أمريكا والصين... حروب بأوجه مقنعة

 

شبكة النبأ: بعد ان أعلنت الولايات المتحدة الامريكية، مؤخراً، انها بصدد إعادة خططها بشأن إعادة التوازنات في اسيا التي رافقت زيارة الرئيس الأمريكي لعدد من دول اسيا، ايذاناً بإعادة ترتيب سلم أولوياتها، والدخول بقوة في هذه القارة الواعدة بالمستقبل الاقتصادي والمجال الحيوي لأمريكا، أشار الخبراء، ايضاً، الى ان المواجهة والتصعيد العدائي الذي ازدادت وتيرته مؤخراً، بين الولايات المتحدة الامريكية والصين، تأتي في سياق الخطة التي باشرت فيها الولايات المتحدة لأحياء وجودها من جديد في المنطقة.

وقد شكل هذا التصعيد نقطة تحول مهمة، يرى من خلالها بعض المحللين، ان الولايات المتحدة تحاول تحجيم الصين وطموحاتها، بعد ان تحولت الى عملاق اقتصادي كبير ينمو بوتيرة عالية، إضافة الى تحركاتها الدبلوماسية والعسكرية، التي أصبحت مثار قلق كبير للبيت الأبيض.

ويبدو ان اعلان الحرب بصورة غير مباشرة من قبل واشنطن تجاه بكين، هو مقدمة لبداية إعادة التوازنات السياسية والاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة، سيما وان إعادة التقييم لرسم "طريق الحرير الجديد" بات ضرورياً للولايات المتحدة وسط الاضطرابات والصراعات القوية بين القوى الكبرى على المستوى الاقتصادي، بعد ان أدركت الأخيرة ان خطوط الامداد الاقتصادي لا تشمل الشرق الأوسط فحسب، بل تمتد في عموم قارة اسيا. 

إضافة الى ذلك، يرى محللون، ان تحركات أخرى لبكين، اثارت هواجس مريبة للولايات المتحدة، منها التحالفات التي تقيمها الصين مع روسيا ودول أخرى تقف على الضد من الولايات المتحدة، ودخولها الى القارة الافريقية كشريك اقتصادي لبعض الدول الافريقية، ودبلوماسيتها المكثفة في الشرق الأوسط، وصفقات الأسلحة المتطورة، والتي كان اخرها الاتفاق مع تركيا على تزويدها بمنظومة صاروخية متطورة، معززة بالحرب الالكترونية القوية التي تجري بالخفاء ضد الولايات المتحدة، والتي كان اخرها ادانة ضباط في الجيش الصيني بسرقة معلومات امريكية هامة.

حرب اعلامية

فقد وصفت وسائل اعلام صينية الولايات المتحدة بأنها "وغد متغطرس" و"بلطجي على مستوى عال" ردا على اتهام واشنطن خمسة ضباط في الجيش الصيني بالتسلل الى مواقع شركات أمريكية لسرقة أسرار تجارية، وكان الاتهام الذي وجه مؤخراً هو أول اتهام قرصنة جنائية توجهه الولايات المتحدة لمسؤولين أجانب بعينهم ويأتي بعد تصاعد الانتقاد العلني والمواجهة الخاصة بين أكبر اقتصادين في العالم بشأن تجسس الانترنت.

وفي أول رد علقت الصين نشاط مجموعة عمل صينية أمريكية بشأن قضايا الانترنت، وقالت صحيفة جلوبال تايمز الصينية وهي صحيفة مؤثرة تديرها تشاينا ديلي الصحيفة الرسمية التي تتحدث باسم الحزب الشيوعي الصيني في مقال افتتاحي ان هذا الاجراء كان "التحرك الصحيح لكن يتعين ان نتخذ اجراءات أخرى"، وقالت الصحيفة "يجب ان نشجع المنظمات والافراد الذين تأثرت حقوقهم على ان يهبوا ويقاضوا واشنطن"، وأضافت "فيما يتعلق بقضية أمن الشبكة فان الولايات المتحدة وغد متغطرس يتعين منعه من تطوير أي أوهام في هذا الشأن".

ووصفت النسخة التي تصدر بالصينية من صحيفة جلوبال تايمز الولايات المتحدة بأنها "بلطجي على مستوى عال"، وقالت صحيفة الشعب اليومية مستشهدة بتقارير اعلامية عن قيام ادارة الامن القومي الامريكية بالتجسس على رئيسة البرازيل ديلما روسيف ان الاجراءات القانونية من جانب واشنطن ضد الصين "متغطرسة وتنطوي على رياء".

