في تركيا... عندما يصبح اردوغان أفيون السلطة

 

شبكة النبأ: في تركيا، يرى أغلب المحللين، ان الأمور تسير في اتجاه المزيد من احكام السيطرة من قبل اردوغان وحزب العدالة والتنمية، الذي لم يكتفي بانتقاد القضاء وضرب خصومه ومعاقبة المتظاهرين، حتى وصل الامر الى تقليص الحريات العامة، والصاق التهم بالمعارضة السياسية، إضافة الى توسيع صلاحيات الأجهزة الاستخبارية.

وقد أعطى الفوز الأخير في انتخابات المجالس المحلية للحزب الحاكم الذي يترأسه في اغلب مدن تركيا، دفعة معنوية كبيرة للمضي قدماً في اجراء المزيد من التعديلات، التي اعتبرها البعض جوهرية وتمس قلب الدولة العلمانية في تركيا، التي واجهت رفضاً قوياً من قبل الأحزاب المعارضة، التي لم تستطع مجاراته في اللعبة السياسية، سيما وان التفاهمات تجري على قدم وساق بينه وبين رئيس الجمهورية "عبد الله غل"، حول ترتيبه لتبادل الكراسي الرئاسية.

ان الوصول الى اتفاق سياسي امر غير مستبعد، ربما يضمن موقع رئيس الوزراء لعبد الله غل، مقابل تولي رئاسة الجمهورية لطيب رجب اردوغان، الذي لم يخفي رغبته الصريحة عن هذا الامر، وانما أعلن ان تحويل نظام الحكم السياسي من "البرلماني" الى "الرئاسي"، سيتبع الرجلين، من اجل ممارسة المزيد من الصلاحيات التنفيذية للرئيس، وتحويل منصب الرئيس من "التشريف" الى "التكليف"، وبالتالي كسب المزيد من سنوات الحكم والتغيير داخل تركيا. 

إذ يرى الكثير من المحللين إن أسلوب اردوغان في السنوات القليلة الماضية أصبح استبداديا، و تتعرض وسائل الاعلام لضغوط وكذلك أثار القبض على شخصيات عسكرية ومدنية في مؤامرات انقلاب مزعومة وخطوات أخرى مثل القيود على بعض الحريات والحقوق قلق الطبقة المتوسطة العلمانية التي تخشى من أي اقحام للدين في حياتها اليومية.

لذا يرى معظم المحللين ان اردوغان لم يخف طموحه لخوض انتخابات الرئاسة بعد أن تنتهي فترة ولايته الثالثة كرئيس للوزراء رغم أن حزب العدالة والتنمية قد يغير أيضا اللائحة الداخلية للحزب بما يسمح لاردوغان بالسعي للترشح لفترة رابعة كرئيس للوزراء، غير أن بعض المراقبين السياسيين يرون أن المستقبل السياسي الداخلي للبلاد يشكل أكبر تحد تواجهه في طريق نهوضها السلمي كقوة إقليمية لها طموحات عالمية.

اردوغان والسلطة

في سياق متصل قال مسؤولون كبار إن الحزب الحاكم في تركيا سيدعم بأغلبية كبيرة ترشح رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان للرئاسة في أول انتخابات رئاسية مباشرة تجريها البلاد، وحتى الآن كان يتم اختيار الرئيس عن طريق البرلمان وكان منصبه شرفيا إلى حد بعيد لكن أردوغان قال إن الانتخابات ستمنح المنصب مزيدا من السلطات وتعهد باستخدام السلطات الكاملة للمنصب إذا انتخب.

وقال مسؤولون إن الغالبية من 300 نائب بحزب العدالة والتنمية الحاكم صوتوا في اقتراع سري لدعم ترشح أردوغان في الانتخابات التي ستجرى في أغسطس آب المقبل، وقال مساعدون لإردوغان إن الاقتراع كان اختبارا غير رسمي لمستوى التأييد داخل الحزب لترشحه للرئاسة وهو الاجراء الذي قد يعني تخليه عن رئاسة الحزب لكنه وحده الذي سيتخذ القرار بشأن ترشحه.

