أسترا زينيكا وفايزر.. تنافس عملاق لاحتكار الدواء

 

شبكة النبأ: لا يزال العرض الضخم الذي قدمته فايزر الأمريكية أكبر منتج للأدوية في العالم في سبيل الاستحواذ على منافستها البريطانية أسترا زينيكا، محط اهتمام الدى العديد من الاوساط الاقتصادية والسياسية والاعلامية في مختلف دول العالم، وقد اثارت هذه الخطوة الجدل واسع في بريطانيا وغيرها من الدول، خصوصا وان شركة فايزر الأمريكية قد سعت وخلال مفاوضاتها المستمرة الى زيادة قيمة عرض الاستحواذ، حيث يرى بعض الخبراء ان فايزر تخطط ومن خلال هذا العرض المغري لإنشاء أكبر شركة عقاقير في العالم، يكون مقرها في نيويورك بالولايات المتحدة، لكن قاعدتها ستكون في بريطاينا ولأسباب مختلفة، لعل من اهمها ما يتعلق بتخفيض التزاماتها الضريبية ووفقا للاستراتيجية الضريبية، يمكن لفايزر أن تدفع 20 في المئة فقط كضريبة عن الشركة البريطانية إذا ما نجحت في الاستحواذ عليها، بدلا من 35 في المئة، وهي القيمة الضريبية المقررة في الولايات المتحدة وهو ما سيكون سببا في زيادة ارباحها وعوائدها المالية.

هذا التخطط من قبل فايزرا واصرارها على اتمام الصفقة اثار ايضا مخاوف الكثير الجهات والمؤسسات العمالية التي تخشى من فقدان الكثير من الوظائف بعد نجاح هذه الصفقة الكبيرة وفي هذا الوقت بذات، خصوصا وان أسترا زينيكا يعمل بها 6700 موظف في بريطانيا فقط. وهو ما قد يدفع فايزرا الى اجراء خطط خاصة قد تسهم بتخفيض عدد الايدي العاملة في سبيل تعويض مليارات الدولارات التي ستدفعها مقابل هذه الصفقة.

وتعتبر استر زينيكا واحدة من اهم واكبر شركات الادوية في العالم، من حيث حجم العائدات والعمليات التي تنتشر في أكثر من 100 دولة. وتقدم استرا زينيكا باقة واسعة من المنتجات الطبية تساهم في الحد من انتشار الأمراض الرئيسية مثل السرطان وأمراض الجهاز الهضمي، والمعوي وأمراض القلب والأوعية الدموية والأعصاب والجهاز التنفسي والالتهابات بشتى انواعها. وتدرج الشركة اسهمها في بورصة لندن، ونيو يورك وبورصة OMX. وتعتبر الشركة من أهم 100 شركة عالمية على مؤشر فاينانشال تايمز.

وفي عام 1913 تأسست الشركة تحت اسم استرا السويدية في مدينة سودرتاليا، جنوب العاصمة السويدية ستكهولم. وفي عام 1999 تغير إسم الشركة ليصبح استرا زينيكا بعد اندماجها بمجموعة PLC البريطانية. وتضم الشركة حالياً أكثر من 61 ألف موظف، وتحقق مردوداً إنتاجياً يفوق 11.39 مليار دولار أمريكي في السنة.

110 مليار دولار

وفي هذا الشأن رفعت شركة فايزر الأمريكية قيمة عرضها للاستحواذ على منافستها البريطانية أسترا زينيكا لأكثر من 110 مليار دولار. وقالت فايزر إن "هذا هو العرض النهائي والأخير". وتخوف العديد من الموظفين من خسارة وظائفهم في حال دمج الشركتين معاً وخاصة من شركة أسترا زينيكا. ولا بد من الاشارة إلى أن شركة فايزر قد تقدمت بعرضين تم رفضهما من قبل آسترا زينيكا.

ويذكر أن أسترا زينيكا تضم الكثير من العمال في مختلف أنحاء العالم منهم 6700 في بريطانيا. ويبلغ عدد العاملين في فايزر 70 ألف عامل تقريبا منهم 2500 عامل في بريطانيا. وأبلغت فايزر كاميرون بأنها ستمضى قدما في خططها لشراء قسم الأبحاث والتطوير لأسترازينيكا ومقره كامبريدج، مع الاحتفاظ بمنشآت التصنيع الخاصة بالشركة البريطانية في ماكيلزفيلد. وتعهدت فايزر أيضا بأنه في حال المضي قدما في الصفقة، فإن 20 في المئة من فريق الأبحاث والتطوير.

وقالت الشركة إنها تريد أن يكون مقرها التجاري والضريبي في بريطانيا، بالإضافة إلى مقرها في أوروبا. وقال هيثر سيلف، خبير الضرائب في مؤسسة "بنسنت ماسونز" إن "فايرز تريد أن تضع شركة بريطانية على رأس المجموعة بالكامل، والتي تخرج الشركة بالكامل من النظام الضريبي الأمريكي". ويذكر أن الضريبة الاتحادية على الشركات في أمريكا تبلغ 35 في المئة، بينما تصل نسبة الضرائب على الشركات في بريطانيا 21 في المئة ومن المقرر أن تنخفض إلى 20 في المئة عام 2015. وأوضح سيلف أنه من غير المرجح أن تحقق بريطانيا مكاسب ضريبية كبيرة من هذه الصفقة.

