الأزمة النووية الإيرانية.. الساعات الحرجة

 

شبكة النبأ: التفاؤل الحذر انعكس بقوة على طبيعة الجولات النووية التي تجري بين إيران والقوى الكبرى حالياً، وكلما اقترب الموعد النهائي للتسوية الشاملة في نهايات تموز القادم، زادت معه الضغوط الدولية الكبيرة والتي تمارس على إيران من جهة، والولايات المتحدة الامريكية (عرابه الاتفاق) من جهة أخرى، خصوصاً من قبل حلفائها المعارضين (إسرائيل في المقام الأول) لعقد أي اتفاق مع إيران قد يفضي في نهاية المطاف الى الاعتراف بإيران كإحدى الدول النووية في المنطقة وما تترتب عليه من تداعيات حساسة في منطقة الشرق الأوسط.

وقد واجه المفاوضين من الطرفين ساعات ودقائق حرجة، خلال المفاوضات التي وصفت بالحاسمة، لأنها فتحت الملفات الأكثر حساسية وخطورة، كما اثارت العديد من القضايا التي يختلف في تفسيرها الطرفين، سيما وان الوفدين لا يتبادلان الثقة الضرورية لا نجاح المفاوضات من الجولة الأولى، وقد لخصها مسؤول امريكي طلب عدم نشر اسمه بالقول إن "المحادثات بطيئة وصعبة، مازالت هناك فجوات كبيرة، يتعين على إيران أن تتخذ بعض القرارات الصعبة، ونشعر بالقلق لأنه لم يتحقق تقدم والوقت ضيق".

وبالمقابل فان ايران تطالب الدول الكبرى بعد الضغط عليها فيما يتعلق بالمشاريع الأخرى، كالبرنامج البالستي، الذي تهدف من وراءه الى تطوير منظومتها الصاروخية بعيدة المدى، كما تؤكد انها احترمت جميع التزاماتها فيما يتعلق بالشفافية في برنامجها النووي، الذي هو مثار جدل بالنسبة للخبراء، الذين اصدروا مؤخراً تقرير اممي، او ضح بعض الخروقات والتحايل على البرنامج النووي من قبل ايران.

ويبقى امر الاتفاق، كما يرى الخبراء، منوطاً بقدرة المفاوضين على تجنب اثارة المزيد من الخلافات، والوصول الى حل وسطي يطمئن المجتمع الدولي، ولا يثير مخاوف الاخرين، اللذين قد لا يترددون في السعي للحصول على التكنولوجيا النووية لمجابهة ايران.

أمريكا تحذر

فقد قال مسؤول أمريكي كبير إن إيران والقوى العالمية الست لم تحقق تقدما يذكر في المحادثات الرامية لإنهاء الأزمة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني مما يذكي الشكوك في احتمالات حدوث انفراجه بحلول الموعد الذي حددته الأطراف للتوصل إلى تسوية شاملة في يوليو تموز.

وكان الجانبان يخططان لأن يبدآ خلال المحادثات صياغة مسودة اتفاق نهائي قد يضع حدا لأعوام طويلة من العداء وانعدام الثقة ويقلص مخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا في الشرق الأوسط، وقال مسؤول أمريكي كبير طلب عدم نشر اسمه "نعتقد أن هناك حاجة إلى مزيد من الواقعية" ورفض الإدلاء بتفاصيل عن القضايا المسببة لأكبر الصعوبات وأضاف "الوقت له حدود".

وأضاف "في أي مفاوضات هناك أيام جيدة وأيام سيئة، صعود وهبوط، كانت هذه لحظة صعبة جدا لكنها لم تكن غير متوقعة"، وقال "نحن في بداية عملية وضع المسودة وامامنا طريق طويل لنقطعه"، وبدأت هذه الجولة وهي الرابعة من المفاوضات في العاصمة النمساوية.

وقال المسؤول الأمريكي إن محادثات فيينا ستستأنف في موعد لم يتحدد بعد في يونيو حزيران وإن كافة الأطراف تريد الالتزام بالموعد النهائي الذي يحل في 20 يوليو تموز لاستكمال اتفاق يوقف أجزاء حساسة من برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات تدريجيا، وأضاف المسؤول "كانت هذه عملية بطيئة وصعبة جدا ونحن نشعر بالقلق لضيق الوقت المتبقي، لأكون واضحا جدا: نعتقد أننا مازلنا قادرين على إنجازه".

