دولة فلسطين... بين الخلافات المؤجلة والمصالح المشتركة

 

شبكة النبأ: الاعتماد على حس المبادرة السياسية، بدلاً من تكرار الإخفاقات التي احسنت إسرائيل استغلالها في القضية الفلسطينية، ربما هو ما دفع قادة حماس وفتح للإسراع بالتوافق الذي أنتج حكومة انهت القطيعة الفلسطينية-الفلسطينية، ولاقت استحسان الغرب، مع اول المبادرين في الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الأوربي، إضافة الى الأمم المتحدة. لكن السؤال الأهم هل يبقى الترحيب الدولي بالحكومة الفلسطينية مجرد كلام؟.

بالنسبة لإسرائيل التي على ما يبدو، تلقت صفعة سياسية أخرى على يد حلفائها المنزعجون من تصرفاتها المتصلبة، ونقدها المباشر لكل الحلول السلمية والدبلوماسية، فقد باتت أكثر عزلة من السابق، بعد ان فشلت في إدارة عدة ملفات حساسة في الشرق الأوسط، كان أولها الملف النووي، ولن يكون اخرها القضية الفلسطينية.

وقد وجهت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، نقداً لاذعا لموقف إسرائيل الرافض لحكومة الوحدة الفلسطينية، بعد ان قالت "إن البيت الأبيض محق في العمل مع تلك الحكومة، فقد اختارت واشنطن النهج الأكثر براغماتية، في الوقت الذي أدانت فيه إسرائيل الحكومة وقبول الغرب لها".

وأشارت الصحيفة إلى "إن إسرائيل وحلفاءها في الكونجرس يريدون أن تجبر واشنطن عباس على الاختيار بين التحالف مع حماس أو المساعدات الأمريكية، إلا أن قطع المساعدات قد يخاطر بانهيار القوات الأمنية الفلسطينية التي لعبت دوراً مهماً في الحفاظ على السلام في الضفة الغربية، لكن من خلال الإصرار سرا على أن تلبى الحكومة الفلسطينية الشروط الغربية، فإن إدارة أوباما تفعل ما هو أفضل بتركيز دبلوماسيتها على الترويج لإجراء انتخابات يمكن أن تسفر عن سلطة فلسطينية موحدة قادرة على حفظ السلام بشكل جاد مع إسرائيل، وستضطر حماس حينئذ، على حد قول الصحيفة، إلى تغيير عقيدتها وإلا سيتم إبعادها عن الانتخابات على أساس أنها فشلت في نزع سلاحها".

وهذا لا يعني ان المصالحة بين حماس وفتح قد وصلت حد الكمال، اذ ان الكثير من الملفات والعثرات ما زالت عالقة بين الطرفين، سيما وان قضية السلاح والاعتراف بإسرائيل والمعتقلين...الخ، كلها قضايا ساخنة تحتاج الى المزيد من الحوارات.

كما أشار بعض المحللين الى ان القضايا التي من المكن ان تفرق الطرفين أكثر من القضايا التي تجمعهما، وفوق كل هذا فان الدعم المالي والدولي الذي تحتاجه حكومة التوفق لتمشيه امورها، يتطلب الكثير من التنازلات من الطرفين حتى لا تسقط في أقرب عقبة تواجهها.

الانقسامات والمصالحة

في سياق متصل يقول محللون إن أداء حكومة التوافق الفلسطينية اليمين مؤخرا لن ينهي الانقسامات التي حاقت بالضفة الغربية وقطاع غزة على مدى سنوات، فقد وفر ذلك الإجراء مسحة من التوافق لكن من دون تغيير يذكر على الأرض، وعلى الرغم من أن حركة المقاومة الإسلامية حماس لم تعد في الحكومة إلا أنها ستحتفظ بالسيطرة على معقلها قطاع غزة، وسيبقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يدعمه الغرب من دون منافسة في مقره في رام الله، وستدير الحكومة التي تعج بالتكنوقراط والأكاديميين غير المعروفين المشاكل اليومية التي تواجه الفلسطينيين كبلدية كبيرة ولكن القرارات المتعلقة بالشأن الدبلوماسي والأمني ستتخذ في مكان آخر.

وقال هاني المصري وهو محلل سياسي في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل إن الحكومة "ستكون حكومة محدودة الصلاحيات اصلا لان الصلاحيات السياسية من صلاحيات الرئيس، والصلاحيات الامنية مؤجلة إلى حين إجراء الانتخابات، وبالتالي هذه حكومة بقاء تلبي حاجات فصائلية لفتح وحماس أكثر مما تحققه للمصلحة الفلسطينية"، وبعد مرور ثمانية أعوام على الصدمة التي أحدثتها حماس للغرب بفوزها في انتخابات المجلس التشريعي وبعد سبعة أعوام من سحقها القوات الموالية لعباس في غزة تهدف الحكومة الجديدة إلى إنهاء حلقة العنف والكراهية والانقسام.

