شبكة النبأ: طالما دأبت حكومة إقليم
كردستان على اللهاث وراء الحصول على مدينة كركوك الغنية بالنفط طوال
سنوات عديدة دخلت من أجل ضمها صراعات مريرة مع الحكومة الاتحادية وظلت
كركوك على طول خطوط التماس بين العرب والأكراد نقاطا للاحتكاك بين قوات
البشمرجة الكردية والجيش العراقي، لكن هذا الأخير قد انسحب، تاركا
كركوك كثمرة ناضجة في يد الأكراد.
إذ يرى بعض المحللين أن هيمنة الأكراد على كركوك وضع العراق في مأزق
التفكك ويتوقع هؤلاء المحللين إن من المستبعد اتخاذ أي تحرك ضد الكرد
في المستقبل القريب، وهو ما سيسمح لهم بيع النفط بشكل مستقل لتحقيق
هدفهم الاستراتجي الأكبر وهو الحصول على دولة كردية مستقلة.
حيث يرى الكثير من المحللين بأنه إذا تمسك الإقليم شبه المستقل
بكركوك فإن إيرادات حقول نفطها الرئيسية قد تتجاوز بكثير الميزانية
التي تعرضها بغداد وهو ما يدعم أي طموحات لإقامة دولة ذات سيادة.
وفي الاونة الأخيرة فعلا بدأ الأكراد بالتجارة بالنفط العراقي دون
الإذعان للحكومة الاتحادية العراقية وهو ما فاقم النزاع المتصاعد اصلا
بشأن عقود النفط جزءا من خلاف سياسي أكبر بين حكومة بغداد وكردستان حول
حقوق النفط والاراضي والحكم الذاتي وهو الخلاف الذي يثير التوترات في
الاتحاد الفيدرالي العراقي الهش.
ومع بدء التصدير من خط الأنابيب الكردي الجديد اشتد التوتر بين
بغداد وكردستان. وقدم العراق طلبا للتحكيم ضد تركيا وشركة بوتاش
التركية لخطوط الأنابيب، كما يمثل بيع أول شحنة من نفط كردستان المنقول
عبر خط أنابيبه المستقل إلى ميناء جيهان التركي أمرا حيويا لحكومة
الإقليم في ظل سعيها لمزيد من الاستقلال المالي عن بغداد، غير أن قناة
التصدير الجديدة إلى تركيا والتي تهدف إلى تجنب شبكة خطوط الأنابيب
الاتحادية التابعة لبغداد أثارت خلافا مريرا حول حقوق بيع النفط بين
الحكومة المركزية وحكومة كردستان.
وبعد ذلك لتقوم حكومة الاكراد بخطوة أخرى أكثر جرأة عندما سلمت
ناقلة شحنة من النفط الخام المتنازع عليه المنقول عبر خط أنابيب جديد
من كردستان العراق للمرة الأولى في إسرائيل رغم تهديدات بغداد بأخذ
إجراءات قانونية بحق أي مشتر، بينما لا تدعم الولايات المتحدة أقرب
حليف لإسرائيل بيع النفط بشكل مستقل من جانب المنطقة الكردية وحذرت
المشترين المحتملين من قبول الشحنات، لكن مؤشرات التقارب المحتمل بين
واشنطن وإيران أثارت قلق الزعماء الإسرائيليين في الأشهر الأخيرة.
في حين عبرت إسرائيل عن رغبتها في بناء علاقات طيبة مع الأكراد على
أمل توسيع شبكة علاقاتها الدبلوماسية في الشرق الأوسط وزيادة خياراتها
لإمدادات الطاقة.
ويرى معظم المحللين أن إسرائيل تريد إقامة علاقة قريبة جداً مع
الأكراد أو دعم صراعهم من أجل الاستقلال حتى ولو بصورة غير مباشرة،
نظرا للمشتركات والمصالح السياسية والاقتصادية بينهما، وهذا يرجح أقامة
صفقات سرية خصوصا بعدما تغيرت الظروف الجيو-سياسية بصورة كبيرة، قد
يقوم الطرفان بإعادة النظرة وإعادة حساب مسار العلاقة بينهما، ويرى
هؤلاء المحللين أن هذه الشراكة قد تخلق في يوم من الأيام ميزان قوى
جديد في الشرق الأوسط وهذا التطور قد يساعد إسرائيل كثيراً.
كما تسعى تركيا وكردستان العراقية منذ العام الماضي لإقامة علاقة
مشاركة واسعة في مجال الطاقة تمتد من التنقيب الى التصدير، وزادت هذه
علاقة غضب بغداد التي هددت باتخاذ اجراءات لحمل منطقة كردستان وشركات
النفط الاجنبية العاملة هناك على وقف الصادرات التي تقول انها غير
مشروعة.
