الجهاد الكفائي في ذكرى شهادة الحبوبي

مجاهد منعثر منشد

 

كتبنا سابقا مقال بعنوان (السيد الحبوبي هوية وحضارة في العراق) وذكرنا ان شهادته تصادف يوم 15|6|1915، فهذا الرجل الذي يعتبر اسطورة واقعية كتب اهل السير على قبره :ـ

فـقيـدُ المسلميـن غـداة أودى... حسيـب الـديـن بينهـم فقيـدا

فـإن شهدتـه أعينهـم سعيـداً... فقـد حملتـه أرؤسهـم سعيـدا.

تـقـدّمَ للجهـاد أمـيـرَ ديـن... فسـاق المسلميـن لـه جنـودا

ومـذ لاقـى المـنيـة أرخـوه... (سعيدٌ في الجهاد مضى سعيدا)

لقد كان الشاعر المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي الحسني (ولد1858م ـ ت 1915م) قائد المجاهدين العراقيين ضد الاحتلال الانكليز في أثناء الحرب العالمية الاولى.

واستشهد بعد اصابته في المعركة، فيذكر السيد محسن الحكيم والباحثين والمؤرخين ان معركة الشعيبة كانت حامية الوطيس اي لم يسلم من انفجاراتها الا القليل. وهناك جروح واصابات في جسد الشهيد السيد الحبوبي وكان كبير السن. واستشهد بايام بعد واقعة معركة الشعيبة على الفراش. وكان في حال الاحتضار يردد ((أمـّا أنـــا فــفــي نــعــيــم)).

هذا الرجل المجاهد المجتهد الذي كان نبراس الجهاد عبر عن حوزة النجف الاشرف اسمى تعبير في الدفاع الوطني عن تربة العراق.

واليوم المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة اية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (ادام الله ظله الوارف) في النجف الاشرف أيقظت الشعور الوطني في نفوس الشرفاء والمخلصين من ابناء البلد باعلان الجهاد الكفائي ضد الاحتلال الارهابي الكتفير المتمثل (بداعش) المجرم.

وهذا الاحتلال في حقيقته احتلال الوطن ومحاولة اذلال الشعب العراقي من قبل الزمرة التكفيرية المدعومة من قبل اجهزة مخابرات دولية والمعادية للاسلام والوطن.

فاعلن ممثل المرجعية سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (اعزه الله) بان من يقتل دفاعا عن الوطن شهيد باذن الله تعالى.

وهناك ثمة مسائل بصدد الموضوع ذكرنا بعضها من خلال نشر المقالات سابقا على الشبكة العنكبوتية والصحف العالمية وهي التالية :ـ

1. عن الشهادة

أ. باختصار منطق الشهادة والشهيد.

ب. شهداء العقيلة فرسان العقيدة.

ونضيف الى ذلك بان شهداء الوطن فرسانه وفرسان الاسلام كونهم يحاربون المعتدين حربا دفاعية، فالمقصود من الجهاد الدفاعي، هو استخدام لغة القوّة ردّاً على استخدام العدو للغة القوّة، فدفاعهم هذا عن الارض والمقدسات واعراض البلاد، ونصرة المظلومين والمستضعفين.

اما من يدعي على المتطوعين بان فلان منه كان يعمل كذا، فهذا تردد من القائل عن الجهاد لان تلبية نداء المرجعية من قبل المكلف تعني بانه ملتزم بالشرع المقدس، وذكرنا في مقالنا(ازمة وطن ووطنية في العراق) حديث شريف مفاده (سقوط اول قطرة دم من الشهيد كفارة لجميع الذنوب).

وعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): فوق كل ذي برّ برّ حتى يقتل في سبيل الله، فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر.

ونضيف قول الله عزوجل في محكم كتابة المبين يصف الله تعالى المجاهدين بقوله : {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمرون بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ}.

يقول الشيخ المفيد عن الجهاد والشهادة في سبيل الله: الشهادة منزلة يستحقها من صبر على نصرة دين الله تعالى صبرا قاده إلى سفك دمه في طاعته تعالى يكون يوم القيامة من شهداء الله وأمنائه وممن ارتفع قدره عند الله وعظم محله حتى صار صديقا عند الله مقبول القول لاحقا بشهادته الحجج من شهداء الله حاضرا مقام الشاهدين على أممهم من أنبياء الله صلوات الله عليهم

- الرغبة إلى الله تعالى في الشهادة إنما هي رغبة إليه في التوفيق للصبر المؤدي سفك دمه وخروج نفسه في طاعته تعالى وليست رغبة في فعل الكافرين من القتل بالمؤمنين.

