، ناتج عن حادث غير متوقّع؛ وهو يجمع بين الغضب والذهول والخوف.

4. الكارثة: كما يعرفها قاموس اكسفورد، حدث يسبب دماراً واسعا ومعاناة عميقة، وهي سوء حظ عظيم.

5. الخلاف: يدل على وجود حالة من التضاد والتعارض والمعارضة، وحالة من عدم التطابق فى الشكل أو فى المضمون.

للازمة عدة خصائص يمكن تمثيلها كما يلي:

• تمثل الأزمة نقطة تحول جوهر ينطوي على درجة من الغموض وعدم التأكد والمخاطرة؛

• تتطلب قرارات مصيرية لمواجهتها أو لحسمها؛

• تسبب حالة عالية من التوتر العصبي والتشتت الذهني وذلك لانطوائها على عنصر المفاجآت؛

• تهدد القيم العليا أو الأهداف الرئيسه للمنظمة؛

• تتسم أحداثها بالسرعة والديناميكية والتعقيد والتداخل، وقد يفقد أحد أطراف الأزمة أو بعضهم السيطرة على مجرياتها؛

• تتطلب الأزمة معالجة خاصة، وإمكانيات ضخمة.

يمكن تلمس فروق جوهرية بين الصراع والأزمة، وهي أن الصراع لا يكون بنفس تأثير ونفس شدة الأزمة، من جانب آخر يكون الصراع أكثر وضوحاً من حيث اهدافه واتجاهاته وأبعاده وأطرافه، بينما تكون هذه العناصر غير محددة وغير معروفة بوضوح فى الأزمة، ويتسم الصراع بطبيعة شبه دائمة فى المنظمة، فهناك صراعات تتبدل وتتغير بين أطراف مختلفة وبين مستويات متعددة، بينما تبدأ الأزمة وتنتهي بسرعة وتترك وتخلف وراءها مجموعة من النتائج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/تموز/2014 - 9/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م