ولم يخف اردوغان الذي هيمن على السياسة في تركيا لأكثر من عشر سنوات طموحه في الترشح للرئاسة وتعززت التوقعات في هذا الشأن بفعل الاداء القوي لحزبه في الانتخابات المحلية رغم فضيحة فساد شملت مقربين من رئيس الوزراء.

لكن معارضيه يخشون أن يعني صعوده الرئاسة وضع سلطات أكبر في يد رجل كان رد فعله على مزاعم الكسب غير المشروع هو نقل آلاف من أفراد الشرطة والمدعين وحظر مواقع للتواصل الاجتماعي على الانترنت، ووافق البرلمان على قانون جديد لزيادة سلطات جهاز المخابرات الوطني في تحرك اعتبره منتقدو أردوغان محاولة لترسيخ قبضته على أجهزة الدولة في ظل صراعه على السلطة.

وتمنح التغيرات التي أقرها البرلمان الذي يهيمن عليه أعضاء حزب العدالة والتنمية مزيدا من السلطات لجهاز المخابرات للقيام بعمليات التنصت والعمليات الخارجية بالإضافة لمنح عملائه الكبار مزيدا من الحصانة من الملاحقة القضائية، وقال أتيلا كارت وهو نائب من حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة "ستتمكن المخابرات من الآن فصاعدا من الوصول لجميع سجلات البنوك والمؤسسات الحكومية والشركات والنقابات، مفهوم السرية المهنية والتجارية سيصبح بلا معنى".

والسيطرة على أجهزة الأمن في تركيا هي محور الصراع بين أردوغان ورجل الدين الإسلامي فتح الله كولن المقيم في الولايات المتحدة والذي كان حليفا لأردوغان وتحظي شبكة أنصاره بنفوذ واسع في الشرطة والقضاء.

ويتهم أردوغان شبكة كولن بافتعال فضيحة الفساد في إطار مخطط لتقويض سلطته، ويقول مساعدوه إن تصميمه على درء الخطر قد يعني تخليه عن طموحه للرئاسة والاستمرار في منصبه رئيسا للوزراء لولاية رابعة، ولهذا المنصب سلطات أقوى في الوقت الراهن، ونفى أنصار كولن أي دور لهم في فضيحة الفساد واتهموا أردوغان بملاحقتهم.

وسيتطلب هذا الإجراء تصويتا يجريه حزب العدالة والتنمية الحاكم لتغيير قواعده الداخلية لالغاء قيد على استمرار نوابه بالبرلمان لأكثر من ثلاث ولايات وهو الأمر الذي قال اردوغان كثيرا إنه يعارضه من حيث المبدأ.

فيما يعتزم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان المرجح ترشحه الى الانتخابات الرئاسية في اب/اغسطس المقبل القيام بحملة في دول اوروبية عدة لدى الناخبين الاتراك المقيمين في الخارج كما افادت اوساطه.

وستجرى هذه الانتخابات للمرة الاولى وفق نظام الاقتراع المباشر، كما ستسجل ايضا سابقة اذ انها ستكون مفتوحة امام نحو 2,6 مليون تركي في سن التصويت يعيشون في الخارج، منهم 1,5 مليون في المانيا وحدها.

وقبل القانون الجديد الذي تم تم التصويت عليه في 2012 بمبادرة الحكومة الاسلامية المحافظة، يصوت 5 الى 7% فقط من هؤلاء الناخبين في مراكز الجمارك على الحدود التركية وفق الارقام التي اعلنتها السلطات الانتخابية.

وفي اطار جولته الانتخابية يعتزم اردوغان القيام اولا بزيارة مدن عدة في المانيا حيث تعيش جالية كبيرة من اصول تركية او من حملة الجنسية التركية (3,4 مليون) خاصة في كولونيا كما اوضحت المصادر نفسها.

ويرغب رئيس الحكومة التركية التوجه بعد ذلك الى فرنسا وهولندا، البلدين اللذين تعيش فيهما ايضا جاليتان تركيتان كبيرتان، لكن لم تعلن بعد تواقيت هذه الزيارات بدقة.

وبالرغم من فضيحة الفساد المدوية التي كشفت في كانون الاول/ديسمبر الماضي وتلطخه شخصيا مع مقربين منه، فاز حزب العدالة والتنمية الحكومي الذي يتزعمه في الانتخابات البلدية في 30 اذار/مارس الماضي بغالبية 45% صوتا.

ومع هذا الفوز يعتبر اردوغان المرشح الاوفر حظا في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 10 اب/اغسطس وفق نظام الاقتراع المباشر للمرة الأولى، وستجرى دورة ثانية اذا لزم الامر في 24 اب/أغسطس، وحتى الان لم يعلن اردوغان رسميا ترشيحه الذي لا يعد موضع تشكيك.

اما منافسه المحتمل الرئيس الحالي عبدالله غول المنتخب من البرلمان، فاستبعد سيناريو مبادلة المراكز -كما فعل فلاديمير بوتين وديمتري مدفيديف في روسيا- بينه واردوغان رفيق دربه السابق.

معارضة قوية

فقد استخدمت الشرطة التركية خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع لتفريق مئات المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام الطوق الامني للدخول الى ساحة تقسيم في اسطنبول التي كانت مركز التظاهرات المناهضة للحكومة السنة الماضية.

وبعد اعطاء انذار اخير، تحرك مئات عناصر شرطة مكافحة الشغب مستخدمين خراطيم المياه ضد المتظاهرين اثناء محاولتهم اقتحام الحواجز المؤدية الى ساحة تقسيم، وانتشر عشرات الاف عناصر الشرطة في محيط هذه الساحة، ما يصل الى 40 الفا بحسب وسائل الاعلام التركية، لمنع الوصول اليها. بحسب فرانس برس.

لكن سمح لاتحاد العمل "تورك-اس" بوضع اكليل من الزهر في ساحة تقسيم في ذكرى 34 شخصا قتلوا خلال تظاهرة 1 ايار/مايو عام 1977 حين أطلق متظاهرون لم تعرف هوياتهم النار في الهواء متسببين بحالة ذعر.

ونظمت النقابة تجمعا اخر في هذه المناسبة في اسطنبول قرب ساحة قاضيكوي، معقل المعارضة على الضفة الاسيوية لإسطنبول، وشلت حركة وسائل النقل العام في هذه المدينة التي تضم 13 مليون نسمة حيث اغلقت السلطات الطرقات وعلقت خدمات العبارات واغلقت محطات المترو لمنع مجيء حشود من المتظاهرين.

وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان انذر المتظاهرين بضرورة "التخلي عن امل" الوصول الى ساحة تقسيم لكن ناشطي اليسار والنقابات ابدوا تصميما على تحدي هذا المنع، وبرر محافظ اسطنبول حسين عوني موتلو منع التظاهرات بالحديث عن تهديدات "مجموعات ارهابية غير مشروعة" قد تكون خططت لإثارة اضطرابات في تقسيم.

والسنة الماضية جرت مواجهات حادة بين الشرطة ومتظاهرين خلال عيد العمل بعد منع مماثل، ثم تلتها حركة احتجاج واسعة ضد الحكومة.

فيما طلب مرشح حزب المعارضة الرئيسي في تركيا من المحكمة الدستورية إصدار حكم لإعادة الانتخابات البلدية في العاصمة أنقرة حيث خسر أمام حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان، ويقول حزب الشعب الجمهوري العلماني إن انتخابات أنقرة شهدت منافسة شديدة شابها تزوير بما في ذلك مشكلات في فرز الأصوات وهي اتهامات نفاها بالفعل المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا.

وحقق حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية فوزا ساحقا في الانتخابات المحلية على الصعيد الوطني على الرغم من أسابيع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في الصيف الماضي وفضيحة فساد كبيرة لاحقت إردوغان والدائرة المقربة منه منذ أواخر العام الماضي، وكان حزب الشعب الجمهوري يأمل في انتزاع السيطرة على اسطنبول وأنقرة في الانتخابات التي تحولت إلى استفتاء بحكم الواقع على حكم إردوغان المستمر منذ 11 عاما.

