آفاق علمية.. تطورات متسارعة لطرق ما لم يطرق

 

شبكة النبأ: في ظل التحولات العلمية المتسارعة التي يشهدها العالم، يزداد التنافس بين العلماء والباحثين في مختلف المجلات والتخصصات من اجل الوصول الى نتائج ونظريات علمية جديدة قد تسهم بتغير الكثير من الفرضيات السابقة، وخصوصا تلك التي تتعلق بحياة وصحة الانسان.

إذ يرى بعض الخبراء ان العديد من العلماء وبفضل التقدم العلمي والتكنلوجي المتسارع قد تناولوا اليوم مجالات وبحوث جديدة لم يسبق للعلم أن طرقها من قبل. هذا بالإضافة الى تطوير وتعديل بعض الدراسات السابقة التي تخص علم الاستنساخ والخلايا الجذعية والتي يمكن استخدامها لتخليق نوع آخر من الخلايا هذا بالإضافة الى الابحاث والدراسات الاخرى التي تخص بعض الظواهر والامور العلمية المرتبطة بالإنسان والبيئة.

من جانب اخر يرى بعض العلماء ان البحوث والدراسات الحالية وعلى الرغم من اهميتها لاتزال موضع جدل بين العلماء، خصوصا وان العديد منها لايزال في مراحله الاولى وقد يصعب تطبيقه مستقبلا على البشر لأسباب علمية بحتة.

وعليه يبدو اننا نعيش عصر التطور التقني المتسارع بذهول يقف العالم منتظرا آخر انجازات العقول البشرية ومساهمته في اختراع الآلات والتقنيات التي تسهل الحياة العصرية من جهة لتزيد من تكلفتها من جهة أخرى فلم يعد إنسان اليوم قادرا على اكمال حياته من غير الكومبيوتر والهاتف النقال وبدون إجراء العمليات الجراحية المعقدة التي لم يعرف لها انسان الامس مصدرا او علاج.

فأرة من قطرة دماء

وفي هذا الشأن فقد استطاع علماء في اليابان استنساخ فأرة باستخدام قطرة واحدة من الدم. وفي تقرير بدورية بيولوجيا التكاثر (Biology of Reproduction)، أوضح فريق من مركز (ريكن للموارد الحيوية) أن خلايا دم مأخوذة من ذيل فأر مانح استخدمت في عملية الاستنساخ. وقال الباحثون إن الفأرة عاشت العمر الافتراضي الطبيعي واستطاعت الانجاب.

وفي الآونة الأخيرة، استطاع علماء في معهد آخر ذي صلة تخليق نحو 600 نسخة جينية متطابقة لفأر. وفي السابق، تم استنساخ فئران من مصادر مختلفة من الخلايا المانحة، وبينها خلايا الدم البيضاء الموجودة في الغدد الليمفاوية ونخاع العظم والكبد. واختبر فريق البحث الياباني ما إذا كان بالإمكان استخدام الخلايا في الدورة الدموية في عملية الاستنساخ.

وتهدف الابحاث الى التوصل الى مصدر متاح بسهولة لخلايا تبرع لاستنساخ سلالات ذات قيمة علمية لفئران التجارب. واستطاع الفريق، بقيادة اتسو اوجورا ، اخذ عينة من ذيل فأر، وعزل خلايا دم بيضاء واستخدام نواة الخلايا في تجارب استنساخ، مستخدمين نفس التقنية التي لجأ اليها الباحثون في استنساخ النعجة دوللي في ادنبره.

وتضم العملية التي تعرف بنقل نواة خلية جسدية، نقل نواة من خلية جسم بالغ، مثل خلية دم او جلد، الى بويضة غير مخصبة ازيل منها نواتها. وقال العلماء ان الدراسة "أبرزت للمرة الاولى امكانية استنساخ فئران بالاستعانة بنواة خلية دم". وأضاف العلماء ان هذه الخلايا "يمكن استخدامها للاستنساخ فور جمعها دون الحاجة الى التضحية بحيوانات تجارب." بحسب بي بي سي.

