في ليبيا... حرب الوكلاء تستنزف الاقتصاد

 

شبكة النبأ: ما زالت ليبيا تعاني تحت وطأة العمليات العسكرية التي يقوم بها اللواء خليفة حفتر ضد الميليشيات المسلحة من المتطرفين الإسلاميين والقبائل المدججة بالسلاح، إضافة الى تنظيم القاعدة النشط في ليبيا، والتي لاقت استحسان الكثيرين من المواطنين الذين رفضوا انتشار المظاهر المسلحة والاقتتال الذي خلفته هذه الظاهرة، بحسب أغلب المتابعين.

والى جانب القتال الذي يدور في المدن الليبية الرئيسة، فان العملية السياسية ما زالت هي الأخرى تعاني من اختلاف المصالح بين الساسة، وسط توقع لإقبال ضعيف على انتخابات البرلمان الليبي القادم، فيما لم يتم حتى الان الانتهاء من كتابة الدستور الضامن للعملية السياسية في ليبيا.

من جانب اخر فان مضاعفات التذبذب السياسي وحرب الميليشيات، انعكست بصورة سلبية على الاقتصاد الليبي، الذي بات يعاني من تداعيات كبيرة، وانخفاض القوة الشرائية للدينار الليبي، وارتفاع نسبة التضخم، وسط تداعيات تصدير النفط وسيطرة الجماعات المتطرفة على بعض موانئ التصدير.

في سياق متصل تتعرض العملة الليبية لضغوط مكثفة مع تدهور الأوضاع الأمنية وانهيار إيرادات النفط بسبب إغلاق عدد من الموانئ وهو ما أضر كثيرا بالوضع المالي للبلاد واقتصادها الذي يئن بالفعل من تضخم فواتير أجور العاملين بالدولة والدعم الحكومي، فعلى مدى الشهرين الأخيرين تراجع الدينار الليبي أكثر من 7 بالمئة أمام الدولار في السوق السوداء في أول هبوط له منذ سيطرة مسلحين يطالبون بالحكم الذاتي لمنطقة شرق ليبيا على منشآت لتصدير النفط قبل عشرة أشهر.

وحتى مستوردي القطاع الخاص يقولون الآن إن سعر الصرف الرسمي للدينار سيتعين خفضه مع نضوب إيرادات الخام تقريبا رغم أن مصرف ليبيا المركزي يصر على أن بمقدوره السيطرة على الموقف بفضل احتياطاته الكبيرة من النقد الأجنبي، ومما زاد من حدة المشكلات المالية اندلاع موجة من سرقات البنوك دفعت المصرف المركزي إلى العزوف عن إمداد البنوك التجارية بالعملة الصعبة وهو ما أدى إلى تفاقم نقص الدولار في بعض قطاعات الاقتصاد وزاد من ضعف الدينار، ولأسباب أمنية أصبحت بعض شركات التأمين أيضا أقل استعدادا لتوفير غطاء تأميني للشحنات النقدية من الدولارات من حسابات المصرف المركزي في الخارج إلى ليبيا.

وفي الوقت الحالي يلجأ الليبيون ممن يسعون للحصول على العملة الصعبة إلى السوق الموازية التي صارت مقياسا غير رسمي لسعر الصرف، ويقول تجار إن سعر الدولار يبلغ 1.40 دينار مقارنة مع 1.35 دينار و1.30 دينار في مطلع أبريل نيسان، وقال رجل الأعمال الليبي البارز حسني بي إن المصرف المركزي ما زال يمد المستوردين بما يكفيهم من الدولارات رغم هبوط إنتاج النفط إلى 150 ألف برميل يوميا من 1.4 مليون برميل يوميا في يوليو تموز قبل بدء إغلاق المنشآت النفطية، وتحتاج المصافي المحلية جزءا من الكمية الضئيلة المتبقية من الإنتاج.

