قيم التقدم: الايمان

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: لم تعد مفردة الايمان تنحصر من حيث المعنى بالجانب الديني فقط.. على الرغم من ان الايحاء الشديد لها يبدو وكأنه يتعلق بالجانب الديني لوحده.. فقد اكد علماء النفس والاجتماع على ان قيمة الايمان باتت تشكل حجر الزاوية في بناء الانسان الفرد او الجماعة.. ومن دون الايمان لا يمكن للفرد او المجتمع أن يخطو خطوة واحدة في الاتجاه الصحيح.. هكذا تصبح قيمة الايمان فاعلة أساسية في جميع مجالات الحياة المعنوية والمادية.

فعندما يقرر أحد من الناس.. أن يخوض غمار مشروع ينطوي على صعوبات.. ومخاطر من نوع ما او بدرجة عالية من الصعوبة والخطورة في آن واحد.. من المؤكد أنه إذا لم يكن متسلحا بالايمان .. فإنه لا يمكن ان يجازف ويخوض غمار المشروع.. حتى لو كان هذا المشروع لا علاقة له بالدين.. أما إذا كان مؤمنا وشخصيته مبنية على أسس إيمانية عميقة ومستقرة.. فإنه سوف يكون مستعدا بدرجة كبيرة على خوض المغامرة او المشروع على الرغم من خطورته ومصاعبه.. لسبب واضح يتعلق بالمعنويات العالية التي يتحلى بها الانسان المؤمن عن غيره.

إذن في هذه الحالة.. سوف يصبح تأثير قيمة الايمان كبيرا و واضحا في شخصية الانسان.. ولذلك نجد ان الانسان غير المؤمن ضعيف ومتردد في الغالب.. واذا لم يكن ضعيفا فإنه سيكون متهورا.. والانسان المتهور في الغالب غير متوازن ومتسرع وفاشل في تحقيق اهدافه دائما.. لسبب بسيط و واضح أن شخصيته لم تتحصل على قيمة الايمان.

هكذا يظهر لنا بوضوح كبير.. التأثير البالغ للايمان على شخصية الانسان والنسيج المجتمعي على وجه العموم.. لذلك صرنا نلاحظ الاهتمام الكبير بقيمة الايمان في جميع الدول والمجتمعات المتقدمة.. حتى تلك التي توصف بالعلمانية.. أي حتى تلك المجتمعات التي تقودها انظمة سياسية ذات طابع علماني.. لأنها أدركت التأثير الكبير لقيمة الايمان على الطاقات والمواهب الكامنة لدى الانسان.. حيث الانسان الذي يتحلي بهذه القيمة يكون ذا اصرار وعزيمة كبرى على الاندفاع في مسار الانتاج الافضل في مجالات الحياة كافة.

لهذا ايضا يحاول القادة في جميع الميادين العسكرية والانتاجية بمختلف انواعها.. التركيز على صناعة الشخصية التي تتسم بقيمة الايمان.. لأن القائد سوف يضمن فعلا مضاعفا من الانسان الذي يحتفظ بقيمة عليا للايمان.. أما عندما لا يكون الانسان ذا شخصية مؤمنة فإنه سيكون أكثر عرضة من غيره في الهرب من المواجهة وعدم الاقدام.. كونه لا يعرف قيمة الايمان أصلا ولا يؤمن بها.. فكيف يمكن أن يكون مقداما في سوح القتال او سوح الانتاج ايضا.. ذلك ان الانتاج بمختلف انواعه يحتاج الى شخصية ذات ايمان عال.. حتى يكون فعلها مؤثرا.

من هنا نلاحظ ان اكثر الناس عرضة للهزيمة هم الناس الذين لا يعترفون بقيمة الايمان ولا يعرفون دورها ومفعولها في بناء شخصية الانسان.. ولا شك ان المجتمع الضعيف المهزوز المتردد هو حاصل جمع الاشخاص الذين لا يعيرون الاهمية المطلوبة لقيمة الايمان.

وعندما نتحدث عن التأثيرات المباشرة والكبيرة لقيمة الايمان على الانسان الفرد والمجتمع.. فإننا في الحقيقة ننتهز الاجواء الرمضانية المباركة لشهر رمضان الكريم.. فنؤكد أن الفرصة تسنح في هذا الشهر المبارك اكثر من سواه.. لكي يلجأ الانسان الى قيمة الايمان ويحتمي بها.. ويصحح مسارات حياته كلها في ضوء هذه القيمة العالية التأثير على مجمل مسارات حياة الانسان والمجتمع برمته.. وحتى اولئك الذين لا يتعاملون مع الدين بسبب قناعات معينة.. فيمكنهم أن يجربوا اجواء هذا الشهر.. ويحاولوا بجدية الاقتراب الحقيقي من قيمة الايمان.. وسوف يكتشفون انهم اصبحوا اكثر قدرة على العطاء والانتاج المتنوع.. وسوف يصبحون اكثر سعادة.. لأنهم بالتأكيد سوف يسهمون في صناعة المجتمع المتطور السعيد من خلال تعاطيهم السليم مع قيمة الايمان التي تشكل اليوم قيمة عظيمة من قيم التقدم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/حزيران/2014 - 25/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م