وقالوا "هذه التقنية يمكن تطبيقها لتوليد نسخ جينية لسلالات جيدة من الفئران، وهو ما لا يمكن من خلال تقنيات تكاثر مساعدة اخرى مثل أطفال الانابيب او حقن الحيوانات المنوية بالبويضة. يذكر ان علماء من اليابان مكثوا سنوات لاجراء تجارب على الاستنساخ، وكشف فريق مؤخرا عن توليدهم نحو 600 فأر من فئران التجارب بعد 25 جولة متعاقبة للاستسناخ. كما يهدف البحث الى توليد حيوانات عالية الجودة على نطاق واسع لاغراض المزارع.

الدماء الشابة

من جانب اخر فإذا كانت الاكتشافات الثلاثة التي أعلن عنها مؤخرا بعد تجارب على الفئران قابلة للتطبيق على البشر لكانت "عملية نقل دم شاب" هي ببساطة كل ما هو مطلوب لتجديد نشاط الأمخاخ والعضلات القديمة وإعادة الشباب إليها. وفي دراستين من الدراسات الثلاث وجد الباحثون أن نقل دم فئران صغيرة إلى أخرى متقدمة في العمر أزال أوجه القصور والاعتلالات المرتبطة بالتقدم في العمر في المخ كما أوقف تدهور قدرات التعلم والذاكرة وعزز تخليق الخلايا العصبية الجديدة وقدرة المخ على تغيير بنيته.

ووجدت الدراسة الثالثة أن نوعا من البروتينات يوجد في دم الفئران الصغيرة حسن قدرة الفئران المتقدمة في العمر (بما يعادل انسان في السبعين من عمره) على الاداء والنشاط. وقال إريك كاندل من جامعة كولومبيا الحاصل على جائزة نوبل في الطب عام 2000 عن دراساته المتعلقة بالأساس الجزيئي للذاكرة "أعتقد أن الدراسة مذهلة تماما." وأضاف كاندل الذي لم يشارك في الدراسات الثلاث غير أن سنه (84 عاما) لم يمنعه من مواصلة أبحاثه "انها تقترح أن هناك عوامل منتشرة في الدم مرتبطة بالعمر وإذا كان يمكنك عزل هذه المواد فربما تكون قادرا على إعطائها كمكملات غذائية."

وأظهرت دراسات سابقة أن نقل الدم لفئران صغيرة من أخرى متقدمة في العمر أضعف قدراتها المعرفية. غير أن الاكتشافات التي أعلن عنها هي أول ما يثبت عكس ذلك وأن الدم الشاب يمكن أن يتخلص من التغييرات المصاحبة للتقدم في العمر ويحيدها. وفي دراسة نشرت في دورية نيتشر الطبية وصف علماء أحياء بقيادة توني ويس-كوراي من جامعة ستانفورد وساول فيليدا من جامعة سان فرانسيسكو بكاليفورنيا طريقتين لنقل الدم الشاب إلى فئران متقدمة في العمر.

وقال العلماء إن ذلك يتم عن طريق الحقن المباشر لنقل دم فئران عمرها ثلاثة أشهر إلى أخرى ذات 18 شهرا اقتربت من نهاية عمرها أو عن طريق ربط نظام الدورة الدموية جراحيا بين الفئران الصغيرة والمتقدمة في العمر. وأظهرت الفئران المتقدمة في العمر التي تم نقل الدم إليها من الفئران الصغيرة تحسنا ملحوظا في اختبارين معياريين للتعلم والذاكرة. كما وقعت الفئران في أخطاء أقل في متاهة مائية وأدركت أن بيئة معينة مرتبطة بصدمة كهربائية.

وبفحص أمخاخ الفئران المتقدمة في العمر التي نقل إليها الدم من فئران صغيرة وجد العلماء اختلافات هيكلية وجزيئية عن الامخاخ العادية المتقدمة في العمر إذ كانت الامخاخ المعالجة تتمتع بمزيد من "الزوائد الشجيرية" وهي عبارة عن بنية تشبه الشجر تربط الخلايا العصبية ببعضها البعض. وبالإضافة تمكنت الامخاخ المجددة من إنتاج المزيد من الجزيئات التي ترتفع

مستوياتها أثناء التعلم كما أظهرت قدرة أكبر على تقوية الاتصالات بين الخلايا العصبية والأساس الخليوي للتعلم والذاكرة. بحسب رويترز.

