إرهاب الذئاب... هجرة عكسية قد تدمر الغرب

 

شبكة النبأ: دول أوربا، إضافة الى الولايات المتحدة الامريكية ودول غربية أخرى، والتي استشعرت الخطر الكامن وراء "الذئاب" المنفردة والمجتمعة، التي اجتاحت سوريا، بعد ان تلقت التدريب والدعم والتسليح، وشاركت هناك بعمليات قتالية، واكتسبت من خلالها خبرة مثالية لتنفيذ عمليات انتحارية او اعمال عنف داخل بلادهم، وأصبح هاجس البحث عن خطوات عملية يمكن تطبيقها على ارض الواقع "لمنع المتطرفين من مواطني هذه البلدان، تطبيق تهديداتهم الجهادية".

ومع وجود بوادر التهديدات الأولى التي صيغت على شكل حادثة إطلاق النار في المتحف اليهودي في بروكسل، إضافة الى التقارير الأمنية التي صدرت من جهات مطلعة، وأشارت الى وجود المئات من المواطنين الغربيين، وهم يقاتلون في صفوف التنظيمات المتطرفة التابعة لتنظيم القاعدة كجبهة النصرة وغيرها، وان العديد من هؤلاء المقاتلين ربما تمكنوا من العودة الى بلدانهم، اما باختيارهم او بتكليف من قياداتهم العليا، وهو امر يفتح الباب امام احتمال قيامهم بالتخطيط لتنفيذ عمليات جهادية خصوصاً في فرنسا وبريطانيا، الي شكلت اعلى نسبة من المقاتلين الأجانب في سوريا.

وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أن عدد الفرنسيين أو المواطنين المقيمين في فرنسا المتورطين بالنزاع في سوريا بلغ 800 مؤكدا أن فرنسا "لم تواجه يوما مثل هذا التحدي"، وقال فالس إن هناك "بالتأكيد" في فرنسا إرهابيين محتملين يمكن مقارنتهم بمحمد مراح منفذ أعمال قتل في 2012 في جنوب غرب فرنسا، أو مهدي نموش الذي أمضى فترة في سوريا والذي يشتبه بضلوعه في إطلاق النار في المتحف اليهودي في بروكسل.

في سياق متصل أصبحت المبادرة التي اتخذتها دول تعتبر نفسها الأشد تأثرا من عنف الجهاديين أكثر إلحاحا بعد مقتل ثلاثة اشخاص في إطلاق نار في متحف يهودي في بروكسل مؤخرا، وقالت السلطات إن من المعتقد أن الرجل الفرنسي البالغ من العمر 29 عاما والذي اعتقل للاشتباه في إطلاقه النار كان عائدا منذ فترة قصيرة من القتال إلى جانب متشددين إسلاميين في الحرب الأهلية في سوريا.

وطبقا لبيان أصدرته وزارتا الداخلية في فرنسا وبلجيكا فإن الاقتراحات التي طرحتها الدولتان حظيت بتأييد واسع من جانب كل من ألمانيا والسويد والدنمرك وبريطانيا وهولندا وايرلندا واسبانيا في اجتماع عقد في لوكسمبورج، وأضاف البيان أن مسؤولين من المجموعة سيعقدون اجتماعات مع "كبرى شركات تقديم خدمة الانترنت" لبحث إمكانية الإغلاق الفوري للمواقع الالكترونية وحظر الرسائل التي تبث الكراهية وتشجع على التطرف أو الارهاب.

وتابع البيان أن اقتراحا بريطانيا بتشكيل قوة عمل أوروبية لاستخدام الحملات الإعلامية لمواجهة رسالة المتشددين حظي بتأييد واسع من جانب الوزراء الآخرين، وتتضمن الاقتراحات الأخرى استخدام بيانات ركاب الرحلات الجوية لاقتفاء أثر الأشخاص العائدين من سوريا وتبادل المعلومات والمتابعة عندما ترصد السلطات شخصا كان في سوريا ووضع المعلومات الخاصة بمثل هؤلاء على قاعدة بيانات للاتحاد الأوروبي تستخدمها الشرطة وحرس الحدود وارسال المعلومات إلى وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول). بحسب فرانس برس.

