شبكة النبأ: باتت الحريات الإعلامية
المفقودة في العالم العربي، تشكل هاجساً كبيراً لدى جميع العاملين في
هذه المهنة الخطيرة على مستوى العالم، لكنها الأكثر خطورة في البلدان
العربية، اذ ان التصفية الجسدية، هي أسهل الطرق التي تمارسها بعض
الجهات الحكومية وغير الحكومية، من اجل تكميم الافواه ومصادرة الحريات
والتعبير عن الرأي، كما يشير بذلك اغلب العاملين في الاعلام وبمختلف
اختصاصاته.
كما ان الكثير من الصحفيين لديهم ذكريات سيئة، عن "الإرهاب الحكومي"
الذي يتعرضون له، بصورة شبه يومية، الذي يصل الى حد الاعتقال والتعذيب
وتلفيق التهم والطرد ومصادرة الأجهزة والاعتداء بالضرب والتلفظ بكلام
غير لائق...الخ، والتي تتم اغلبها على يد القوات الأمنية الرسمية، من
دون ان يكون هناك محاسب او رقيب لهذه الاعتداءات.
وفي حالات الحروب والاضطرابات وغيرها، والتي يتم تغطيتها من قبل
وسائل الاعلام بصورة مهنية، لا يتم تحييد الاعلام بصفته جهة ناقلة
للحدث الى الرأي العام المحلي او العالمي، بل يتم التعامل معها على
انها جهة معادية، وقد توجه عدة اتهامات سياسية للعاملين فيها، فيما
يعاني الصحفيين، ايضاً، حملة اغتيالات وقتل ممنهجه، اثناء تغطيتهم
للعمليات القتالية، على يد العناصر المتطرفة والتنظيمات الإرهابية التي
تعتبر الاعلامي من أسهل واهم الأهداف التي يجب اقتناصها.
وقد اكدت العديد من المنظمات العالمية التي تتابع حرية الصحافة في
العالم العربي، ان الدول العربية تشكل أخطر الأماكن على حياة العاملين
فيها، وطالبت الحكومات والجهات المسؤولة بممارسة دور أكبر فاعلية وقوة
لحماية هذه الشريحة المهمة وتوفير الحرية المناسبة لها.
مصر
فيما اتهم وزير الداخلية المصري اللواء محمد ابراهيم رئيس تحرير في
شبكة الجزيرة القطرية بمساعدة الاخوان المسلمين على تسريب وثائق تتضمن
اسرارا عسكريا ومعلومات تخص الامن القومي المصري، الى "احدى الدول
الداعمة للإخوان".
وقال وزير الداخلية في مؤتمر صحفي ان هناك معلومات جديدة في القضية
المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي بالتخابر موضحا ان سكرتير الرئيس
السابق امين الصيرفي تمكن من اخراج هذه الوثائق "التي تخص الجيش
وتسليحه وانتشار القوات وهي معلومات تتعلق بالأمن القومي" من رئاسة
الجمهورية. بحسب رويترز.
واضاف الوزير ان "مدير الاخبار في قناة الجزيرة إبراهيم محمد هلال"
الذي ينتمي، وفقا له، الى جماعة الاخوان ساعد في وصول هذه الوثائق وما
تحويه من اسرار عسكرية الى "احدى الدول الداعمة للإخوان" في اشارة الى
دولة قطر، وتدهورت العلاقات بين الدوحة والقاهرة منذ عزل محمد مرسي
وانهاء حكم جماعة الاخوان الحليف الكبير لقطر.
وتتهم السلطات المصرية قطر باستخدام شبكة الجزيرة لدعم الاخوان
ولزعزعة الاستقرار في مصر، وتنتقد قطر حملة القمع ضد جماعة الاخوان
التي ادت الى اشتباكات سقط فيها 1400 شخص منذ عزل مرسي في الثالث من
تموز/يوليو الماضي، وفقا لمنظمة العفو الدولية.
وفي كانون الاول ديسمبر الماضي، صنفت الحكومة المصرية الاخوان "تنظيما
ارهابيا" بعد اعتداء بسيارة مفخخة على مديرية امن محافظة الدقهلية أسفر
عن مقتل 15 شرطيا على الأقل، وفي قضية "التخابر"، تتهم النيابة المصرية
مرسي و35 اخرين بالتواطؤ مع حركة حماس الفلسطينية وإيران لزعزعة
الاستقرار في البلاد، ويواجه المتهمون في هذه القضية عقوبة الإعدام.
وقد دعت قناة تلفزيون الجزيرة القطرية إلى وقفات احتجاجية أمام
السفارات المصرية في أنحاء العالم للضغط على مصر للإفراج عن أربعة
صحفيين ثلاثة منهم متهمون بمساعدة "منظمة إرهابية"، ويعمل الصحفيون
الثلاثة وهم بيتر جريستي وهو أسترالي الجنسية ومحمد فهمي الذي يحمل
الجنسية الكندية بالإضافة لجنسيته المصرية وباهر محمد مصري الجنسية في
قناة الجزيرة الإنجليزية، وألقي القبض عليهم يوم 29 ديسمبر كانون
الأول.
وقالت قناة تلفزيون الجزيرة التي تبث بالعربية إن مراسلها في
القاهرة عبد الله الشامي محتجز منذ 14 أغسطس آب الماضي دون اتهام وأنه
بدأ إضرابا عن الطعام منذ 23 يناير كانون الثاني، ووصفت الجزيرة
الاتهامات الموجهة لصحفييها بأنها تدعو للسخرية.
وقال مسؤولون مصريون إن قضية الصحفيين الثلاثة لا شأن لها بحرية
التعبير وإن الصحفيين أثاروا الشكوك لعملهم بدون تصريح، ودعا غسان أبو
حسين مدير العلاقات الدولية في قناة الجزيرة في مؤتمر صحفي في الدوحة
جميع الصحفيين ومؤيدي حرية الصحافة إلى وقفات أمام السفارات المصرية في
أنحاء العالم.
وتقول القناة التي تمولها الحكومة القطرية إن المظاهرات ستكون جزءا
من حملة إعلامية ستشهد كذلك تقديم التماسات من خلال الانترنت وأنشطة
أخرى في 30 مدينة في أنحاء العالم وسيتم نقلها من خلال جميع الخدمات
التابعة للقناة، وأفرجت السلطات المصرية عن المصور بتلفزيون الجزيرة
محمد بدر في وقت سابق وقال في مؤتمر صحفي إنه كان يتعرض للإساءة
ولمعاملة وحشية بشكل يومي تقريبا على أيدي أفراد الأمن خلال فترة
احتجازه التي استمرت قرابة سبعة أشهر. بحسب رويترز.
وبرأت محكمة مصرية ساحة بدر من تهم ارتكاب أعمال عنف أثناء اشتباكات
في القاهرة، وكان بدر من بين عدة أشخاص ألقي القبض عليهم في وسط
القاهرة بعد أيام من عزل مرسي، وقال بدر إنه قدم شكوى لكنه سحبها عندما
جرى تهديده بحبسه في زنزانة أصغر دون ملابس كافية في أشهر الشتاء
البارد.
وقال اللواء أحمد حلمي مساعد وزير الداخلية المصري إن من حق أي شخص
لديه شكوى ضد الوزارة أن يرسل شكوى رسمية لإدارة السجون بالوزارة
ولمنظمات حقوق الإنسان ويتم النظر فيها، لكنه قال إن بدر اختار الخروج
من مصر وتوجيه اتهاماته من خلال قناة الجزيرة بدلا من تقديم شكوى رسمية
للوزارة وهذا سلوك غير مفهوم، وأنكر صحفيو الجزيرة الأربعة الاتهامات
الموجهة اليهم.
واثارت القضية انتقادات دولية عاصفة ضد السلطات الجديدة في مصر،
وادانت منظمة "مراسلون بلا حدود"، التي تتخذ من باريس مقرا لها، ما
أسمته "استمرار الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات المصرية ضد
الحريات الأساسية المكفولة والمحمية" في الدستور المصري الذي اقر نهاية
كانون الثاني/يناير الماضي.
وقالت المنظمة في بيان لها ان السلطات المصرية "لا تتوانى عن
استخدام اي اسلوب لتكميم أفواه من لا يتبنون الرواية الرسمية" للسلطة،
وسبق ان اعتبرت منظمة العفو الدولية التهم الموجهة للصحافيين "انتكاسة
كبرى لحرية الصحافة" مؤكدة ان ذلك "يوجه رسالة مخيفة بان رواية واحدة
للوقائع مقبولة اليوم في مصر وهي تلك التي تسمح بها السلطات"، ووصفت
الصحافيين بانهم "سجناء رأي".
واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش ان المحاكمة جزء من حملة قمع
للمعارضين تشنها الحكومة الانتقالية، وقالت المنظمة في بيان ان "السلطات
المصرية لم تسمح بالمرة خلال الشهور الاخيرة بأي شكل من اشكال المعارضة
فأوقفت واحالت للمحاكمة صحفيين ومتظاهرين وأكاديميين لأنهم عبروا عن
آرائهم سلميا".
سوريا
من جانبها قالت قناة الميادين التلفزيونية السورية إن صحفيا سوريا
قتل أثناء تغطيته لاشتباكات بين القوات الحكومية ومقاتلين من المعارضة
في مدينة دير الزور بشرق سوريا، وأضافت القناة ومقرها بيروت في موقعها
على الانترنت أن مصورها عمر عبد القادر أصيب برصاصة في الرقبة وأعلنت
وفاته في المستشفى بعد ذلك بوقت قصير.
وذكرت لجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك في ديسمبر كانون الأول أن
سوريا هي أسوأ مكان بالنسبة للصحفيين في العالم في 2013 وللعام الثاني
على التوالي، وقتل 29 صحفيا على الأقل العام الماضي في الصراع السوري
المستمر منذ ثلاث سنوات والذي أسفر عن مقتل 140 ألف شخص. بحسب رويترز.
ونقلت الميادين عن قائد عسكري سوري قوله إن قناصا أطلق النار على
عبد القادر أثناء تصويره لتوغل القوات الحكومية في منطقة بالمدينة التي
تسيطر عليها المعارضة، ونقل عن شقيقة عبد القادر قولها إن الأسرة كانت
تستعد للاحتفال بعيد ميلاده السابع والعشرين عندما تلقت نبأ مقتله.
السودان
من جانب اخر أعلن رئيس تحرير اسبوعية ايلاف الاقتصادية المعروف
بانتقاداته للحكومة ان جهاز الامن والمخابرات منع صحيفته من توزيع نسخ
الطبعة، وقال رئيس التحرير خالد التجاني ان التحرك الان لمنع نشر
المطبوعات يأتي رغم دعوة الرئيس عمر البشير لـ"نهضة" اقتصادية وسياسية
في البلد الذي يعاني من حركات تمرد مسلحة والفقر واضطراب سياسي.
وقال التجاني بعد ان اخذ افراد جهاز الامن خمسة عشر ألف نسخة "هذا
امر غريب جدا"، مؤكدا ان افراد الامن لم يقدموا اي سبب وانه لا يعتقد
بان الامر على علاقة بمقال محدد، وتابع "انهم يريدون ان يقولوا نحن
هنا".
واضاف ان جهاز المخابرات "مؤسسة سياسية ومصادرته للصحف يطرح اسئلة
حول الالتزام بشأن الحوار الوطني الذي أعلنه البشير نهاية يناير (كانون
الثاني) الماضي"، ولم يتحدث البشير عن تفاصيل لمبادرته لكنه أكد "ان
النهضة لا بد ان ترتكز على اربعة ركائز وهي السلام والحريات السياسية
والفقر والهوية القومية في ظل امة متنوعة اثنيا"، وقال البشير "يجب
احترام حرية الناس".
ومنذ ذلك الحين بدأت محادثات بين الحكومة وإحدى حركات التمرد كما
دخلت الحكومة في محادثات مع احزاب معارضة، وقال التجاني الذي اسس مع
بعض الأكاديميين الاسلاميين (الحركة الوطنية للتغيير) والتي خرج من
إطار الاسلاميين لتضم بعض العلمانيين واليساريين، "في هذا الوقت ليس
لديهم استعداد لإعطاء الناس فرصة لقول وجهات نظرهم حول القضايا
والمشكلات". بحسب فرانس برس.
ويؤكد مؤسسو الحركة انها "منبر من اجل بناء الديمقراطية في مكان
النظام المسيطر مركزيا وفشل في الاقاليم"ولا يعتقد التجاني ان حظر
ايلاف استهداف له هو شخصيا لمواقفه السياسية "لانهم استهدفوا صحفا
اخرى"ويعتبر السودان من اكثر البلدان التي تمارس قيودا على الاعلام
والاكثر فقرا وفسادا في العالم.
