هل الإعدام مصير النشطاء والمحتجين في السعودية؟

علي ال غراش

 

الحكم على شباب الحراك والإحتجاجات في السعودية بالإعدام يشكل تصعيدا خطيرا للوضع الداخلي المتأزم، ودليل على ان السلطة السعودية في ورطة وعجز عن إيقاف المظاهرات والاحتجاجات والمطالبات والحراك السلمي للإصلاح الشامل منذ نهاية عام 2010م، حيث قامت السلطة السعودية بممارسة كافة أنواع الأساليب للقضاء على الحراك المطلبي والتغيير السلمي، ومع إستمرار روح التحدي والمطالبة الشعبية تصاعدت ممارسات السلطة البوليسية والقمعية من اعتقال إلى سجن إلى تعذيب إلى محاكمات بسنوات ومنع من السفر بسنوات مماثلة.

 ومع تواصل الارادة الشعبية والصمود من قبل المعتقلين والمحكومين، قامت السلطة بإعادة النظر في الأحكام وزيادة عدد سنوات السجن - كما حدث مع الداعية الحقوقي الشيخ توفيق العامر وغيره- ووصلت إلى الحكم بالمؤبد: 30 عاما، 25 عاما، 20 عاما، 15، 10 لبعض المعتقلين وهذه الاحكام ليست نهائية، ونتيجة عجز السلطة وفشلها في هزم روح الإرادة الشعبية وصلت الاحكام إلى الإعدام، كما حدث مؤخرا بإعلان المحكمة الجزائية في مدينة جدة يوم الأثنين 26/5/2014 بالقتل (الإعدام) للشاب رضا جعفر الربح 26 عاما، وهو ابن الشيخ المعروف جعفر الربح الذي يقود منذ فترة حملة للتهدئة في المنطقة وبالخصوص العوامية، وبعده بيوم واحد حكمت المحكمة في جده بإعدام الشاب الناشط في الحراك السياسي السلمي علي محمد النمر 17 عام بالقتل، وهو نجل الناشط والسياسي البارز محمد النمر، وهذا الشاب اعتقل قبل ثلاث سنوات وعمره صغير حيث وضع في دار الملاحظة !!.

تشويه صورة الحراك والنشطاء

من الأمور الخطيرة التي تقوم بها الجهات الأمنية هو تشويه الحراك السلمي للمطالبة بالحقوق عبر الزج بمن لهم سوابق أو قضايا جنائية بالمتظاهرين وفي لائحة واحدة للمطلوبين، أو من خلال ربط من ليس لهم نشاط وحراك سياسي في فئة النشطاء والمحتجين، فالشاب رضا الربح ليس له ميول أو نشاط سياسي ولا يستحق هذا الحكم الغريب والعجيب وهو القتل باسم الحرابة.

نريد التأكيد على رفض أعمال العنف والفوضى والقتل والاعتداء على الاخرين، كما نحذر من لجوء السلطة للعنف البوليسي واستخدام القوة المفرطة مع المحتجين والمتظاهرين الى درجة إطلاق النار وسقوط قتلى وجرحى، الذي يولد ردة فعل لدى الشعب الغاضب، كما نؤكد على ضرورة سلمية الحراك والمطالبة بالحقوق والاصلاح.

ولهذا على المواطنين الذين يعيشون خارج المنطقة الشرقية وعلى الإعلاميين والحقوقيين والمتابعين والمراقبين للنشاط في السعودية الانتباه والحذر!!.

إن اللجوء إلى قتل النشطاء والمعارضين وشباب الحراك والمطالبين بالتغيير السلمي باسم الحرابة (الإعدام) معناه زهق أرواح بريئة لشباب لا يعرفون معنى الحرابة، ويعد تصعيدا خطيرا وتأزيم الامور وتعقيدها أكثر وأكثر، ويشكل ضربة للقضاء السعودي ويثير النعرات الطائفية البغيضة حيث يحكم على من ارتكب القتل وشارك بالقتال بالبراءة لأن مغرر به كما حدث للشباب الذين شاركوا في القتال، ومن شارك بأعمال حربية وارهابية يتم مناصحته وتأهيله ويفرج عنه....، بينما من احتج على الفساد وطالب بتطبيق العدالة والحرية والتعددية وتظاهر بشكل سلمي ولم يقتل أحدا يحكم عليه بالقتل باسم الحرابة!!.

هل ستقوم السعودية بإعدام الشباب، ام انه مجرد بالون اختبار، اما هو زيادة الضغط والترهيب للنشطاء والاصلاحيين في السعودية؟

تصعيد خطير ولعب بالنار

المتابعون للوضع السعودي يستبعدون أن تلجأ السعودية إلى اعدام شباب الحراك لأنه لعب بالنار، وستزيد حالة الغليان الشعبي، وربما لن تجد هذه المرة من يملك القدرة على تهدئة الشارع، وليس في كل مرة تسلم الجرة، حيث كانت عملية اعتقال رمز الحراك والمعارضة المعروف الشيخ نمر النمر حركة كادت ان تؤدي الى ما لاتحمد عقباه لولا تدخل الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية في ضبط الشارع الغاضب بطلب وتوسل حكومي، مما أدى الى إحراج تلك الشخصيات مع الشارع حيث لم ترد السلطة بأي مبادرة للتهدئة والافراج عن المعتقلين بل الذي حدث هو التصعيد!.

