المرأة العاملة.. تبحث عن حقوقها لتحقيق الذات وبناء المجتمع

 

شبكة النبأ: لا تزال المرأة في مختلف دول العالم قابعة وراء قضبان الإقصاء والتميز والعنف وغياب الفرص وغياب حق التوازن والمساواة مع شريكها الرجل فيما يخص حقوق وواجبات العمل كما يقول بعض الخبراء والمتخصصين في شؤون المرأة.

أذ يرى هؤلاء الخبراء ان موضوع المرأة العاملة والمناصب التي تشغلها كان ولايزال من أهم القضايا لدى العديد من المنظمات العالمية على الرغم دورها الأساسي والقيادي في بناء وتطوير المجتمع، وتشير إحصائيات منظمة العمل الدولية الى أن 40% من القوى العاملة في العالم من النساء الأمر الذي يشكل زيادة قدرها 200 مليون في العشر سنوات الماضية.

لكن بالرغم من هذا التقدم فإن هذه الأرقام لم يقابلها ارتفاع في الأجور أو الحصول على الامتيازات نفسها التي يحصل عليها الرجال. وحسب التقرير فإن المساواة الحقيقة في فرص العمل بين الرجال والنساء لا تزال بعيدة المنال ولن تتحقق.

وتبرز الإحصائيات ان عدد النساء العاملات في العالم يصل الى ما يقارب نصف مليار امرأة، يتوزعن في سائر مجالات العمل. وتشير إلى أن انخراط المرأة في العمل لمدة 10 أو 12 ساعة خارج المنزل تسبب في 12 مليون حالة طلاق في العالم، منها 58% في الغرب. وتشتكي النساء المتحمسات للعمل من التمييز ضدهن في الأجور، فهن يتقاضين أجوراً تقل بنسبة 38% عن أجور الرجل رغم أنهن يمارسن الأعمال نفسها التي يمارسها الرجال وأكثر.

وعليه فالرغم من اختلاف الآراء حول عمل المرأة خارج منزلها، إلا أن هناك الكثير من الإحصائيات التي تؤكد تزايد عدد النساء العاملات بالعالم في الآونة الأخيرة، حيث يرى الكثير من المراقبين أن لهذا التزايد أسبابا مختلفة، فبينما تسعى بعضهن لتحقيق ذواتهن في الحصول على المكانة الاجتماعية والارتقاء بالمناصب، ترغب بعضهن في مشاركة الرجال في بناء المجتمع.

الأمومة سبب للتمييز

 وفي هذا الشأن فقد ذكر تقرير إخباري في بريطانيا أن أعداد النساء اللائي يجبرن على ترك عملهن لأنهن حوامل، أو في إجازة رعاية طفل، قد تضاعف خلال العقد الماضي، ما يشير إلى تمييز واضح ضد المرأة التي لديها أطفال في البلاد. ونقلت صحيفة الإندبندنت عن تقرير لمنظمة معنية بحقوق الأمومة، أن ما يقدر بنحو 60 ألف امرأة يعانين هذا التمييز سنوياً، مضيفة أن فرض رسوم في وقت سابق هذا العام، قدرها 1200 جنيه استرليني على إقامة دعوى قضائية، قد فاقم من المشكلة بردع عشرات الآلاف من إقامة دعاوى قضائية ضد أرباب العمل.

وذكر تقرير منظمة ماترنيتي أكشن (العمل من أجل الأمومة) الخيرية أن نحو ثلث اللائي يخسرن عملهن بشكل مجحف، ثم يفزن في نزاع قضائي لا يحصلن على أي تعويض أبداً، وأن أربعة فقط من بين كل 10 تعويضات قضائية تدفع بشكل كامل. وأشارت المنظمة أنه منذ عام 2008، تم إجبار نحو ربع مليون امرأة على ترك وظائفهن، لأنهن ببساطة إما حوامل أو في إجازة رعاية طفل، وفقا للتقرير الذي نشرته. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وخلص التقرير إلى أن هذا العدد يتزايد بصورة متنامية منذ الركود (الاقتصادي) في 2008 والزيادة الهائلة المرتبطة بالأشكال غير المستقرة من التوظيف. وأضاف لم تكتف الحكومة بإهمال معالجة الانتشار المروع للتمييز ضد الأمومة في السنوات الأخيرة، لكنها جعلت من السهل للغاية لأرباب العمل المخالفين الإفلات من العقاب بازدراء القانون.