لتشكل تركيا أبرز حلقة في نزاع طويل الأمد بين الحكومة المركزية
والإقليم الكردي بشأن تنفيذ خطط لإنشاء خط أنابيب خاص بها لتصدير النفط
الى تركيا برغم اعتراض الولايات المتحدة التي تخشى ان يؤدي المشروع الى
تفكك العراق. كما قد تؤخر هذه الأزمة مشروعات كبيرة للبنية التحتية
ومدفوعات للسلطات الإقليمية في الدولة العضو في أوبك.
وتهدد الشراكة التي تنسجم مع تطلعات تركيا لان تصبح مركزا للطاقة في
المنطقة، في تدهور الخلاف الطويل بين بغداد واقليم كردستان العراق
الشمالي حول تطوير الثروة النفطية في البلاد، وبينما يقاتل العراق لوقف
الإرهابيين في شمال، يكثف إقليم كردستان صادرات النفط بطريقة مستقلة،
يريد إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق والذي دعم موقفه بعد
سيطرته على مدينة كركوك النفطية نصيبا أكبر من إيرادات الخام العراقية،
هذا المطلب الجريء سيزيد من إتساع الشقاق مع الحكومة الاتحادية حيث
يدفع الاكراد نحو مزيدا من التمرد لظفر بحلمهم نحو الاستقلال.
فيما يرى بعض المراقبين انه على الرغم من اعتبار كركوك ركيزة
اقتصادية خط أنابيب هذه المدنية الذي تبلغ طاقته 600 ألف برميل يوميا
وينقل الجزء الأكبر من صادرات الخام العراقية من الشمال معطل منذ مارس
أذار في أعقاب هجمات نفذها الإرهابيون.
وعرقل الإرهابيون محاولات إصلاح الخط حيث استهدفوا أطقم الإصلاح في
أجزاء من الخط تمر عبر أراض خارج سيطرة كردستان، كما يرى بعض الخبراء
في هذا الشأن انه من الصعب على كردستان استثمار نفط كركوك نظرا
للافتقار إلى البنية التحتية المناسبة للتصدير، ومع ذلك ليس هناك في
الوقت الراهن مؤشرات على أن حكومة الاكراد تتراجع عن قراراتها بشأن
النفط، فلا تزال شحنات النفط تحمل، بالرغم من التراجع الذي تعرضت له
سابقا محاولات حكومة إقليم كردستان لبيع هذا النفط المثير للجدل. ولكن
لم ينقل بعد أول صادراتها إلى المصافي، وأثنى تهديد بغداد باتخاذ إجراء
قانوني، ووضع أسماء المشترين على اللائحة السوداء، كثيرا من الدول عن
الاقتراب من خطوط كردستان الجديدة.
وفي الوقت الراهن تزداد الأوضاع السياسية الإقليمية الشائكة التي
تضم العراق وكردستان وتركيا وبعض البلدان الإقليمية تعقيدا بسبب الصراع
في شمال العراق وسوريا المجاورة وهو ما يعني أن الأمر لم يحسم بعد وهو
أيضا ما قد يُقود حروبا إستراتجية شديدة الشراسة من أجل الذهب الأسود.
إسرائيل تتسلم أول شحنة من نفط كردستان
في سياق متصل قالت مصادر إن الناقلة اس.سي.اف ألتاي وصلت ميناء
عسقلان، وقال مصدر في الميناء إنها بدأت تفريغ النفط الكردي وأحجمت
سلطة ميناء عسقلان عن التعليق، ولم يتضح ما إذا كان الخام الذي تحمله
الناقلة اس.سي.اف ألتاي قد جرى بيعه إلى مصفاة محلية أم أنه سيفرغ في
المخازن ربما لإرساله إلى وجهة أخرى. وقالت متحدثة باسم وزارة الطاقة
الإسرائيلية "لا نعلق على منشأ النفط الخام الذي تستورده المصافي
الخاصة في إسرائيل." ولم تأت الناقلة اس.سي.اف ألتاي مباشرة من ميناء
جيهان التركي. . بحسب رويترز.
كانت الناقلة يونايتد إمبلم هي ثاني سفينة يتم تحميلها بالخام
المنقول عبر خط أنابيب كردستان في ميناء جيهان، وقالت مصادر ملاحية
محلية وأخرى من السوق وبيانات لحركة السفن أن شحنة يونايتد إمبلم نقلت
إلى السفينة اس.سي.اف ألتاي قرب مالطا.