وهذا التصعيد من قبل السلطة توجيه ضربة لأي مبادرة وطنية للتهدئة وحل المشاكل والازمات الداخلية عبر الحوار بعيدا عن القمع البوليسي الحكومي كمبادرة الشيخ جعفر الربح والد الشاب رضا المحكوم بالقتل.

هذه الأحكام تعد انتهاكا صارخا لحقوق الانسان وحق التعبير عن الرأي، وستثير ازمات داخلية وخارجية وستتعرض السعودية لضغوط دولية، ولكن الإرادة الشعبية – المواطنون- هي الجهة المؤثرة للضغط على السلطة السعودية مباشرة وإعادة النظر في الاحكام واطلاق سراح المعتقلين على قضايا الراي والاحتجاج والتظاهر، وتحريك المؤسسات والهيئات الحقوقية الدولية وممارسة الضغط الدولي على السلطات السعودية، ولهذا لابد من استخدام القوة الشعبية بعدم السكوت والاستسلام على الأحكام بل يجب التحرك ورفضها، والنزول للشوارع والميادين بشكل سلمي بمشاركة الجميع نعم الجميع رجال ونساء وأطفال فالأمر فيه قتل أرواح بريئة والسكوت يجعل السلطة تقدم على تنفيذ حكم القتل لهما بشكل عاجل، بل ستقوم بإصدار أحكام مماثلة القتل بحق قادة الحراك والاصلاح والمطالبة والمعارضة السلمية مثل الشيخ نمر النمر، الشيخ توفيق العامر، الدكتور عبدالله الحامد، سلمان الرشودي، فاضل المناسف وفاضل السلمان، محمد الزنادي، وليد ابو الخير والعديد من المعتقلين.

أرواح ودماء المواطنين وبالخصوص الشباب الذي تحرك من أجل المطالبة بالاصلاح الوطني وحصول المواطنين على حقوقهم وسيادة العدالة ومن أجل الحرية والمساواة غالية، وهي في رقابكم أيها الشعب وفي رقاب النشطاء والحقوقيين في السعودية والخارج.

ردود فعل الشارع

ان ردة فعل الشارع لغاية الان ليست بالمستوى المطلوب، ولا تعبر عن حالة الغضب ورفض الاحكام، والتضامن مع أهالي الشباب المحكومين بالإعدام.

الأهالي عبروا عن ردة فعلهم وغضبهم حول الأحكام الصادرة ضد أبنائهم حيث قال الشيخ جعفر " والد الشاب رضا الربح المحكوم بأول حكم اعدام" موجه كلامه للقضاة الثلاثة الذين اصدروا حكمهم بقتل ابنه: نعم الحكم لله والزعيم محمد والموعد يوم القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون وعند الله تجتمع الخصوم الحكم لله وليس لكم ايها القضاة.

فيما قال محمد النمر " والد الشاب الناشط السياسي علي النمر المحكوم بالإعدام ": ليس الأول وليس الاخر في عالم الأحكام الجائرة لكن هو الاول في العالم الذي يحكم عليه كطفل بحكم قراقوشي، انه زمن الانحسار والإفلاس في السياسات الخارجية للدول التي تلجأ وتعوض ذلك بفتل العضلات على المستضعفين من شعبها، كم هو انحطاط وعار عندما يكون القضاء في اي دولة في العالم تابع لجهاز الأمن ويكون القاضي عسكريا بلحية ولباس مدني، مضيفا انه لا يأخذ الأرواح إلا بارئها ولا يقطع الرقاب إلا خالقها انه الله الذي أستودعه أماناتي كلها، هذه الأحكام رسالة للمجتمع مفادها عليكم التوقف عن أي مطالب محقة أو غير محقة وإلا فالسيف الأملح.

المطلوب من الأهالي (آباء وأمهات وزوجات واقرباء) أهالي الشباب المحكومين بالإعدام او بالسجن والمعتقلين أكثر من ذلك والمبادرة بالنزول للأرض وقيادة المطالبة بتطبيق العدالة، وعدم الاكتفاء بطلب إيقاف الإعدام وإنما ببراءة أبنائهم وتكريمهم بانهم أبطال؛ والمطلوب من المواطنين والمواطنات الشرفاء في الوطن التحرك ورفض تلك الأحكام والاستهتار بالقضاء، والمطالبة بتقديم كافة المعتقلين في قضية الاحتجاجات والمظاهرات السلمية والمطالبة بالاصلاح الشامل والتعبير عن الرأي أمام محاكمة عادلة تتفق مع القوانين والمعايير الدولية، فالشعب يريد تطبيق العدالة وأحقاق الحق ومحاكمة المعتدي والفاسد، وإنهاء حالة التأزيم والاحتقان الداخلي، وتكريم ورد الاعتبار لكل من يسعى للإصلاح وتطبيق العدالة والحرية والمساواة واحترام القانون ومحاسبة المسؤول (من اين لك هذا) ومحاربة الفساد وسرقة الأراضي. حمى الله المواطنين والوطن من كل شر.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/آيار/2014 - 1/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م