الأمهات في أمريكا

من جانب اخر أظهرت نتائج دراسة أعدها مركز بيو للأبحاث تزايد أعداد الامهات الامريكيات اللائي لا يخرجن للعمل ويبقين في البيت لتريبة ابنائهن وذلك لأسباب منها ارتفاع معدلات الهجرة وعجز النساء عن الالتحاق بسوق العمل. وبلغت نسبة الأمريكيات غير العاملات 29 بالمئة -أي حوالي 10.4 مليون امريكية- في 2012 إرتفاعا من 23 بالمئة في 1999 في تحول أعقب ثلاثة عقود من التراجع.

وقال مركز بيو للأبحاث في تحليل لبيانات مكتب تعداد السكان إن فئة الامهات غير العاملات ولهن أولاد تقل أعمارهم عن 18 عاما تشمل من تكتفين برعاية أسرهن ومن لا تجدن وظائف أو المعاقات أو من تدرسن. وقالت الدراسة إن نحو ثلثي الأمهات غير العاملات لهن أزواج يعملون انخفاض من 85 بالمئة في 1970 عندما تراجع معدل الزواج في الولايات المتحدة.

وفي عام 2012 تولت الأمهات غير العاملات تريبة 28 بالمئة من الأطفال الأمريكيين أي 21.1 مليون امريكي دون 18 سنة من العمر بزيادة 4 بالمئة عن عام 2000. وقالت ستة بالمئة من الأمهات غير العاملات إنهن مكثن في المنزل مع أولادهن لعدم استطاعتهن الالتحاق بعمل مقابل واحد بالمئة في عام 2000. بحسب رويترز.

وقالت الدراسة إن 51 بالمئة من الامهات غير العاملات من البيض مقابل 60 بالمئة نسبة النساء العاملات. واضافت ان ثلث غير العاملات من المهاجرين مقارنة بما نسبته 20 بالمئة بين من تعملن. وقالت الدراسة إن تزايد عدد السكان المهاجرين "ربما يكون مسؤولا عن قدر من الزيادة في عدد الامهات غير العاملات."

أجور العمل

خلصت دراسة تحليلية شملت الدستور وتشريعات العمل الأردنية والممارسات الفعلية ومعايير العمل الدولية والإتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية والتي صادق عليها الأردن، الى أن النساء يعانين من عدم الإنصاف في الأجور عن الأعمال ذات النوع والقيمة المتساوية بشكل يتعارض مع حقوقهن بالعمل وبالحصول على أجور متساوية مع الذكور عند القيام بأعمال ذات قيمة متساوية.

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن الفجوة في الأجور بين الجنسين تتسبب بخسائر مالية للنساء تقدر بالملايين سنوياً مما يحول دون تعزيز فرصهن الاقتصادية ويحد من تمكينهن وقدرتهن على مواجهة الأعباء الاقتصادية والتحديات المستقبلية. وخلصت الدراسة التي قامت بها اللجنة التوجيهية الوطنية الأردنية للمساواة في الأجور والتي أنشئت عام 2011 ، الى مجموعة من النتائج والتوصيات لمواجهة التحديات وإزالة المعيقات العملية أمام حصول النساء على حقوقهن في العمل ، وإتخاذ الإجراءات والتدابير بما فيها تعديل التشريعات لضمان ردم الفجوة في الأجور بين الجنسين ، وتدعم "تضامن" النتائج والتوصيات التي توصلت لها الدراسة والتعديلات المقترحة على قانون العمل الأردني.

وبينت الدراسة التي نشرتها بعض وكالات الانباء، الى أن هنالك تمييزاً بين الجنسين في التوظيف ، وإنتهاكات ومخالفات متكررة في بعض القطاعات كقطاع التعليم الخاص مما تؤثر على تعزيز حماية الأجور للنساء، وضرورة حماية الأمومة والعمال ذوي المسؤوليات العائلية. وأوصت الدراسة بتعديلات على بعض نصوص قانون العمل الأردني خاصة المواد (4-27-29-45-46-52-67-70-72) كما وأوصت بإلغاء المادة 69 والمتعلقة بحظر تشغيل النساء في بعض الأعمال والصناعات ، والأوقات التي لا يجوز تشغيل النساء فيها ليلاً.

 ومن جهة أخرى شددت "تضامن" على حقيقة أن العادات والتقاليد المسيئة سبباً هاماً من أسباب التمييز وعدم المساواة بين الجنسين، وأن أوجه هذا التمييز تبدأ منذ الولادة حيث يكون تفضيل المواليد الذكور على الإناث، لا بل إمتد التمييز ليشمل تحديد جنس المولود بفضل التقدم التكنولوجي والطبي.

وتؤكد "تضامن" على أن الطفلة داخل الأسرة في معظم الأحيان لا تتم معاملتها كأخيها من حيث الإهتمام والرعاية والتعليم والصحة ، كما أن الأعمال المنزلية الملقاة على عاتقها تفوق كثيراً تلك المطلوبة من أخيها الذكر، وتصبح العديد من الأعمال والأفعال والنشاطات خارج المنزل حكراً على أخيها، وتنهال عليها مختلف أنواع النصائح المرتبطة بالعادات والتقاليد المسيئة والتي تعطي الأفضلية للذكر دون الأنثى، وتبدأ الأسرة "بإدراك أو بدون إدراك" ترسيخ وتمتين التمييز بين الجنسين، فما أن يكبر كل منهما ليجد نفسه / نفسها في مجتمع قائم على أسس غير سليمة قوامها التمييز وعدم المساواة.

وتضيف "تضامن" بأن أحد أهم أوجه التمييز بين الطفل والطفلة يكمن في الأمور المادية خاصة المصروف الشخصي، فالطفل يحصل على مصروف يفوق ذلك الذي تحصل عليه الطفلة وقد يصل الى أضعاف ما تحصل عليه، مما ينجم عنه آثاراً مدمرة آنية ومستقبلية، كإعتقاد الطفل بأنه أفضل من أخته، وترسيخ دونية الطفلة "المرأة مستقبلاً" حتى مع حقيقة أنها تعمل أكثر من أخيها داخل المنزل، أو أنها أفضل منه تعليماً ومهارة وموهبة. وتنشأ بينهما علاقة تنافر وتضارب تكبر وتستمر معهما لتنعكس على المجتمع بأسره.

ودعت "تضامن" جميع الجهات المعنية وذات العلاقة الى دراسة جدية ومعمقة لمختلف العادات والتقاليد المسيئة والسائدة في المجتمع، والعمل على التخلص منها بنشر التوعية لدى الرأي العام والأسر تحديداً، خاصة من قبل صانعي القرار ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات والمؤسسات المعنية بالأطفال والنساء والأسرة، لمنع كافة أشكال التمييز بين الطفل والطفلة للوصول الى مجتمع خال من العنف والتمييز وعدم المساواة بين الجنسين بما فيها المساواة في الأجور عن قيمة الأعمال المتساوية.

المرأة تكافح

الى جانب ذلك أظهر تقرير حكومي أن مجالس إدارات الشركات الكبرى في بريطانيا باتت تضم عددا أكبر من السيدات لكنه أكد أن الحاجز الذي يقف حائلا أمام وصولهن للمناصب القيادية لم يتحطم بعد. وأشار التقرير إلى أن أغلب رؤساء الشركات ما زالوا من الرجال وأنه ينبغي على هذه المؤسسات بذل المزيد من الجهد لإتاحة فرص أكبر أمام المرأة.

وأوضح تقرير السنوي الثالث بشأن التقدم المحرز في هذا المجال أن السيدات يشغلن حاليا خمس أو نسبة 20.7 في المئة من مقاعد مجالس إدارات أكبر مئة شركة مدرجة على مؤشر فاينانشال تايمز مقارنة بنسبة 12.5 في 2011 الا انها لا تزال بعيدة عن النسبة المستهدفة وهي الربع بحلول 2015.

ويقول نشطاء إن الطريق لا تزال طويلة حيث لا تشغل السيدات حاليا سوى 6.9 في المئة من المناصب التنفيذية الرفيعة في الشركات المئة بينما تشغل أربعة منهن فقط مناصب قيادية. وقال وزير التجارة السابق ميرفين ديفيز رئيس المبادرة الحكومية منذ 2011 ان الارقام تظهر ان الاتجاه التطوعي لدعم المرأة في مجالس ادارات الشركات يؤتي ثماره مستبعدا الحاجة لفرض حصص اجبارية مثل تلك المطبقة في فرنسا وايطاليا واسبانيا وهولندا والمقرر تطبيقها في المانيا.

والسيدات الأربع هن مويا جرين وكارولين ماكول وانجيلا ارندتش واليسون كوبر اللاتي يرأسن شركات رويال ميل وايزي جيت وبربيري وامبريال توباكو على الترتيب. ومع تسليط الضوء على القضية كشف عدد من البنوك البريطانية في نتائجه السنوية ولأول مرة هذا العام عن خطط لتحقيق التوازن بين الجنسين. بحسب رويترز.

ويهدف بنك اتش.إس.بي.سي لاتاحة الفرص امام المرأة لشغل 25 في المئة من المناصب القيادية بحلول 2014-2015 مقارنة بنسبة 22.7 في المئة حاليا. ويسعى لويدز لتحقيق نسبة 40 في المئة بحلول 2020 مقارنة بنسبة 28 في المئة التي يسجها حاليا بينما يسعى بنك باركليز للوصول لنسبة 26 في المئة بحلول 2018 بزيادة خمسة في المئة.

العمل البرلماني

على صعيد متصل أظهرت دراسة للاتحاد البرلماني الدولي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة إن نصيب المرأة من المقاعد البرلمانية بأنحاء العالم ارتفع 1.5 نقطة مئوية في العام الماضي ليصل إلى نسبة قياسية 21.8 بالمئة أو ما يعادل المثلين تقريبا منذ عام 1995. لكن جون هيندرا نائب المدير التنفيذي لمكتب السياسات والبرامج في هيئة الأمم المتحدة للمرأة حذر بقوله انه "وفق هذا المعدل قد يستغرق الأمر عقودا للوصول إلى تكافؤ الجنسين في البرلمانات."

وقال إن الاجراءات الخاصة المؤقتة مثل تخصيص حصص للمرأة ودعم الأحزاب السياسية إضافة إلى الحركة النسائية القوية هي جميعها عوامل رئيسية لزيادة عدد النساء في البرلمانات بأنحاء العالم. وقال هيندرا في مؤتمر صحفي "تحقيق المساواة بين الجنسين في المشاركة السياسية يتطلب أن نتعامل مع مجموعة كبيرة من الحواجز التي تعترض طريق النساء للتنافس في الانتخابات."

وأضاف "هذه الحواجز تشمل التحيز لجنس دون آخر والتفرقة في المعاملة والتوجهات الثقافية التي تنظر إلى المرأة باعتبارها اقل قدرا وغير جديرة بالقيادة وتحدي جمع تمويل كاف للحملات الانتخابية ومكافحة الفساد وشراء الأصوات والدعم غير الملائم من الأحزاب السياسية والإعلام." وخلصت الدراسة إلى ان النساء يشغلن 17.1 بالمئة من المناصب الوزارية في الحكومات مقارنة مع 16.1 بالمئة في عام 2008. وقالت الدراسة إنه توجد وزيرة واحدة على الأقل في كل دولة في افريقيا والأمريكتين إلا ان الحكومات التنفيذية في لبنان والمملكة السعودية وباكستان وبروناي وسان مارينو والبوسنة وجزر سليمان وفانواتو لا تضم أي امرأة. بحسب رويترز.

وتوجد أعلى نسبة للنساء في البرلمان في الأمريكتين حيث تصل إلى 25.2 بالمئة بينما شهد العالم العربي أكبر ارتفاع في العام الماضي من 13.2 بالمئة إلى 16 بالمئة. وارتفعت النسبة في افريقيا وأوروبا قليلا إلى 22.5 بالمئة و24.6 بالمئة بينما بلغت في آسيا 18.4 بالمئة وفي المحيط الهادي 16.2 بالمئة. وانخفض عدد النساء اللاتي يشغلن منصب الرئاسة أو رئاسة الحكومة بواقع واحدة ليصبح 18 فقط.

المرأة في الخليج

في السياق ذاته أثارت أمينة الرستماني علامات الدهشة والتعجب على وجوه أصدقائها وأقاربها بالإمارات العربية المتحدة حين بدأت حياتها المهنية في دبي قبل 13 عاما كمهندسة كهرباء لتصبح واحدة من قليلات في الشرق الأوسط اقتحمن هذا المجال. ومنحها نجاحها في مجال يهيمن عليه الرجال ثقة مكنتها من اعتلاء سلم المهنة وتخطي مزيد من الحواجز. وهي الآن المديرة التنفيذية لقطاع الإعلام بمؤسسة تيكوم للاستثمار إحدى شركات مجموعة يمكلها حاكم دبي وتدير مجمعا يضم تسع مناطق أعمال وتقف في طليعة مطامح اقتصادية تصبو إليها الإمارة في تكنولوجيا المعلومات والعلوم والتعليم.

حققت أمينة الرستماني ما لم يكن متصورا قبل ربع قرن إذ بلغت أعلى مستوى بقطاع الأعمال في بلد خليجي عربي على نحو أبرز تحولا في مناخ الأعمال أتاح للمرأة الانضمام تدريجيا إلى مجالس الإدارات وتولي مناصب أخرى ذات سطوة اقتصادية في المنطقة. قالت أمينة التي تحمل درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة جورج واشنطن "هناك دائما هذا التحدي في أن تكون أهلا وأن تتميز لكن حالما تثبت كفاءتك ستحظى باحترام المجتمع." وتابعت كلامها قائلة "للحكومات دور وللقطاع الخاص دور وللأسرة دور لكن الأمر كله يتوقف على ما يمكن للفرد أن يفعله."

ورغم أن جلوس النساء على مقعد إدارة الشركات لا يزال نادرا في الشرق الأوسط فإن تنامي الثروات وارتفاع مستويات تعليم النساء والجهود الحكومية للترويج للمساواة في فرص العمل ييسر على المرأة كسر "السقف الزجاجي" أو التمييز ضد توليها مناصب تنفيذية عليا مستقبلا. وشغلت المرأة 9.8 في المئة من مقاعد مجالس إدارات الشركات في العالم في عام 2011 وهي أحدث بيانات متوافرة لدى شركة جي.إم.آي ريتينجز للأبحاث ومقرها الولايات المتحدة. لكنها في مجلس التعاون الخليجي المؤلف من ست دول لا تشغل أكثر من 1.5 في المئة من هذه المقاعد وفقا لبيانات معهد حوكمة ومقره دبي.

غير أن الفجوة تضيق. فنسبة 1.5 في المئة "كانت صفرا تقريبا قبل عشر سنوات" حسبما قال شايلش داش الرئيس التنفيذي لشركة الماسة كابيتال في دبي. وعالم الأعمال بدولة الإمارات له في العادة طابع عالمي حسب المعايير الخليجية وذلك نظرا لانفتاح دبي. وفي ديسمبر كانون الأول 2012 اعتمد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس وزراء الإمارات وحاكم دبي قانونا يلزم كل الإدارات الحكومية والشركات المتصلة بها بتمثيل نسائي في مجالس إدارتها وإن كان لم يحدد موعدا مستهدفا لذا يرى كثيرون أن الالتزام بالقانون سيكون تدريجيا.

وأظهرت الشهر الماضي دراسة نشرتها شركة جرانت ثورنتون الاستشارية أن المرأة تتولى 14 في المئة من المناصب الإدارية العليا بالإمارات. وأشارت الدراسة إلى أن النسبة أقل من المتوسط العالمي البالغ 24 في المئة لكنها أعلى من نسبة تسعة في المئة في اليابان وعشرة في المئة في هولندا و13 في المئة في سويسرا.

أما السعودية -أكبر اقتصاد بالخليج- فتأتي في مرتبة تالية نظرا للتقاليد المحافظة هناك إضافة إلى الالتزام بالمذهب الوهابي. فالمرأة السعودية تحتاج لإذن ولي الأمر قبل السفر للخارج أو فتح حساب مصرفي. وهناك فصل بين الجنسين في كثير من الشركات والإدارات الحكومية. وفي وقت سابق أعلنت مؤسسة الأهلي المالية التابعة لأكبر بنك في السعودية عن تعيين سارة السحيمي رئيسا تنفيذيا لتصبح أول سيدة ترأس مصرفا استثماريا في المملكة. وكانت سارة السحيمي تشغل من قبل منصب رئيس إدارة المحافظ في جدوى للاستثمار بالسعودية.

أما سيدة الأعمال السعودية المعروفة لبنى العليان الرئيسة التنفيذية لشركة العليان المالية التي أسسها والدها في الرياض فقد ورد اسمها في قائمة مجلة فورتشن لأكثر النساء نفوذا في قطاع الأعمال لعام 2013 والتي ضمت 50 اسما وهي قائمة هيمنت عليها نساء أمريكيات. ودعت لبنى العليان رؤساء الشركات في الدول العربية إلى توظيف النساء وقالت إن المنطقة بحاجة للتطوير.

وقدرت الماسة كابيتال ثروات نساء الشرق الأوسط ككل بنحو 690 مليار دولار في عام 2012 بعد نموها بمعدل ثمانية في المئة في المتوسط سنويا خلال الأعوام السابقة وهو معدل أسرع قليلا من الزيادة في معدل ثراء الرجال. وقال شايش داش الرئيس التنفيذي للماسة كابيتال "ثروة النساء هنا ربما تصل إلى 930 مليار دولار بحلول عام 2017." وأضاف "بدأنا نرى المستثمرات يضطلعن بمسؤوليات أكبر ويشاركن أكثر في صنع القرار ويكتسبن معرفة أكبر."