وأكدت الشركة الأمريكية أن تعهداتها في هذا الشأن ستكون سارية لمدة خمس سنوات، إلا إذا تغيرت الظروف بشكل كبير. ودعا عضو مجلس اللوردات مايكل هيسلتن إلى منح سلطات أكبر للحكومة البريطانية للتدخل في عمليات الاستحواذ الأجنبية على الشركات إذا كانت هناك خطورة على المصالح البريطانية المهمة. وعلى صعيد آخر، اشترت شركة AT&T الأمريكية واحدة من أكبر شركات الستايلايت في البلاد Direc TV بصفقة ققدرت بـ 50 مليار ولار امريكي.

ويخضع عرض الشركة الأمريكية الجديد لدراسة مفصلة، بسبب المخاوف من أنها ستعرقل أبحاث الأدوية بالشركة البريطانية، وتقلص الوظائف بها. وتخطط فايزر لإنشاء أكبر شركة عقاقير في العالم، وتسببت هذه الخطة في إثارة الجدل مع الاتحادات العمالية والسياسيين، وقال ليف جوهانسون، رئيس أسترا زينيكا، إن الفوائد المالية للشركة هي المحرك الرئيسي لسعى فايزر للاستحواذ. وأضاف جوهانسون أن "فايزر فشلت في تقديم عرض استراتيجي أو ذي قيمة."

وقال إيان ريد، الرئيس التنفيذي لشركة فايزر "نحن ملتزمون بتعهداتنا غير المسبوقة للحكومة البريطانية." وحصل مالكو الأسهم في أسترا زينيكا على عرض بقيمة 24.76 جنيه استرليني نقدا، بالإضافة إلى 1747 سهما في الشركة الجديدة، وبهذا تبلغ القيمة الإجمالية للسهم الذي يملكه المساهمون نحو 55 جنيها استرلينيا. كما وعدت فايزر بعدم القيام باستحواذ عدائي، وهو ما يعني التوجه مباشرة إلى حاملي الأسهم دون التفاوض مع مجلس الإدارة.

وذكر جوهانسون أنه أوضح لفايزر أن مجلس إدارة أسترا زينيكا يمكنه فقط أن يعتمد عرضا يزيد بنسبة 10 في المئة عن عرض فايزر البالغ 53.50 جنيه استرليني. وقال رئيس أسترا زينيكا إن رفض عرض فايزر جاء لثلاثة أسباب، أهمها أنها يمكن أن توفر قيمة أفضل لحاملي الأسهم بشكل مستقل. وأشار كذلك إلى أن الاستحواذ سوف يحد من قدرة الشركة على توفير الأدوية في السوق بسرعة، وأن الصفقة محفوفة بمخاطر بالغة في ما يتعلق بالتنفيذ. ومضى قائلا "من الواضح أنها صفقة مثيرة للجدل." بحسب بي بي سي.

في السياق ذاته قدمت أسترا زينيكا صورة متفائلة مبنية على عقاقير جديدة مازالت في مرحلة الإنتاج وتوقعت مبيعات تتجاوز 45 مليار دولار بحلول عام 2023 في إطار مقاومتها لعرض استحواذ من شركة فايزر بقيمة 106 مليارات دولار. وحققت ثاني أكبر شركة منتجة للأدوية في بريطانيا مبيعات 25.7 مليار دولار في 2013.

وستشهد أسترا زينيكا تراجعا للإيرادات على مدى السنوات الثلاث المقبلة مع سقوط براءات اختراع عقاقير أقدم غير أن الشركة تقول إنها تتوقع نموا " قويا ومستمرا" في الفترة من 2017 إلى 2023 بفضل علاجات جديدة للسرطان والسكري وأمراض القلب والرئة. ورفضت أسترا زينيكا عدة عروض من فايزر التي تريد أن تكون أكبر شركة أدوية في العالم وخفض فاتورتها الضريبية عن طريق شراء المجموعة.

مصلحة وطنية

على صعيد متصل دعا زعيم حزب العمال البريطاني إد ميليباند إلى التحقق من مدى وجود "مصلحة وطنية" بالنسبة إلى بريطانيا في عرض استحواذ تقدمت به شركة فايزر الأمريكية للأدوية لشراء شركة أسترازينيكا البريطانية للأدوية. وكتب ميليباند خطابا إلى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يحضه فيه على التأكد من وجود مصلحة عامة أقوى فيما يخص الاستحواذ على الشركات البريطانية المهمة.

ونفت رئاسة الوزراء مزاعم حزب العمال التي مفادها أنها "تتزعم الحملة لتشجيع" الصفقة، قائلة إنها تبذل جهدا خارقا من أجل الحفاظ على الوظائف وازدهار العلوم في بريطانيا. وكانت شركة أسترازينيكا رفضت عرض فايزر بشأن صفقة الشراء. وإذا كللت هذه الصفقة بالنجاح، فإنها ستكون أكبر عملية استحواذ أجنبي على شركة بريطانية.

