العراق بعد نتائج الانتخابات..

التحول من لغة الصراعات الى التحالفات المفاجئة

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: بعد ان مالت عقارب الساعة نحو الثالثة عصراً من يوم الاثنين 19/ ايار، الجميع في العراق، ساسة ومرشحون ومواطنون، كانوا ينتظرون اعلان المفوضية العليا للنتائج النهائية لانتخاب أعضاء مجلس البرلمان العراقي للعام 2014، والتي شكل بعضها مفاجأة ومفارقة، فيما كان البعض الاخر منها ضمن المتوقع والمرصود من قبل المحللين والمتابعين.

المهم ان الحرب الانتخابية بكل مفارقاتها ودهائها، وضعت اوزارها، لتتحول الكتل صغيرها قبل كبيرها الى حرب التحالفات والشروط وحساب الربح والخسارة. 

يونامي (بعثة الأمم المتحدة في العراق)، كانت اول المبادرين بإظهار قلقها من حرب التكتلات القادمة، من خلال بيان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق "ميلادينوف" الذي أكدبان" على المرشحين ومؤيديهم الحفاظ على الروح السلمية والديمقراطية عند إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية"، وأكد على "ضرورة حل أي نزاعات مرتبطة بالانتخابات عبر الطرق القانونية"، كما طالب المفوضية والقضاء "بالسرعة والعدالة" في حل هذه الخلافات.

طبعاً ما ان تنتهي الكتل من اعلان زيف العملية الانتخابية والتشكيك بنتائج الانتخابات، وان استحقاقها الانتخابي لا يتناسب مع النتائج، ورفع الشكاوى، واتهام الاخرين...الخ، سوف تباشر بعملية التحالفات فيما بينها، والتي سوف يوصف بعضها بـ"الاستراتيجي"، فيما سيوصف البعض الاخر بالمصلحي او الاني.

ويبدو ان سرعة حساب النتائج والنظر "بواقعية سياسية" لإدارة التحالفات بين الكتل، قد يسهل من سرعة تشكيل الحكومة وحسب المراحل التي نص عليها الدستور العراقي.

وفي قراءة بسيطة للنتائج وعدد المقاعد التي حصلت عليها الكتل يمكن تأشير بعض الملاحظات المهمة:

1. هناك كتلة كبيرة وحدة (دولة القانون)، وكتل متوسطة الحجم (المواطن، الاحرار، متحدون...الخ)، والعديد من الكتل الصغيرة (التيار المدني، صادقون، تجمع الكفاءات...الخ).

2. التحالفات التي سوف تشكل لمنع رئيس الوزراء المنتهية ولايته "نوري المالكي"، من تشكيل حكومة اغلبية والوصول لرئاسة الوزراء للمرة الثالثة على التوالي، تبدو في مازق حقيقي هذه المرة، مع النتائج الخجولة التي حققتها، مقارنة بنتائج تحالف المالكي الذي نافس خصومة في مناطق تواجدهم، إضافة الى حصوله في بغداد فقط على اكثر من (700) الف صوت، وهي تحتاج الى جهد شبه مستحيل لجمع ثلثي البرمان للتصويت على رئيس الجمهورية ونصف زائد واحد لاختيار رئيس الوزراء القادم، فيما تشير التوقعات الى ان كتلة "دولة القانون" قد تصل الى (110-120) مقعد بعد ان يجمع الكتل الصغيرة التي دخلت الى الانتخابات وهي مستعدة سلفاً للتحالف معه، وفي حال تحقق ذلك، ستكون مهمته اسهل من الاخرين.

3. ربما سنشهد هذه المرة انقسام بين الكتل الكردية (ليس على أساس مصالحها القومية وانما بسبب مستحقاتها الانتخابية) وقد ينظم الاتحاد الوطني الى التحالف الذي سوف يشكله المالكي.

4. ذوبان العديد من الخطوط الحمراء التي وضعت اثناء الحملة الانتخابية، وقبيل اعلان النتائج، ويبدو ان اعلان النتائج سيمحي ما تبقى منها، ليفتح الطريق على تحالفات ربما كانت قبل اعلان النتائج موضوعة في خانة المستحيل.

5. بالنسبة "للبيت الشيعي"، فان تحالف الكتل الثلاثة الكبيرة (دولة القانون، المواطن، الاحرار) قد ينقذ الموقف السياسي، ويقطع الجدل امام ما سيجري من عملية مفاوضات من اجل التحالفات (والتي يتوقع لها ان تكون بين متوسطة الى طويلة)، لكن العقبات (بعضها حقيقي والبعض الاخر مفتعل) التي وضعت امام هكذا تفاهم قد تعيق تفعيل هذا التحالف، وربما قد يتحول الى حقيقة في حال تأزم الموقف ولم يتم التوصل الى نتيجة نهائية لتحالف ما.

6. يبدو ان حكومة الأغلبية التي يطمح الى تشكيلها السيد "نوري المالكي"، لن تكون سهلة المنال، خصوصاً وان الكتل الأخرى من الممكن ان تعيق مثل هكذا حكومة، لكن الغلبة التي تتمتع بها دولة القانون قد تشكل مفاجأة جديدة.

7. التغيير لم يكن كبيراً في القادمين الجدد للبرلمان العراقي الجديد، لكن قد تكون هناك ملامح جديدة للتغير السياسي في طريقة تشكيل البرلمان والرئاسة والحكومة القادمة.

طبعاً كل التكهنات السياسية ستكون سابقة لأوانها، وكل كلام حول الجزم بان هناك حلف حديدي او تحالف مستحيل، هو مجانب للواقعية في السياسة، وليس من المستبعد ان نشهد العديد من المفاجآت القادمة وتغير المواقف والولاءات بنسبة 180 درجة من اجل مصالح او ضمانات او تنازلات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 21/آيار/2014 - 20/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م