وقالت وكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) في تعليق لها ان "وقف عمليات مجموعة ثنائية بشأن شؤون الانترنت هو بداية معقولة لكن يجب تحضير مزيد من الاجراءات المضادة تحسبا لان تتمسك واشنطن بالمسار الخطأ، والا يجب ان تتحمل المسؤولية الكاملة عن عواقب مهزلة حين يقدم لص نفسه على انه شرطي". بحسب رويترز.

وألغى مسؤول صيني رفيع في أمن الانترنت الظهور في مناسبة بغرفة التجارة الامريكية حيث كان من المقرر ان يتحدث بشأن "انعدام الثقة العالمي الحالي في أمن الانترنت"، وقال أحد المنظمين طالبا عدم ذكر اسمه ان دو يو جين غاب عن المناسبة في بكين "بسبب حساسية البيئة السياسية وخاصة ما يتعلق بالاتهام الامريكي".

وعلقت الصين نشاط مجموعة عمل صينية أمريكية بشأن قضايا الإنترنت، وقالت صحيفة جلوبال تايمز الصينية وهي صحيفة مؤثرة تديرها تشاينا ديلي الصحيفة الرسمية التي تتحدث باسم الحزب الشيوعي الصيني في مقال افتتاحي أن هذا الإجراء كان "التحرك الصحيح لكن يتعين أن نتخذ إجراءات أخرى".

حرب كلامية

فيما انتقد الرئيس الصيني شي جينبينغ بشكل غير مباشر الولايات المتحدة في خطاب دان فيه التحالفات العسكرية في آسيا التي اصبحت "محور" الجيوسياسية الأميركية، وقال شي خلال قمة حول الامن الاقليمي في شنغهاي يشارك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان "تقوية تحالف سياسي موجه ضد طرف ثالث لا تساهم في المحافظة على الامن المشترك".

لم يذكر الرئيس الصيني الولايات المتحدة بالاسم لكن كان من الواضح انه يتحدث عن سياسة واشنطن في المنطقة، وخلال جولة في آسيا الشهر الماضي، سعى الرئيس الاميركي باراك اوباما الى طمأنة حلفائه حول نية واشنطن اعادة التوازن الاميركي الدبلوماسي والعسكري الى آسيا، واثار تصريح لأوباما من طوكيو غضب الصين، فقد أكد ان الجزر المتنازع عليها بين طوكيو وبكين يشملها اتفاق دفاعي اميركي ياباني.

ودعت وكالة الانباء الصينية الرسمية بدورها في افتتاحية الدول خارج آسيا الى القيام بدور "بناء من دون اضرام الحرائق او اشعال النيران"، وتواجه الصين اليوم توترات مع فيتنام في بحر الصين الجنوبي بعدما ارسلت منصة نفطية الى منطقة قريبة من جزر متنازع عليها مع هانوي. ووصفت واشنطن الخطوة الصينية بـ"الاستفزازية"، وتحيط بالصين دول تتنافس معها وتقف في وجه طموحاتها وهي بالأساس كوريا الجنوبية واليابان وتايوان بالإضافة الى القواعد العسكرية الاميركية.

حرب دبلوماسية

من جانبها استدعت وزارة الخارجية الصينية السفير الأمريكي في بكين بعد أن وجهت الولايات المتحدة لخمسة ضباط من الجيش الصيني تهمة "القرصنة المعلوماتية" و"التجسس الاقتصادي"، حسبما أوردت وكالة أنباء الصين الجديدة، وقدم مساعد وزير الخارجية شينغ شيغوانغ "احتجاجا رسميا" إلى السفير الأمريكي ماكس بوكوس، بحسب الوكالة، كما اتهمت وزارة الدفاع الصينية الولايات المتحدة بـ"الخبث" وبانتهاج "ازدواجية في المعايير".

وأعلنت الوزارة في بيان نشر على موقعها الإلكتروني أنه "من ويكليكس إلى قضية سنودن، أن خبث الولايات المتحدة وازدواجيتها في المعايير في مجال الأمن المعلوماتي لطالما تجليا بوضوح"، وتابع البيان أن "شبكة التجسس التجاري المزعومة ليست سوى تلفيق أمريكي يندرج في سياق استراتيجية لخداع الرأي العام بدوافع غير معلنة".