وقال مسؤول غربي آخر إن من الممكن التوصل لاتفاق بحلول 20 يوليو تموز لكنه أضاف أن القوى الست تتوقع المزيد من إيران، وأضاف "كنا نتوقع القليل من المرونة من جانبهم فيما يتعلق بعدد من القضايا".

وللمرة الأولى منذ بدأت القوى الست وإيران التفاوض على اتفاق طويل الأمد في فيينا في فبراير شباط قررت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون التي تتحدث نيابة عن القوى ووزير الخارجية محمد جواد ظريف ألا يعقدا مؤتمرا صحفيا مشتركا.

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للصحفيين في ختام المحادثات بين إيران والقوى الست "المحادثات كانت جادة وبناءة لكن لم يتحقق أي تقدم"، وقال عراقجي "لم نصل إلى النقطة التي نبدأ منها صياغة الاتفاق النهائي"، وربما تهدف التصريحات الأمريكية والإيرانية إلى زيادة الضغط المتبادل لكنها كشفت أيضا عن خلافات كبيرة ينبغي التغلب عليها حتى تنجح المساعي الدبلوماسية المكثفة في إبرام اتفاق نهائي.

لكن الأجواء ظلت عملية بما يكفي خلال المحادثات الأمريكية الإيرانية التي استمرت أكثر من ساعتين، وأصبحت هذه الاجتماعات التي كانت غير واردة فيما مضى مسألة عادية منذ سعى البلدان الخصمان لإعادة فتح قنوات الاتصال الرسمية التي أغلقت منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. بحسب رويترز.

وكشف دبلوماسيون أن بعض التقدم أحرز خلال الجولات الثلاث الماضية بشأن واحدة من أكثر القضايا حساسية وهي المتعلقة بمستقبل المفاعل الذي يعمل بالماء الثقيل الذي تعتزم إيران بناؤه في اراك، ويخشى الغرب أن يصبح المفاعل بمجرد بدء تشغيله مصدرا للبلوتونيوم الذي يمكن أن يستخدم في تصنيع القنابل النووية لكن إيران عرضت تعديلا في تشغيله بحيث يصبح إنتاج البلوتونيوم ضئيلا وغير مؤثر.

لكن دبلوماسيين يقولون إن المواقف لا تزال متباعدة بشأن مسألة تثير قلق الغرب بشدة وهي قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم الذي يمكن أن يستخدم في توليد الكهرباء لكن قد يستخدم في انتاج قنابل إذا تم تخصيبه لمستوى أعلى، وتريد القوى من إيران تقليص عمليات تخصيب اليورانيوم وغيرها من الأنشطة النووية الحساسة لحرمانها من أي قدرة على انتاج أسلحة نووية بشكل سريع، وترفض إيران الاتهامات بأنها تسعى سرا لتطوير السبل والخبرة لتصنيع هذه الأسلحة وتقول إنها لا تهدف إلا للحصول على الطاقة النووية لأغراض مدنية.

اعتراف إيران

فيما يرى مسؤولون أمريكيون أن ما توصلت إليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن إيران ربما عملت على تصميم قنبلة ذرية ساعد الغرب على تشديد العقوبات على طهران وهو ما اضطرها في النهاية للدخول في محادثات جادة بشأن كبح برنامجها النووي.

لكن مع دخول إيران وست قوى عالمية مرحلة حاسمة في الجهود الرامية لإبرام اتفاق طويل الأجل بين الطرفين بحلول أواخر يوليو تموز قد تصبح مسألة كيفية التعامل مع الشكوك في أن طهران أجرت أبحاثا حول الأسلحة النووية حجر عثرة ليس باليسير.

والسؤال هو: هل ينبغي الضغط على إيران كي تعترف اعترافا كاملا بإجراء أي نشاط من هذا النوع في الماضي حتى وإن كان ذلك سيعقد عملية السعي لاتفاق أوسع لإنهاء النزاع النووي أم ينبغي التركيز أكثر على ضمان أن ما سبق وأن حدث -أيا كان- قد توقف تماما؟، ومهما كانت الإجابة فإن العواقب قد تكون مؤثرة فيما يتعلق بموقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تكافح منذ فترة طويلة لمنع إيران من تعطيل تحقيقاتها وتقول إن الرد على جميع أسئلتها أمر لازم.