وأقامت بعض البنوك مثل بنك دبي الإسلامي ومصرف الإمارات الإسلامي فروعا للنساء فقط بهدف زيادة القدرة على المنافسة في أسواق خدمة الأفراد المصرفية المكتظة في البلاد وهو ما يتيح فرص عمل للنساء وتولي مناصب عليا. لكن فرص جلوس المرأة على المقاعد الإدارية العليا مازالت ضعيفة. وتشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن المرأة تمثل نصف القوة العاملة على مستوى العالم لكن النسبة تنخفض إلى حوالي 20 في المئة في الشرق الأوسط.

غير أن السياسات الحكومية تشجع مزيدا من النساء على العمل إذ أن دولا مثل السعودية والإمارات استثمرت مليارات الدولارات في تحسين أنظمة تعليم المرأة. وفي السعودية تروج وزارة العمل وبعض أفراد الأسرة الحاكمة لفكرة عمل المرأة كوسيلة لتخفيف التوترات الاجتماعية الناجمة عن ارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين. وقالت الأميرة أميرة الطويل الرئيسة التنفيذية لشركة تايم إنترتاينمنت ومقرها السعودية "ما يحدث في السعودية بوجه خاص وبمنطقة مجلس التعاون الخليجي بوجه عام تطور اجتماعي واقتصادي حقيقي تلعب فيه المرأة دورا أكبر في قطاع الأعمال والمال والإعلام وكثير من القطاعات الأخرى."

وتسافر آلاف الشابات السعوديات للخارج كل عام للدراسة بجامعات أمريكية وأوروبية كبرى على نفقة الحكومة السعودية. ولدى عودتهن لأرض الوطن يكن أقل ميلا من الأجيال السابقة لقبول العيش خارج قوة العمل. ومن ناحية أخرى يدفع النمو الاقتصادي دول الخليج لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط وتطوير قطاعات الخدمات الواسعة مما يتيح مزيدا من فرص العمل للنساء خارج القطاع النفطي الذي يهيمن عليه الرجال.

ومن بين القيادات النسائية في قطاع الأعمال بالمنطقة شيخة البحر الرئيسة التنفيذية لبنك الكويت الوطني وسعاد الحميضي رئيسة مجموعة شركات الحميضي. وأمام دول الخليج شوط طويل يجب أن تقطعه قبل أن تصل إلى حصص تمثيل المرأة في مجالس إدارات الشركات في دول مثل النرويج رائدة هذا المجال والتي تفرض الآن تمثيلا نسائيا بنسبة 40 في المئة على الأقل في مجالس الإدارة.

وربما كان القانون الإماراتي الذي يطالب بتمثيل نسائي في مجالس إدارات الشركات مجرد مؤشر على النوايا في الوقت الحالي لكنه يدل على تزايد وعي قطاع الأعمال الخليجي بأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه العنصر النسائي في وقت تسعى فيه الشركات لتخطي حدودها المحلية. وقال الشيخ محمد بن راشد لدى اعتماد القانون الجديد "وجود المرأة في هذه المجالس سيعطي قرارات هذه المؤسسات وخططها مزيدا من التوازن.

فالمرأة تعمل في هذه المؤسسات والمرأة أيضا تمثل جزءا مهما من متعاملي وجمهور هذه المؤسسات. فلا بد أن يكون لها تمثيل في اتخاذ القرار." وتابع "المرأة لدينا في دولة الإمارات أثبتت كفاءتها بقوة في مختلف مواقع العمل. واليوم نعطيها دفعة جديدة لتكون في مراكز اتخاذ القرار في جميع المؤسسات والهيئات الحكومية." بحسب رويترز.

وترى أمينة الرستماني إن تغير الاتجاه كان ينبغي أن يبدأ منذ فترة. وقالت "المرأة تضيف اتساعا وتوازنا لجميع الشركات على كافة المستويات. "فهي تبرع تحت الضغط ويمكنها القيام بمهام متعددة. وأعتقد أن بإمكانها إذا نالت القدر الكافي من التعليم وأتيحت لها الفرصة المناسبة أن تضطلع بدور قيادي مؤثر وأن تكون نموذجا يحتذى".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/آيار/2014 - 7/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م