وسيعكف الخبراء على صياغة تفاصيل الإجراءات الجديدة قبل أن يتخذ الوزراء قرارا بشأنها في اجتماع يعقد في ميلانو في يوليو تموز، وتشعر الحكومات الأوروبية بقلق بالغ تجاه ذهاب بعض مواطنيها (وخاصة المهاجرين ذوي الخلفية الإسلامية) للقتال في سوريا ثم العودة إلى أوروبا حاملين الأفكار المتطرفة إضافة إلى القدرة على التعامل مع السلاح، وكان رئيس المؤتمر اليهودي الأوروبي موشي كانتور قد حث الحكومات الأوروبية بعد حادث إطلاق النار في بروكسل على التحرك بسرعة أكبر لمنع جرائم الكراهية.

حملة ضد المتطرفين

فيما أعلن مصدر أمني فرنسي أن الشرطة الفرنسية قد ألقت القبض على شاب من أصل تونسي في غرونوبل جنوب شرق فرنسا متهم بتجنيد إسلاميين متشددين لإرسالهم للتدريب في تونس من أجل القتال في سوريا، وقال المصدر ذاته إن السلفي البالغ من العمر (28 عاما) موجود في مركز احتجاز إداري في ليون (جنوب وسط)، بعد أن تم إيقافه في القرية الأولمبية، وهو حي شعبي في غرونوبل، واتخذت وزارة الداخلية الفرنسية قرار طرد عاجل بشأنه.

والمشتبه به الذي أشير إليه بـ"أحمد"، مقيم منذ سنوات عديدة في فرنسا، وكان أمضى بضعة أشهر في السجن بتونس بسبب نشاطه ضمن التيار السلفي، ويذكر أن إسلاميا متطرفا من غرونوبل يبلغ من العمر 23 عاما، قتل منتصف شباط/فبراير في حمص وسط سوريا بالرصاص، وفق ما علم من أسرته، وفي نهاية شباط/فبراير تم اعتراض فتاة من غرونوبل عمرها 14 عاما، كان أهلها قد أعلنوا غيابها، في مطار ليون وكانت المراهقة على وشك المغادرة إلى تركيا للانضمام إلى المعارضة السورية الإسلامية.

وأكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في مؤتمر صحافي لقمة مجموعة السبع في بروكسل، أن "أكثر من ثلاثين مواطنا فرنسيا" غادروا للقتال في سوريا قتلوا هناك، وبشأن مواجهة ظاهرة المقاتلين الأجانب في سوريا، قال هولاند "علينا أن نتعاون بشكل أكبر"، وخصوصا على صعيد "الاستخبارات"، مشيرا إلى "خطوات تم اتخاذها وسيتم اتخاذها".

وتابع "قررنا التعاون من أجل منع ومعاقبة هذا النوع من التحرك الذي يمكن أن يؤثر على أمننا" لافتا إلى المجزرة التي وقعت في 24 مايو/أيار في المتحف اليهودي في بروكسل والتي اعتقل على إثرها فرنسي جهادي كان تلقى تدريبات في سوريا، وحسب أرقام نشرتها السلطات الفرنسية نهاية أبريل/نيسان، فإن حوالي 300 شاب فرنسي توجهوا إلى سوريا، وشاركوا في معارك، وإن مئة سافروا عبر مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية، وإن مئة آخرين عادوا من سوريا، وهم تحت مراقبة جهاز مكافحة الإرهاب. بحسب فرانس برس.

وفي بيان أشار قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى أنهم "قرروا تكثيف الجهود من أجل الرد على التهديد الذي يشكله المقاتلون الأجانب الذين يتوجهون إلى سوريا"، وقال الرئيس الفرنسي "هناك إدراك لما يجب القيام به منذ أكثر من عام ونصف" والتهديد الذي يمكن أن تمثله العودة إلى أوروبا "لأشخاص عندهم عقيدة وتدربوا في مناطق الحرب هذه"، وحسب مصدر دبلوماسي بريطاني، فإن المحادثات ستتيح "مراجعة الوسائل والخبرات" لدى الدول ودرس ما يمكن القيام به في مجال "التعاون مع الدول" المتاخمة لسوريا ومراقبة "تمويل الإرهاب".