كما أن إسرائيل (خصم إيران اللدود التي يعتقد أنها هي نفسها تمتلك مثل هذه الأسلحة) وكذلك صقور الكونجرس الأمريكي قد ينقضون على أي اتفاق نهائي إن هم ارتأوا أنه لا يطالب إيران بالقوة الكافية بمعالجة شكوك وكالة الطاقة.

غير أن نفي إيران أن لها مطامح في مجال الأسلحة النووية (وبخاصة ذلك المرسوم الذي أصدره الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي ويستبعد امتلاك واستخدام سلاح نووي لأن هذا مخالف للقيم الإسلامية) قد يجعل من المستحيل فعليا أن تعترف طهران صراحة بممارسة أي نشاط غير مشروع.

وقال جيم والش الباحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إن توقع اعتراف إيران "بكل شيء تعرفه وعملته" أمر غير واقعي معبرا عن تشككه في أن الأمر يتطلب اعترافا صريحا معلنا من جانبها "بالخطيئة"، وقال روبرت اينهورن المسؤول البارز السابق بالخارجية الأمريكية والذي شارك يوما في محادثات مع طهران "كشف إيران الكامل والأمين للأنشطة السابقة هو أفضل النتائج بلا شك، إلا أن هذا الأمر يواجه عقبات مستعصية".

وجاءت الكلمات أكثر حدة على لسان دبلوماسي غربي لا يحمل جنسية أي من الدول المشاركة في المحادثات مع إيران حين قال إن الإيرانيين لديهم مشاكل في التعامل مع المزاعم لأن الشكوك "حقيقية وسيضبطون"، وتقول طهران إن المزاعم خاطئة ولا أساس لها لكنها عرضت العمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتوضيح الأمر وتبديد الشكوك.

وكانت المفاوضات التي انطلقت في عام 2013 بين إيران والقوى الكبرى ومهدت السبيل لذوبان الجليد بعد سنوات من العداء قد تركزت حتى الآن على منع إيران من الحصول على المادة الانشطارية اللازمة لصنع قنبلة نووية وليس على أي مسعى سابق لاكتساب تقنية تصنيع سلاح نووي.

لكن هناك من المسؤولين الأمريكيين من يصر على أن تبدد إيران نقاط قلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون أن يحددوا كيفية تنفيذ هذا عمليا، وقال مسؤول أمريكي بارز "أوضحنا تماما أنه لن يمكن إبرام (إتفاق نهائي) دون أن تحقق إيران تقدما وتبدد قلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج".

وأضاف المسؤول قبل الجولة الرابعة من المحادثات التي بدأت بنقاشات تمهيدية في فيينا بين إيران من جانب والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا من الجانب الآخر "سرعة هذا القرار سيكون لها أثر على، الشعور بالارتياح الذي تسعى إليه إيران".

وقال مسؤول غربي آخر إن ما من أحد يتوقع استكمال تحريات الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل أن تنقضي في 20 يوليو تموز المهلة المحددة للتوصل لاتفاق دبلوماسي لكن أشار إلى أن إيران بحاجة لأن تظهر "تغييرا ذا معنى في الاستجابة" لتحقيق الوكالة بحلول ذلك الوقت.

وفي علامة على بطء التقدم حتى الآن انتهى اجتماع استغرق ثلاث ساعات بين إيران ووكالة الطاقة دونما إتفاق على خطوات جديدة فيما يتعلق بمطالب الوكالة دخول مواقع والحصول على معلومات والاتصال بمسؤولين وهو ما ترى أنه ضروري لاستكمال تحقيقها، وفي القضية الواحدة التي وافقت إيران حتى الآن على تقديم معلومات بشأنها -والتي تتعلق بتطوير أجهزة تفجير يمكن استخدامها ضمن أشياء أخرى في تفجير قنبلة نووية- ذكرت مصادر دبلوماسية أن وكالة الطاقة تريد مزيدا من الإيضاحات.

كانت مسألة أجهزة التفجير هذه جزءا من تقرير مهم أصدرته الوكالة الذرية في نوفمبر تشرين الثاني 2011 ويحتوي على معلومات ثمينة تشير إلى نشاط سابق في إيران يمكن تطبيقه في تطوير أسلحة نووية وهو نشاط ذكرت الوكالة أن جانبا منه ربما لايزال مستمرا.

وقالت الوكالة التي يقع مقرها في فيينا إن تقريرها يستند إلى معلومات من أكثر من عشر دول يعتقد أن من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل إضافة إلى ما أجرته هي نفسها من تحريات وأشارت إلى أن المعلومات تحمل مصداقية بشكل عام، وتقول الوكالة إنها تلقت منذ ذلك الحين معلومات جديدة تدعم تحليلها.

