الحوزة... من قاموس الامام الشيرازي

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: اصطلح على المدرسة الفقهية التابعة للمذهب الجعفري تسمية (الحوزة).

نشأت أول مدرسة شيعية في الكوفة، في أواسط القرن الثاني (مرحلة حياة الامام الصادق (عليه السلام)) واستمرت إلى الربع الأول من القرن الرابع الغيبة الكبرى.

ثم ظهرت مدرسة (قم) في الربع الأول من القرن الرابع واستمرت إلى النصف الأول من القرن الخامس (أيام السيد المرتضى وشيخ الطائفة الطوسي) أعلى الله مقامهما. وتبعتها مدرسة بغداد في النصف الأول للقرن الخامس إلى احتلال بغداد من قبل المغول سنة 656 هـ، واخيرا مدرسة الحلة وظهرت بعد احتلال بغداد، واستمرت إلى حياة الشهيد الثاني عام 965 هـ.

واشتهرت في زمننا الحالي مدرستان هما، حوزة النجف وحوزة قم. ورغم اختلاف الموقع الجغرافي للحوزتين الا انهما يعتمدان المنهج ذاته للتحصيل العلمي.

للحوزات العلمية أسلوب فريد من نوعه في التدريس، تجد فيه الحرية والعمق والدقة، لا تجد له مثيلا ربما في اي مكان دراسي اخر.

وهذا الاسلوب لابد منه، لأنّها تعد الرجال لينالوا أضخم إجازة علمية، هي إجازة (الاجتهاد)، فليس يسيراً أن يصبح العالم مجتهداً.

للحوزات في بلدان تواجد الشيعة دور كبير في التوجيه والإرشاد، وفي قيادة العمل نحو تغيير واقع الشيعة في بلدانهم، وفي التصدي للإخطار والتحديات التي تواجه الشيعة والمسلمين عموما في العالم.

في كتابه (دور الحوزات العلمية في بناء المجتمع) يسجل المرجع الراحل الامام السيد محمد الشيرازي (قدس سره) واقعا مؤلما عاش الكثير من فصوله في اهم بلدين لديهما الحوزتان الأشهر وهما العراق وفيه حوزة النجف، وإيران وفيها حوزة قم.

الملاحظة التي يسجلها الامام الراحل هي قلة وضعف عطاء الحوزات العلمية مقارنة بعطائها الكبير الذي كانت تقدمه للإسلام والمسلمين في الأزمنة السابقة، ومرد هذه القلة وهذا الضعف، يعود برأي الامام الى قلة مراجع التقليد الذين لديهم رسائل عملية.

وهو يدعو الى العمل المكثف للوصول الى (النتيجة التي نهدف إليها).

ثم يفترض الامام الشيرازي، سؤالا يطرح عليه من قبل الآخرين، وهو ما العمل بتلك القلة القليلة من العلماء المراجع، (الفاقدة لأبسط مقومات العمل التقني الحديث في مقابل الحافل بالنشاط والعمل والخطط الكبيرة الواسعة والتقنية الحديثة والأموال الطائلة في عالم اليوم)؟، يجيب عن هذا السؤال الافتراضي بقوله: (على رجل الدين أن يسعى ويعمل بقدر طاقته واستطاعته حتى تتجمع الطاقات المنفردة لتولد سيلاً من النشاط لتثمر الثمر اللازم وتعطي النتيجة المقصودة في المجتمع الإسلامي).

في دعوته الى الإكثار من المدارس العلمية، وهي الحوزات، و(الحوزة هي عصب الدين، وهي التي تقود المسلمين إلى شاطئ الأمن والسلام، فاللازم على هذه المؤسسة أن تقود الناس إلى ما يسعدهم في دنياهم وآخرتهم) لا ينسى الامام الراحل ان يكون لهذه الحوزات نتاج فكري وثقافي يواكب حركتها، ومن تلك النتاجات المجلات الاسلامية التي تصدر عن تلك الحوزات، لان ذلك وحسب الامام الراحل، هو (سبيل إنقاذ المسلمين والشيعة في كل العالم).

ثم هو (قدس سره) يدعو الى (تأسيس المكتبات الضخمة والكبيرة لتضم أكبر عدد من الكتب في شتى المجالات، لأننا في هذا المجال ضعفاء جداً).

امر اخر يرتبط بالحوزات، وهو مايسميه الامام الراحل (الكيفية) ويقصد بها تهذيب النفوس، (حتى يكون طلاب العلوم الدينية أسوة ونماذج لعصرهم لأن فضيلة الإنسان إنما هي في طهارة النفس وتزكيتها، لأن أي قائد إسلامي يجب أن يتحلى بأكبر ما يمكن من الخلق الرفيع والمعاملة العطوفة المحببة مع الناس لكي يجلبهم إلى نور الإسلام، أو يبقيهم في الإسلام فإن أفضل وأسهل وأسرع وأعمق العوامل لزرع المحبة في القلوب هي الأخلاق الفاضلة والمعاملة الإنسانية العطوفة مع الناس.

وحول (الكيفية) التي هي التهذيب، يتحدث عنها في كتاب اخر هو (نظام الحوزات العلمية) وهو يرى ان (الحوزات العلمية تقوم على ركنين مهمين هما التديّن والأخلاق، فبدون هذين الركنين لا تقوم للحوزة العلمية أية قائمة). فالعلم بلا تديّن وأخلاق يتحوّل إلى عامل مُدمّر.

ولا (يمكن الاستغناء عن التديّن والأخلاق في الدراسات الحوزوية).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/حزيران/2014 - 5/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م