الربح مقابل الربح، هكذا يجري الحديث منذ تسلم الشيخ حسن روحاني
مقاليد رئاسة الجمهورية الإسلامية بعد سنوات من التوتر مع الجوار
العربي، وصراع محتدم في ملفات عدة على المستوى الإقليمي والدولي لعل
أبرزها ملف التسلح النووي الإيراني الذي يشكك فيه الغرب، والصراع في
سوريا والعراق واليمن والبحرين ولبنان.
الجميع يرى في روحاني شخصا مختلفا عن سلفه أحمدي نجاد، لكن لايجب
تجاهل حقيقة التغيير في السياسة التي يتبعها الغرب، وكذلك إستراتيجية
طهران التي لعبت مع الغرب وحلفائه في عديد الملفات، وربما فاجأت الجميع
بقرارات لم تكن منتظرة وهي ليست خسارة لإيران كما توهم البعض بقدر
تأكيدها لنوع نجاحات تحققت إثر صمود نظام دمشق وعدم إنهياره السريع كما
كان متوقعا، ومافعله روحاني ودوره في ترشيد السياسة الإيرانية مع
واشنطن وحلفائها، وتقديمه مقترحات عملية لحلحلة المشكل النووي، والدفع
بإتجاه مؤتمرات جنيف المختلفة التي فشلت بالكامل في تغيير المعادلة
لجهة إنهاء النزاع السوري، ودخول الجماعات المتطرفة في الحرب الأهلية
بآيديولوجية أقل مايقال عنها، إنها صادمة للمجتمع الدولي الذي يريد
إسقاط الأسد لكنه لايملك رؤية حقيقية لطبيعة التعامل مع منظمات إرهابية
يقاتلها الأسد بدعم إيراني مباشر، وهي موجودة في العراق وسوريا على
السواء، وتحاول الإعلان عن نفسها في مواقع شتى من العالم العربي.
لاتبدو إيران رابحة ، لكنها ليست خاسرة، فخصومها لم يربحوا شيئا وهم
يتوددون لها منذ إعلان المبعوث الأممي المستقيل الأخضر الإبراهيمي عن
الحاجة لدور إيراني في حل المشكل السوري ومن ثم الرضا الغربي بذلك،
والذي إصطدم برفض سعودي لم يفاجئ إيران، ولم يزعجها نهائيا مع وجود
الحليفين الروسي والصيني، وتوفر اللباقة الكافية لوليد المعلم ومن معه
في وفد النظام الحاضر في مشاغلة المجتمعين، وكل الرهانات الإيرانية
قائمة على أساس الحصول على المزيد من التنازلات الغربية المبنية على
أساس شعور الطرف الآخر إنه لن يخسر المعركة وهذا ماتأكد في مفاوضات
الملف النووي في جنيف بقيادة المحنك محمد جواد ظريف ولذلك اطلق الرئيس
روحاني نظريته الشهيرة (الربح مقابل الربح) التي تستهدف الحصول على
مكاسب لاتستفز الآخر.
بعد أشهر طويلة من الصراع في سوريا يتحرك المجتمع الدولي في إتجاهات
عدة لاتبدو إنها تقدم شيئا أو تؤخر فكل أطراف الصراع متمسكة بمواقفها
المتشددة سواء كان النظام السوري وحلفائه، أو من المعارضة المقاتلة
التي تواجه تحديا خطرا يتمثل في إنفراد دولة الشام والعراق الإسلامية
بإستراتيجية مرعبة لاتحتاج الى الكثير من الفهم لمعرفة مدى تأثيرها في
تعقيد الصراع وإدامته الى حد غير مسبوق ومرعب. يعود المجتمع الدولي
لتسليم الملف بكامله الى دول حليفة ومناوئة كتركيا وإيران اللتين
تبدوان غير متفقتين على حل يريح أحدهما ويثير الآخر، وهما بحاجة الى
مزيد من الوقت للتباحث وإيجاد معادلة تحقق نظرية (الربح مقابل الربح).
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |