كيف حققت داعش انتصارها على جيش تعداده عشرات الآلاف بكامل اسلحتهم
هذا ما سمعناه وقرأنا عنه في وسائل الاعلام، ألا يجب التحلي بالمسئولية
وعدم التسرع باصدار الاحكام في أمر لم يتم التحقق عن صحة حدوثه..؟
الجيش العراقي لم يفر، اذ لا يمكن أن يفر من معركة لم تبدأ، انها
اخبار خبيثة ومغرضة لكسر معنويات أفراده وتشويه سمعته والطعن بوطنيته.
لا يعقل أبدا أن يحدث هذا بدون خطة مسبقة واضح ان ورائها مستفيد، ولذا
يجب البحث عن المستفيد قبل اصدار حكم عشوائي غير مقبول وجائر. لقد حدث
أمر مشابه في عام 2003 اثناء احتلال العراق، فحينها انسحبت جيوش صدام
بدون قتال وسقطت بغداد شر سقوط، حينها استغربنا أيضا عن كيفية حدوث ذلك
قبل ان نكتشف ان في الأمر خيانة والا فللجيش العراقي فرصة المقاومة
لعدة ايام على الأقل ليثبت أنه جيش الدفاع عن الوطن، لأن العدو في
طريقه لاحتلاله.
وسمح للأمريكيين بدخول بغداد دون قتال. فاذا كان هناك تواطؤ أمريكي
مع قادة عراقيين خونة سلموا مفاتيح بغداد بدون قتال مقابل رشى فالحال
كذلك مع قادة الجيش في الموصل ومناطق أخرى. واذا ما علمنا ان الجيش
العراقي ( العربي ) لم يسمح له بالتواجد في كردستان وكركوك ومناطق
مختلف عليها حول الموصل وديالى بحسب مشيئة البرزاني يعني هذا أن الجيوش
المتواجدة في تلك المناطق أما من البيشمركة أو وحدات عسكرية بقيادات
كردية. فمن البديهي أن يستجيب الأكراد لأوامر البرزاني وليس لنداء
الواجب الوطني. ولعل القراء يتذكرون بانه قد جرت مصادمات عام 2012 بين
البيشمركة والجيش العراقي في مناطق التماس في كركوك وعلى حدود المناطق
المختلف عليها ولولا تدخل الأمريكان حينها لكانت النتائج كارثية.
فما هو السيناريو في الموصل وكركوك.؟؟
لايمكن تبرئة البرزاني من هذه اللعبة، لقد أمر القادة العسكريين
الأكراد باحتلال كركوك والسعدية وجلولاء بحجة حمايتها من داعش فهي فرصة
ذهبية لإشعار بغداد اننا انما دخلنا كركوك وغيرها لأنكم فشلتم في
الدفاع عنها وبذلك فان احكام هيمنتنا عليها هو بمثابة غنيمة حرب. وبفضل
الخبث الاقطاعي ستضمن أكسون موبايل عقودا جديدة مع برزاني لتبقى هناك
بالشروط التي فرضتها هي. شركة أكسون موبايل وغيرها من لصوص النفط
العاملين في كردستان سيوسعون استثماراتهم في كركوك والمناطق المختلف
عليها بعد أن تمت برزنتها. ولن تقلق أكسون بعد الآن وستوسع امتيازاتها
النفطية دون خشية من اعتراض الحكومة المركزية، فمن الآن فصاعدا لن تلزم
نفسها بسماع حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء العراقي لشئون النفط.
المسرحية الأخرى التي تم تداولها بعد دخول بهائم داعش الى الموصل هي
انسحاب الأمريكيين من قاعدة بلد الجوية العسكرية الى بغداد وهم كما
يقال موجودون هناك لتدريب قوات الشرطة والجيش العراقيين فهل هرب
الأمريكيون خوفا من داعش أيضا مع أن قاعدة بلد مقر متقدم لتلك القوات
والطيران العراقي ومخزنا لأحدث الأسلحة. وكما أذيع من بيانات بعد ذلك
بيوم واحد تقدمت عصابات داعش واحتلت القاعدة وغنمت ما فيها من عتاد
وطائرات دون اية مقاومة.
وعلينا أن نعلم أن قوات بشمركة برزاني لم تدافع عن الموصل مع ان لها
هناك قوات كبيرة، وبحسب المعلومات الشحيحة التي وصلت وانا أعد هذا
المقال أن الحكومة العراقية كانت قد طلبت من حكومة كردستان التحرك
للدفاع عن الموصل لكن الرد جاء بالرفض. انه التواطؤ الذي سلمت بموجبه
الموصل لعصابات داعش تماما كما هربت القاعدة مرات عديدة أفرادها
المحكومين باحكام طويلة من السجون العراقية بالتواطؤ مع حرس السجن أو
مسئولين أمنيين وعسكريين.