غير أن بي قال إن هناك مبالغة في السعر الرسمي (الذي يربطه البنك المركزي بسلة عملات رئيسية واستقر أثناء الأزمة عند حوالي 1.25 دينار مقابل الدولار) بصرف النظر عن إغلاق المنشآت النفطية، وقال بي رئيس مجموعة حسني بي إحدى أكبر الشركات الخاصة العملاقة في ليبيا التي تبيع السلع الاستهلاكية الغربية المستوردة "يجب خفض قيمة الدينار الليبي، على مراحل إلى أن يبلغ مستوى أكثر واقعية حتى ولو استؤنفت صادرات النفط بالكامل عند 1.6 مليون برميل يوميا".

وأجبرت الخسائر في إيرادات النفط المصرف المركزي على الاستعانة باحتياطاته لتمويل الميزانية التي تبلغ قيمتها 50 مليار دولار ويذهب معظمها إلى الدعم الحكومي وأجور العاملين بالقطاع العام، ومن شأن أي خفض في الإنفاق ألا يلقى قبولا لدى الليبيين الذين اعتادوا على شراء الخبز بأقل من سنتين وملء خزانات سياراتهم بالوقود بأقل من خمسة دولارات فضلا عن الرعاية الصحية والتعليم المجانيين، ويبلغ عدد سكان ليبيا ستة ملايين نسمة من بينهم 1.5 مليون شخص يعملون في القطاع الحكومي وهو إرث من عهد معمر القذافي الذي كان يدرج البالغين في كشوف الأجور الحكومية أملا في إضعاف المعارضة قبل الإطاحة به في 2011.

وقال بي إن الإنفاق الحكومي يتضخم في ظل ارتفاع فاتورة رواتب القطاع العام بما يصل ألي 250 بالمئة منذ عام 2010 إذ يستعين الحكام الجدد في ليبيا بأساليب مماثلة لتهدئة التوترات الاجتماعية ودفع أجور الميليشيات التي أطاحت بالقذافي وتسيطر إلى حد كبير حاليا على الشوارع، وتحتاج ليبيا أيضا إلى العملة الصعبة لسداد فاتورة الواردات السنوية التي تبلغ 30 مليار دولار، فحتى المنتجات الأساسية مثل الحليب والمياه المعدنية والخضراوات يجري استيرادها من أوروبا وتونس وتركيا في ظل ضآلة الإنتاج الغذائي. بحسب رويترز.

وحمل المصرف المركزي المضاربين في العملة مسؤولية هبوط الدينار مشددا على أن ليبيا يمكنها الصمود ثلاث سنوات ونصف بدون إيرادات النفط بفضل الاحتياطيات الأجنبية التي تتجاوز 100 مليار دولار والتي جمعتها على مدى سنوات من أسعار الخام المرتفعة، وقال مصباح العكاري المتحدث باسم مصرف ليبيا المركزي ردا على سؤال بخصوص ما إذا كان البنك يدرس خفض قيمة الدينار "لا نخطط لخفض أو رفع قيمة الدينار".

واستبعد المصرف المركزي خفض قيمة العملة لكن محافظ البنك الصديق عمر الكبير حذر من أن ليبيا حصلت على أربعة مليارات دينار فقط من صادرات الطاقة منذ بداية العام وحتى نهاية أبريل نيسان أو أقل من ربع المستوى المستهدف في الميزانية البالغ 18 مليار دينار، وقال الكبير في بيان إن مبلغ الأربعة مليارات دينار لا يكفي حتى لدفع أجور العاملين في الدولة، ومع وجود ربع الليبيين في كشوف الرواتب الحكومية أوضح نائبه علي محمد الحبري إلي أن هناك حاجة إلي التغيير قائلا إن البلاد أضافت 400 ألف موظف مدني منذ الحرب الأهلية، وقال إنه بناء على المعايير الدولية فإن المعدل ينبغي أن يتراوح بين 8 إلي 10 بالمئة من إجمالي السكان.

