شبكة النبأ: لا تزال الحكومة المصرية
وعلى الرغم من كل التحديات القائمة تواصل عمليات البحث والتنقيب عن
آثار وكنوز الحضارة الفرعونية القديمة التي تعد من أقدم وابرز الحضارات
في العالم، هذا بالإضافة الى جهودها المتواصلة في الحفاظ على تلك
الكنوز الحضارية المهمة التي تعرضت وبسبب الأحداث الأمنية والتغيرات
السياسية التي شهدتها مصر، الى عمليات تدمير وسرقات منظمة تقوم بها بعض
العصابات المتخصصة كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على ان تلك
الجهود والاستكشافات المستمرة يمكن ان يسهم بتعزيز وإنعاش وتطوير قطاع
السياحة من جديد خصوصا وان هذا القطاع المهم والأساسي قد عانى الكثير
من الأضرار بسبب تلك الأحداث.
وتتميز مصر بوفرة في المزارات السياحية على اختلاف أنواعها، بسبب
وفرة المعابد والآثار، كما تتوفر البنية التحتية السياحية وتعد مصر من
أبرز الدول السياحية في العالم حيث بلغ عدد السياح الزائرين لمصر أكثر
من 10.5 مليون سائح في 2013 م، وأحتلت المركز رقم 22 من حيث عدد السياح
وترتيب 32 من حيث الدخل.
ويرى الخبراء في هذا الشأن ان السياحية المصرية تأثرت كثيرا
بالاضطرابات السياسية والأمنية التي اجتاحت البلاد خلال المدة القليلة
الماضية وأدى سحبت الجاليات الاجنبية والعربية من قبل بلدانها خوفا
عليها بالإضافة الى ان الاوضاع كانت مخيفة للسياح وضنوا ان الامور
ستتفاقم وتحدث اعمال شغب او تهديدات لذلك خسرت مصر جميع سياحها، لكن في
الاونة الاخيرة بدأت مجموعات السياح بالتوافد على المواقع الأثرية
السياحية في مصر، وعليه يبقى عامل الأمن وسوء الادراة يشكلان أهم
العوائق أمام عودة السياحية الفرعونية.
50 مومياء
وفي هذا الشأن فقد قالت وزارة الآثار بمصر في بيان إن بعثة جامعة
بازل السويسرية اكتشفت في البر الغربي لمدينة الأقصر الجنوبية مقبرة
ضخمة تحتوي على بقايا نحو 50 مومياء لأمراء وأميرات من عصر الدولة
الحديثة (نحو 1567-1085 قبل الميلاد). ويطلق المؤرخون وعلماء المصريات
على عصر الدولة الحديثة "عصر الإمبراطورية المصرية" حيث امتد النفوذ
المصري حتى شمال بلاد الشام كما كانت العلاقات جيدة مع الجنوب الممتد
إلى القرن الإفريقي. وكانت الأقصر "طيبة" الواقعة على بعد نحو 690
كيلومترا جنوبي القاهرة عاصمة للبلاد في ذلك العصر.
وقال علي الأصفر رئيس قطاع الآثار المصرية في البيان إن المقبرة
التي اكتشفت بالتعاون مع وزارة الآثار بمصر تضم بقايا مومياوات تخص
أفرادا من العائلة الملكية مرجحا انتماءها إلى الملكين تحتمس الرابع
الذي حكم بين عامي 1425 و1417 قبل الميلاد وخليفته أمنحتب الثالث الذي
حكم حتى عام 1379 قبل الميلاد وهو أبو فرعون التوحيد اخناتون.
وأضاف أن البعثة عثرت أيضا على بقايا توابيت خشبية ومادة الكرتوناج
وهي أقنعة من القماش والجبس كانت تحمل ملامح وجه المتوفى وأن المعاينة
المبدئة للنقوش المسجلة على أواني التخزين المكتشفة بالمقبرة تكشف
"هوية ما يزيد عن ثلاثين فردا من أصحاب المقبرة من بينهم أميرات كشف
النقاب عن أسمائهن للمرة الأولى" وتحمل إحداهن اسم "تا ام واج اس"
والثانية اسمها "نفرو نبو" إضافة إلى أربعة أمراء.
وتابع موضحا أن الكشف بحاجة إلى مزيد من الدراسات الانثربولوجية
وفحص كسرات الأدوات الجنائزية لمعرفة هوية أصحاب المقبرة للتوصل إلى
مزيد من التفاصيل الخاصة بهيكلة البلاط الملكي في عصر الأسرة الثامنة
عشرة (1567-1320 قبل الميلاد) ومعرفة جوانب من تفاصيل الحياة اليومية
وطقوس الدفن في تلك الفترة. وقالت الينا بالين رئيسة البعثة في البيان
إن المعاينة الأولى للمقبرة ترجح تعرضها "للنهب عدة مرات" في أكثر من
عهد. وأضافت أن المقبرة التي تضم مومياوات جيدة التحنيط لأطفال حديثي
الولادة استخدمت لأغراض الدفن مرة أخرى.
من جانب آخر قالت وزارة الدولة لشؤون الآثار بمصر في بيان إن بعثة
إسبانية إيطالية اكتشفت غربي مدينة الأقصر الجنوبية مقبرة فرعونية لأحد
كبار الدولة في عصر الأسرة الثامنة عشرة التي حكمت البلاد منذ عام 1567
قبل الميلاد. وقال عبد الحكيم كرار رئيس البعثة المصرية التي شاركت في
أعمال الحفائر إن المقبرة لشخص اسمه "ماعي" وإن من ألقابه "الموقر لدى
أوزير والأمير الوراثي والعمدة وكاتم أسرار الإله الطيب... مما يعكس
المكانة الرفيعة التي حظي بها."
ولكن البيان لم يحدد اسم الملك الذي عاش في عصره "ماعي" حيث يمتد
حكم الأسرة الثامنة عشرة بين عامي 1567 و1320 قبل الميلاد. وقال البيان
إن البعثة تواصل العمل على إزالة الرديم من داخل المقبرة وإن "الأجزاء
الظاهرة حتى الآن تحمل نقوشا بالغة الأهمية" إذ تسجل تفاصيل الحياة
اليومية لصاحب المقبرة وطبيعة علاقاته الأسرية من خلال منظر يجمعه
بزوجته "نفرت" وآخر لمأدبة طعام تضم صفوفا من الرجال والنساء إضافة
لمناظر للصيد في الأحراش ومراسم تقديم القرابين. بحسب رويترز.
وقال ميلاجروس ألفاريث سوسا رئيس البعثة في البيان إن "مشاركة أكثر
من جانب في أعمال الحفائر ساهم في تبادل الخبرات المتراكمة لدى أعضاء
البعثة من خلال تعاون نخبة الأثريين المصريين والأجانب المتخصصين في
مختلف مجالات العمل الأثري." وكانت الأقصر الواقعة على بعد نحو 690
كيلومترا جنوبي القاهرة عاصمة لمصر في عصر الدولة الحديثة الذي يطلق
عليه علماء المصريات عصر الإمبراطورية (1567-1085 قبل الميلاد).
مفكر وأدوات للكتابة
في السياق ذاته قالت وزارة الآثار المصرية في بيان إن بعثة اسبانية
اكتشفت في محافظة المنيا الجنوبية مقبرتين منذ نحو 26 قرنا بهما مجموعة
من التوابيت الحجرية ومومياء كاتب مصري وأدوات للكتابة وألوف الأسماك
المحنطة. وقال على الأصفر رئيس قطاع الآثار المصرية بالوزراة إن البعثة
الاسبانية بالتعاون مع أثريين مصريين اكتشفت المقبرتين اللتين ترجعان
إلى عصر الأسرة السادسة والعشرين (نحو 664-525 قبل الميلاد) في منطقة
آثار البهنسا بمحافظة المنيا الواقعة على بعد نحو على بعد نحو 240
كيلومترا جنوبي القاهرة.
وأضاف أن المقبرة الأولى لأحد الكتاب والمفكرين "الذين أثروا الحياة
الفكرية والثقافية" في ذلك العصر حيث عثر على الأدوات التي استخدمها في
الكتابة وتشمل محبرة من البرونز وقلمين صغيرين من البوص بجوار موميائه
التي وجدت في حالة جيدة من الحفظ. وأضاف أن المقبرة عثر فيها على عدة
ألوف من أسماك "القنومة رمز المقاطعة" وبعض تلك الأسماك محنط وهي "المرة
الأولى التي يتم فيها هذا الكشف" كما اكتشف فيها أيضا غطاء لأحد آنية
الأحشاء وهي على هيئة رأس آدمي وكانت توضع في المقبرة مع المتوفى وتمثل
أبناء حورس الأربعة.
ولم يشر البيان إلى اسم "الكاتب والمفكر" أو اسم الملك الذي عاش في
عصره بالتحديد. وقال البيان إن المقبرة الثانية تخص عائلة كهنوتية كبرى
عمل كثير من أفرادها كهنة في معبد أوزير الذي كشف عنه منذ سنوات على
بعد 2000 متر غربي المقبرة المكتشفة والتي عثر فيها على العديد من
التوابيت الحجرية الضخمة وبعضها مهشم والبعض الآخر منقوش وبحالة جيدة
وبداخلها بعض أواني الأحشاء وعليها نصوص بالهيروغليفية. بحسب رويترز.
وقال جوسيب بادرو رئيس البعثة الاسبانية في البيان إن هذا الكشف
يتوج حفائر هذا الموسم للبعثة التي تعمل فى مصر منذ 20 عاما وإن من
أبرز ما عثر عليه داخل مقبرة العائلة الكهنوتية "هو الكشف عن المئات من
العملات البرونزية" التي تعود إلى ذلك العصر وإن فريقا من الأثريين
والمرممين يعملون على تنظيفها ووزنها وتصويرها لدراستها. وأضاف أن
اكتشاف كل هذا العدد من العملات "يدلل على ازدهار الحياة الاقتصادية
وانتعاش التجارة في مصر" في ذلك الوقت.
أمنحوتب وابنته
الى جانب ذلك أعلن وزير الدولة لشؤون الاثار المصري محمد إبراهيم
الكشف عن تمثال يجمع بين الملك أمنحوتب الثالث وابنته في مدينة الأقصر
جنوبي القاهرة. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط قول إبراهيم إن ارتفاع
التمثال يبلغ 1.7 متر بينما يبلغ عرضه 52 سنتيمترا. وأضاف "كشفت عنه
البعثة الأوروبية برئاسة هوريج سورزيان بالتعاون مع وزارة الآثار أثناء
تنفيذ مشروع لترميم المعبد الجنائزي لأمنحوتب الثالث... بمنطقة كوم
الحيتان بالبر الغربى بالأقصر." وتبعد الأقصر عن القاهرة نحو 700
كيلومتر.
وقال إبراهيم "التمثال المكتشف هو جزء مكمل لتمثال ضخم من الألباستر
ارتفاعه 14 مترا للملك أمنحوتب الثالث كان يتقدم بوابة الصرح الثالث
للمعبد كشف عن معظم أجزائه على مدار الأعوام الماضية ويجمع امنحوتب
الثالث بأبنته التي تدعى إي-ست." وتابع "أهمية التمثال المكتشف تعود
إلى أنها المرة الأولى التي يكشف فيها عن تمثال يجمع هذه الأميرة
بوالدها وحدها بالرغم من أنها صورت كثيرا في تماثيل تجمعها بوالديها
وأخواتها والتي تعرض حاليا بالمتحف المصري" في العاصمة القاهرة. ومصر
من أكثر دول العالم حيازة للآثار التي يرجع تاريخ بعضها إلى آلاف
السنين.
وأمنحوتب هو الفرعون التاسع من ملوك الأسرة الثامنة عشرة بحسب عديد
من المؤلفين الذين يقولون إنه حكم مصر بين عامي 1386 و1349 قبل الميلاد.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط قول رئيس قطاع الآثار بالوزارة علي
الأصفر إن التمثال "يظهر الملك جالسا على عرشه ويداه مستقرتان على
ركبتيه وبين قدميه تقف ابنته الأميرة إي-ست... وجهها تعرض لعوامل
التعرية وقدماها مفقودتان كما نقش اسمها وألقابها بالقرب من قدميها."
وأضاف أن من ألقابها "القرينة الملكية" و"محبوبة والدها." بحسب رويترز.
ونقلت الوكالة قول مدير عام آثار الأقصر عبد الحكيم كرار أن أعمال
الترميم في المعبد ستشمل "إعادة تمثال الأميرة إي-ست إلى ما كانت عليه
بتمثال أبيها تمهيدا لإقامته أمام بوابة الصرح الثالث بشرق المعبد."
وأمنحوتب الثالث هو جد الملك توت عنخ آمون وشهد عهده نهضة في الفنون
نحت خلالها بعض من أكبر التماثيل.
طبق الأصل
على صعيد متصل افتتح للزيارة بمدينة الأقصر المصرية الجنوبية بحضور
نحو 40 دبلوماسيا اوروبيا نموذج طبق الأصل من مقبرة الملك توت عنخ آمون
وهي المقبرة الملكية الفرعونية الوحيدة التي عثر عليها بمحتوياتها
كاملة. وكانت وزارة الآثار بمصر قالت إن نموذج المقبرة "هدية لمصر من
الاتحاد الأوروبي" وتم تشييده في مدخل وادي الملوك في البر الغربي
للأقصر بجوار استراحة هاوارد كارتر (1874-1939) الذي اكتشف مقبرة "الملك
الذهبي" في نوفمبر تشرين الثاني 1922 بتمويل من اللورد كارنرفون
(1866-1923).
وتوفي توت نحو عام 1352 قبل الميلاد وهو دون الثامنة عشرة بعد أن
حكم مصر تسع سنوات في نهايات عصر الأسرة الفرعونية الثامنة عشرة (حوالي
1567- 1320 قبل الميلاد) ونجت مقبرته من لصوص المقابر. وافتتح نموذج
مقبرة توت عنخ آمون بحضور وزيري الآثار محمد إبراهيم والسياحة هشام
زعزوع ومحافظ الأقصر طارق سعد الدين وجيمس موران سفير الاتحاد الأوروبي
بمصر و13 سفيرا أوروبيا حاليا و25 سفيرا سابقا من سفراء الاتحاد
الأوروبي.
والنموذج نسخة طبق الأصل للمقبرة الأصلية لتوت عنخ آمون بحجمها
وجدرانها ونقوشها وألوانها وخصصت إحدى الغرف لتوثيق عمليات الحفر وقت
اكتشاف المقبرة بالصور الفوتوغرافية. وقالت وزارة الآثار في لوحة علقت
في مدخل نموذج المقبرة إن هذا النموذج بني كبديل للمقبرة الأصلية "التي
أغلقت للجمهور إما بداعي الصيانة أو لضرورة إغلاقها من أجل الحفاظ
عليها لفائدة الأجيال القادمة."
وافتتحت أيضا مقبرة الملكة تي تي زوجة الملك رمسيس الثالث والتي تضم
نقوشا للجنة كما تصورها المصريون القدماء. ورمسيس الثالث آخر الفراعنة
المحاربين وهو ثاني ملوك الأسرة العشرين (نحو 1200-1085 قبل الميلاد)
وحكم مصر بين عامي 1198 و1166 قبل الميلاد. وكانت مدينة الأقصر الواقعة
على بعد نحو 690 كيلومترا جنوبي القاهرة عاصمة للبلاد في تلك الفترة.
بحسب رويترز.
وأضاف البيان أن المقبرة الواقعة بوادي الملكات في البر الغربي
للأقصر "من المقابر الأثرية الفريدة بما تضمه من نقوش ذات ألوان زاهية
تصور حقول اليارو" وهي حقول تكثر بها الانهار تخيلها المصري القديم
كرمز للجنة. وتضم المقبرة أيضا مناظر متنوعة لطقوس التحنيط ورحلة
المتوفى إلى العالم الآخر إضافة إلى فصول من كتاب الموتى. وافتتحت في
الاقصر أيضا مقبرة "أم حر خعو" الذي كان من رجال الدولة البارزين في
عهد رمسيس الثالث. وكانت الأقصر "طيبة" عاصمة ما يطلق عليه المؤرخون
وعلماء المصريات عصر الإمبراطورية المصرية (نحو 1567-1085 قبل الميلاد).
الصدفة تعين مصر
من جانب اخر عندما وقعت عين عالم المصريات الفرنسي أوليفييه بيردو
على قطعة من تمثال فرعوني معروض في إحدى صالات العرض في بروكسل العام
الماضي افترض أنها قطعة طبق الأصل من تحفة أثرية قديمة عاينها بنفسه في
مصر قبل ربع قرن. لكن حقيقة الأمر كانت أغرب من ذلك بكثير إذ أن القطعة
كانت جزءا من نفس التمثال الذي يرجع تاريخه للقرن السادس قبل الميلاد
مصنوع من حجر باللون الأخضر الشاحب وكان بيردو نفسه حصل على إذن خاص
بدراسته في القاهرة عام 1989.
كان التمثال عبارة عن رجل يضع غطاء رأس فرعونيا ويحمل قربانا
لأوزوريس إله البعث والحساب عند قدماء المصريين. وكان اللصوص قد حطموا
التمثال بعد اقتحام المتحف المصري في ميدان التحرير بالقاهرة خلال
انتفاضة عام 2011 على حكم حسني مبارك. وكان الجزء العلوي من التمثال
مختفيا منذ ذلك الوقت.
قال بيردو "اندهشت. فمن خلال فحص كل البقع والاختلافات استطعت أن
اخلص إلى أنها كانت القطعة ذاتها." وأضاف "كان بين يدي في بروكسل الأثر
الذي درسته في متحف القاهرة عام 1989." وبفضل هذه الصدفة البحتة عادت
هذه القطعة التي استخرجت عام 1858 إلى مصر. فقد انتاب الفزع المشتري
عندما علم أنه اقتنى قطعة مسروقة وعرض على الفور تسليمها. وعادت القطعة
الآن إلى القاهرة حيث أعاد خبراء الترميم لصقها بالتمثال.
وازدهرت سرقة الآثار في مصر في الفوضى التي بدأت مع الانتفاضة
الشعبية قبل ثلاث سنوات لتحرم البلاد من كمية غير معروفة من تراثها
القديم من خلال السرقة من المتاحف والمساجد ومنشآت تخزين الآثار بل ومن
عمليات الحفر غير القانونية للتنقيب عن الآثار. وتنحصر مهمة مجموعة
صغيرة من موظفي الحكومة في البحث على الانترنت عن أي آثار مسروقة تطرح
للبيع وقد شهدت هذه المجموعة زيادة كبيرة في عملها في أعقاب موجة جرائم
الآثار التي صاحبت الاضطرابات السياسية.
وفي بضع حالات وبفضل الصدفة وحدها رصد خبراء قطعا من الآثار المصرية
المعروضة في قاعات المزادات والمجموعات الخاصة لهواة جمع الاثار في
الغرب وعملوا على إعادتها لمصر. ورغم أن مصر استردت نحو 1400 قطعة حتى
الآن فإنها تواجه مهمة شاقة لاستعادة كل ما فقدته. ولا يوجد حصر لعدد
القطع الأثرية التي اختفت. وكثير منها غير مسجل لأنه ناتج عن عمليات
حفر غير قانونية.
وقال أحمد شرف رئيس قطاع المتاحف بوزارة الآثار المصرية "أغلبها ليس
مسجلا لأن عصابات إجرامية استخرجتها لا خبراء متخصصين." وتنتشر في
مساحات من الصحراء الآن آثار عمليات حفر غير قانونية استخدم فيها
اللصوص المعاول بحثا عن الكنوز المدفونة. بل إن البعض حفر أنفاقا
للوصول إلى مواقع أثرية لم تستكشف دون لفت الأنظار.
ورغم أن المسؤولين يتحدثون عن تحسن الوضع الأمني مما حد من سرقة
الآثار فمازالت قطع أثرية تختفي حتى من مواقع تتمتع بحماية مشددة.
وخلال الوقت الحالي سرق تمثالان قديمان من مخزن للآثار بمعبد الأقصر في
جنوب مصر. وقال شرف "في السنوات الثلاث الأخيرة ازدهر بيع الاثار
المسروقة في داخل مصر وخارجها."
وليست الآثار الفرعونية وحدها التي تتعرض للسرقة. فقد ترك حكام مصر
في العصر الاسلامي منذ القرن السابع الميلادي بصمتهم على فن العمارة في
مصر ومنذ عام 2011 نهب اللصوص قطعا من زخارف المساجد وغيرها من الآثار
الاسلامية في وسط القاهرة. وقال مسؤولون إن اللصوص سرقوا أيضا قطعا
كبيرة مثل الأبواب ومنابر المساجد ربما بالتواطوء مع بعض الحراس.
ويقول شرف إن من المشاكل التي تواجه الآثار الاسلامية أن وزارة
الاوقاف والشؤون الدينية لا توفر حماية كافية للمساجد التي مازالت
تستخدم كدور للعبادة. وبفضل الصدفة أيضا تم رصد بعض القطع الأثرية
الاسلامية في أسواق الفن في الغرب. ففي العام الماضي ظهرت في دار
بونامز للمزادات في لندن ألواح خشبية نزعت من ضريح يرجع تاريخه للقرن
الثالث عشر في القاهرة عام 2012.
وتعرفت خبيرة الفن الاسلامي دوريس بيرنز أبو سيف على أصل الألواح
الخشبية الثمانية بعد أن طلبت دار بونامز من أحد زملائها فحص نقوشها.
ولم يقتنع المسؤولون في الدار بوثائق الملكية المزورة التي قدمها بائع
الألواح. وقالت دار بونامز إنها اقتنت الألواح لأغراض بحثية لكنها لم
تعرضها قط للبيع.
ولا يعرف المسؤولون كيف يتم تهريب هذه القطع الأثرية من مصر إلى
الأسواق الغربية. ومن المعتقد أن أحد طرق التهريب يمر عبر شبه جزيرة
سيناء حيث يعمل مهربو المخدرات والبشر إلى اسرائيل ومنها عبر البحر
المتوسط إلى أوروبا. ويحكي المسؤولون قصصا عن لف الآثار في سجاجيد أو
إخفائها داخل نسخ رخيصة من الآثار أو تخبئتها وسط شحنات الخضروات.
وتقول الشرطة الدولية (الانتربول) إنها لا تملك معلومات تذكر عن
كيفية وصول الآثار المسروقة للدول الأجنبية لكنها تؤكد أن هذه الاثار
غالبا ما يتم "غسلها" عبر دول أخرى. وقال ضابط الانتربول فابريتسيو
بانوني "في بعض الأحيان يكون من الصعب معرفة متى وصلت هذه القطع على
وجه التحديد للسوق القانونية وبأي حالة لأن من المحتمل أنها تمر عبر
دول مختلفة وصفقات بيع خاصة قبل أن تعاود الظهور في مزاد قانوني."
وفي مكتب مكدس بحي الزمالك الراقي في القاهرة يقضي خمسة موظفين
حكوميين أيامهم في البحث عبر الانترنت وعلى مواقع التجارة الالكترونية
وكتالوجات بيوت المزادات الغربية بحثا عن أي آثار مسروقة. ويقول علي
أحمد رئيس الوحدة إن عمله ازداد زيادة كبيرة في السنوات الثلاث
الأخيرة. وقد درس أحمد الآثار لكنه يشبه دوره الآن بدور المخبر.
ويطالب أحمد بفرض قيود مشددة على تجارة الآثار المصرية في الغرب
وأن يكون كل من يعرض قطعة من الاثار المصرية للبيع مطالبا بتقديم وثيقة
تظهر أن هذه القطعة صدرت بالطريق القانوني من مصر التي كانت تسمح
بتداول الاثار حتى عام 1983. بحسب رويترز.
وغالبا ما يحصل مهربو الآثار المسروقة على شهادات تصدير في دول أخرى
تسهل نقلها إلى الدول التي توجد فيها الأسواق. وقال أحمد "أنا أعلم أن
كل قطعة أثرية مصرية صنعت في مصر. فاثبت لي أنك حصلت عليها بوسيلة
قانونية."
وحقق أحمد بعض التقدم هذا العام عندما وافق موقع إيباي للتجارة
الالكترونية على رفع آثار يعتقد أنها منهوبة من مصر من الموقع. وقال "نحن
نراقب ما يباع علنا. المشكلة فيما يباع سرا." وأضاف "أتمنى أن يتعاون
العالم المتحضر معنا. فعندما نتحدث عن التراث المصري فهو ليس ملكا
للمصريين وحدهم بل ملك للانسانية كلها."
سرقات أخرى
من جانب اخر قالت وزارة الآثار بمصر إن شرطة السياحة ضبطت ثلاثة
توابيت أثرية بداخل كل منها مومياء بحوزة مواطنين جاءوا من جنوب البلاد
لبيعها في مدينة الفيوم الواقعة على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب غربي
القاهرة. وذكر البيان أنه عثر مع الرجال إلى جانب التوابيت على قطع
أثرية أخرى غير مسجلة فيما يرجح أن يكون نتيجة عمليات للحفر خلسة.
وقال أحمد عبد العال المدير العام لآثار الفيوم في البيان إن القطع
ضبطت مع ثلاثة أشخاص قادمين من محافظة سوهاج الجنوبية "لعرضها للبيع
بالفيوم." وأضاف أن المضبوطات التي تعود للعصر اليوناني الروماني تشمل
ثلاثة توابيت خشبية تتخذ شكل الجسد وبداخل كل منها مومياء صاحب التابوت
إضافة إلى قطع تشمل أربعة وجوه خشبية وثلاثة أجزاء علوية من توابيت
تمثل الوجه والصدر ووجه من الخشب لأسد.
والتابوت الأول لرجل ويبلغ طوله 175 سنتيمترا والتابوت الثاني
لامرأة وطوله 165 سنتيمترا والثالث لامراة وطوله 175 سنتيمترا. وقال
البيان إن لجنة أثرية سوف تعد تقريرا عن القطع المضبوطة تمهيدا
لترميمها وعرضها بأحد المتاحف المتخصصة. بحسب رويترز.
وانتشرت في الآونة الأخيرة عمليات حفر غير مشروعة بحثا عن آثار
فرعونية في مناطق كثيرة يتوقع المواطنون أن تكون مكانا لمقابر أو
معابد. وفي وقت سابق ضبطت مومياء فرعونية في منزل مواطن مصري جنوبي
القاهرة نتيجة الحفر خلسة. وضبطت ايضا 1524 قطعة أثرية تمثل عدة مراحل
في الحضارة الفرعونية داخل منزل مواطن جنوبي القاهرة أيضا. |