الغريب ان كتاب المقالات قد تفننوا في تحميل الجيش المسئولية
والتندر بهزيمة لم تحدث، لقد تجاهلوا تماما المؤامرة وهي من فنون
السياسة والغدر في كل العصور، فلماذا تجاهلها الكتاب والمحللون. لماذا
استبعدت المؤامرة مع انها قائمة ولم تتكشف كل خيوطها بعد.؟؟
أردوغان وبرزاني وداعش وشركات النفط وراء ما يجري، وان عشرات
السيارات الحديثة التي تنقل بها بهائم داعش لم تهبط من السماء فهي
مستوردة خصيصا وقد أعدت مسبقا لتركيب المدافع والمعدات العسكرية الأخرى
عليها، وقد بثت التظاهرة الاستعراضية عبر قنوات اخبارية مشبوهة كجزء من
سياسة كسر المعنويات وبث الرعب وتثبيط العزائم. تلك البهائم لم تأتي من
الفلوجة أو الأنبار عبر السعودية، بل جاءت من شمال العراق عبر تركيا
والحدود مع سوريا وهذه المناطق جميعها تحت مراقبة بشمركة البرزاني.
المناطق تلك هي فعليا تحت سيطرة البشمركة، أما الجيش العراقي العربي
فممنوع من الانتشار هناك وغير مرحب به في كردستان والمناطق المختلف
عليها بناء على أوامر البرزاني.
القادة العسكريون الأكراد يتحملون المسئولية عن احتلال الموصل لأنهم
كانوا هناك وعلى علم مسبق بما كان يجري وما سيجري هناك أيضا. داعش لم
تكن الا غطاء لعملية تمت بالتواطؤ مع اطراف خارجية لها مصلحة في
استكمال البرزاني استيلائه على كوردستان الكبرى وهي تتحرك وفق خريطة
معدة مسبقا وفق سيناريو احتلال الأراضي من قبل اسرائيل في فلسطين. واذا
لم تقم الولايات المتحدة بتلبية طلب الحكومة العراقية لتقديم المساعدة
العسكرية العاجلة وبخاصة الطيران للجيش العراقي لاستعادة الموصل وكركوك
الى السيادة المركزية العراقية فانهم متواطئون ايضا بكل تأكيد وبناء
عليه فان التقسيم آت لا محالة. زيارة جون كيري للبنان الشهر الماضي
تطرح اسئلة مشروعة أولها: لماذا لم يذهب الى بغداد للتحدث مع المسئولين
هناك، بل أمرهم بالمجيئ الى بيروت للاجتماع به ألم يكن من الأفضل له
استخدام جهاز التحكم من بعد..؟؟
أكاد أشك ان ما يجري في شمال العراق هو مؤامرة خبيثة لبلقنة العراق
بهدف تقسيمه بين شركات النفط والغاز الغربية حيث سيعاد رسم خريطة
المنطقة من جديد بناء على ذلك. بيان المرجع الشيعي السيد السيستاني على
لسان الشيخ الكربلائي طالب باعلان التعبئة والدعوة للتطوع في الدفاع عن
الاضرحة والمدن الشيعية خطوة ايجابة، لكن لو صدرت كبيان مشترك بين
المرجعية الشيعية والسنية بدعوة عامة للشعب العراقي بكافة مكوناته
وبخاصة سنته وشيعته للدفاع عن مدنه وقراه واعادة الأمن والاستقرار
للعراق سيكون أكثر تأثير. مثل هذا البيان سيكون أقرب لضمير العراقيين
الواعين الوطنيين على عكس بيان داعش التحريضي على سفك الدماء والكراهية
الموجه خصيصا للطائفيين الوهابيين التكفيريين. وبذلك فقط تحاصر وتعزل
النعرات الطائفية وما يزال الوقت مناسبا لإصدار البيان المشترك من قبل
جميع المراجع الدينية دون استثناء وبسرعة وتكراره على مدار الساعة عبر
القنوات الاخبارية العراقية والعربية.
لذا ما علينا الا الانتظار بعض الوقت حتى تتكشف الصورة كاملة عن
الفاعلين الرئيسيين والمستفيدين المباشرين من هذه الجريمة الشنيعة بحق
العراق وطنا وشعبا وتاريخا ويبقى الأمل في الوطنية العراقية فاما ان
ننتصر بها أو العزاء.
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |