الانتخابات البرلمانية.. زلزال سياسي يصيب كبد الاتحاد الأوربي

 

شبكة النبأ: كان التخوف من قبل قادة الاتحاد الأوربي، ان تكون هناك كلمة للأحزاب اليمينية المتطرفة في الانتخابات البرلمانية للاتحاد، مما يؤهلها لتطبيق افكارها عبر الطرق الديمقراطية التي تخولهم بالمطالبة، وربما تطبيق، انسحاب دولهم من الاتحاد الأوربي وإلغاء منطقة اليورو الاقتصادية، إضافة الى منع الهجرة، وبالأخص من المسلمين، الى اوربا، وقد تحقق له ذلك بعد فوزهم الكبير في الانتخابات التي جرت مؤخراً في العديد من دول الاتحاد الأوربي، التي لم تصمد فيها الأحزاب الأخرى امام المد اليميني.

"الزلزال السياسي" الذي أصاب اوربا واتحادها، على حد وصف رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الفوز، والذي جاء على يد أبنائها من القوميين، اربك حسابات الأحزاب والحكومات الاوربية، خصوصاً على مستوى جدلية الاتحاد، اذ يشكك الفائزون الجدد في جدوى الاتحاد من الأساس، وهم يؤكدون انه لم يأتي سوى بالخراب على بلدانهم، سيما ذات الاقتصاد القوي، والتي تأثرت سلباً بالدول الأضعف، وما تبعته من إجراءات تقشفية صارمة، إضافة الى التضخم والبطالة التي اصابت عموم اوربا بالفشل، وما فرنسا الى دليل على ذلك بعد ان حصد اليمين فيها على 25% من الأصوات في فوز عدة الكثير من المتابعين غير متوقع.

في سياق متصل حققت أحزاب أقصى اليمين المناهضة للمؤسسة وأحزاب أقصى اليسار (نظرا لتراجع الاقبال على المشاركة في الانتخابات) نتائج جيدة في عدد من الدول لكن ألمانيا أكبر دول الاتحاد الاوروبي ذات النصيب الاكبر من المقاعد وايطاليا وتمثلان الوسط المؤيد لاوروبا صمدتا بقوة.

وفي اقتراع أثار المزيد من الشكوك بشأن مستقبل بريطانيا في الاتحاد على المدى الطويل حقق حزب استقلال المملكة المتحدة المناهض للوحدة الأوروبية والمطالب بانسحاب بريطانيا الفوري من الاتحاد مكاسب أفضل من حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وحزب العمال المعارض بعد الاعلان عن نصف النتائج تقريبا.

وقالت لو بان التي دفعت الحزب الاشتراكي الحاكم للرئيس فرانسوا اولوند الى المركز الثالث لأنصارها "الشعب قال كلمته عالية وواضحة، انه لا يريد ان يحكمه بعد الان من هم خارج الحدود من خلال مفوضي الاتحاد الاوروبي والتكنوقراط غير المنتخبين.

وبعد فرز 80 في المئة من الاصوات حصل حزب الجبهة الوطنية على 26 في المئة بفارق كبير عن حزب المحافظين المعارض حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الذي حصل على 20.6 في المئة والحزب الاشتراكي الحاكم الذي حصل على 13.8 في المئة في ثاني هزيمة انتخابية له في شهرين بعد أن خسر الانتخابات المحلية في عشرات المناطق.

وأظهرت النتائج الرسمية الاولية في دول الاتحاد وعددها 28 دولة ان أحزاب يسار الوسط ويمين الوسط المؤيدة للاتحاد ستشغل نحو 70 في المئة من مقاعد البرلمان الاوروبي البالغ عددها 751 مقعدا لكن عدد الاعضاء المناهضين للاتحاد سيتضاعف، وبدت أحزاب يسار الوسط ويمين الوسط المؤيدة للاتحاد واثقة من الاحتفاظ بسيطرتها على البرلمان الأوروبي لكن عدد الأعضاء الرافضين للاتحاد قد يتضاعف. بحسب رويترز.

