التفكير الاستباقي

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: تؤكد الوقائع والتجارب التاريخية ان الشعوب والأمم والدول التي كانت متخلفة وأصبحت اليوم تتصدر الركب المتقدم، أنها عمدت الى التفكير الاستباقي في تخططيها وإداراتها لمجال الحياة كافة، بمعنی ان جميع الدول المتقدمة في الوقت الراهن ما كان لها ان تدخل آفاق التقدم لو لا اعتمادها التفكير الاستباقي، علی العكس  الكثير من الأمم التي ترتع في مستنقع التخلف، فهي عادة ما تكون أسيرة الخمول والارتجال والتخبط والعشوائية وتكن هذه الشعوب والدول بعيدة عن التخطيط والإدارة النموذجية وعاجزة عن تفكير السليم بشقيه الآني والاستباقي، لذلك بقت متخلفة فيما تقدمت عليها الشعوب والأمم التي كانت تقف ورائها!!.

هذا الفشل والتخبط الإداري والقيادي في عدم التعامل مع التفكير الاستباقي، يطرح سؤالا هاما، هل استخدم العراقيون والعرب عقولهم بالطريقة التي تقفز بهم الى مصاف الأمم والشعوب المتقدمة؟ ،وهل بذل الساسة والمفكرون العراقيون ومن له القدرة علی صناعة القرار، ما يكفي من التفكير الاستباقي المنظم، لمعالجه الواقع والبحث التقريبي في صور المستقبل؟.

حتما سيكون الجواب آن العشوائية والارتجال والتخبط هي التي كانت تقود تفكيرنا، وعلی الرغم من النتائج المخيفة التي واجهناها عبر التاريخ الا اننا لم نستوعب الدرس كما يجب، ولم نقم بما يجب ولم نعطِ الأهمية المطلوبة للتفكير او التنبؤ للمستقبل كما يجب.. لذلك أخفقنا في استقراء المستقبل ولم نستعد للمفاجآت التي يمكن ان تهددنا في أية لحظة!!.

بمعنی أوضح أن العراقيين وأمة العرب عموما.. لم تعطِ التفكير الاستباقي ما يكفي من الاهتمام.. علی الرغم من معرفتها وإقرارها بأن التفكير الاستباقي هو الذي يقف خلف تقدم الأمم.. وان الأمم الراقية ما كان لها ان ترتقي وتصل الي حيز التقدم العالمي لو لا انها بذلت وقدمت ما يكفي من الجهود الفكرية المطلوبة.

المطلوب من النخب القيادية الفكرية والسياسية وكل النخب المعنية بانتشال العراق والامة من واقعها المزري، وان تضع المعالجات العلمية والعملية اللازمة لمنح التفكير بكل أنواعه لاسيما الاستباقي منه ما يكفي من اهتمام.. حتى نتجنب المفاجآت والمشكلات والعقبات الكبری التي تقف في طريق الشعب والدولة والامة عموما.. وهذه مهمة ليست بالسهلة علی الإطلاق.. ولا يمكن تحقيق النجاح فيها وقطف ثمارها الناضجة من دون التخطيط والبرمجة العلمية الحقيقة وانتهاج السبل العلمية والابتعاد التام عن الاعتباطية والارتجال في استطلاع الوقائع او في رسم المستقبل المتوقع.. فهل يمكن ان نقول اننا امة لا تحسن التفكير؟؟؟.

الجواب كما تقول الوقائع اننا امة بعيده كل البعد عن العالم المتقدم؟؟، ولا نغالي أن قلنا بيننا وبين العالم المتقدم مسافات طويلة جدا.. يجب علينا ان نقطعها عبر منهج واسلوب التفكير الاستباقي بجدية وعلمية تامة .. وهو امر يستدعي وقفه مصيرية عميقة وتعاملا اكثر من جاد كي نقفز من الخمول والاعتباط والعشوائية .. الی الوسائل والأساليب الفكرية العلمية والعملية حتى ندخل في صفوف الركب العالمي المتقدم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/حزيران/2014 - 23/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م