رئيس الوزراء العراقي القادم الفرص والتحديات

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: انتهت المعركة الانتخابية، فرح من فرح بنتائجها، واصاب الحزن والاحباط غيرهم. الفائزون تقدموا بالشكر لمفوضية الانتخابات، والخاسرون نادوا بالويل والثبور، من قبيل لدينا خيارات اخرى، ولكل حادث حديث، والشكوى الى الامم المتحدة، وغيرها من تلاوين الاحتجاج والاعتراض.

لكن المعركة انتهت، وبدأت معركة اخرى سنعيش في اتونها طيلة الفترة القادمة.

تتمحور تلك المعركة حول من سيكون رئيس الوزراء القادم، هل يكون المالكي بدورة ثالثة، ام يذهب المنصب التنفيذي الاعلى في العراق الى شخصية اخرى؟ ماهي الفرص والتحديات، بالنسبة للمالكي؟

في الدورة الماضية، تمت المصادقة على المالكي من خلال اتفاقية اربيل الشهيرة، بين علاوي وبرزاني والمالكي.

العودة الى هذه الاتفاقية ضرورية لمناقشة الفرص والتحديات، لانها في راي الكاتب تكشف عن العقلية السياسية العراقية، وهي عقلية انتهازية تبحث عن السلطة، وهي القاسم المشترك للجميع، دون البحث عن قواسم وطنية مشتركة.

البرزاني اندفع لتوقيع الاتفاقية لغرض تعزيز مكاسب الاقليم الكردي، وعلاوي اندفع بحثا عن منصب يوازي منصب رئاسة الوزراء، بغض النظر عن سند دستوري له، مؤملا توجه البرلمان العراقي الى منحه صيغته التشريعية والقانونية.

المالكي استفاد من اندفاع الاثنين والذي يتقاطع مع الدستور ومواده  وانقلب عليه، من خلال العمل على تشتيت خصومه، واستدعاء المخاوف الطائفية والقومية ضدهم.

ويجب ان لا ننسى نقطة مهمة فيما يتعلق باتفاقية اربيل والتي تكشف عن مستوى تعارضه مع الدستور ومواده، وهي سرية هذا الاتفاق التي لم يزح الستار عنها الا بعد عامين تقريبا مع الاختلاف في التفسير والتحليل لبنوده.

اعود الى الفرص والتحديات بعد تلك المقدمة عن اتفاقية اربيل وامكانية عودتها بصيغة اخرى.

الاكراد والسنة، وقسم من الشيعة يرفضون الولاية الثالثة للمالكي، لأسباب متعددة.

الاكراد يرون فيه شخصية تقف ضد طموحهم القومي بالتمدد في كركوك والمناطق المتنازع عليها وملف النفط ورواتب البيشمركة، والسنة يرون فيه طائفيا يعتقل ابنائهم ويدمر مدنهم، وقسم من الشيعة وهم المجلس الاعلى والتيار الصدري يرون فيه خصما يريد الاستئثار بالساحة الشيعية.

ما هي البرامج الانتخابية التي قدمتها تلك الكتل لناخبيها وهي دخلت الانتخابات الاخيرة بقوة؟

كره المالكي والتوحد ضده.

بالمقابل، استفاد المالكي من هذا التشتت الذي ضرب الكتل المناوئة له، نتيجة لصراعاتها الداخلية حول المكاسب والامتيازات، ومن يكون وزيرا او وكيل وزارة.

سبقت الانتخابات الاخيرة، الكثير من الاعتراضات على التجديد للمالكي لولاية ثالثة، لكن بعد اعلان هذه النتائج خفتت تلك التصريحات، والمستمرة منها نوع من رفع المطالب التفاوضية، للحصول على مكاسب اكبر في حالة الموافقة على ترشيح المالكي لدورة ثالثة.

صحيح ان خصوم المالكي، (الاكراد والسنة) بالدرجة الاساس، وخصومه الشيعة الذين لا يمكن لهم التفريط تحت أي مسوغ بالتحالف الوطني خوفا من ردود افعال قواعدهم الجماهيرية، يمتلكون بعض الأوراق في أيديهم، وبإمكانهم تشكيل ائتلاف ينافس الائتلاف الذي سيتمكن المالكي من تشكيله بسهولة، لكنهم في المحصلة النهائية، فرقاء أكثر منهم حلفاء، لا يمكنهم الاتفاق على الكثير من الأمور المهمة وإن ما يجمعهم هو الخصومة للمالكي وهذه لا تكفي وحدها لتشكيل حكومة متماسكة، وهم يدركون ذلك جيداً ما سيدفعهم إلى مطالبة كتلة المالكي بترشيح غيره لرئاسة الوزراء.

اخر ما رشح من اللقاءات التي يجريها قادة الكتل السياسية، هو ما حصل مؤخرا بلقاء جمع بين

مسعود بارزاني واياد علاوي رئيس ائتلاف الوطنية، وعادل عبد المهدي القيادي بالمجلس الأعلى، وخميس الخنجر راعي قائمة الكرامة وسط اربيل، وهو لقاء كشفت عنه جريدة العالم الجديد البغدادية عبر مصدر مقرب من الحزب الديمقراطي الكردستاني لتشكيل جبهة ضد سياسات المالكي وائتلاف دولة القانون، والتركيز على المشتركات في الفترة المقبلة.

ويضيف المصدر أن "الاجتماع تناول إمكانية تشكيل تحالف يدخل الحكومة المقبلة بمطالب موحدة، ويقف بحزم امام تفرد المالكي بالسلطة، ويتمكن من سحب الشرعية عن حكومته في حال لم يلتزم بما سيملى عليه من شروط".

أي ان الاجتماع خرج بنتيجة هي ان المالكي بإمكانه ان يكون رئيسا للوزراء لدورة ثالثة، لكن بالمقابل، هناك عدد من الشروط التي عليها الالتزام بها، واي مخالفة لتلك الشروط يمكن ان تساهم في التحشيد لسحب الثقة منه في البرلمان العراقي.

هذا الموقف يمكن ان نطلق عليه تعبير (حك المؤخرات) وهو تعبير سياسي له رواج كبير في عدد من الدول الاوربية ويعني (المداهنات في السياسة والتحالفات الانتخابية).

هل سنشهد في الايام القادمة، عملية حك مؤخرات متبادلة بين الكتل والاحزاب والشخصيات الفائزة في الانتخابات الأخيرة؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/آيار/2014 - 21/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م