وتعهدت إسرائيل بالتصدي لأي حكومة تدعمها حماس التي ترفض الاعتراف بإسرائيل، ولكن بقية العالم تتابع بحذر انتظارا لمعرفة مدى التأثير الذي ستمارسه الحركة على عملية صنع القرار، ويهدف اتفاق المصالحة الذي أبرم بسبب الحاجة لا القناعة إلى انتزاع عباس وحماس من أزمتيهما المنفصلتين من دون تقويض أسس السلطة الخاصة بكل منهما، وبعد أن صعد نجم حماس قبل عامين تدهور وضعها بعد الإطاحة بحلفائها الإخوان المسلمين في مصر الصيف الماضي، فقد أغلقت القيادة الجديدة في القاهرة أنفاق التهريب بين مصر وغزة التي تعد شريان الحياة المالية لحماس مما زاد الضغط على الحركة في الداخل والخارج.

ومع تراجع شعبية حماس في القطاع فإن الحركة تأمل أن يؤدي ميلاد حكومة جديدة إلى إقناع مصر بفتح المعبر المغلق وكسر الحصار عن القطاع، وبالنسبة لعباس فإن إعلان المصالحة قد يزيد من شعبيته المتراجعة هو الآخر بعد انهيار جولة جديدة من محادثات السلام مع إسرائيل، وانتخب عباس في عام 2005 وانتهت فترة ولايته قبل خمسة أعوام ويقول مسؤولون إنه لا يريد أن يقال عنه إنه الرجل الذي ترك فلسطين في حالة انقسام.

وبموجب اتفاق المصالحة سيعود الفلسطينيون إلى صندوق الانتخابات خلال ستة شهور على الأقل، وإذا ما فعلوا ذلك فستكون المصالحة الحقيقية على بطاقات الاقتراع لكن لا يعتقد كثيرون أن أيا من الفريقين يتعجل التوجه إلى صندوق الاقتراع في ظل حالة عدم اليقين الراهنة، وقال جورج جقمان عميد الدراسات العليا في جامعة بير زيت في الضفة الغربية "حتى الانتخابات لن تتم، مثلا هل يوجد ضمان بعد اعتقال إسرائيل مرشحي حماس في الضفة الغربية؟، هي خطوة رمزية في الواقع، (تشكيل الحكومة) خطوة جيدة في الواقع ولكن لا يجب المغالاة في التوقعات".

ومن أهم العناصر التي تركت دون تغيير في اتفاق المصالحة هو مسألة الأمن، وإغفال ذلك معناه أن تظل حماس مسيطرة على قطاع غزة ولديها شرطتها ومقاتلوها المسلحون البالغ عددهم 45 ألف شخص، وقال إسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس المقالة في قطاع غزة إن حماس ستترك الحكم ولكن لن تترك السلطة. بحسب رويترز.

وأطلقت حماس مئات الصواريخ على إسرائيل على مدى سنوات، ورغم انها أوضحت أنها ما زالت تسيطر على ترسانتها فقد قالت إسرائيل إنها ستحمل عباس مسؤولية أي هجمات تنطلق من غزة، وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بفرض قيود مالية على الفلسطينيين المعتمدين على النظام المصرفي الإسرائيلي.

وحذر عباس من أنه سيوقف التعاون الأمني مع إسرائيل إذا فرضت عليه عقوبات مالية، وفي الوقت ذاته سعى عباس لتهدئة مخاوف إسرائيل بالقول إن الحكومة الجديدة ستعترف بإسرائيل وهي ملتزمة بالتوصل إلى تسوية للصراع بعد مفاوضات، ولم تفلح تصريحاته حتى الآن في طمأنة إسرائيل التي تخشى أن يكون مقاتلو حماس قادرين الآن على العمل بسهولة أكبر من داخل الضفة الغربية، وهو احتمال توقف بفضل العلاقات الأمنية الوثيقة بين عباس وإسرائيل، وتنتاب نتنياهو مخاوف أيضا من أن حماس التي ستتحرر من قيود قطاع غزة ستضغط من أجل الانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تضم فصائل فلسطينية وتقوم بالتفاوض مع إسرائيل.