ووجهت هيئة محلفين في بنسلفانيا (شرق الولايات المتحدة) التهمة إلى خمسة ضباط صينيين بالقيام بين 2006 و2014 بسرقة أسرار تجارية لشركات أمريكية متخصصة في الطاقة النووية أو الشمسية وفي صناعة التعدين، وبحسب صحيفة واشنطن بوست فإن التجسس المعلوماتي الصيني يكلف الاقتصاد الأمريكي ما بين 24 و120 مليار دولار سنويا.

وردت بكين على الفور على التهم فوصفتها بأنها "لا معنى لها" وتستند إلى "وقائع مفبركة" و"تهدد التعاون والثقة المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة"، ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن مسؤول صيني اتهامه الولايات المتحدة بأنها أكبر قراصنة الفضاء الإلكتروني الصيني.

وقال المسؤول إنه بين منتصف آذار/مارس ومنتصف أيار/مايو "كانت 2077 شبكة حصان طروادة أو خوادم شبكات روبوت (بوت نت) في الولايات المتحدة تسيطر مباشرة على 1,18 مليون كمبيوتر في الصين"، وفي الفترة ذاتها شنت أجهزة كمبيوتر أو عناوين بروتوكول أنترنت حوالي 57 ألف هجوم و14 ألف محاولة اصطياد من خلال إرسال بريد إلكتروني خبيث للحصول على كلمات مرور وبيانات سرية. بحسب رويترز.

وكانت شركة مانديانت الأمريكية لأمن الإنترنت كشفت في شباط/فبراير 2013 عن وجود الوحدة 61398 التي يتبع لها الضباط الصينيون المتهمون، في تقرير حول حجم التجسس المعلوماتي الصيني، وتمكنت الشركة من متابعة خيوط هذه الهجمات الإلكترونية وصولا إلى مبنى من 12 طابق في ضواحي شانغهاي يأوي "مئات بل آلاف الموظفين" يعملون لحساب هذه الوحدة في الجيش الصيني، وقال وزير العدل الأمريكي إريك هولدر إنه مع توجيه هذه التهم فإن القضاء الأمريكي يضع "وجوها وأسماء خلف لوحات المفاتيح في شانغهاي".

وقالت في بيان أصدرته الخارجية ببكين إن "الصين لم تتورط أو تشارك أبداً في السرقة الإلكترونية وإن مثل هذه الاتهامات سوف تلحق أضراراً بالتعاون المشترك بين البلدين".

يُذكر أن المحامي العام الأمريكي، إيريك هولدر، قال في وقتٍ سابقٍ إن الانتهاكات المزعومة تستدعي رداً قوياً، كما صرحت النيابة العامة الأمريكية بأن الضباط الصينين تمكنوا من الحصول على أسرار تجارية ومستندات داخلية خاصة بخمس شركات بالإضافة إلى مستندات خاصة بأحد اتحادات العمال الأمريكية.

وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الصينية، سكين غانغ، لوكالة الأنباء الصينية شينخوا، إن "الاتهامات لا أساس لها من الصحة على الإطلاق وانها أُطلقت لغرض آخر"، وأضاف أن "الصين قررت تعليق أنشطة المجموعة الإلكترونية الصينية الأمريكية"، وهي المجموعة التي تشكلت في إبريل / نيسان الماضي.

وتابع غانغ، "نظرًا لغياب الإخلاص من الجانب الأمريكي فيما يتعلق بحل المشكلات ذات الصلة بالأمن الإلكتروني عبر الحوار والتعاون، لذلك قررت الصين تعليق أنشطة المجموعة الإلكترونية الصينية -الأمريكية".

هذا وتصر الصين طول الوقت أنها هي نفسها ضحية لأنشطة السرقة الإلكترونية والتنصت والمراقبة من جانب الولايات المتحدة وفقًا لغانغ، وأضاف غانغ: "نحث الولايات المتحدة بقوة مرة ثانية على تقديم تفسير واضح لما فعلته وأن تتوقف فورًا عن تلك النوعية من الأنشطة"، وحذر أيضًا من أن الصين لا زال لديها المزيد من الردود على الاتهامات الأمريكية، ولكنه لم يذكر أي تفاصيل حول ذلك.