كما أظهرت بيانات ايه.آي.اس لايف لتتبع السفن التي تنشرها رويترز أن
الناقلة التي تحمل أول شحنة من خام إقليم كردستان العراق المنقول عبر
خط أنابيب اتجهت إلى ميناء المحمدية المغربي بعد أن غيرت مسارها حيث
كانت في طريقها للولايات المتحدة.
إقليم كردستان يريد ربع إيرادات العراق
النفطية
على الصعيد نفسه قال المتحدث الرسمي باسم حكومة الإقليم إن حكومته
تعتقد أن نصيب الإقليم من إجمالي مبيعات النفط العراقية ينبغي أن يصل
إلى 25 في المئة، وقال المتحدث سفين دزيي وهو وزير سابق للشؤون
الخارجية والتعليم في حكومة كردستان إن من المفترض أن يتلقى الإقليم
حاليا 17 في المئة من إيرادات العراق النفطية إلا أن هذه النسبة ينبغي
أن ترتفع بناء على زيادة سكانه وارتفاع إنتاجه النفطي، وقال "ينبغي أن
يكون الرقم أعلى بكثير .. وعندما تجرى التعدادات الرسمية للسكان نعتقد
أن الرقم قد يبلغ 25 بالمئة في المتوسط"، وأضاف في مكتبه بمقر مجلس
الوزراء في أربيل عاصمة الاقليم "كانت نسبة السبعة عشر بالمئة مجرد
تقدير تم استخدامه. لكن حتى الآن نحن لا نحصل عليها".
وقال دزيي إن إقليم كردستان مستمر في محاولة التوصل إلى حل قانوني
للنزاع مع بغداد بشأن وضع كركوك إلا أنه أقر بأن حكومته أصبحت في أقوى
وضع على الإطلاق يسمح لها بتأمين المدينة التي يعتبرها كثير من الأكراد
عاصمتهم التاريخية. بحسب رويترز.
وقال وزير الطاقة التركي تانر يلدز إن من المنتظر أن تقوم ناقلة
ثالثة بتحميل شحنة نفط خام لإقليم كردستان من ميناء جيهان على البحر
المتوسط في 22 يونيو حزيران رغم احتجاجات شديدة من حكومة بغداد التي
تحاول عرقلة المبيعات.
وقال دزيي "تدفق النفط مستمر وسنواصل إرساله إلى الخارج وتصديره"
مضيفا أن نحو 120 ألف برميل من الخام تتدفق يوميا عبر خط الأنابيب
الجديد إلى جيهان. وتريد حكومة كردستان زيادة مبيعاتها النفطية
المستقلة.
وتابع دزيي أنه لتغطية احتياجات كردستان أو تعويض خفض الميزانية من
جانب بغداد فإن الإقليم يحتاج لتصدير 400 ألف برميل من النفط يوميا على
الأقل، وتوقف تدفق النفط في خط أنابيب كركوك-جيهان التابع لبغداد منذ
مارس أذار في أعقاب هجمات المسلحين. وكان الخط يضخ 600 ألف برميل يوميا
تشكل أغلب صادرات العراق النفطية من الشمال.
اغلاق مصفاة بيجي
من جانبه قال طه زنغنه نائب وزير الموارد الطبيعية باقليم كردستان
العراق شبه المستقل إنه يتعين على الإقليم زيادة وارداته من المنتجات
النفطية بسبب غلق مصفاة بيجي مع سيطرة المتشددين على غالبية المصفاة.
بحسب رويترز.
وقال زنغنه للصحفيين في مؤتمر في لندن "نتوقع ذلك وقمنا بكل
الاستعدادات لتلبية الطلب المحلي...ليست المرة الأولى التي تغلق (فيها
المصفاة)أو يقلصون امداداتنا"، وأضاف زنغنه إنه لا تزال هناك حاجة
لاختبار وصلة جديدة تربط مركز كركوك النفطي الرئيسي بخط أنابيب مستقل
تابع لكردستان قبل استخدامها، وقال زنغنه "لا تزال هناك حاجة لتجربتها"،
وذكر متحدث باسم وزارة الموارد الطبيعية أن الوصلة الحالية بين ايفانا
دوم وخورمالة لا تستخدم وصغيرة للغاية إذ تبلغ طاقتها نحو 30 ألف برميل
يوميا لذا يتعين بناء وصلة جديدة.