وقال إيهود ياري من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى "إن السماح لحماس بالمناورة بهدف محاولة زيادة سلطتها في الضفة الغربية وداخل منظمة التحرير الفلسطينية مع الإبقاء على سيطرتها المطلقة على غزة لن يكون فكرة طيبة بالنسبة للإسرائيليين، فقد قبل عباس بمبدأ دولة فلسطينية منزوعة السلاح وغزة لن تكون منزوعة السلاح، لن يتغير شيء".

الغرب وحكومة التوافق

من جهتها قالت حكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنها تعتزم العمل مع حكومة التوافق الفلسطينية الجديدة وتمويلها وسارعت اسرائيل بالتعبير عن خيبة الأمل من القرار الذي انتقده أيضا بعض المشرعين الأمريكيين، وتعتبر الولايات المتحدة حماس منظمة ارهابية وفرض الكونجرس الأمريكي قيودا على التمويل الأمريكي للسلطة الفلسطينية -الذي يبلغ في العادة 500 مليون دولار سنويا- اذا شكلت حكومة توافق، وقال مشرعون امريكيون كبار إن واشنطن يجب ان تعلق المساعدة لحكومة التوافق الجديدة إلى أن تتأكد من التزام الحركة الإسلامية بالسعي للسلام مع اسرائيل.

وفي أول تعليق لها منذ أداء الحكومة الفلسطينية اليمين أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أنها ترى أن الحكومة الجديدة مشكلة من خبراء متخصصين وأنها راغبة في العمل معها، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين ساكي للصحفيين "عند هذه النقطة يبدو أن الرئيس عباس شكل حكومة مؤقتة من خبراء لا تضم وزراء مرتبطين بحماس".

واضافت "بناء على ما نعرفه الآن نعتزم العمل مع هذه الحكومة لكننا سنتابع عن كثب لنتأكد من أنها تدعم المبادئ التي أكدها الرئيس عباس " مشيرة الى التزام عباس باحترام اتفاقات السلام السابقة والمبادئ التي تقوم عليها عملية السلام مع إسرائيل، وفي القدس قال مسؤول اسرائيلي في بيان للصحفيين طالبا عدم نشر اسمه "نشعر بخيبة أمل عميقة من وزارة الخارجية (الأمريكية) فيما يتعلق بالعمل مع حكومة التوافق الفلسطينية".

وقال البيان إن واشنطن يمكنها أن تعزز جهود السلام من خلال حث الرئيس الفلسطيني محمود عباس "على انهاء اتفاقه مع حماس والعودة الى محادثات السلام مع اسرائيل"، وسئلت ساكي هل يعني تعقيبها أن المعونات الأمريكية ستواصل التدفق على السلطة الفلسطينية فردت بقولها "نعم يعني ذلك، لكننا سنستمر في تقييم تشكيلة الحكومة الجديدة وسياساتها لتحديد موقفنا وفقا لذلك"، وبمقتضى القانون الأمريكي لا يجوز أن تعود مساعدات أمريكية بالنفع على حماس "أو أي كيان تكون فيه حماس عضوا أو ينتج عن اتفاق مع حماس أو يكون لحماس عليه نفوذ لا داعي له".

غير ان عدة مشرعين أمريكيين كبار قالوا إنه يجب على واشنطن أن تعطل المساعدات السنوية التي تتطلب موافقة الكونجرس، وقالت كاي جرانجر النائبة الجمهورية في مجلس النواب عن تكساس ورئيسة اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية المعنية بالمساعدات في مجلس النواب "التمويل للفلسطينيين غير مطروح للبحث قبل أن يتضح التزام حكومة التوافق بالسلام والأمن"، وأضافت في بيان "يجب على حماس وليس فقط اعضائها بالحكومة الجديدة الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ونبذ العنف والالتزام بالاتفاقيات الدولية السابقة".

ويعتمد الكونجرس الأمريكي بقيادة لجنة جرانجر الفرعية ونظيرتها في مجلس الشيوخ الأمريكي 500 مليون دولار مساعدات سنوية ترسلها واشنطن للسلطة الفلسطينية، وقال إليوت إنجيل النائب عن نيويورك (وهو أرفع عضو ديمقراطي في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب) ان السلطة الفلسطينية تثير شكوكا في التزامها بعملية السلام وتعرض المساعدات في المستقبل للخطر، وأضاف قوله "الولايات المتحدة ليست ملزمة بتقديم سنت واحد إلى السلطة الفلسطينية إذا تصالحت مع جماعة ارهابية معروفة". بحسب رويترز.