ويحاول المصرف المركزي تفادي استنزاف احتياطاته من النقد الأجنبي التي انخفضت رغم ذلك إلى 110 مليارات دولار من 132 مليار دولار في الصيف الماضي، ومنذ أن فشل المشرعون في الموافقة على ميزانية في غياب إيرادات جديدة للنفط فإن المصرف المركزي منح البرلمان 12 مليار دينار منذ يناير كانون الثاني للحفاظ على استمرارية اقتصاد البلاد بحسب لجنة الميزانية، وقال دبلوماسي غربي إن جزءا من احتياطيات المصرف المركزي مستثمر في أصول طويلة الأجل في الخارج مثل حصص في الأسهم، وقال "ليس النقد كله متاحا، لا يستطيعون إدارة البلاد لعامين بأموال البنك المركزي"، وأضاف قائلا "هناك أيضا فاتورة ضخمة للصيانة في الانتظار مع استمرار تعطل الحقول النفطية، سيستغرق الأمر وقتا طويلا لاستئناف الإنتاج".

ويقوم مسلحون كل أسبوع تقريبا بسرقة مركبات لنقل الأموال أو مهاجمة فروع بنوك وإجبار الموظفين على فتح الخزائن، وقتل موظف في مصرف الجمهورية الحكومي بمدينة سبها الجنوبية في أبريل نيسان، وهذا ما يجعل المصرف المركزي يعارض نقل الدولارات إلى البنوك التجارية وأبلغ عملاء عديدون بأنهم يمكنهم فقط سحب أموال من حساباتهم الدولارية بالدينار فقط وبسعر صرف غير مقبول، وقد يكون هناك أيضا شح في الدينارات مع شكاوى بنوك خارج العاصمة طرابلس من أنها تظل أياما بدون أوراق نقدية في خزائنها.

وقال الكبير إن مشكلة نقص السيولة في البنوك التجارية ترجع إلى عدم الأمان في عمليات نقل الأموال وطلب المصرف المركزي من السلطة التشريعية تأمين نقل تلك الأموال إلى البنوك التجارية لكن بدون جدوى، وقال مسؤولون إن الشرطة الليبية والجيش لا يمكنهما مجاراة الميليشيات المتمرسة على القتال التي تعمل مع شركاء في القوات النظامية يمدونها بمعلومات عن المركبات التي تغادر المصرف المركزي أو مواعيد وصول طائرات تحمل أوراق نقدية إلى مطارات محلية.

الانتخابات الليبية

الى ذلك قال مسؤول ليبي إن ثاني انتخابات عامة في ليبيا منذ الاطاحة بمعمر القذافي عام 2011 ستجرى رغم الفوضى السياسية المتزايدة والمصاعب التنظيمية واحتمالات تدني نسبة الاقبال على التصويت، ورفض رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح ما يبديه دبلوماسيون أجانب من شكوك في قدرة طرابلس على تنظيم انتخابات خلال شهر فقط، وقال السايح إن الاستعدادات للانتخابات المزمعة في 25 يونيو حزيران تجري بشكل جيد وان العاملين تم تدريبهم.

وتواجه الانتخابات تحديات هائلة، فالأزمة مستحكمة بين الحكومة والبرلمان وتمارس الميليشيات والجماعات القبلية نفوذها على أجزاء من البلاد في حين يشن اللواء خليفة حفتر حملة دون تنسيق مع الدولة ضد متشددين إسلاميين في الشرق، وبدلا من أن تستغرق الاستعدادات عدة أشهر كما يتوقع الدبلوماسيون اختارت مفوضية الانتخابات الإسراع بإجراء الاقتراع، وعبر السايح عن ثقته في نجاح هذه المبادرة، وقال السايح إن المفوضية "أتمت التحضيرات النهائية للانتخابات" وأنه تم إعداد 1601 مركز في أنحاء البلاد لهذه الانتخابات، وأضاف أن هناك "مؤشرات ايجابية" بأن الانتخابات ستمضي قدما حتى في مدينة بنغازي في شرق البلاد التي تشهد اشتباكات يومية تقريبا بين قوات اللواء حفتر ومتشددين اسلاميين.

وقال دبلوماسي غربي إن الحكومة مصممة على إجراء الانتخابات وأشار إلى أن التصويت لاختيار لجنة صياغة الدستور في فبراير شباط جرى في معظم المناطق، وقال السايح إنه ستكون هناك تحديات لفتح مراكز اقتراع في بعض المناطق في شرق وجنوب البلاد وأن السؤال الأكبر سيكون ما سيحدث بعد الانتخابات وما إذا كان التوتر ستخف حدته، ويأمل جيران ليبيا وشركاؤها من الدول الغربية أن تكون الانتخابات دفعة لبناء الدولة وتساعد البلد المنتج للنفط على تجاوز بعض من انقساماته العميقة بين الاسلاميين والقوى الأكثر اعتدالا فضلا عن القبائل والأقاليم المتنافسة.