وقال فيليدا "لقد أظهرنا أن بعض المشاكل المرتبطة بالتقدم في العمر في وظائف المخ يمكن علاجها" وكتب العلماء "انها ليست دائمة " اذ أن نقل الدم من فئران صغيرة "قام بتحييد أعراض التقدم في العمر على المستويات الجزيئية والهيكلية والوظيفية والمعرفية في الحصين". والحصين أو ما يعرف بقرن آمون في الدماغ يلعب دورا رائدا في التعلم والذاكرة وهو واحد من مكونات المخ الاكثر عرضة للتلف الناجم عن الامراض المعتادة المصاحبة للتقدم في العمر ومرض الزايمر. وكتب علماء ستانفورد انه ليس واضحا ما هو مكون الدم الذي يعمل تحديدا على تجديد الشباب غير أن تسخين الدم يزيل اثر التجدد وهو ما يشير إلى نوع من البروتين تتشوه بنيته بفعل الحرارة العالية.

خريطة تفصيلية

في السياق ذاته بعد مرور عام كامل على المبادرة التي أطلقها الرئيس الأمريكي باراك أوباما لاكتشاف ألغاز المخ والتي تركز على كيفية عمل المادة السنجابية وسبر أغوار قدرتها على التفكير والشعور والتذكر بل كيف تصاب في أحيان بالأمراض أعلن العلماء أنهم حققوا انجازا كبيرا سعيا للوصول الى هذا الهدف. وقال الباحثون في الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية (نيتشر) إنهم رسموا خريطة توضح التوصيلات العصبية في تعاريج مخ الفأر التي تضم الخلايا العصبية التي تقوم بوظائف المخ المختلفة.

وقال ديفيد فان ايسن عالم الأعصاب بجامعة واشنطن في سانت لويس وهو أحد المشاركين في المشروع البحثي الذي يرمي الى تطبيق نتائجه على مخ الإنسان إن دراسة مخ الفأر "تتيح أكبر تحليل مفصل للتوصيلات العصبية بالمخ الموجودة بالفعل في مخ أي حيوان ثديي. إنها دراسة تمثل علامة بارزة حقا." وتقدم خريطة التوصيلات العصبية رسما توضيحيا لكيفية إتصال ملايين أو مليارات الخلايا العصبية من المادة السنجابية بعضها ببعض من خلال نقاط اتصال تسمى المحاور العصبية أو المادة البيضاء من ثم تسمح لمراكز المخ بالتواصل وتوفير وظائف السلوك والذكاء وسمات الشخصية وغيرها.

وقد تميط هذه الخريطة اللثام عن كيفية الفصل بين الخلايا العصبية المسؤولة عن التذوق مثلا وتلك الخاصة بالذاكرة واستعراض أحداث الماضي كما يمكن ان توضح ما أسباب تعطل هذه الدوائر العصبية عن العمل بسبب أمراض منها الزايمر. وقبل رسم خريطة مخ الفأر كان النوع الوحيد الذي أجرى له العلماء هذه العملية إحدى الديدان الاسطوانية. ويحتوي مخ الانسان على نحو 86 مليار خلية عصبية تتصل كل منها بنحو عشرة آلاف نقطة اتصال. بحسب رويترز.

وفيما يتعلق بالدراسة الخاصة بمخ الفأر استعان العلماء وعلى رأسهم هونكوي زينج من معهد ألين لعلوم المخ في سياتل بولاية واشنطن بأحدث تقنيات القرن الحادي والعشرين لرسم خريطة للمادة السنجابية. وقال زينج إن من بين المفاجآت التي كشف عنها النقاب بشأن التوصيلات العصبية في مخ الفأر ان الموصلات في نصف منه يبدو وانها أقوى دائما من النصف الآخر. وكانت المعاهد القومية للصحة في الولايات المتحدة أعلنت عام 2010 ان هدفها هو اتمام مشروع بحثي لرسم خريطة تفصيلية لمخ الانسان يصفها فان ايسن بانها "أحد التحديات العلمية الكبيرة في القرن الحادي والعشرين."

إنجاز أم خيال

على صعيد متصل فقد برز موضوع الاستنساخ كثيرا في الآونة الأخيرة والأنباء عن الإنجازات العلمية الكبيرة في هذا المجال من جهة والانتقادات العديدة التي تلف هذا التخصص الطبي، ويقول ديفد كينغ الحاصل على شهادة الدكتوراه في البيولوجيا الجزئية ورئيس مركز علم الوراثة الإنسانية. أشعر بالغضب من الأطباء وشركات التسويق الإعلامي الذين يقومون بنشر أفكار علاج مختلف الأمراض المستعصية من خلال علم استنساخ الخلايا الجذعية، الأمر الذي يرفع آمال المرضى وعائلاتهم لدرجات عالية في الوقت ذاته الذي لا تتوفر فيه أدلة قطعية على هذه الوعود.

وأضاف: يقال للجميع بأن علم استنساخ الخلايا الجذعية سيعود بفوائد طبية كبيرة في الوقت الذي تعتبر فيه مخاطر استنساخ أجنة ضئيلة جدا، وفي الحقيقة فإن العكس صحيح. وبالنسبة لموضوع استنساخ الأجنة، فمن المعلوم سبب الرفض الأخلاقي لهذه المبدأ من قبل دول العالم ما عدا الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن هناك العديد من الناس النرجسيين وأباطرة المال والنفوذ ممن يرغبون بالاستحواذ على نسخ منهم، في الوقت الذي يوجد أطباء لن يمانعوا من الحصول على أموال ضخمة من هؤلاء الأباطرة، والتمكن من الفرار إلى دول لا يمكن ملاحقتهم فيها قانونيا.

وأشار كينغ إلى أن علم استنساخ الخلايا الجذعية في الأصل يهدف إلى إيجاد أنسجة متطابقة مع أنسجة المريض ويمكن زرعها دون مخاوف من أن يرفضها الجسم، وهذا هو جوهر العلم الحقيقي والذي مازال في مراحله المبكرة حيث أن المخاطر تأتي في مراحل لاحقة والمشاكل البيولوجية التي من الممكن أن يواجهها المريض مستقبلا والتي قد تعرض حياته للخطر. بحسب CNN.

وأوضح كينغ أن علم الاستنساخ يفسر على أنه دفع الطبيعة للقيام بشيء لا تريد فعله، وأن الاستنساخ يخلّف تشوهات في الخارطة الجينية، وأكبر دليل على ذلك هو أن الحيوانات المستنسخة تكون في غالب الأحيان مريضة، وهذا الخلل والتشوهات سيكون موجودا في أي نسيج أو خلايا يتم استنساخها، وعليه فإن استنساخ أجنة وأطفال سيعتبر أمرا غير أخلاقي. وعلى الصعيد التسويقي فإن استخدام الخلايا والأنسجة المستنسخة في الطب العام وتوفيرها للجميع هو أمر لا يمكن تحمل تكاليفه المادية.

علم الرياضيات

من جهة اخرى قد لا ينظر الناس عادة إلى متطابقة أويلر أو نظرية فيثاغورس مثلما ينظرون إلى روائع موزارت وفان جوخ وتظهر المسوحات الضوئية للمخ أن سلسلة معقدة من الأرقام والحروف في صيغة رياضية يمكن أن تثير نفس الإحساس بالاستحسان مثل عمل فني رائع أو قطعة موسيقية من تأليف ملحن موهوب. وفي دراسة، تم عرض معادلات "قبيحة" وأخرى "جميلة" على المتخصصين في علم الرياضيات خلال مسح ضوئي للمخ أجري عليهم في لندن كوليدج بجامعة لندن. ونشطت نفس مراكز الإحساس العاطفي في المخ، التي تستحسن الفن وتسمتع به، عند رؤية الصيغ الرياضية الجميلة.

ويشير الباحثون إلى أنه ربما يكون هناك أساس عصبي بيولوجي لتقدير الجمال. ومن النادر أن يشير الناس إلى متطابقة عالم الرياضيات ليونارد أويلر أو نظرية فيثاغورس بنفس الطريقة التي يشيرون بها إلى الأعمال الفنية الرائعة للموسيقي موزارت أو الروائي شكسبير أو الرسام فان جوخ.

وأعطت الدراسة التي نشرت في مجلة علم الأعصاب "جورنال فرونتيرز إن هيومان نيوروساينس" المتخصصين في علم الرياضيات 60 صيغة رياضية لتقديرها. وقال الباحث البروفيسور سمير زكي "عدد كبير من المناطق بالمخ يشترك في رؤية المعادلات الرياضية، لكن عندما ينظر شخص إلى صيغة رياضية يقدرها على أنها جميلة، فإن هذا ينشط مراكز الإحساس العاطفي في المخ تماما مثل النظر إلى لوحة فنية رائعة أو قطعة موسيقى".