فيما طالب أعضاء بارزون في الكونجرس الأمريكي واشنطن بوقف المساعدات عن حكومة التوافق الفلسطينية إلى أن تتأكد من التزام حماس بمواصلة السلام مع إسرائيل، وقالت كاي جرانجر النائب الجمهوري في مجلس النواب عن تكساس ورئيسة اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية المعنية بالمساعدات "التمويل للفلسطينيين غير مطروح للبحث قبل أن يتضح التزام حكومة التوافق بالسلام والأمن"، وأضافت في بيان "يجب على حماس وليس فقط اعضائها بالحكومة الجديدة الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ونبذ العنف والالتزام بالاتفاقيات الدولية السابقة".

بدوره قال الاتحاد الأوروبي إنه سيعمل مع حكومة التوافق الفلسطينية الجديدة بشرط تمسكها بمبدأ السلام مع إسرائيل استنادا إلى حل الدولتين، وقال الاتحاد الأوروبي في بيان ""نرحب، بإعلان الرئيس عباس أن حكومته الجديدة ملتزمة بمبدأ حل الدولتين بناء على حدود عام 1967، وبالاعتراف بحق إسرائيل المشروع في الوجود"، وأضاف "تعامل الاتحاد الأوروبي مع الحكومة الفلسطينية الجديدة سيكون على أساس تمسكها بتلك السياسات والالتزامات"،

موقف اسرائيل

من جانبه حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أي تعجل دولي للاعتراف بحكومة فلسطينية، وتصنف إسرائيل ودول الغرب حماس على أنها منظمة إرهابية ولا تتعامل بشكل رسمي مع الحركة، وقال نتنياهو في اجتماع لحكومته "أدعو كل الأطراف المسؤولة في المجتمع الدولي بألا تتعجل بالاعتراف بحكومة فلسطينية تشكل حماس جزءا منها وتعتمد على حماس" مشددا على أن هذه الحكومة ستكون واجهة للحركة الإسلامية، وأضاف "حماس منظمة إرهابية تدعو لتدمير إسرائيل ولا ينبغي على المجتمع الدولي أن يقبلها، هذا لن يعزز السلام بل سيدعم الإرهاب".

وعلقت إسرائيل محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة مع عباس عندما أعلن اتفاق المصالحة في 23 أبريل نيسان الماضي بعد عدد من المحاولات الفاشلة للمصالحة الفلسطينية منذ انتزعت حماس السيطرة على قطاع غزة من قوات فتح في 2007، وفي اتصال مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عرض عباس تلك الخطوات بوصفها شأنا داخليا فلسطينيا لا ينبغي أن يؤثر على الجهود الدبلوماسية الأوسع نطاقا مع إسرائيل والغرب، ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن عباس قوله لكيري "إن الحكومة القادمة ستكون من المستقلين وتمثل البرنامج السياسي للرئيس وهدفها الإعداد للانتخابات القادمة".

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إن كيري الذي أشرف على محادثات السلام التي توقفت في إبريل نيسان "أبدى قلقا بشأن دور حماس في أي حكومة من هذا القبيل وأهمية التزام الحكومة الجديدة بمبادئ عدم العنف والاعتراف بدولة إسرائيل وقبول الاتفاقيات السابقة معها"، وقالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية في البيان إن عباس أكد لكيري أن "الحكومة الجديدة ستكون ملتزمة بهذه المبادئ".

وقال عباس "أبلغونا (الإسرائيليون) أننا إذا شكلنا الحكومة سيقاطعوننا، إسرائيل تريد أن تقاطعنا لاننا اتفقنا مع حماس، حماس جزء من شعبنا"، ولم يشر نتنياهو في تصريحاته المقتضبة لأي عقوبات إسرائيلية، ومنعت إسرائيل تحويل إيرادات الضرائب للسلطة الفلسطينية (التي تعتمد على المساعدات والتي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية) ردا على توقيع عباس طلبات للانضمام إلى اتفاقات ومعاهدات دولية في أبريل بعد أن تراجعت إسرائيل عن وعدها بالإفراج عن سجناء فلسطينيين.

وقال مسؤول فلسطيني إن إسرائيل رفضت طلبات من ثلاثة فلسطينيين من غزة يتوقع تعيينهم وزراء لحضور مراسم أداء الحكومة الجديدة اليمين القانونية في الضفة الغربية، وقال عباس إن أي حكومة مشتركة مع حماس ستواصل الالتزام بسياسته بالاعتراف بإسرائيل رغم أن الحركة الإسلامية تصر على أنها لن تغير سياستها التي ترفض الاعتراف بإسرائيل، ويحرص عباس على طمأنة الدول الغربية المانحة بأنه سيظل صانع القرار الفلسطيني الأهم وأن التنسيق الأمني بين قواته وإسرائيل سيستمر.