كركوك تحت سيطرة الأكراد
في الوقت نفسه قال عدنان الجنابي رئيس لجنة النفط والغاز في
البرلمان العراقي إن أكراد العراق أحكموا سيطرتهم على مدينة كركوك في
شمال البلاد وعلى احتياطياتها النفطية وحققوا فعليا حلمهم بكردستان
الكبرى.
وقال الجنابي وهو سياسي سني بارز إن الجيش العراقي لا يملك القدرة
على استعادة تلك المناطق. وبالإضافة إلى ذلك فإن المسلحين السنة الذي
سيطروا على الموصل وتقدموا صوب بغداد يركزون فيما يبدو على مناطق أخرى.
وقال الجنابي في مؤتمر في لندن "تحقق حلم كردستان الكبرى بالفعل على
الأرض ... كردستان العراق يقف بالفعل على حدوده الوطنية التي يريدها
ولا أعتقد أنه سيكون من السهل التراجع عن ذلك"، وأضاف "يشمل ذلك أجزاء
من كركوك وديالى وصلاح الدين... إنهم هناك بالفعل ويديرون المناطق
بالفعل ولا أعتقد أن أحدا سيتحداهم".
شوكة تركيا
من جهته قال وزير الموارد الطبيعية في كردستان العراق إن الإقليم
يعتزم مواصلة تصدير النفط وسيكون قادرا على بلوغ مخصصاته في الميزانية
عن طريق شحنات الخام المستقلة بنهاية العام.
قال أشتي هورامي وزير الموارد الطبيعية في كردستان العراق إن من
المقرر تحميل ناقلتين أخريين بالنفط الخام الكردي المصدر عبر خط أنابيب
بشكل منفصل عن بغداد وذلك في ميناء جيهان التركي، وقال هورامي إن
المنطقة صدرت بالفعل وباعت حمولة ناقلتين من النفط.
وقال خلال مؤتمر في لندن إن صادرات النفط ستزيد إلى ما بين 200 و250
ألف برميل يوميا في يوليو تموز ثم إلى 400 ألف برميل يوميا بنهاية
العام.
جلف كيستون
على صعيد ذو صلة قال شركة جلف كيستون بتروليوم المنتجة للنفط إنها
ماضية في خططها لزيادة الإنتاج من حقلها النفطي شيخان بإقليم كردستان
العراق رغم تصاعد العنف في المنطقة، وذكرت الشركة المدرجة في لندن يوم
الجمعة أن ثلاث آبار في منشأة الإنتاج الأولى بحقل شيخان تنتج بشكل
مطرد 16 ألف برميل يوميا وهو مستوى من المنتظر أن يرتفع إلى 20 ألفا في
وقت لاحق هذا العام، ويقع الحقل شمالي مدينة كركوك النفطية التي سيطرت
عليها القوات الكردية. بحسب رويترز.
وقال تود كوزيل الرئيس التنفيذي لشركة جلف كيستون "عملياتنا في
إقليم كردستان العراق تمضي وفقا لتوقعاتنا السابقة في الوقت الذي نظل
فيه متنبهين للوضع الأمني الراهن في العراق والذي تصاعد في الآونة
الأخيرة خارج إقليم كردستان"، وأضاف أن مجمع شيخان بالكامل سجل معدل
تدفق يومي قياسيا بلغ 25 ألف برميل في الرابع من يونيو حزيران.
إجراءات قوية بشأن صادرات نفط كردستان
من جانب آخر استنكر وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي تصدير نفط
إقليم كردستان المنقول عبر خط أنابيب الإقليم وهدد باتخاذ إجراءات قوية
ضد الإقليم وتركيا التي جرى التصدير من خلالها، وقال لعيبي في مؤتمر
صحفي "ما حدث من وجهة نظري هو أكبر خطأ يرتكبه الأكراد والأتراك ...
والحكومة العراقية ستتخذ إجراءات قوية"، وأضاف أن بغداد ستقاضي الحكومة
التركية وشركة بوتاش التركية لإدارة خطوط الأنابيب بسبب تسهيلهما بيع
نفط كردستان دون موافقة الحكومة العراقية المركزية. وقال لعيبي إن
حكومة بغداد بصدد إبلاغ الأمم المتحدة بدور أنقرة في عملية الشحن، وقال
"ليس أمامنا من خيار سوى الذهاب إلى التحكيم وقد تم إخطارهم (الحكومة
التركية)". بحسب رويترز.
وقال وزير النفط العراقي إنه يتوقع أن يبلغ متوسط انتاج بلاده من
الخام هذا العام 3.7 مليون برميل يوميا دون حساب أي انتاج من المنطقة
الكردية. وتوقع أن تبلغ الصادرات ثلاثة ملايين برميل يوميا في 2014. |