وكلما قدر الأشخاص، الذين خضعوا للدراسة، الصيغة الرياضية بأنها أكثر جمالا، كلما زاد النشاط الذي يتم اكتشافه خلال مسح المخ بالرنين المغناطيسي. وأضاف زكي: "علم الأعصاب لا يمكن أن يخبرك ما هو الجمال، لكن إذا وجدت أنت صيغة رياضية جميلة، فإنه من المرجح أن تنشط مراكز الإحساس العاطفي في القشرة الأمامية الوسطى للمخ... يمكنك أن تجد الجمال في أي شيء."

ويعتبر عالم الفيزياء بول ديراك أن ما جعل نظرية النسبية مقبولة لدى الفيزيائيين هو جمالها الرياضي الفائق بالنسبة للعين غير المدربة، ربما لا تجد جمالا في متطابقة أويلر، لكن الدراسة أظهرت أنها الاختيار المفضل بالنسبة للمتخصصين في علم الرياضيات. إنها التفضيل الشخصي للبروفيسور ديفيد بيرسي من "معهد علوم الرياضيات وتطبيقاتها". ويقول: "إنها كلاسيكية فعلا، وأنت لا تستطيع أن تفعل شيئا أجمل من ذلك." وأضاف: "من السهل أن تنظر إليها وبعد ذلك تتعمق فيها بشكل لا يصدق. إنها تتألف من الثوابت الرياضية الخمسة وكذلك العمليات الحسابية الثلاثة الأساسية الجمع والضرب والصيغ الأساسية."

ويقول بيرسي: "في البداية أنت لا تدرك الانعكاسات، إنه أثر تدريجي ربما يكون مثلما تستمع إلى قطعة موسيقى، وفجأة تصبح رائعة بالنسبة لك حينما تدرك كل جمالها". ويضيف أن الجمال مصدر "للإلهام ويعطيك الحماس لاكتشافه في الأشياء". أما المتخصص في علم الرياضيات البروفيسور ماركوس دو سوتوي فيقول إنه "بالطبع" يرى الجمال في علم الرياضيات وإن ذلك "يحفز كل المتخصصين في هذا العلم."

ويؤكد دو سوتوي أنه يعشق "الشيء الصغير الذي فعله عالم الرياضيات بيير دي فيرما"، والذي توصل إلى أن أي عدد أولي يقبل القسمة على أربعة ثم يتبقى واحد، فإن ذلك العدد الأولي يكون حصيلة جمع رقمين كل منهما مضروب في نفسه. ولذلك فإن الرقم 41 هو عدد أولي يمكن قسمته على أربعة ويتبقى واحد وهو أيضا حصيلة جمع 25 (25 تساوي الرقم 5 مضروبا في نفسه ) + 16 (16 تساوي الرقم 4 مضروبا في نفسه).

ويرى العلماء أنه يمكن إبراز جمال علم الرياضيات وفقا لقدرات التلاميذ ويضيف : "لذلك فإنه إذا تبقى لدينا واحد فيمكننا دائما كتابة العدد كرقمين تربيع، وفي ذلك شيء من الجمال" ويقول دو سوتوي: "من غير المتوقع أن يكون الشيئان (العدد الأولي والتربيع) مرتبطين ببعضهما البعض بأية طريقة، ولكن بتطور الدليل تبدأ أنت في رؤية الفكرتين تنسجان معا مثل قطعة الموسيقى وتبدأ في رؤية الارتباط بينهما." بحسب بي بي سي.

ويرى البروفيسور دو سوتوي أن الرحلة كلها تكون شيقة وليس الدليل النهائي فقط "مثلما هو الحال في قطعة الموسيقى، فليس كافيا أن تستمع إلى المقطع الأخير من اللحن." ويعتبر دو سوتوي أن جمال علم الرياضيات مفتقد في المدارس، ومع ذلك، فإن الأشياء الرائعة يمكن تقديمها في المدارس الابتدائية وفقا لقدرات الأطفال. وفي الدراسة اعتبر المتخصصون في علم الرياضيات الذين خضعوا للتجربة أن السلاسل اللانهائية والمعادلة الوظيفية لعالم الرياضيات سرينيفاسا رامانوجان أقبح صيغة رياضية.

البرق والزلازل

الى جانب ذلك قال علماء أمريكيون إن ومضات البرق الغامضة التي يبدو أنها تُنبئ بوقوع زلازل قد تكون ناتجة عن الحركة التي تسببها تصدعات في طبقات الأرض. ورُصدت مؤخرا أجسام متوهجة قبل لحظات من وقوع زلازل قوية في كل من الصين وإيطاليا، وهو ما دعا علماء الفيزياء إلى البحث وراء تلك الظاهرة. وقال العلماء الذين أعلنوا نتائج دراستهم في اجتماع الجمعية الفيزيائية الأمريكية في دنفر إن تلك الومضات ربما تكون ناتجة عن تحول في طبقات التربة والذي من شأنه أن يولد طاقة كهربائية ضخمة.

واكتشف العلماء الظاهرة الفيزيائية الجديدة باستخدام وعاء مليء بدقيق الطعام العادي. وقال تروي شينبروت الأستاذ بجامعة روتجرز الأمريكية في نيو جيرسي: "أتينا بوعاء بلاستيكي مليء بالدقيق، وقمنا بتحريكه بقوة حتى ظهرت بداخله انشقاقات ولدت نحو 200 فولت من الطاقة." وأضاف: "ليست هناك آلية أعرفها يمكن أن تفسر ذلك، ويبدو أن هذه ظاهرة فيزيائية جديدة."

وأدى تكرار التجارب بمواد حبيبية أخرى إلى حدوث نفس الظاهرة الخاصة بانتاج طاقة كهربائية.

وإذا حدث ذلك لخطوط التماس بين طبقات الأرض المختلفة، فقد يولد انزلاق وتصدع حبيبات التربة جهدا كهربائيا بملايين الفولتات. وقد يؤدي هذا بدوره إلى ظهور البرق في الجو فوق تلك المناطق التي تشهد تصدعات في طبقات التربة، وهي بذلك تخلق "نظام إنذار مبكر" وطبيعي للتنبؤ بالزلازل الوشيكة.

وانتشرت مقاطع فيديو على الإنترنت لظهور برق في السماء قبيل بعض الزلازل القوية. وقد سجلت قصص عديدة حول الأضواء التي تسبق الزلازل منذ 300 عام، لكنها لم تسترع انتباه العلماء بوصفها مجرد شائعات. لكن في العقود الأخيرة، ومع ظهور مواقع مثل يوتيوب على الإنترنت، جرى التقاط صور لـ "البرق في السماء" وتحليلها، وتأكيدها من قبل العلماء.

كما انتشرت بكثافة مقاطع فيديو على الإنترنت لكرات مضيئة شوهدت خلال زلزالي فوكوشيما في اليابان، و لاكويلا في إيطاليا. وقال شينبروت "نحن نريد أن نعرف لماذا يظهر ذلك البرق في بعض الأحيان ولا يظهر في أخرى". وأضاف "ليس كل زلزال كبير يسبقه البرق، وليس كل برق يعقبه زلزال". ولفهم هذه العلاقة، أنشأ علماء في تركيا أبراجا لقياس المجال الكهربائي في الجو فوق المناطق المعرضة للزلازل. بحسب بي بي سي.

وأضاف "لقد وجدوا أن هناك بوادر على ما يبدو لبعض الزلازل القوية، والتي تصل قوتها لخمس درجات أو أكثر، لكن إشارة الجهد الكهربائي ليست دائما بنفس القوة، فأحيانا تكون مرتفعة وأحيانا أخرى تكون منخفضة". وكان الهدف الأول لـ شينبروت هو فهم التجربة التي أجريت باستخدام الدقيق، والتي تدل على وجود آلية غير معلومة ينتج عنها طاقة كهربائية خلال عمليات التصدع. وقال "هناك طبقتين من نفس المادة يحتكان ببعضهما البعض وينتجان جهدا كهربائيا، فكيف يحدث ذلك؟" وأوضح شينبروت أن السبب في عدم تتبع الظاهرة هو أن أحدا لم يلتفت إليها من قبل.