وجرت الانتخابات الاوروبية التي يحق لما يصل الى 388 مليون أوروبي الإدلاء بأصواتهم فيها على مدى أربعة أيام لانتخاب ممثليهم في البرلمان الأوروبي الذي يشارك الدول الأعضاء وضع معظم قوانين الاتحاد، ويتوقع أن تحصل أحزاب اليمين واليسار المتطرف على ما يصل الى ربع مقاعد البرلمان وهو ما يكفي ليعطيها صوتا أقوى.

ومن بين الدول التي اجرت الانتخابات ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبولندا ويمثل سكانها معظم الناخبين الأوروبيين الذين يحق لهم التصويت ويبلغ عددهم 388 مليونا لينتخبوا 751 نائبا حتى يشغلوا مقاعد البرلمان الأوروبي من العام الحالي وحتى عام 2019.

وبعد الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة والنمو الهزيل على مدى سنوات يشكك الكثير من الأوروبيين في النظرية وراء تكامل أوروبي أكبر.

وقال ديميتريس باباديموليس النائب البارز من حزب ائتلاف اليسار الراديكالي (سيريزا) والمرشح في الانتخابات إن الانتخابات ستبعث برسالة قوية لأوروبا مفادها رفض إجراءات التقشف، وأضاف في مقال نشر على موقع الكتروني إخباري "نتمنى أن تكون رسالة ضقنا ذرعا بهذه السياسات التقشفية قوية ولا يمكن التشكيك فيها".

فرنسا

فقد أظهرت النتائج الأولية تصدر حزب الجبهة الوطنية (اليمين الفرنسي المتطرف) نتائج الانتخابات الأوروبية بفرنسا بـ 25 بالمئة من الأصوات أمام حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (اليمين الجمهوري) الذي فاز بـ 20 بالمئة من الأصوات، فيما جاء الحزب الاشتراكي الحاكم في المرتبة الثالثة بـ 14 بالمئة من الأصوات.

وبهذه النتائج يكون اليمين المتطرف الفرنسي قد حقق فوزا غير متوقع بعد ذلك الذي حققه في الانتخابات البلدية التي جرت في شهر مارس/آذار الماضي عندما فاز بـ 10 بلديات.

ووصف رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس فوز حزب مارين لوبان "بالزلزال السياسي"، وقال: "فرنسا وأوروبا تعيشان لحظة صعبة وصعبة جدا، تقدم اليمين المتطرف وارتفاع نسبة المقاطعة يعبران عن قلق وتعب الفرنسيين من السياسات المتبعة في أوروبا وفرنسا منذ سنين وتظهر أننا نعيش أزمة ثقة كبيرة"، وواصل رئيس الحكومة الفرنسية وعلامات الغضب ظاهرة على وجهه: "نتائج الانتخابات تجاوزت مستوى الإنذار. هي بمثابة زلزال سياسي موجه لجميع المسؤولين السياسيين، فعليهم أن يتحركوا بسرعة".

وأضاف فالس مخاطبا الفرنسيين: " 8 أسابيع فقط بعد الانتخابات البلدية، عدتم مرة ثانية لتعبروا عن غضبكم وتشاؤمكم، لقد قلتم بأن المشاكل لا تزال عالقة وأنها ثقيلة جدا لتحملها، لقد عبرتم عن الصعوبات التي تواجهونها يوميا من أجل إيجاد فرص العمل وللعيش بشكل محترم"، وأكد فالس أن "الفرنسيين يريدون العيش في أوروبا قوية تكون أكثر تضامنا مع شعوبها وأكثر عدالة بينهما، داعيا إلى مواصلة الإصلاحات التي كشف عنها في خطاباته أمام الجمعية الوطنية والإسراع في تنفيذها بكل شجاعة".