ولذلك أمير المؤمنين يأمر بدفن قتلاه في حرب الجمل في ثيابهم ويقول إنهم يحشرون على الشهادة وإني لشاهد لهم بالوفاء الشهيد يحاج بدمه: ثم أمر عليه السلام مناديه فنادى: من أحب أن يواري قتيله فليواره وقال (عليه السلام) واروا قتلانا في ثيابهم التي قتلوا فيها فإنهم يحشرون على الشهادة وإني لشاهد لهم بالوفاء.

فالشهادة هدية من الله تبارك وتعالى لمن هم أهل لها. ونختم الموضوع بقوله تعالى : ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾.

2. عن السياسة

كتبنا مقال بعنوان (تقسيم العراق من رحم المكائد الاستعمارية) بتاريخ 6|1|2013 والمقال منشور على المواقع التالية (جريدة الديار اللندنية (لندن)، موقع كتابات في الميزان، موقع صوت الحرية (امريكا)، شبكة اخبار الناصرية، جريدة المستشار، موقع رسالتنا اون لاين وغيرها من المواقع الالكترونية.

وللاسف الشديد اشيع في الاعلام العراقي بان ماورد من موضوع في تقسيم العراق غير صحيح وبعد يومين قيل بان المخطط صحيح وطبعا هنا لانلوم من قال وماذا قيل ليس هذا موضوعنا وانما نرجوا التدقيق في هذا المقال تحديدا سترون ماذا قلنا عن (كردستان) وكيف هي جزء من تنفيذ المخطط.

وهذا نص المقال (مخطط التقسيم من رحم المكائد الإستعمارية \ مجاهد منعثر منشد)

يبدو أن المخطط يسير باتجاه إيجابي، وضعف بغداد يعني التحضير لثلاثة أقاليم في العراق وبعض هذه الاقاليم (كردستان) منفصلة حاليا، ولكنها جزء من تنفيذ خطة التقسيم، بل هي البداية، لذلك ستكون بعض المناطق المتنازع عليها من ضمن أهداف هذا المخطط، فانها تحتوي على ثروات هائلة من النفط والغاز. واخيرا سيؤدي الى فرض اندلاع صراعٍ عنيف. واما المناطق المتنازع عليها هي :كركوك، والموصل، وصلاح الدين، وجلولاء وخانقين. وهذا الصراع سيجعل اقليم كردستان أداة لتضعيف بغداد، ومن ثم يعلن قيام دولة كردية في القريب العاجل. وكردستان وقعت في فخ طموحات تركيا من حيث لا تشعر، فبعد أتفاق اربيل وتركيا لتصدير النفط هناك خطوة تغيب عن أذهان الأكراد، وهي أنهم سيخضعون الى أوامر الأتراك بعد إعلانهم الدولة الكردية، فاستراتيجية المخطط لاتسمح بإقامة دولتين تركية وكردية، فأما هذه أو تلك لتكون أداة ثابتة بيد الاستعمار. ونهاية المطاف سيكون أحدهم ورقة محروقة في تغير الاستراتيجية أو على أقل تقدير ستكون بينهم حروب دامية في صراع مستمر يحدد بقاء الأقوى، وعلى الأكثر ستكون كردستان تلك الورقة المحروقة بسبب وجود حكام لم يتغيروا أو لم يجعلوا بديلا لهم في انتخابات ديمقراطية.

وإسرائيل تسعى جاهدة لإنشاء وقيام الدولة الكردية مع تجهيزها بالسلاح، ولكنها لاتريد أن تفرط بصداقتها لتركيا. وبسبب هذا التناقض الحاصل عند إسرائيل تعتزم قيادة تل أبيب إعطاء الضوء الأخضر لتركيا في السيطرة على الأكراد بعد قيام الدولة الكردية. أما الآن، فمخططها دعم الأكراد، بإعتبارهم ضمان قوي ومهم للأمن القومي الاسرائيلي. والآن هما شريكتان من أجل المخطط ضد العراق، وفيما بعد ستحترق الأوراق لتغيير الاستراتيجية، فلايمكن أن تتنازل اسرائيل عن صداقتها لتركيا، وأيضا لو كانت تريد أن تسقط تركيا لأسقطتها من خلال وجود أكراد تركيا، فانهم يعانون من التمييز والقمع العسكري العنيف وطمس والغاء الهوية الكردية في تركيا. وكان هذا الباب دخولا لعقول الأكراد وأحلامهم في الدولة، فكان إقناع تل أبيب إلى أكراد العراق بأنهم سيكونون الدولة الكبرى من خلال التحاق الأكراد في تركيا وسوريا وايران وهذا الاقناع عن طريق إرسال شعور إطمئنان لهم، بأنهم الحليف الأوفر حظا من تركيا. وما يعطيهم الاطمئنان الأكبر بأنهم ليسوا مشروع تقسيم، وانما توسيع لدولة.