الرياح الشمسية

من جانب اخر خلصت دراسة بريطانية إلى أن النشاط على الشمس يتسبب في صواعق البرق على الأرض. وتوصل العلماء إلى أن دخول رياح عاتية من الجزيئات الشمسية فائقة السرعة إلى الغلاف الجوي للأرض، يصاحبه زيادة في عدد صواعق البرق. ونشرت نتائج الدراسة - التي أشرف عليها كريس سكوت بجامعة ريدينغ - في دورية "انفيرومنتال ريسيرش ليترز".

ولأن النشاط الشمسي يخضع لمراقبة عن كثب عبر الأقمار الصناعية، فإن من الممكن حاليا توقع متى يمكن أن تضرب العواصف الخطيرة الأرض. وقال كريس سكوت إن "هناك نحو 24 ألف شخص يصابون بصواعق البرق سنويا، ولذا فإن وجود أي فهم لشدة العواصف الرعدية أو تحذير مسبق منها سيكون مفيدا بالتأكيد". وأثناء دوران الشمس حول نفسها، تطلق كرة البلازما الملتهبة هذه جزيئات مشحونة تتحرك بسرعة هائلة تتراوح بين 400 و800 كيلومتر في الثانية الواحدة.

ويمكن أن تسبب هذه الرياح الشمسية فور وصولها إلى الغلاف الجوي للأرض ظهور الأضواء الشمالية أو "الشفق القطبي"، لكن هذا البحث يظهر كيف يمكن لهذه الرياح أن تؤثر كذلك على طقس الأرض. وتوصل العلماء إلى أنه حينما تزيد سرعة وكثافة الرياح الشمسية، فإن معدل صواعق البرق يزيد أيضا وأوضح سكوت أن "الرياح الشمسية ليست مستمرة، حيث يكون هناك تيارات بطيئة وسريعة منها. وبسبب دوران الشمس، فإن هذه التيارات يمكن أن تتحرك خلف بعضها البعض، وبالتالي، فإذا لحقت رياح شمسية سريعة بأخرى بطيئة، فإن هذا يؤدي إلى حدوث كثافة".

وتوصل العلماء إلى أنه عندما تزيد سرعة وكثافة الرياح الشمسية، فإن معدل صواعق البرق يزيد أيضا. وأوضح فريق البحث أن اضطرابات الطقس تستمر أكثر من شهر بعد وصول هذه الجزيئات إلى الأرض. ومن خلال الاستعانة ببيانات من شمال أوروبا، توصل العلماء إلى أن هناك في المتوسط 422 صاعقة برقية ضربت المنطقة في الأربعين يوما التي تلت وصول رياح شمسية عالية السرعة، مقارنة بـ321 صاعقة في الأربعين يوما التي سبقتها.

وهذه النتائج مثيرة للدهشة، بحسب سكوت، حيث كان يسود اعتقاد في السابق أن زيادة الرياح الشمسية يكون لها تأثير عكسي. وأوضح أن هذا الأمر "غير متوقع لأن هذه التيارات من الجزيئات تنقل معها مجالا مغناطيسيا معززا، وهذا يحمي الأرض من الأشعة الكونية عالية الطاقة، والتي تأتي من خارج النظام الشمسي. وتأتي هذه الأشعة نتيجة انفجار النجوم (سوبرنوفا)، وتؤدي إلى زيادة سرعة الجزيئات لتواكب سرعة الضوء".

وكانت أبحاث سابقة أظهرت أن الأشعة الكونية القادمة من الفضاء يمكن أن تزيد من معدلات البرق، وكان يسود اعتقاد بأن زيادة تعزيز الحماية من الجزيئات الشمسية يقلل من عدد الصواعق. لكن سكوت أشار إلى أنه "بدلا من ذلك، فإن ما شاهدناه بالفعل كان زيادة واضحة في البرق، وتبين أن هذه الرياح الشمسية تنقل معها مجموعة من الجزيئات ذات طاقة أقل قليلا، وتزيد من معدل البرق". وتطلق الشمس جزيئات مشحونة تتحرك بسرعة ما بين 400 و800 كيلومتر في الثانية.

وأوضح أنه غير متأكد تماما من الآلية وراء هذه العملية، لكنه قال إن هذه الجزيئات ربما تخترق غيوما كثيفة، وهو ما يجعل من السهل عليها إطلاق طاقة كهربائية في شكل صواعق البرق. وأضاف سكوت أن "ما نحتاج إلى فعله اليوم هو تعقب هذه الجزيئات النشطة حتى وصولها إلى الغلاف الجوي لنرى إذا ما كان يمكننا معرفة المكان الذي تنتهي إليه". بحسب بي بي سي.