من جهتها، عبرت زعيمة حزب اليمين المتطرف مارين لوبان عن سعادتها وفرحتها بالنتائج التي حصل عليها حزبها، وقالت في تصريح أمام الصحفيين: "أشكر كل الفرنسيين الذين صوتوا لصالح حزبنا، لقد أرادوا بهذا التصويت توصيل رسالة مفادها أنهم يريدون إدارة شؤون بلادهم بأنفسهم وأن يتحكموا في مستقبلهم"، وواصلت: "الفرنسيون يرفضون القرارات التي تأتي من خارج فرنسا أو أن يدير شؤونهم موظفون لم يواجهوا صناديق الاقتراع".

وأشارت أن حزب الجبهة الوطنية أصبح اليوم الحزب الأول في فرنسا، داعية في الوقت نفسه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بشكل غير مباشر إلى الأخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات الأوروبية وتغيير تركيبة الجمعية الوطنية لتكون أكثر تجانسا مع القوى السياسية المتواجدة على الأرض. بحسب رويترز.

وواصلت لوبان: "النضال من أجل فرنسا كبيرة وقوية يجب أن يكون قاسمنا المشترك، علينا أن نتوحد، لا يمكن بناء الاتحاد الأوروبي ضدنا وضد الشعوب التي تعيش فيه، علينا أن نبني أوروبا الشعوب وإذا كانت ألمانيا القلب الاقتصادي النابض ففرنسا هي القلب السياسي النابض أيضا"، هذا، وفي مقر الجبهة الوطنية في ضاحية "ناننير" تم تعليق لافتات كتب عليها "حزب الجبهة الوطنية هو الحزب الأول في فرنسا".

وإلى ذلك، انتقد رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية المعارض جان فرانسوا كوبيه التصريح الذي أدلى به رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس، وقال "بأنه لم يتناسب مع الخيارات الانتخابية التي قام بها الفرنسيون، وأشار أن الحكومة ورئيسها لم يأخذان بعين الاعتبار مطالب الفرنسيين وهما يرتكبان نفس الأخطاء منذ سنتين".

وأوضح أن "نتائج الانتخابات الأوروبية والنسبة القليلة من الأصوات التي حصل عليها الحزب الاشتراكي تعبر عن سوء تسيير الشؤون الفرنسية من قبل الأغلبية الحاكمة"، وأضاف إن على ضوء النتائج حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية هي الجمعية السياسية الوحيدة القادرة غدا على اقتراح سياسة أخرى للفرنسيين، لكن شرط أن يواصل بناء الثقة التي تربطه بهم، وبشأن فوز اليمين المتطرف، أكد كوبيه أن هذا يعبر عن الغضب الكبير الذي يشعر به الشعب الفرنسي.

من ناحيته، دعا السكرتير الأول للحزب الاشتراكي جان كريستوف كومبادليس الاتحاد الأوروبي إلى التكفل بمشكلة البطالة والتنمية المستدامة وأن يكون أكثر ديمقراطية وأكثر تضامنا مع الأوروبيين وأقل تقشفا في سياسته الاقتصادية وأقل بيروقراطية، أوروبيا، تصدر محافظو "الحزب الشعبي الأوروبي" الانتخابات الأوروبية بفوزهم بـ211 مقعدا في البرلمان الأوروبي المقبل، متقدمين في ذلك على الاشتراكيين (193 مقعدا).

اليونان

من جهتها أظهرت استطلاعات رسمية لاراء الناخبين بعد الادلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي في اليونان أن حزب سيريزا اليساري المتطرف استفاد من موجة غضب من اجراءات التقشف ليفوز في هذه الانتخابات ولكنه أخفق في تسديد ضربة قاضية لحكومة رئيس الوزراء أنتونيس ساماراس.

وفي أول إختبار انتخابي له منذ وصوله للسلطة قبل عامين عاقب الناخبون ساماراس على التخفيضات الكبيرة في الرواتب والمعاشات التي طبقها في اطار برنامج الانقاذ المالي للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وكانت تلك أول مرة يفوز فيها حزب يساري متطرف على مستوى عام في اليونان الحديثة على الرغم من اخفاق حزب سيريزا في تحقيق الفوز بفارق خمس نقاط مئوية وهو الحد الذي ينظر إليه على انه يمثل خطرا لحكومة تتشبث بأغلبية مقعدين فقط في البرلمان.