ويبدو أن الاقبال على التصويت سيكون ضعيفا، وسجل أكثر من 1.5 مليون شخص أسماءهم وهو ما يقترب من نصف عدد من سجلوا أسماءهم في يوليو عام 2012 في أول انتخابات حرة في ليبيا منذ أكثر من 40 سنة، وشددت المفوضية قواعد تسجيل الأسماء وفرضت على الناخبين إظهار بطاقة الرقم الوطني، ولا يملك كثير من الليبيين في الشرق والجنوب هذه البطاقة لأن انعدام الأمن هناك عرقل تطور مثل هذه الخدمات الأساسية للدولة، وتجنب بعض المواطنين الحصول على بطاقة الهوية هذه لأنها تجعل من الصعب عليه استغلال الفوضى في البلاد والمطالبة بعدة رواتب من الدولة، وتمثل الحملة على مثل هذا الاحتيال أحد الأسباب التي دفعت الدولة لتطبيق بطاقة الرقم الوطني. بحسب رويترز.

ويأمل دبلوماسيون غربيون أن تؤدي الانتخابات إلى تخفيف حدة التوتر في ليبيا لكن البعض يخشى أن تؤدي إلى انتخاب برلمان مؤقت آخر، ولم ينته خبراء قانونيون حتى الآن من صياغة دستور جديد للنظام السياسي في فترة ما بعد القذافي، وسيضم البرلمان الجديد 200 مقعد لكنه سيسمى مجلس النواب ليحل محل المؤتمر الوطني العام الذي يربطه كثير من الليبيين بالأزمة المستحكمة في البلاد، وقال السايح إن 32 مقعدا خصصت للنساء، ولم يسجل سوى 10087 ناخبا أسماءهم في الخارج مما يعكس ضيق الوقت لإجراء الانتخابات في السفارات.

وأضاف السايح أن 1628 مرشحا سيتنافسون في الانتخابات وهو ما يقل عن عدد المتنافسين في الانتخابات السابقة بنحو ألف شخص، وبدأ البعض رفع لافتات وملصقات دعائية لكن في ظل ضيق الوقت لا توجد حملة انتخابية حقيقية مثلما حدث عام 2012، وسوف تشوب الانتخابات أيضا مقاطعة أقلية الأمازيغ التي تطالب بدور أكبر في لجنة كتابة الدستور، وسيطر الأمازيغ على منشآت نفطية في السابق للضغط من أجل تنفيذ مطالبهم.

حفتر وقتال المتشددين

فيما شنت قوات اللواء الليبي المنشق خليفة حفتر هجوما جديدا على إسلاميين متشددين في مدينة بنغازي بشرق ليبيا مما أدى إلى اندلاع بعض من أعنف الاشتباكات خلال أسابيع ومقتل ما يصل إلى 12 شخصا وانقطاع الكهرباء، وتكافح السلطات الليبية لإعادة النظام في أنحاء البلاد قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في 25 يونيو حزيران، وما زالت الفوضى تعم الأوضاع في بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية ومهد الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بمعمر القذافي قبل ثلاثة أعوام.

وأعلن حفتر الحرب على الميليشيات في بنغازي وانضم إليه عدد من وحدات الجيش، وتقول حكومة طرابلس إنه لا يتمتع بأي سلطة تسمح له بالتحرك ويتم تجاهل أوامره في الكثير من انحاء البلاد خاصة في الشرق حيث تتنافس ميليشيات وجماعات قبلية على النفوذ، وهاجمت قوات حفتر تدعمها دبابات وراجمات صواريخ عددا من المعسكرات التي يشتبه في انها تابعة للإسلاميين في مناطق غرب بنغازي مما أجبر عشرات العائلات على الفرار، وكان يمكن سماع اصوات الطائرات الحربية تحلق فوق المدينة.