لكن بالرغم من أنه لا تزال هناك أسئلة تحتاج لإجابات بشأن كيفية حدوث هذه العملية، فإن هناك معلومات وفيرة عن توقيت وصول هذه الجزيئات، وهو ما يمكن أن يساعد في توقع هبوب العواصف. وقال سكوت إن "تيارات الرياح الشمسية هذه يمكن التنبؤ بها بدرجة كبيرة. نحن نعلم أن الشمس تكمل دورانها كل 27 يوما، ولذا فإن هناك معدل تكرار قويا جدا. إذا رأينا الرياح مرة واحدة، فإننا نعلم أنها ستعود بعد 27 يوما". ورغم أن البيانات جمعت من أوروبا فقط، فإن الباحثين يعتقدون أن لهذه العملية تأثيرا عالميا.

نظرية داروين

في السياق ذاته أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز "بيو" للأبحاث أن عدد الجمهوريين الذين يؤمنون بنظرية تطور البشر من كائنات أدنى انخفض، في ظل تزايد الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين حول تلك المسألة. وأشار 48 في المائة من الأشخاص المناصرين للحزب الجمهوري لـ"بيو" في دراسة إلى أنهم كانوا يعتقدون أن البشرية "كانت موجودة في شكلها الحالي منذ بداية الزمن." وفي المقابل، فإن 43 في المائة من الجمهوريين قالوا العكس، معتبرين أن البشرية "تطورت على مر الزمن." وتعتبر هذه الأرقام تحولا ملموساً، منذ الاستطلاع الأخير الذي أجرته "بيو" في العام 2009، إذ أوضح غالبية الجمهوريين بنسبة 54 في المائة أنهم يؤمنون بالتطور البشري.

أما نسبة الديمقراطيين الذين يؤمنون بالتطور البشري، وهي نظرية وضع اسسها تشارلز داروين، من ناحية أخرى، فقد تزايد في السنوات الأربع الماضية، إذ أشار 67 في المائة من هؤلاء، إلى أنهم يؤمنون بنظرية التطور البشري، مقارنة بـ 27 في المائة الذين عارضوا تلك النظرية. وفي العام 2009، بلغ عدد الديمقراطيين الذين يؤمنون بتطور البشرية على مر الزمن 64 في المائة.

وقال كبير الباحثين في "بيو" والمشرف على الدراسة كاري فانك: "لم أكن أتوقع أن أرى هذا النوع من التحول،" مضيفاً: "أعتقد أن هذا التحول يتناسب أساساً مع وجود نمط من الاستقطاب المتزايد.. ونحن نرى ذلك في بعض القضايا العلمية الأخرى."

ورغم من حقيقة أن غالبية العلماء يؤيدون أن عمر الأرض يبلغ 4.5 مليار عام، فيما يبلغ عمر الكون 13.7 مليار عام، وأن تطور البشرية حصل على مر الزمن، إلا أنه لا يؤيد الجميع هذه النظرية. ووفقا لاستطلاع "بيو"، فإن 60 في المائة من الأمريكيين يعتقدون أن البشرية تطورت على مر الزمن، مقارنة معارضة 33 في المائة لهذه النظرية، وهو الرقم الذي ظل ثابتا منذ العام 2009. بحسب CNN.

وقد سخرت فكرة الخلق من قبل المجتمع العلمي السائد منذ فترة وجيزة بعدما عرض العالم تشارلز داروين نظرية "أصل الأنواع" في العام 1859. وبالنسبة إلى فانك، فإن التحول الجمهوري كان مفاجئا وقاد الباحثين إلى التحقق من الأرقام من خلال التحكم في البيانات ضد الانقسامات العرقية والإثنية بين الطرفين. ولكن مع ذلك، اعترف فانك، أن الإنقسام حول التطور البشري بين الديمقراطيين والجمهوريين ، فضلا عن التغيرات في معتقدات الجمهوريين، استمر. وتجدر الإشارة إلى أن تقرير "بيو" ارتكز على مقابلات هاتفية أجريت بين 21 آذار/مارس و8 نيسان/أبريل الماضيين، وشملت العينة ألف و983 شخصاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 18/آيار/2014 - 17/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م