أما بخصوص العراق، فسيكون ثلاثة أقاليم، وفي المخطط الإسرائيلي عدم السماح للعراق أن يعود إلى ممارسة دور عربي وإقليمي، وأغلب مفاوضات إسرائيل مع أمريكا بهذا الصدد ومن خلال مايجري في الساحة العراقية هناك إشارات لهذا المخطط الذي من نصوصه الإقتتال الداخلي بين الشيعة والسنة وبين العرب والأكراد. وفي نظر إسرائيل يختلف العراق عن مصر، فمصر بالنسبة لهم، قد أنتهى فيها تنفيذ المخطط عن طريق الوسائل الدبلوماسية، ولكن العراق لايزال فلايستخدمون خيار القوة العسكرية معه، ولكنهم سيستخدمون كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة من أجل تحييد العراق بشكل شامل وكامل، كونهم يريدون العراق مجزأ ومقسما ومعزولا داخليا. وبالنسبة لفائدة إسرائيل من نفط العراق (كركوك، وكردستان) فقد اتفقوا مع الأكراد بإيصال النفط عبر خط IBC الأردن، والبديل سيكون تركيا في حال وجود إخفاق في خط الاردن، وذلك بمد خط من كركوك وكردستان عن طريق تركيا الى اسرائيل. وأن المخطط ليس لإسرائيل وحدها، بل الولايات المتحدة الامريكية شريك في هذا المخطط الذي يشمل دول عديدة، ويهدف الى تقسيم وتمزيق المنطقة حسب الأعراق والمذاهب وحسب الهوى والمصالح الغربية أيضا. والآلية المتبعة في هذا التقسيم على غرار ماكان في الحرب العالمية الأولى التي اعتمدها الإنكليز والفرنسيين.

وكما ذكرنا هذا التقسيم سيشمل المنطقة برمتها، فالأردن من الدول المحافظة على أرضيها في هذا التقسيم، وستستولي على جزء من أراضي السعودية، وأيضا ستتفكك السعودية، وكذلك ستأخذ من أراضي فلسطين المحتلة. وتكون الدولة السعودية مقتصرة على الرياض ومايحيطها في ولاية بسيطة جدا، وتقسم لدولتين. وباكستان ستفقد بعض أراضيها لصالح بلوشستان الحرة. ويجري ذلك على الإمارات ماعدا دبي، وتبقى الكويت وعمان في أراضيها. وسوريا ستفقد سواحلها على البحر الأبيض لصالح لبنان. وبالنسبة إلى إيران ستفقد أجزاء من أراضيها لصالح الدولة الكردية، واجزاء لدولة عربية، واخرى لصالح أذربيجان، وتحصل على اجزاء من أفغانستان. وهذه الحقيقة ليس من نسيج الخيال وانما جاءت على أساس وقائع ديموغرافية (الدين، القومية، المذهبية). وهذا المخطط موجود على موقع عسكري أمريكي. فكم ستسفك دماء من أجل هذا المخطط الإستعماري، فيكشف لنا هذا المخطط حالة الغفلة التي تعيشها الأمة الإسلامية، والتي هي جزء من الآلية والأداة المستخدمة.

وللأسف يبدأ خيط التقسيم من العراق، وعن طريق الأكراد تحديدا، فبعد أن كانوا دويلة سيصبحون دولة كبرى مهددة مستقبلا بالإنقراض. وبالرغم من التجاذب والإتفاق مع المستعمر من قبلهم، ومع الوعود المقدمة لكردستان بأنها أكبر دولة موالية للغرب، ولكن ذلك لايدوم طويلا. وبغض النظر عن قوة بعض الدول كالجمهورية الإسلامية الإيرانية، والسعودية بقوتها المالية وهيمنتها، وباكستان بقوتها النووية الا اننا نجد هذا المخطط الاستراتيجي متكامل الأبعاد والأطر والإتجاهات والأساليب والأهداف اعتمادا على قوة الأمريكان، والضعف الحاصل في الدول المذكورة.، وياترى هل هناك خطة استراتيجية مقابلة من قبل تلك الدول المستهدفة؟ (انتهى المقال)

وهنا في الاحداث الراهنة على العراق لابد من حفظ كيان البلد ومحاسبة جميع المتآمرين في تلك الاحداث باشد العقوبات ووضع الخطط الوقائية الاستراتيجية لمعالجة هذا تنفيذ هذه المخططات.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/حزيران/2014 - 18/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م