وقال اليكس تسيبراس زعيم حزب سيريزا إن"الأوروبيين يحتفلون بهزيمة برنامج الانقاذ والتقشف في البلد الذي حولته القيادة الأوروبية إلى حقل تجارب لهذه الأزمة" وكرر تسيبراس دعوة لاجراء انتخابات مبكرة، وأظهرت الاستطلاعات الرسمية لاراء الناخبين بعد الادلا بأصواتهم فوز اليسارين المناهضين لبرنامج الإنقاذ بفارق نحو أربع نقاط بحصولهم على 26.7 في المئة من الأصوات متقدمين على حزب الديمقراطية الجديدة الذي يتزعمه ساماراس والذي أشارت هذه الاستطلاعات إلى حصوله على 22.8 في المئة.

بلجيكا

الى ذلك خرج حزب يريد حل بلجيكا كأكبر فائز في الانتخابات البرلمانية مما يمهد الطرق أمام مأزق يستمر أشهر قبل إمكان تشكيل حكومة جديدة، وبعد فرز نحو 80 في المئة من الأصوات حصل حزب التحالف الفلمنكي الجديد المعارض على ثلث الأصوات في منطقة فلاندرز الناطقة بالألمانية والمركز الاقتصادي في الشمال حيث يعيش نحو 60 في المئة من البلجيكيين.

واقترح حزب التحالف الفلمنكي الجديد الذي حصل على 28.2 في المئة من اصوات الناطقين بالالمانية في 2010 تحويل بلجيكا إلى اتحاد فضفاض لمناطق مختلفة لغويا معطيا قدرا أكبر من السلطة للحكومات الاقليمية.

وكانت تلك ليلة حزينة للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء ايليو دي روبو الذين خسروا ناخبين لصالح حزب يساري أنشئ حديثا على الرغم من أنه من المتوقع أن يظلوا أكبر قوة في جنوب بلجيكا الناطق بالفرنسية، وقال دي روبو "أتعشم أن يكون ممن الممكن تشكيل أغلبية تستطيع أخذ بلدنا إلى الأمام بأسرع ما يمكن". بحسب رويترز.

وتأتي الانتخابات العامة في بلجيكا في نفس الوقت الذي يصوت فيه ملايين الناخبين عبر أوروبا لانتخاب برلمان أوروبي جديد مع اجتذاب الاحزاب اليمينية والمناهضة للاتحاد الأوروبي الاصوات المحتجة في دول كثيرة، ولكن بعد يوم من قتل مسلح ثلاثة أشخاص بالرصاص عند المتحف اليهودي في بروكسل كان حزب المصلحة الفلمنكية اليميني المتطرف المناهض للمهاجرين أكبر خاسر في الانتخابات.

ايطاليا

من جانب اخر أظهرت استطلاعات محطة أر إيه أي التلفزيونية الايطالية الرسمية لأراء الناخبين بعد الادلاء بأصواتهم في إنتخابات البرلمان الأوروبي في إيطاليا تقدم الحزب الديمقراطي الذي يمثل يسار الوسط بزعامة رئيس الوزراء ماتيو رينتسي بشكل قوي على حركة خمس نجوم المعارضة التي يتزعمها الكوميدي السابق بيبي جريلو .

وأعطت الاستطلاعات التي قامت بها مؤسسة أي بي أر للتسويق بناء على عشرة في المئة من الأصوات الحزب الديمقراطي 40.2 في المئة مقابل 23.1 في المئة لحركة خمس نجوم و16 في المئة لحزب ايطاليا إلى الأمام الذي يتزعمه رئيس الوزراء الايطالي السابق سيلفيو برلسكوني، وأعطى استطلاع منفصل أجرته مؤسسة إي أم جي لحساب محطةلا 7 التلفزيونية الحزب الديمقراطي 39 في المئة من الاصوات ولحركة خمس نجوم 22.4 في المئة وحزب ايطاليا إلى الأمام 15 في المئة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 29/آيار/2014 - 28/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م