السعودية مملكة دستورية (جريمة) لماذا؟

علي آل غراش

 

العالم يتغير والمنطقة العربية تغلي والشعوب عبرت عن رأيها عبر النزول للشوارع والميادين بشعار ‘الشعب يريد تغيير النظام’، بعض الانظمة العربية سقطت والبعض يترنح، ولكن الشعوب العربية لم تحصل على ما تتمناه من إصلاح في الدول التي شهدت تغييرا، وبعض الانظمة في الدول الأخرى التي لم تشهد تغييرا لغاية الآن، وللاسف، لم تتفهم مطالب شعوبها وتستفيد من الانظمة التي سقطت والتي تم سحلها أو قتلها أو محاكمتها أو هروبها، بل تمسكت برفض التغيير والاصلاح واحترام رأي الشعب، وظهرت على حقيقتها من عنف ودموية وقتل وتدمير للتشبث بالسلطة.

الشعب السعودي تحرك كبقية الشعوب، وشهدت بعض المدن مظاهرات ومازال الحراك المطلبي مستمرا لغاية اليوم، كما يحدث في القطيف وكذلك من خلال برامج التواصل، السلطة السعودية واجهت تلك المطالب والمظاهرات والحراك بأسلوب أمني وبوليسي وقمعي، اعتقل خلاله الآلاف وتعرض البعض منهم للتعذيب والسجن والحكم لسنين طويلة، والبعض قتل بسبب المطالبة بالحقوق والحراك السلمي، رغم انها مطالب طبيعية، بل حقوق وهي بسيطة كالاصلاح وتبني المملكة الدستورية، وهو كما قلنا مطلب أدنى لمستويات المطالب بالحقوق،’بل تحول ذلك المطلب بتحول النظام الى مملكة دستورية الى جريمة كبرى!.

4 مارس/اذار 2011 يوم تاريخي في السعودية سيسجله التاريخ، حيث شهد حدثين مهمين: الاول ان العديد من المدن السعودية شهدت مظاهرات ومنها في مدينة الهفوف في أول ‘مظاهرة قوية تتجه إلى مبنى إمارة الاحساء التاريخية. اما الثاني فكان اتساع انتشار نص الاعلان الوطني للإصلاح في السعودية بمشاركة عدد من المثقفين والمهتمين بقضية الإصلاح الوطني موجه إلى القيادة السياسية السعودية (البيان نشر في نهاية فبراير).

ولي الشرف بأني كنت احد الموقعين على هذا البيان والنداء الوطني، وهو نداء ركز على نقاط مهمة، وهي عبارة عن خريطة طريق للخروج بالوطن إلى بر الأمان في ظل الظروف المحيطة، والتغيرات والمتغيرات التي تشهدها المنطقة، والإسراع بعملية الإصلاح الوطني بما يواكب المطالب الشعبية، في ظل الاحتقان الشعبي المتصاعد، ومن ضمن تلك النقاط التي ذكرت، الإسراع بالتحول الى ملكية دستورية، حيث جاء في الإعلان الوطني ما نصه: (نتطلع إلى إعلان ملكي يؤكد بوضوح على التزام الدولة بالتحول إلى ‘ملكية دستورية’، ووضع برنامج زمني يحدد تاريخ البدء بالإصلاحات المنشودة والشروع في تطبيقها وتاريخ الانتهاء منها. كما يؤكد تبنيها للأهداف الكبرى للإصلاح، أي: سيادة القانون، والمساواة التامة بين أفراد الشعب، والضمان القانوني للحريات الفردية والمدنية، والمشاركة الشعبية في القرار، والتنمية المتوازنة، واجتثاث الفقر، والاستخدام الأمثل للموارد العامة).

كنا نأمل ان يجد هذا النداء الوطني التجاوب والتفاعل من قبل الادارة السياسية العليا في الوطن، ولكن للاسف ان مجموعة من الموقعين على البيان والنداء الوطني تعرضوا للاعتقال والمحاكمة والبعض منع من السفر، والبعض تم استدعاؤه في وزارة الداخلية، وحكم على البعض بسنين طويلة. ’من المؤسف حقاً’ان يتحول النداء الوطني عبر المطالبة ‘بالإسراع بعملية الإصلاح حسب دستور يعطي الشعب حق المشاركة السياسية إلى جريمة كبرى يعاقب عليها. ومن المؤسف جداً ان الدولة’التي تمر بمرحلة صعبة وتواجه مآزق داخلية وخارجية، مصرة على معالجة الأزمات والمشاكل بطريقتها السابقة، وعدم إشراك المواطنين في البحث عن حل وطني.

‘الأمور حاليا داخل الوطن اكثر سوءا من السابق عام 2011، وقد حان الوقت لتبادر الحكومة بتبني خطة طريق إصلاحية شاملة، والنداء الوطني المقدم اليها هو الطريق الأمثل والأسلم، فنحن نريد تغييرا سلميا وطنيا خالصا بدون عنف أو فوضى، فالشعب السعودي طيب وبسيط ومسالم.’

البداية تكون عبر الإعلان عن مبادرة عاجلة بإطلاق سراح والإفراج الفوري عن المعتقلين، وبالخصوص الناشطين السياسيين والحقوقيين وشباب الحراك الشعبي والمطالبين بالاصلاح في جميع المناطق، وتبني خطة الملكية الدستورية أو النظام الذي يريده الشعب عبر صناديق الانتخابات، في ظل دستور يمثل الارادة الشعبية ويحترم التعددية في الوطن فهو الضمانة المتاحة حاليا لتنظيم الدولة وإنقاذها من الفوضى والفساد والاستغلال وربما الضياع والانهيار.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/آيار/2014 - 23/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م