الشعب العراقي والخطر الحقيقي

خضير العواد

 

لقد عاش الشعب العراقي المحن والظلم من مئات السنين وقدم التضحيات الجسام التي لم يقدم مثلها شعب من الشعوب من ناحية الكمية والنوعية والسبب الحقيقي لهذه المعاناة هي ولائهم لأهل البيت عليهم السلام، وبقى هذا الشعب يقاوم كل الطرق والأساليب الإجرامية التي أرادت أن تزيحه عن الخط المستقيم الذي عينه وخططه رسول الله (ص) وهو طريق آل البيت عليهم السلام.

 وبعد كل هذه التضحيات والمعاناة لاحَ في الأفق ضوء الفرج المؤقت وليس الحقيقي (الحقيقي ظهور الإمام عج) عندما حدث التغير الكبير عام 2003 وبدأ تطبيق النظام الديمقراطي في العراق الذي يعتمد على نتائج صناديق الإنتخابات في قيادة الحكم وهكذا وصلت الأغلبية الى سدة الحكم نتيجة تطبيق هذا النظام، ولكن التنظيمات الشيعية التي وصلت الى مواقع التصدي والمسؤولية لم تكن في المستوى المطلوب في تحديد طبيعة التعامل مع الظروف المحيطة، بل وقعت في أخطاء جمة لا تغتفر عندما عاملت الساحة العراقية على إنها ساحة سياسية عادية كأي ساحة سياسية عالمية.

 فأخذت هذه التنظيمات تعمل المستحيل من أجل بناء قاعدة لها في الشارع الشيعي بعد سقوط النظام الدكتاتوري الصدامي الذي عاملَ الشباب المثقف بالنار والحديد ومنع كل تنظيم سياسي في العراق إلا البعث المجرم، بل أخذت هذه التنظيمات تضرب بعضها بعضا بمختلف الأساليب الأخلاقية وغير الأخلاقية من أجل الوصول الى القيادة والسيطرة، متناسية ومتغافلة ماضي العراق القريب ومن كان يقود العراق لمئات السنين وكيف عاملت الأقلية الأغلبية بالإضافة الى خطر الوحوش الضارية المتربصة بالعراق وأهله كالسعودية وقطر وتركيا، وجعلت نفسها تعيش في حلم وردي أسمه العراق الجديد ونظامه الديمقراطي وهذا غير صحيح.

 لأن الفترة التي يعيشها العراق هي فترة تثبيت حكم وبعد هذه الفترة يمكن لنا أن ندخل بمرحلة النظام الديمقراطي الحقيقي، لأن شركائنا (الكرد والسنة) بالوطن لم يتقبلوا فكرة وصول الأغلبية الى قيادة العراق، لأن الأول يريد الانفصال وتكوين دولته الموعودة شئنا أم أبينا وهذه حقيقة يجب أن يتقبلها الجميع ولا يعنيه ماذا يحدث في العراق وأهله إلا إذا تضررت مصالحه القومية (الكردية) وأما الثاني فيريد اعادة الأقلية الى الحكم ولم يتقبل أي مواطن منهم بحقيقة صناديق الإنتخابات وما ينتج منها من نتائج تؤدي الى القيادة والحكم، وأغلب السياسيين الذين أفرزتهم الساحة السنية مواقفهم معادية للعملية السياسية حتى وأن كان مشاركاً في هذه العملية ويمتلك منصباً رفيعاً فيها، فهذه القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية تبين لكل متتبع حقيقة مواقفهم وأراءهم من وصول الأغلبية الى قيادة العراق.

 لهذا كان على السياسي الشيعي أن يضع المصلحة العليا لشعبه نصب عينه وحركاته وعمله لا مصالحه الشخصية والحزبية، هذه المصالح التي ادت الى نزيف مؤسسات الدولة العراقية بالفساد الإداري الذي استشرى في كل المؤسسات والدوائر الحكومية ومنها العسكرية، وما سقوط مدينة الموصل بهذه الطريقة المرعبة إلا ثمرة من ثمار الفساد الذي استشرى ما بين كبار الضباط بالإضافة الى خيانة الحكومة المحلية للموصل.

 كان الأجدر بالتنظيمات الشيعية أن تدعم بعضها بعضا وتوحد كلمتها وهدفها من أجل بناء الدولة العراقية الجديدة وتثبيت الديمقراطية بشكل جيد يطمئن له، ومن ثم إذا أرادت هذه التنظيمات أن تدخل في التنافس فليكن هذه هي أجواء الديمقراطية، أما الأن فالتوحد ودعم بعضنا بعض هو الأساس من أجل عراق قوي باستطاعته مقاتلة جميع الإرهاب في العالم، أما الخلاف والتناحر والدسائس ستضعف العراق وتجعله لقمة سهلة للإرهاب وهذا ما يحدث في كل يوم من خلال التفجيرات أو سقوط المدن كالفلوجة والموصل، لهذا فأن العدو الحقيقي للعراق وشعبه هو التناحر والاختلاف للتنظيمات الشيعية بعضها مع البعض الأخر لأنها ستضعف كل شيء في العراق ومن ثم السقوط في مخالب الإرهاب والقتلة والمجرمين.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 14/حزيران/2014 - 15/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م