وخصص اجتماع عمل لهذا الملف بين وزراء داخلية سبع دول في الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ وهي فرنسا وبلجيكا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وهولاندا والدنمارك، وحسب المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب جيل دي كيرشوف فإن "أكثر من ألفي أوروبي ذهبوا أو يريدون الذهاب للقتال في سوريا".

وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف إن الشرطة الفرنسية ألقت القبض على أربعة أشخاص للاشتباه في قيامهم بتجنيد متطوعين لشبكات إسلامية متشددة في سوريا، ويساور الحكومات الأوروبية قلق متزايد من ان مواطنين ينتمي معظمهم للمهاجرين المسلمين يتوجهون الى سوريا للمشاركة في الحرب الاهلية الدائرة هناك ثم يصدرون التشدد الاسلامي للبلاد لدى عودتهم.

وقال كازنوف لإذاعة اوروبا 1 الفرنسية في إشارة الى ما قامت به الشرطة في منطقة باريس وفي جنوب البلاد "ألقي القبض على أربعة أشخاص، نحن نعمل في كل مكان، لن يغمض لنا جفن في محاربة الارهابيين"، وقال مدعون في فرنسا وبلجيكا إن نموش اعتقل في مرسيليا ووجد ان بحوزته بندقية كلاشينكوف وبندقية أخرى وذخيرة تشبه تلك التي استخدمت في إطلاق النار في المتحف اليهودي الذي أسفر عن مقتل زوجين اسرائيليين وفرنسية.

وقالت ماري لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية المناهض للمهاجرين والذي حل في المركز الأول في انتخابات البرلمان الاوروبي بفرنسا إن حادثة نموش كشفت عن مدى "سذاجة وحماقة الحكومة"، ورغم عدم تأكيد الهوية العرقية لنموش علانية لمحت لوبان الى الهجرة الى فرنسا من دول إسلامية، وقالت لإذاعة فرنسا انفو "يجب ان نضع حدا لهذه الهجرة الجماعية" وطالبت بتحسين اجراءات المراقبة وتشديد القيود على الحدود وإنشاء وحدات خاصة بالسجون لمن يشتبه انهم من الجهاديين.

تجنيد مقاتلين

بدوره قال مكتب ادعاء محلي إن السلطات النمساوية اعتقلت رجلا يشتبه بنشره الفكر المتشدد بين المسلمين وتجنيدهم للقتال في سوريا، وذكر المتحدث باسم مكتب الادعاء في جراز ثاني أكبر المدن النمساوية أنه تم القاء القبض على الرجل قبل يومين في أعقاب مداهمات على مبان تابعة لجمعية التقوى الإسلامية في المدينة، وأضاف المتحدث "يتشبه في قيامه بنشر التشدد بين الناس وتجنيدهم للقتال في سوريا"، وقال إن أربعة منهم قتلوا بالفعل في سوريا.

ورفض المتحدث الادلاء بأي تفاصيل عن المشتبه به لكن مجلة بروفايل قالت إنه رجل دين من أصل شيشاني ويبلغ من العمر 41 عاما وان من قام بتجنيدهم انضموا لجبهة النصرة جناح القاعدة في سوريا، وجاء اعتقال الرجل بينما تتحرك دول الاتحاد الأوروبي -التي تخشى من أن مئات الأوروبيين ربما ينفذون هجمات في بلادهم بعد تلقيهم تدريب في سوريا -لتعزيز الجهود لمكافحة التشدد الإسلامي. بحسب رويترز.

الانتحاري الامريكي

الى ذلك ولد الشاب الذي يعتقد أنه أول انتحاري أمريكي ينفذ تفجيرا في سوريا في ولاية فلوريدا وكان تلميذا متوسط الأداء يحب لعب كرة السلة كبر في حي للطبقة المتوسطة على مسافة 90 دقيقة بالسيارة جنوبي أورلاندو، وامتنعت أسرة منير محمد أبو صالحة (22 عاما) عن الإدلاء بأي تعليقات أو حتى فتح بابها لمجموعة صغيرة من الصحفيين تجمعوا خارج المنزل الذي يقع في تجمع سكني مسور في سباستيان على الساحل الشرقي لولاية فلوريدا.