من جانبه، قال هولدر إن هيئة محلفين كبيرة وجهت اتهامات بالقرصنة الإلكترونية لمواطنين صينيين، وأضاف أن أول تلك الاتهامات وُجه إلى "أشخاص يعملون لصالح الدولة تسللوا إلى أهداف تجارية أمريكية عبر وسائل إلكترونية"، وحدد تلك الأهداف المزعومة بواشنطن وسينتغهاوس، ويو إس ستيل، وألكوا إنك، وأليني تكنولوجي، وسولار وورلد، واتحاد عمال الصلب الأمريكي.

وقال رئيس قسم الأمن القومي بوزارة العدل الأمريكية، جون كارلن، إنه "بينما يقضي الرجال والنساء بالشركات الأمريكية وقتهم في ابتكار وخلق وتطوير استراتيجيات للمنافسة في الأسواق العالمية، يقضي أعضاء تلك الوحدة 61398 أيام عملهم في شنغهاي في سرقة ثمار جهد عمالنا."

وذكر أنه بينما كانت شركة ويستنغهاوس تتفاوض مع شركة صينية مملوكة للدولة بشأن إنشاء محطات طاقة نووية، قام رجال الوحدة 61398 بسرقة التصميمات السرية لمكونات تلك المحطات.

وأضاف أنه "في الماضي، عندما أعربنا عن مخاوف من هذا النوع لمسؤولين صينيين، استجابوا بتحد معلن لنا أن نقدم أدلة مادية على قرصنتهم الإلكترونية يمكن تقديمها للمحاكم"، جدير بالذكر أن شركة الدفاع الإلكتروني، مانديانت، نشرت تقريرًا حول الوحدة العسكرية الصينية قالت فيه تلك الوحدة كانت وراء أغلب الهجمات الإلكترونية الخطيرة التي وُجهت إلى المنظمات الاتحادية والشركات الأمريكية.

أما وزير الدفاع الأمريكي، تشالك هيغيل، فقال إن وضعت خططًا من شأنها رفع قدرات الأمن الإلكتروني إلى ثلاثة أضعاف على مدار السنوات القليلة المقبلة للتصدي لتلك الهجمات، ومن جانبه، وصف الرئيس الأمريكي، باراك أوباما الهجمات الإلكترونية بأنها "تهديد حقيقي" لأمن الولايات المتحدة واقتصادها.

حرب عسكرية

من جهة اخرى ربما تكون صفقة الصواريخ المتطورة التي تعتزم تركيا ابرامها مع الصين رغم اعتراضات شركائها في حلف شمال الاطلسي قد أغضبت واشنطن وعواصم أخرى لكنها لم تكن مفاجأة، وعندما كانت الولايات المتحدة تنفق مليارات الدولارات وتخسر مئات القتلى في العراق وأفغانستان كانت بكين تواصل بهدوء تعزيز وجودها في الشرق الاوسط.

ومن الناحية العسكرية تعتبر الولايات المتحدة القوة الاقليمية المهيمنة وبفارق كبير في ظل احتفاظها بحاملة طائرات قرب الخليج وعشرات السفن الحربية الاخرى وقواعد رئيسية في تركيا وقطر والامارات العربية المتحدة، وسعت الصين للسير على خطى روسيا في القيام بدور بارز في الشرق الاوسط وإن كان جرى تهميشه أحيانا في قضايا مثل سوريا.

لكن النفوذ الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي لبكين ينمو بسرعة، وقالت وزارة التجارة الصينية في الشهر الماضي ان حجم التجارة بين الصين والدول العربية وصل الان الى 222 مليار دولار سنويا وهو ما يزيد 12 مرة عن مثيله في عام 2002، ويتفوق هذا على حجم التجارة بين الولايات المتحدة ودول الشرق الاوسط الذي بلغ 193 مليار دولار في عام 2011.

ومن الناحية العسكرية أيضا يزداد وجود الصين رسوخا، وبالإضافة الى الاحتفاظ بقوة من ثلاث سفن لمكافحة القرصنة في المحيط الهندي وإرسال سفن الى البحر المتوسط من حين لآخر نشرت بكين قوات حفظ سلام ضمن قوة الامم المتحدة في لبنان، وقد يكون اختيار تركيا صفقة نظام دفاع صاروخي من طراز إف.دي-2000 بقيمة 3.4 مليار دولار من الصين بدلا من النظم الامريكية أو الاوروبية المنافسة مؤشرا على أشياء ستحدث مستقبلا.

