شبكة النبأ: لماذا تجري الانتخابات في
بلدان العالم، واقصد التي تقوم على أنظمة ديمقراطية؟.
لأسباب متعددة:
- التداول السلمي للسلطة بين الفاعلين السياسيين بما تفرزه صناديق
الاقتراع.
- محاولة الارتقاء بالفعل السياسي من خلال قادة جدد.
- رفض ما يمكن ان يكون واقعا مترديا، والبحث عن بديل افضل.
- تلبية طموحات الناخبين تجاه قضايا (سياسية اقتصادية – اجتماعية)
ملحة.
ويمكن ان تكون هناك اسباب اخرى عديدة، تبعا للانظمة السياسية وطريقة
ادارتها للامور، وتبعا ايضا لمستوى وعي المجتمع والنخب فيه.
الا ان ما يمكن ان يجمع تلك التوجهات هو سؤال التغيير ومطلبه الشديد،
في اي نظام سياسي او مجتمع فيه تلك الممارسة الديمقراطية وهي صندوق
الاقتراع، واقول ممارسة ولا اريد اختصار الديمقراطية كمفهوم سياسي فيها،
فهي تستبطن الكثير من الشروط غير صندوق الاقتراع، ولعل اهم شرط هو وعي
الديمقراطية وممارستها كسلوك يومي متواصل.
بالعودة الى سنوات سابقة، وبعد الاحتلال الامريكي للعراق في العام
2003، تسيدت جماعة المجلس الاسلامي الاعلى والتيار الصدري على مجالس
المحافظات، وعانى ما عانى ابناء تلك المحافظات.
في اول انتخابات للمجالس المحلية، تقدمت دولة القانون، وتسيدت
المشهد المحلي، وعانى المواطن في تلك المحافظات ما عاناه من نفس
المشاكل، ثم في الانتخابات اللاحقة، يعود تيار المواطن وتيار الاحرار،
وهما تسميتان بديلتان عن المجلس والتيار الصدري، ليتسيدوا المشهد
المحلي.
في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، تتسيد دولة القانون المشهد
الانتخابي، وهي التي فشلت في الانتخابات المحلية، مع تقدم للمواطن،
وتراجع طفيف للاحرار، بعد ان اكل من جرفه، القانون والمواطن.
ولم نشهد تقدما لأي تيارات او كتل جديدة، غير التي رسمت المشهد
المحلي في المحافظات او المشهد السياسي في العراق.
ما الذي يمكن ان تؤشره وتشير اليه تلك النتائج؟
ليس اكثر من الشخصية العراقية تذمرا وتململا من اوضاعها التي تعيشها
وترزح تحتها، وهو تذمر يكشف عن نفسه في كل حوار بين اثنين او مجموعة في
اي مكان يلتقون فيه، الجميع يشتمون ويسبون الحكومة والوزراء والنواب،
ويعتبرون ان جميع مصائبهم هم الموجودون على راس السلطات التنفيذية
والتشريعية، لكن العجب ان نفس هؤلاء المتذمرين والشاتمين، قد سارعوا
الى اعادة انتخابهم مرة اخرى، وكأن هناك تحسنا قد طرأ في الخدمات او
المشاريع على مستوى المحافظات، او تحسن قد طرأ على مستوى الاداء
السياسي والاقتصادي للمركز، تجاه الجميع او حتى الخارج، وهذه الخارج،
علاقات العراق الإقليمية او الدولية لا تشكل ادنى اهتمام بالنسبة الى
الناخب وهو يتوجه الى صناديق الاقتراع، للإدلاء بصوته.
شعار التغيير ليس مطلبا حقيقيا للناخبين، بل الخوف من التغيير هو
الهاجس والمحرك لكل هذه الملايين التي توجهت الى صناديق الاقتراع.
الخوف من الجديد والتجديد، الخوف من صعود كتل واحزاب اخرى، لا يعرف
عنها الناخب كما في الحالة العراقية، الا من خلال الشحن ضدها عبر خطاب
ايديولوجي يحاول اقصاءها دوما والتخويف منها، وسبب اخر اعتقده سببا
جوهريا، هو الخوف من الحرية.
لا يمتلك التغيير قدرته على الفعل والانفعال والتفعيل، الا من خلال
امتلاك الارادة الحرة، في نفوس متحررة من كل خوف أو موانع تكرسها
الاعراف المتعددة في المجتمع، وهي اعراف لا تجد لها جذر في الاسلام،
الذي يؤكد على (اصالة الحرية) والتي لا يستقيم اي فعل للمسلم في غيابها
او تنويمها.
وحتى في ادق الشؤون العقائدية، وهي التوحيد، لا يتقبل الله سبحانه
وتعالى عبادة العبيد الرازحين تحت سلطات استعباد مادية او معنوية، انه
يريد عبيدا احرارا لعبوديته المطلقة، وتلك العبودية هي كسر لكل انواع
العبوديات وتهشيما وتحطيما لها.
الاحرار وحدهم من يمتلكون القدرة على التغيير لانهم يمتلكون الارادة
القادرة على ممارسته وحتى خلقه من العدم، والاحرار وحدهم لا يخافون من
التجديد والجديد.
شرط الحرية هو شرط التغيير الناجز، وبدون هذا الشرط لا تفيدنا
ملايين الممارسات الانتخابية، فالديمقراطية لا يصنعها الخوف من الحرية،
ولا يصنعها الخوف من التحرر من الخوف نفسه. |