ودعا ميليباند خلال حديثه لبرنامج أندرو مار إلى فتح تحقيق مستقل بشأن الآثار المحتملة على "قاعدة العلوم والصناعة طويلة الأمد في هذا البلد"، متعهدا إذا أصبح رئيسا للوزراء (في الانتخابات المقبلة المقررة في عام 2015) بأن يوسع نطاق تقييم مدى توافر مصلحة عامة بحيث يكون بوسع الحكومات وقف إبرام هذه الصفقات.

وقال: "لم يلوح أي بلد آخر في العالم بهذه الصفقة، أو يومئ بها، على أساس ضمانات ضعيفة للغاية من شركة فايزر، التي لديها سجل مشكوك فيه لاسيما عندما يتعلق الأمر بسجلها في هذا البلد وعمليات الاستحواذ الأخرى." وقال زعيم حزب العمال في خطابه إلى رئيس الوزراء البريطاني:"أنا مقتنع تماما بوجهة النظر التي تقول إنه عندما يتعلق الأمر بجانب يحتل أهمية استراتيجة لشركة بريطانية، يلزم أن نجري المزيد من عمليات التقييم لتحديد ما إذا كانت عملية الشراء هذه ستصب في المصلحة الاقتصادية الوطنية قبل اعتبار الحكومة البريطانية نفسها داعمة لهذه الخطوة."

وأضاف:"صفقة فايزر لشراء أسترازينيكا تؤثر على أحد أهم شركات الاستثمار البريطانية في (مجال البحوث والتطوير)، ومساهم رئيسي لقاعدتنا العلمية فضلا عن توفيرها 6700 وظيفة متميزة في بريطانيا." وقال:"على الرغم من المخاطر، فإن الانطباع السائد في الأيام الأخيرة كان يشير إلى أن الحكومة تتزعم هذه المساعي من أجل إتمام هذه الصفقة على أساس خطاب قصير لا يقدم الضمانات الكافية."

واتهم رئيس حزب المحافظين الحاكم، غرانت شابس، ميليباند بأنه "معادي للأعمال"، قائلا إن الصفقة قد تكون "في مصلحة بريطانيا". وقال متحدث باسم رئاسة الوزراء:"الحكومة لا تشجع شركة فايزر، إنها تكافح من أجل (حماية) الوظائف والعلوم في بريطانيا". وأضاف: "عندما يوحي السيد ميليباند بشيء آخر، فإنه يقدم السياسة على المصلحة الوطنية...انخرطنا مبكرا مع هاتين الشركتين لتفادي إخفاقات الحكومات السابقة في مثل هذه الحالات." بحسب بي بي سي.

وقال مصدر من رئاسة الوزراء إن الحكومة "تراعي الحياد" بشأن الصفقة المقترحة. وقال كاميرون إن الحكومة حصلت على ضمانات "قوية" من فايزر لحماية الوظائف في الشركة. لكن أسترازينيكا قالت إن البنود الجديدة للعرض "غير ملائمة، وتقلل بشكل كبير من قيمة أسترازينيكا، ولا تمثل أساسا للانخراط في مفاوضات مع فايزر" بشأن الاستحواذ.

موقف السويد

الى جانب ذلك حثت الحكومة السويدية مساهمي شركة "استرا زينيكا" على رفض عرض الاستحواذ المقدم من قبل "فايزر" قائلة ان الإتفاق يضر بالاقتصاد. والسويد تعد شريكا أساسيا مع بريطانيا في أسترا زينيكا منذ خمسة عشر عاما حيث توظف الشركة حوالي ستة آلاف موظف في السويد. ودعا الوزراء السويديين المجموعات المساهمة في شركة أسترا زينيكا إلى رفض إقتراح فايزر بسبب عدم وجود ضمانات بالاحتفاظ بمشاريع البحوث وفرص العمل في أوربا.

 وبحسب بعض وكالات الانباء فقد تحدث ثلاثة وزراء – وزير التعليم، المالية، والمشروعات - من خلال مؤتمر صحفي مشترك ضد تلك الصفقة وأشاروا إلى تاريخ "فايزر" في خفض الوظائف بعد عمليات استحواذ سابقة، وقالوا ان على مساهمي "استرا زينيكا" التفكير بشكل جدي في رفض خطة الشركة الأمريكية.

وقد تحدث وزير المالية السويدي "اندرس بورغ" مع الحكومة البريطانية بشأن مخاوفه من تقليل تلك الصفقة للوظائف. ومنذ شراء "زينيكا" لـ "استرا" السويدية في عام 1999، قللت الشركة تواجدها في البلاد، حيث تبلغ قوتها العاملة في السويد حاليا 5900 فرد. وقد رفضت "استرا زينيكا" العرض الذي قدمته "فايزر" ولكن من المتوقع ان تعاود الشركة الأمريكية المحاولة مع عرض أفضل.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/آيار/2014 - 23/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م