وتتراوح المزاعم التي تنظر فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بين اختبار المتفجرات وإجراء أبحاث حول ما يصفه الخبراء بأنه مفجر القنبلة الذرية، وتريد الوكالة أيضا أن تبدد إيران الشكوك في أنها أعدت نماذج كمبيوتر لحساب نواتج تفجيرات نووية وأجرت تجارب تمهيدية يمكن أن تفيد في الاختبارات الذرية، وقال اينهورن إن هناك "هيكلا مقنعا من المعلومات" التي تشير إلى أن إيران كانت تعكف حتى عام 2003 على الأقل على برنامج لتطوير قدرتها على إنتاج أسلحة نووية، وقال أولي هينونين كبير مفتشي الوكالة السابق "البت في هذه الأسئلة المطروحة منذ فترة طويلة ضروري لتأكيد أن كل المواد النووية في إيران سلمية الاستخدام".

لكن مسؤولين سابقين آخرين في الوكالة الدولية شككا في الأمر، أحدهما روبرت كيلي المدير السابق بالوكالة الدولية الذي شارك في تفكيك برنامج الأسلحة النووية العراقية في التسعينات، وقال إن تقرير 2011 "تكرار في معظمه لما تواتر خلال سنوات طوال من معلومات قديمة جدا، وتحليل تلك المعلومات غير احترافي ومعيوب".

غير أنه قال إن إيران يجب أن تبرئ ساحتها فيما يتعلق بأنشطتها السابقة والتي قال إنها تشير بقوة إلى أنه كان لديها برنامج لأبحاث الأسلحة النووية "وإن لم يكن سوى رد فعل على البرنامج الذي علموا بوجوده في العراق" في 1991.

وتطرق مسؤول كبير سابق بالوكالة هو طارق رؤوف إلى مدى صحة الوثائق التي تلقتها الوكالة من كيانات ليست تابعة لها وكانت أساس شكوكها، وقال رؤوف الذي يعمل بمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولية "من المستحيل أن تثبت الوكالة صدق مصدر المعلومات وصدق المعلومات نفسها".

وقال ديفيد أولبرايت من معهد العلوم والأمن الدولي إن أي اتفاق لا يشمل معالجة إيرانية لدواعي قلق وكالة الطاقة سيضعف مصداقية الاتفاق ومصداقية الإدارة الأمريكية، أما مارك هيبز من مؤسسة كارنيجي البحثية فقال إن القوى العالمية قد تحث -في سبيل إبرام اتفاق- وكالة الطاقة على قبول "ما تعتبره أقل من الإثبات المرضي" من جانب إيران على أن الشكوك لا أساس لها، ولمح اينهورن إلى أن المسألة قد يجري تناولها دون إفصاح كامل من قبل طهران، وقال "مثل هذا الاعتراف ليس ضروريا من أجل تكوين قدر كاف من الثقة في أن تلك الأنشطة ليست مستمرة".

أجهزة الطرد المركزي

الى ذلك قال مسؤولون ودبلوماسيون إن أكبر عقبة يتعين على إيران والقوى العالمية تخطيها من أجل إبرام اتفاق دائم بشأن برنامج طهران النووي قبل انتهاء المهلة المحددة لبلوغ تلك الغاية في يوليو تموز تتمثل في الموافقة على نطاق تخصيب اليورانيوم في الجمهورية الإسلامية في المستقبل.

وقال مسؤول إيراني إنه سيكون "من الصعب جدا إن لم يكن من المستحيل" تخطي الهوة، وقال مسؤولون غربيون إن إيران يجب ألا تتفق مع القوى العالمية الست على عدد ونوع أجهزة الطرد المركزي التي ستشغلها وحسب بل وعلى مستوى التخصيب وحجم مخزونات اليورانيوم التي يمكن أن تحتفظ بها.

ونتيجة لذلك قال الدبلوماسيون إن مسألة التخصيب ظهرت كعقبة رئيسية في التفاوض على اتفاق يقول المسؤولون الأمريكيون إنه يجب أن يكون شاملا يغطي كل قضية مثارة في النقاش حتى تقبله واشنطن.

كانت إيران قد تحدت حظرا فرضه مجلس الأمن الدولي على تخصيب اليورانيوم وغيره من الأنشطة النووية الحساسة مما أدى إلى فرض عقوبات معرقلة عليها من جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهي تنفي ما تردده القوى الغربية وحلفاؤها من أنها تسعى سرا لاكتساب قدرة على إنتاج أسلحة ذرية.

ومن أبرز القضايا الشائكة في المحادثات مستقبل مفاعل آراك الإيراني المزمع تشغيله بالماء الثقيل والذي تخشى القوى الغربية أن ينتج كميات كبيرة من البلوتونيوم من الدرجة المستخدمة في صنع الأسلحة، لكن مسؤولا إيرانيا كبيرا صرح بأنه تمت تسوية المسألة بشكل كبير وهو ما أكده مسؤولون غربيون، وتقول إيران إن مفاعل آراك ذو أغراض طبية سلمية واستبعدت تحويله إلى مفاعل يعمل بالماء الخفيف وهو نموذج أقل احتمالا لأن ينتج مواد تستخدم في صنع قنبلة، وقال المسؤول الإيراني إن الفكرة هي أن تترك طهران المفاعل يعمل بالماء الثقيل لكن على أن يكون تشغيله بطيئا على نحو يضمن محدودية أي إنتاج من البلوتونيوم.

وقال "هناك سبل للتوصل لاتفاق بشأن محطة آراك لتبديد أوجه القلق، لم تعد آراك مشكلة"، واتفق معه دبلوماسي غربي قائلا "آراك ليست مشكلة"، لكن تظل هناك عقبة بارزة تتعين إزالتها، وقال دبلوماسيون ومسؤولون إيرانيون كبار إنه رغم الابتسامات والمصافحات خلال جلسات التصوير ظلت هناك سجالات حادة خلف الأبواب المغلقة في قصر كوبرج في فيينا حول قدرة التخصيب.

ويمكن قياس هذه الفجوة بين الطرفين بعشرات الآلاف من أجهزة الطرد المركزي الأسطوانية التي تدور في مجموعات مترابطة بسرعة تفوق سرعة الصوت بحيث يتركز في هذه العملية عنصر انشطار اليورانيوم، وقال مسؤول إيراني كبير طلب عدم نشر اسمه "نحتاج إلى ما لا يقل عن 100 ألف جهاز طرد مركزي آي.آر-1 (الجيل الأول) لإنتاج وقود يكفي لكل محطة من محطات (الطاقة) النووية (المدنية)، أبلغنا الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخططنا لبناء 20 محطة". بحسب رويترز.

غير أن المسؤولين الأمريكيين يتحدثون منذ شهور عن أن عدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن أن يسمحوا بتشغيلها في إيران على المدى المتوسط هو بضع آلاف بما يضمن أن تكون قدرة طهران على إنتاج كمية من اليورانيوم المستخدم في صنع قنابل -إن هي سلكت هذا الطريق- محدودة جدا، أما إيران التي أبدت استعدادا للحد من التخصيب لمستويات عالية فتقول إن مثل هذه القيود الكبيرة تنتهك حقها في التخصيب وهو حق وصفه الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي بأنه "خط أحمر" بالنسبة لطهران.

ورفض روبرت اينهورن وهو مسؤول كبير سابق بوزارة الخارجية الأمريكية شارك من قبل في المحادثات مع إيران ويعمل الآن بمؤسسة بروكنجز قبول تصريحات رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي التي قال فيها إن محطة نطنز للتخصيب تحتاج وحدها إلى 50 ألف جهاز طرد مركزي متطور.

وكتب على موقع مؤسسته على الإنترنت يقول "أي قدرة على التخصيب بهذا الحجم الكبير، وفي الواقع أي قدرة على التخصيب تتجاوز بضعة آلاف من أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول ستتيح لإيران قدرة سريعة على نحو غير مقبول" على إنتاج قنبلة، وأضاف "إذا كان موقف طهران على مائدة التفاوض مجرد انعكاس لتصريحات صالحي العلنية فسيكون هذا أداء مسرحيا استعراضيا الغرض منه إيقاف العرض مؤقتا وعلى إيران أن تدرك ذلك".

ورغم الهوة السحيقة في موقفي التفاوض عبر عدد من المسؤولين من القوى الست عن اعتقادهم بأن التوصل لاتفاق هو النتيجة الأكثر ترجيحا للمحادثات نظرا للضغوط القوية على الإيرانيين والأمريكيين لتحقيق ذلك الهدف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/آيار/2014 - 21/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م