وقالت كريستينا لين وهي مسؤولة أمريكية سابقة تعمل الان باحثة بكلية الدراسات الدولية "هذا جرس إنذار، الصين تتطلع لدور أكبر في الشرق الاوسط وهي تحظى بقبول متزايد هناك، وأضافت لين ان للصين مصالح متعددة في المنطقة ما بين الطاقة والاستثمار وحتى مكافحة انتشار الفكر المتطرف الذي يمثل مبعث قلق كبير لدى بكين في اقاليمها ذات الأغلبية المسلمة.

وتخضع الشركة التي تصنع النظام الصاروخي وهي تشاينا بريسيشن ماشيناري ايمبورت اند اكسبورت لعقوبات أمريكية لانتهاكها الحظر المفروض على ايران وكوريا الشمالية وسوريا بموجب قانون حظر انتشار الأسلحة، ورغم أن مسؤولين أتراك قالوا ان الصفقة لم تتم بصورة نهائية حتى الان إلا ان من المرجح ان تمضي قدما. بحسب ريترز.

ويشكو مسؤولون أمريكيون وآخرون من دول حلف شمال الاطلسي من ان نظام الدفاع الصاروخي الصيني قد لا يكون متوافقا مع أنظمة الحلف وربما يزيد من مخاطر التعرض لهجمات عن طريق الانترنت، وقالت وزارة الخارجية الصينية ان الدول الغربية تبالغ في رد فعلها تجاه قرار تجاري في الاساس.

ويقول خبراء ان الخلط بين التجارة والسياسة هو في صميم اسلوب الصين، ويزور مسؤولون صينيون بانتظام كثيرا من دول الشرق الاوسط في حين زار بكين العديد من قادة دول المنطقة مثل رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الاردني الملك عبد الله، ويقول محللون ان تداعيات "الربيع العربي" وتخلي واشنطن عن حلفاء قدامى مثل الرئيس المصري حسني مبارك دفع بعض الحكومات للبحث عن حليف بديل، حتى ان شركاء للولايات المتحدة لفترات طويلة يشعرون بذلك.

وقال العاهل الاردني لوسائل اعلام صينية في الشهر الماضي انه شخصيا لديه علاقات صداقة بزعماء صينيين حاليين وسابقين، وأضاف "نحن مهتمون بالبناء على هذه العلاقة، لان الصين تلعب دورا حيويا في دعم السلام والاستقرار العالمي ولها دور مؤثر في القضايا الاقليمية".

والصين مورد أساسي منذ فترة طويلة للأسلحة الصغيرة الى المنطقة، وقد أشار معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في تقريره الى المبيعات في الفترة من 2006 الى 2010 لمصر والاردن ولبنان وقطر، ومع ذلك فإن صفقة الصواريخ الصينية تمثل اختراقا كبيرا بالنسبة لمبيعات الصين من الأسلحة المتقدمة، وينظر الى احتياجات الطاقة المتزايدة للصين على انها دافع اساسي.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ان تنمو واردات الصين من نفط الشرق الاوسط من 2.9 مليون برميل يوميا في عام 2011 الى 6.7 مليون برميل يوميا في عام 2035 وهي نسبة يتوقع ان تمثل 54 في المئة من اجمالي واردات الصين من النفط، فضلا عن ذلك فقد أصبحت شركات النفط الصينية من بين أكبر الشركات العاملة في العراق وايران وتعد بكين أكبر شريك تجاري للسعودية وأكبر مشتر للخام الايراني.

ويبدو أن هذه القوة الشرائية أتاحت للصين وقوى اسيوية اخرى تحديد مدى نجاح العقوبات الامريكية والاوروبية المفروضة على ايران بشأن برنامجها النووي، ويقول بعض المحللين ان احتياجات الصين النفطية على المدى البعيد يمكن ان تجعلها أقرب الى الغرب وخاصة بشأن ايران، ويقول معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام ان مبيعات الدفاع الصينية لطهران تراجعت بدرجة ملحوظة.

وقالت اريكا دونز محللة الطاقة السابقة بوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي.إيه) في إفادة عن الممارسات التجارية الصينية أمام أعضاء الكونجرس في وقت سابق هذا العام "اذا كانت واشنطن ستخفض وجودها العسكري في المنطقة بدرجة كبيرة فان المخاوف بشأن أمن النفط قد تجبر بكين على القيام بدور أكبر في خفض التهديد الرئيسي للتدفق الحر للنفط (وهو) اغلاق مضيق هرمز".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/آيار/2014 - 23/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م