اليمن
بدورها ذكرت صحيفة عدن الغد المحلية اليمنية المرتبطة بالانفصاليين
الجنوبيين يوم السبت إنها عادت للطبع بعدما منعت السلطات طبعها مؤخراً،
ومنعت السلطات اليمنية الصحيفة من الطبع في مطبعة مملوكة للحكومة في
المدينة الساحلية في 23 فبراير شباط في تحرك أثار احتجاجا.
وقال محررو الصحيفة في بيان ان الطبعة الممنوعة وزعت بعدما طبعت في
دار طباعة خاصة، ورفض مسؤولون من مؤسسة 14 اكتوبر للطباعة والنشر طبعها
قائلين إنهم ينفذون تعليمات من كبار المسؤولين في العاصمة. بحسب رويترز.
وتعكس عدن الغد آراء الحراك الجنوبي وهو الجماعة الرئيسية التي
تطالب باستعادة دولة اليمن الجنوبي التي أدمجت مع اليمن الشمالي عام
1990، وبدأت الصحيفة النشر بعدما أسس الانفصاليون الحراك الجنوبي في
2007 للضغط من أجل الاستقلال.
وقالت الصحيفة في بيان يوم السبت إنها ستواصل النهج التحريري الذي
تبنته رغم التهديد الذي تلقته، وكانت الصحيفة ذكرت أن رئيس تحريرها
تعرض لهجوم عند نقطة تفتيش أمنية في عدن قبل ساعات من منع النسخة من
الذهاب إلى المطبعة مؤخرا.
تونس
في سياق متصل احتج صحفيون تونسيون ن امام مقر وزارة الداخلية
بالعاصمة تنديدا باعتداءات تعرضوا لها على ايدي رجال الشرطة اثناء
تغطياتهم مطالبين السلطات بحمايتهم من الاعتداءات التي تهدد حرية
التعبير في مهد انتفاضات الربيع العربي تونس.
واعتدت قوات الشرطة قبل يومين على صحفيين كانوا يغطون احتجاجات قرب
مكتب رئيس الوزراء بساحة القصبة بتونس، واثارت الاعتداءات مخاوف
الصحفيين من سعي السلطات الى تكميم الافواه عبر استعمال القوة المتكرر
مع الصحفيين في الآونة الأخيرة، ونددت جمعية الصحفيين الشبان ونقابة
الصحفيين بالاعتداءات على الصحفيين وطالبت وزارة الداخلية بمحاسبة
المعتدين الذي ضربوا مصورين وصحفيين، ورفع المحتجون شعارات كتب عليها
"الصحفيون لا يخافوا، الصحافة حرة حرة" و"الصحافة للأحرار لا يمين لا
يسار". بحسب رويترز.
وينظر الى حرية التعبير في تونس على انها أبرز مكسب ناله التونسيون
بعد الانتفاضة التي اطاحت بالنظام السابق قبل ثلاث سنوات ولكن الصحفيين
يخشون من ان هذه الحرية أصبحت مهددة في ظل تكرر الاعتداءات عليهم في
الآونة الأخيرة، وكانت وزارة الداخلية طلبت في وقت سابق هذا العام من
الصحفيين الاكتفاء بالبيانات الرسمية للوزارة اثناء مواجهات مع جماعات
دينية متشددة وهو ما رفضه الصحفيون وقالوا انه تهديد لحريتهم.
ليبيا
فقد اغتيل الصحافي مفتاح بوزيد، رئيس تحرير صحيفة برنيق، بالرصاص
صباح الاثنين في وسط مدينة بنغازي، معقل المجموعات المسلحة المتطرفة في
شرق البلاد، والصحافي والمحلل مفتاح بوزيد معروف بانتقاداته للمجموعات
الإسلامية المتطرفة على محطات التلفزة الليبية. وبحسب أحد المقربين
منه، فإن مواقفه هذه أدت إلى تعرضه لتهديدات متكررة.
ومنذ الثورة التي أطاحت بنظام معمر القذافي في 2011، يشهد شرق
ليبيا، وخصوصا مدينة بنغازي، سلسلة هجمات واغتيالات تستهدف عسكريين
ورجال شرطة وقضاة لكن نادرا الصحافيين. |