وقال موظفو مستشفى إن ما لا يقل عن خمسة جنود وثلاثة مدنيين قتلوا من بينهم سودانيان، وأضافوا إن ما لا يقل عن 18 شخصا أصيبوا، ونقل عن مصادر طبية قولها إن عدد القتلى 12 والمصابين 16، وقال محمد الحجازي المتحدث باسم حفتر إن قواته اعتقلت خمسة من زعماء الجماعات المتشددة، ويعتقد بعض المحللين بأن حفتر يتلقى الدعم من مصر ودول خليجية مثل الإمارات العربية المتحدة التي تشعر مثل الغرب بالقلق من استغلال المتشددين الإسلاميين حالة الفوضى في ليبيا.

وقال حفتر لقناة العربية التلفزيونية التي يملكها سعوديون حسبما أفاد موقعها على الانترنت إن جيران ليبيا يدعمون قواته للمساعدة في تأمين حدود البلاد، ولم يذكر اي تفاصيل لكنه نفي في وقت لاحق حصول قواته على اي دعم، وأشاد حفتر في مؤتمر صحفي خارج بنغازي بالرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي ووصفه بانه الرجل المناسب للمنصب، وتشن السلطات المصرية حملة أمنية على جماعة الإخوان المسلمين التي وصفها حفتر بأنها "شبكة تجسس دولية"، واتهم حفتر دولة قطر بإذكاء الفوضى في ليبيا، وأضاف أنه ليس هناك أدنى شك في أن قطر تدعم المتشددين في ليبيا. بحسب رويترز.

وعلى صعيد منفصل قال حفتر لقناة العربية إن قطر تعرقل عملية تشكيل جيش وطني وقوة شرطة في ليبيا، وتتعرض قطر لضغوط من دول خليجية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين بسبب دعمها لجماعة الاخوان المسلمين، وسحبت الدول الثلاث سفراءها من الدوحة في مارس اذار مما تسب في شقاق علني لم يسبق له مثيل في الخليج.

وحذر محمد الحجازي المتحدث باسم حفتر الإسلاميين من إدخال أسلحة عبر ميناء درنة التجاري شرقي بنغازي، وينشط أنصار الشرعية وجماعات متشددة أخرى في درنة وسط فراغ في السلطة بليبيا، وتصنف الولايات المتحدة أنصار الشريعة كمنظمة إرهابية، وكان حفتر مقربا من القذافي إلا أنه انشق ولعب دورا في الانتفاضة الليبية عام 2011 وفي فبراير شباط أثار شائعات بالقيام بانقلاب بعد أن ظهر في زي عسكري ليدعو إلى تشكيل لجنة رئاسية تحكم البلاد إلى أن تجري انتخابات.

بالمقابل قتل على الأقل ثلاثة أشخاص في هجوم انتحاري بالسيارة المفخخة استهدف أحد مقار اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بنغازي شرق ليبيا، والقتلى هم عناصر من القوة الموالية للواء، وقال أحد قادة هذه القوة العميد صقر الجروشي إن "هجوما انتحاريا بسيارة مفخخة نفذ ضد فيلا كنا مجتمعين فيها، قتل ثلاثة جنود" مؤكدا أن اللواء حفتر الذي كان موجودا في المنزل عند وقوع الهجوم لم يصب بأذى، وتوعد تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" اللواء السابق في الجيش الليبي برد الفعل، بعد شن قواته غارات جوية على مواقع لمجموعات إسلامية متطرفة في بنغازي، ودعا التنظيم الإرهابي أنصاره إلى مقاتلة حفتر باعتباره "عدو الإسلام".

عملية أمريكية خاصة

من جهة اخرى استنكرت ليبيا اعتقال قوات أمريكية خاصة رجلا على الأراضي الليبية يشتبه بأنه دبر لهجوم دام على القنصلية الأمريكية في بنغازي ووصفت احتجازه بأنه خرق للسيادة الليبية، ووافق الرئيس الأمريكي باراك أوباما على العملية التي نفذت على الأراضي الليبية والتي اعتقلت فيها القوات الخاصة الأمريكية المتشدد المشتبه به أحمد أبو ختالة في ليبيا لنقله إلى الولايات المتحدة لمحاكمته هناك.