وقال أحد الجيران ويدعى مارك هيل (46 عاما) إنه لا يعرف شيئا يذكر عن الاسرة التي تسكن في الناحية المقابلة من الشارع والتي انتقلت للسكن في هذا التجمع عام 2006 تقريبا في نفس الوقت الذي انتقل فيه، وأضاف أن الأسرة بدت لطيفة جدا، ووصف هيل الشاب أبو صالحة بأنه كان عاديا وكان يرتدي قمصان تي شيرت ويتنقل في الحي وهو يحمل كرة سلة يبحث عن شخص ليشاطره اللعبة.

وقال إن الأب يرتدي جلبابا طويلا أبيض لكنه لم يكن يطلق لحيته بينما كانت الأم ترتدي حجابا لا يظهر منه سوى وجهها، وأضاف أن وجود الاسرة التي تمتلك سلسلة من متاجر البقالة الشرق اوسطية كان ملحوظا في التجمع السكني وكثيرا ما كانت تترك أبواب مرآبها مفتوحة، وقال أشخاص مطلعون على النشاط التجاري للأسرة إنها من أصول أردنية فلسطينية.

ويقول مسؤولون أمريكيون إن الحكومة الأمريكية كانت على علم قبل تنفيذ العملية الانتحارية بأن أبو صالحة سافر إلى سوريا للانضمام للمقاتلين وإنها تعتقد أن ما يصل إلى 70 أمريكيا ذهبوا إلى سوريا للقتال، ونفذ أبو صالحة الذي كان يستخدم الاسم الحركي أبو هريره الأمريكي واحدا من أربعة تفجيرات يوم 25 مايو أيار الماضي في محافظة إدلب لصالح جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تقاتل للإطاحة بحكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

وتوضح شهادة الميلاد أن منير محمد أبو صالحة ولد في 28 أكتوبر عام 1991 في مقاطعة بالم بيتش، وفي الصف الثامن بمدرسته كان تلميذا متوسطا فرسب في مادتين في امتحانات نصف الفصل الدراسي وحصل على درجات متوسطة في امتحانات نصف السنة الدراسية، وقال مدرسون إنه كان من السهل أن ينشغل بأمور أخرى لكنه كان يشارك مشاركة جيدة في بعض المواد وأبدى مجهودا طيبا. بحسب رويترز.

وأوضحت صورة مدرسية التقطت عام 2006 أنه كان ولدا وسيما مبتسما لا يختلف في مظهره عن بقية أقرانه الأمريكيين، وقالت هولي جورمان التي كانت تدير فريق انديان ريفر ووريارز لكرة السلة الذي لعب له إنه كان محبوبا من كل مدربيه وزملائه في الفريق الذين كانوا يطلقون عليه اسم "مو"، وأضافت أنه كان مطيعا لمدربيه ومجتهدا رغم أنه لم يلعب سوى في عدد بسيط من المباريات ولم يسجل في أي من المباريات أكثر من ثلاث أو أربع نقاط في موسم 2007، وتابعت أنه كان يرتدي قميصا يحمل رقم 55 وكان "قصيرا وممتلئا وكانت بنيته أميل للاعب كرة القدم، وكان الكل يحبه"، وأوضحت أن المدرب أبقاه في الفريق لأنه كان شغوفا باللعبة يلعب بكل حواسه.

وفي صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ظهر بلحية مبتسما وهو يحمل قطة، ويبدو أن الصور تتفق مع حساب على فيسبوك باسم أبو صالحة يتضح من خلاله أن صاحبه كان مسلما ملتزما يحب ألعاب الفيديو والرياضة والفطائر، وقال حسن شبلي مدير وحدة فلوريدا من مجلس العلاقات الامريكية الاسلامية إنه لم يكن يعرف أي شيء عن أبو صالحة، وأضاف "من المحزن أن نرى أن شابا أمريكيا يختار قتل نفسه بهذه الطريقة، لا مبرر على الاطلاق لهذا التفجير، فهو غير مقبول".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 11/حزيران/2014 - 12/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م