شبكة النبأ: بعد ثلاث سنوات من
الاضطرابات وثورتين حدثت في مصر تم مؤخرا تنصيب عبد الفتاح السيسي
رئيسا لبلاد الفراعنة، فعلى الرغم من مظاهر الحرية والديمقراطية خلال
السنوات القليلة الماضية، الا ان الانتهاكات الحقوقية وقمع حرية
الصحافة والتعبير في مصر بتزايد مستمر، وهذا ينطوي على قدر كبير من
الحذر والحساسية لمستقبل الحريات والحقوق هناك، فكان من المفترض أن
تكون مصر بعد ثورتين من اكثر الدول العربية استقرارا وحماية لحقوق
الإنسان، لكن حدث العكس فأصبح أكثرها اضطرابا وانتهاكا للحريات
والحقوق.
ولعل الأحدث الأبرز الذي تزامن مع تولي السيسي لمنصب الرئاسة هو
إيقاف برنامج "البرنامج" للإعلامي الساخر باسم يوسف الذي اشتهر بسخريته
الحادة من كل الزعماء منذ ثورة 25 يناير 2011 التي اطاحت الرئيس الاسبق
حسني مبارك، لكن تم ايقافه أبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي ثم عاد
برنامجه من توقف طويل ليدأب يوسف، جراح القلب السابق، على السخرية من
اجواء الهوس والتأييد الجارف للسيسي في الشارع والاعلام المصري، وبعد
حلقة واحدة، قررت قناة "سي بي سي" المصرية وقف بث "البرنامج" لاهانته "الرموز
والثوابت الوطنية" في اشارة لسخريته من شعبية السيسي، لكن يوسف عاد
وظهر على قناة "ام.بي.سي مصر" ليسخر من اختراع للجيش زعم انه يعالج
امراض الايدز والكبد، وهو ما اثار صراعا حادا بينه وبين السلطة الحاكمة
في مصر حاليا ليأتي مؤخرا تأكيد اسدال الستار على واحد من أكثر البرامج
التي أثارت جدلاُ في بلاد الفراعنة.
إذ يخشى الكثير من المراقبين أن تكون بداية حكم الدولة العميقة التي
تسير صوب النهج الاستبدادي بالتضييق على الحريات في عهد الرئيس الجديد
خاصة انه تحدث عن محاربة الارهاب وتوفير الاستقرار، ويرى هؤلاء
المراقبين أن وقف البرنامج سوف يثير المزيد من الأسئلة عن حرية التعبير
في مصر.
ولفت باسم يوسف إلى أن "البرنامج" تعرض للكثير من التضييق منذ بدء
إذاعته، قبل حوالي ثلاث سنوات، حيث تم منع العرض بعض الحلقات، والتشويش
على حلقات أخرى أكثر من مرة، لافتاً إلى أنه تمت إحالته إلى النائب
العام المصري عدة مرات، كما أن برنامجه تعرض لعدد كبير من الملاحقات
القضائية أكثر من أي برنامج آخر. كما استبعد عودة عرض البرنامج على
موقع يوتيوب، علما أن يوسف بدأ عرض برنامجه تحت اسم "باسم يوسف شو" على
يوتيوب في أعقاب أحداث ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، قبل ان يتحول
الى "جون ستيوارت المصري" لانه يستوحي برنامج المذيع الاميركي باستمرار
في برنامجه التلفزيوني الاسبوعي "البرنامج"، ثم تعاقد مع فضائية ONTV،
وهي قناة مصرية خاصة، ليتغير اسمه إلى "البرنامج"، ثم انتقل إلى قناة
CBC، قبل أن ينتقل مرة أخرى إلى MBC مصر.
بينما يترك بعض المراقبين تساؤلا هاما هو هل يمكن أن تضع مقارنة حول
أسلوب التعامل مع باسم يوسف بين فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي،
وبين الرئيس السيسي الذي تتزامن بداية حكمه مع صدور مثل هذا القرار؟.
هل انتهى برنامج البرنامج؟
في سياق متصل أعلن الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف وقف برنامجه
التلفزيوني (البرنامج) وهي خطوة يرجح أن تثير تكهنات بأنه أرغم على
التوقف بسبب سخريته في الحلقة التي كانت معدة للبث من انتخابات الرئاسة
التي حقق فيها قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي فوزا كاسحا على
منافسه السياسي اليساري حمدين صباحي.
وقال يوسف الذي حظي برنامجه بنسبة مشاهدة عالية في مؤتمر صحفي إن
محطة إم بي سي مصر المملوكة لسعوديين تعرضت لضغط يفوق احتمالها مما
جعلها توقف البرنامج، وأضاف أنه يشكر القناة على استضافته مشددا على
أنها حاولت قدر استطاعتها الإبقاء على البرنامج على شاشتها، وتابع أن
من يتصورون أنه لم تكن هناك ضغوط واهمون.