وترى الحركتان منافع في اتفاق المصالحة رغم الخلافات التي حالت دون تحقيق ذلك لسنوات، ونتيجة حصار تفرضه اسرائيل وقيود من جانب مصر تواجه حماس صعوبة في إنعاش اقتصاد قطاع غزة الذي تديره منذ سيطرت عليه عام 2007 وسداد رواتب الموظفين الحكوميين بالقطاع وعددهم 40 الفا، اما عباس فيريد تعزيز شعبيته في الداخل منذ انهيار محادثات السلام مع اسرائيل.

الدعوة لانتفاضة اقتصادية

على صعيد مختلف دعا محمد مصطفى نائب رئيس الوزراء الفلسطيني للشؤون الاقتصادية إلى انتفاضة "اقتصادية" لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية التي قال إنها تهدف لتدمير الاقتصاد الفلسطيني، وقال مصطفى خلال حفل توقيع اتفاق مع شركة هولتيك الهندية لإعداد الدراسات لإنشاء أول مصنع أسمنت فلسطيني "المطلوب منا جميعا انتفاضة اقتصادية جدية حقيقية للوقوف بشكل قوي أمام عدوان إسرائيل ضد هذا الاقتصاد".

وأضاف "هذا الاقتصاد (الفلسطيني) لا شك ولا يخفى على أحد منكم أنه يتعرض إلى حرب من دولة إسرائيل بهدف تدمير إمكانية إقامة دولة فلسطين"، وتابع قائلا "هناك أشكال مختلفة للحرب، هناك طائرات تقصف وهناك اقتصاد يدمر، ما رأيناه ولم ندركه بشكل كامل ما يمارسه الاحتلال ضد إمكانية اقتصاد وطني مستقل يعتمد على ذاته بما في ذلك القطاعات الاستراتيجية"، واستعرض مصطفى مجموعة من الإجراءات الإسرائيلية ضد القطاعات الاقتصادية سواء من خلال السيطرة على الأرض ومصادر المياه ووضع القيود على استيراد المواد الخام وكذلك السيطرة على المعابر.

وقال إن "كل قطاعات الاقتصاد مستهدفة ليس بشكل عشوائي كما نفكر بل بخطة محكمة لمنع تطور اقتصاد دولة حقيقي لأن قيام الدولة مرتبط بقيام هذا الاقتصاد، لن تقوم لهذه الدولة قائمة دون وجود اقتصاد قوي"، وأضاف "هم (الإسرائيليون) يريدون أن نبقى معتمدين عليهم وعلى المانحين"، وأظهرت أحدث إحصاءات فلسطينية رسمية أن نسبة النمو الاقتصادي في الراضي الفلسطينية لم تتجاوز 0.3 في المئة في الربع الرابع من العام 2013 في حين تجاوزت نسبة البطالة 29 في المئة في الربع الأول من العام الجاري، وحذر مصطفى من مواصلة تراجع النمو الاقتصادي.

وقال "كل المؤشرات سلبية وتشير إلى أن هذا التراجع سوف يستمر بدون اتخاذ إجراءات جدية لوقف التراجع"، وأضاف "هدف الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة هو انهيار الاقتصاد الفلسطيني ومحاولة تركيع الشعب الفلسطيني"، وتراجعت إسرائيل عن تهديداتها الاخيرة بوقف التحويلات المالية التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق باريس الاقتصادي إلا أن من غير الواضح ما إذا كانت ستنفذ تهديدات أخرى متعلقة بالعلاقات المالية بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية وحركة رجال الأعمال ردا على توقيع عباس اتفاقية المصالحة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة.

وبرغم ذلك عبر نائب رئيس الوزراء الفلسطيني للشؤون الاقتصادية عن تفاؤله بالمستقبل وقال "برغم كل الصعوبات لا يزال المستقبل واعدا"، وأضاف "الأمور ستكون أفضل ما دام في هذا الوطن من هو مصمم على تغيير هذا الواقع وتحويل الاستيراد إلى صناعة محلية وتحويل التجارة مع إسرائيل إلى تجارة مع كل العالم"، ويستورد الفلسطينيون كل حاجتهم من الأسمنت التي تزيد على 1.5 مليون طن سنويا من إسرائيل ودول أخرى مثل الأردن وتركيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/حزيران/2014 - 10/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م