والتحرك حساس للغاية بالنسبة للحكومة الليبية الضعيفة التي تواجه ضغوطا من الميليشيات المختلفة والإسلاميين ورجال القبائل المسلحين الذين شاركوا في الإطاحة بمعمر القذافي في انتفاضة ساندها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 لكنها تتحدى الآن سلطة الدولة في البلد الصحراوي المترامي الأطراف.

وفي أول رد فعل رسمي من طرابلس قال صلاح المرغني وزير العدل الليبي إن أبو ختالة ينبغي إعادته إلى ليبيا ومحاكمته هناك، وقال المرغني في مؤتمر صحفي إن الاعتقال تم "دون علم مسبق للحكومة الليبية، ولم نتوقع ان تساهم في ارباك المشهد الأمني"، وقال إن أبو ختالة مطلوب من قبل السلطات الليبية لاستجوابه لكن غياب الأمن حال دون ذلك، ويقول دبلوماسيون إن ليبيا لم تفعل شيئا تقريبا لاعتقال أحد من المتورطين في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في عام 2012 حيث لا تفرض الحكومة المركزية سوى سيطرة محدودة على ثاني أكبر مدينة ليبية. بحسب رويترز.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية حسين الأسود إن هذا الاعتداء على للسيادة الليبية جاء "في وقت تعاني فيه مدينة بنغازي من اختلالات أمنية"، وقتل في الهجوم الذي وقع على القنصلية الأمريكية في بنغازي في سبتمبر أيلول 2012 أربعة أمريكيين بينهم السفير كريس ستيفنز، ونفذت قوات خاصة أمريكية عملية مماثلة اعتقلت خلالها نزيه عبد الحميد الرقيعي الشهير بأبو أنس الليبي الذي يشتبه في أنه عضو في القاعدة في أكتوبر تشرين الأول 2013 وكان لتلك العملية تأثيرات مثيرة على الحكومة الليبية، وخطفت ميليشيا رئيس الوزراء الليبي آنذاك علي زيدان لفترة قصيرة من جناج كان يقيم فيه في فندق واتهمته بأنه كان على علم بالعملية، ووجهت محكمة اتحادية أمريكية في نيويورك لليبي في وقت لاحق اتهامات بأن له صلة بتفجير السفارة الأمريكية في كينيا الذي قتل فيه أكثر من 200 شخص.

وقال شقيق أحمد أبو ختالة إن شقيقه كان يقاتل لواء ليبيا سابقا يسعى لاستئصال شأفة المتشددين الإسلاميين عندما اختفى دون أثر، وقال أبو بكر شقيق أبو ختالة إن الأسرة كانت على اتصال معه وإنه تلقى خبرا بأن شقيقه قاد سيارة مع صديق له قبل أن يختفي، وقال أبو بكر ان العمليات الأمريكية السابقة تشير إلى أن ليبيين لابد وأن ساعدوا الأمريكيين في العثور عليه واعتقاله في ظل فوضى القتال حول المدينة الساحلية التي يسكنها مليون نسمة، وكان يوم الاعتقال مثاليا لأفراد الكوماندوس الأمريكي للتسلل دون أن يلاحظهم أحد فالمدينة كانت ساحة قتال معظم اليوم.

وقال أبو بكر إن السكان أبلغوه أنهم شاهدوا طائرتين هليكوبتر قرب ساحل قنفودة وهي بلدة تقع على بعد عشرة كيلومترات غربي بنغازي، وحاول الاتصال بكل أصدقاء أخيه لكن هواتفهم كانت مغلقة، وعثرت الأسرة في وقت لاحق على السيارة مهجورة في قنفودة، واكتفى مسؤولون أمريكيون بقول إن الاعتقال وقع خارج بنغازي، واعتبرت على نطاق واسع انتصارا لأوباما الذي يتهمه الجمهوريون بالتقليل من شأن دور تنظيم القاعدة في هجوم 2012 لأسباب سياسية وبالتقاعس عن تقديم الجناة للعدالة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/حزيران/2014 - 26/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م