وقال المتحدث الرسمي باسم مجموعة إم بي سي مازن حايك إن القناة لا
يد لها في وقف البرنامج، وأضاف "مثلما قال باسم فعلت إم بي سي ما في
استطاعتها لإبقاء البرنامج على شاشتها"، وسئل حايك عما تردد عن ضغوط من
السلطات السعودية لوقف البرنامج فقال "لست في وضع يسمح لي بتأكيد أو
نفي مثل هذه الشائعات". بحسب رويترز.
وقدمت السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت مليارات
الدولارات لمصر بعد أن أعلن السيسي عزل الرئيس السابق المنتمي لجماعة
الإخوان المسلمين محمد مرسي في يوليو تموز بعد مظاهرات حاشدة على حكمه،
وترى تلك الدول في جماعة الإخوان المسلمين خطرا على نظم الحكم فيها.
ولدى سؤاله عن حرية التعبير في مصر أجاب يوسف بطريقته الساخرة "نحن
نعيش أزهى عصور الديمقراطية واللي يقول غير كدا يتقطع لسانه"، وكانت
محطة تلفزيون سي بي سي المصرية الخاصة أوقفت أيضا عرض البرنامج في
نوفمبر تشرين الثاني الماضي وسط تكهنات بضغوط سياسية تعرضت لها، وسخر
يوسف في حلقات عديدة من البرنامج من مرسي وقت أن كان في الحكم كما سخر
من جماعة الإخوان.
وقال عاملون مع يوسف لرويترز إن الحلقة التي لم تذع سخرت من الإقبال
الذي كان أقل بكثير من المتوقع على انتخابات الرئاسة التي هللت لها
وسائل الإعلام المحلية ورقصت خلالها نساء أمام مراكز الاقتراع.
وقال يوسف "بصراحة دا مش مناخ يطلع فيه برنامج كوميدي خالص (مطلقا)
ولا أي برنامج (ناقد)"، وأضاف "بالنسبة لي أنا تعبت من المغامرة. تعبت
من المعافرة. تعبت من القلق. تعبت من الخوف على السلامة الشخصية ليا
ولعيلتي والناس اللي حواليا".
وكثيرا ما تجمع متظاهرون مناوئون للبرنامج أمام دار السينما التي
سجل فيها الحلقات في وسط القاهرة والتي عقد فيها المؤتمر الصحفي، وقال
يوسف "المكان دا حيوحشنا جدا." وطلب من الحاضرين في المؤتمر تحية فريق
العاملين معه ودعا أفراده للصعود إلى المسرح، وقال يوسف إنه سيفتقد
البرنامج الذي بدأه من الصفر. وأضاف أنه يأمل أن يأتي اليوم الذي يعود
فيه البرنامج ويذيعه بالطريقة التي يريدها هو وفريق العمل، وقال "إحنا
اتعرض علينا ان احنا ناخد البرنامج دا برا مصر وعروض مغرية جدا ولكن
البرنامج دا مكانه مصر".
عاصفة انتقادات بسبب سرقة مقال
على صعيد ذو صلة تعرض المذيع المصري الساخر باسم يوسف، المشهور
بتهكمه في برنامجه الاسبوعي على السياسيين وعلى عدم التزام الاعلام
المصري بالقواعد المهنية، لعاصفة من الانتقادات بعد اتهامه ب"سرقة
مقال" ما اضطره للاعتذار.
واتهم باسم يوسف بسرقة مقال نشر على موقع اميركي على شبكة الانترنت
اسمه "بوليتيكا" ونشره في مقاله الاسبوعي في صحيفة مصرية، وتناول باسم
يوسف في مقاله الذي نشر في صحيفة الشروق موقف الرئيس الروسي فلايمير
بوتين من الازمة الاوكرانية.
ولاحظ قراء ومدونون على تويتر تماثلا بين مقال باسم يوسف وتحليل
منشور على موقع بوليتكا بقلم الكاتب بن جوداه يعنوان "لماذا لم تعد
روسيا تخاف من الغرب؟"، ويتهكم باسم يوسف، المسمى "جون ستيوارت المصري"
لانه يستوحي برنامج المذيع الاميركي، باستمرار في برنامجه التلفزيوني
الاسبوعي "البرنامج" من عدم التزام الاعلاميين المصريين بالقواعد
الاخلاقية لمهنتهم.
وكتب مدون على تويتر موجها حديثه الى جوداه "باسم يشرح لنا كل اسبوع
ان الاعلام ينبغي ان يكون نظيفا وذا مصداقية، لول". بحسب فرانس برس.
وبعد عاصفة الانتقادات على تويتر وفيسبوك اقر يوسف بانه استخدم مقال
جوداه واعتذر، لكنه عاد وبرر ذلك في توضيح نشرته صحيفة الشروق على
موقعها الالكتروني قائلا انه نسي الاشارة الى المصادر التي استخدمها في
نهاية المقال بسبب "ضغط العمل"، وقال بن جوداه وهو يهودي على تويتر
اكثر من مرة انه قبل اعتذار باسم يوسف واعلن انه سينسحب من تويتر بضعة
ايام الى ان "تهدأ الكراهية ضد اليهود" بعد ان تعرض لحملة انتقادات
معادية للسامية على شبكات التواصل الاجتماعي بعد هذه الضجة. |