ولم يحقق حزب الشعب الجمهوري الفوز في أي من المدينتين لكن منصور يافاس مرشح الحزب في أنقرة بعث تغريدة على موقع تويتر قال فيها إنه نقل المعركة إلى المحكمة الدستورية، وقال يافاس "اليوم ناشدت المحكمة الدستورية باستخدام حقي الشخصي، من الآن فصاعدا الامر متروك للمحكمة الدستورية لتعكس بدقة إرادة سكان أنقرة".

ومع ذلك لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المحكمة الدستورية تملك سلطة إلغاء قرار المجلس الاعلى للانتخابات، ويقول مسؤولون حكوميون إن المحكمة لا تملك ذلك ولم يتضح متى ستتخذ المحكمة قرارا بشأن قبول الدعوى، وقال مستشار بحزب الشعب الجمهوري إن يافاس سينقل معركته إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إذا لزم الأمر.

وألغى المجلس الأعلى للانتخابات بالفعل الانتخابات البلدية في منطقة يالوفا شمال غرب البلاد حيث أعلن فوز العدالة والتنمية في البداية ثم أعلن فيما بعد فوز المعارضة، وقالت وسائل الإعلام المحلية إن جولة الإعادة تجرى هناك في الأول من يونيو حزيران، وعلى الرغم من تاريخ الانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسي فإن هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها الانتخابات في تركيا مزاعم بوقوع مخالفات جسيمة.

صراع الحلفاء

على صعيد متصل قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان بلاده ستبدأ عملية قانونية لتسلم رجل الدين الاسلامي فتح الله كولن الذي يعيش في الولايات المتحدة، وكان كولن حليفا سابقا لاردوغان ويتمتع بقاعدة تأييد عريضة في الشرطة والقضاء لكنه أصبح الان من خصومه ويتهمه رئيس الوزراء التركي بأنه وراء حملة تحاول الاطاحة به والاضرار بتركيا من خلال اتهامات بالفساد وتسريبات لتسجيلات صوتية.

ويعيش كولن في منفى اختياري في ولاية بنسلفانيا الامريكية منذ عام 1997 حين وجهت له السلطات التركية العلمانية حين ذاك اتهامات بالقيام بنشاط إسلامي، وينفي كولن انه وراء تحقيق للشرطة التركية في مزاعم فساد لكنه شجب تحرك رئيس الوزراء التركي لإغلاق التحقيق بالتخلص من أتباعه في صفوف الشرطة والقضاء.

وسأل صحفي اردوغان في البرلمان عما اذا كانت تركيا ستبدأ عملية قانونية لتسلم كولن من الولايات المتحدة فأجابه اردوغان "نعم ستبدأ "وفي مقابلة مع مقدم البرامج الحوارية تشارلي روز في (بي.بي.إس) الليلة الماضية قال اردوغان ان كولن يمكن ان يصبح خطرا على أمن الولايات المتحدة بسبب الأنشطة التي يقوم بها. بحسب رويترز.

وقال اردوغان لروز وفقا لتفريغ للحوار "هذه العناصر التي تشكل خطرا على الامن القومي التركي يجب الا يسمح لها بالعيش في دول أخرى لان ما تفعله هنا معنا يمكن ان تفعله مع الدولة المضيفة"، وصرح بان تركيا ألغت جواز سفره وانه يقيم في الولايات المتحدة بالبطاقة الخضراء بشكل قانوني.

ويدير كولن شبكة من الاعمال التجارية والمدارس ذات تمويل جيد وطبيعة علمانية في شتى انحاء العالم، وتلك المدارس هي مصدر كبير للنفوذ والتمويل وأصبحت لهذا السبب هدفا لحكومة أنقرة التي تحاول اغلاقها، ويتهم اردوغان رجل الدين بانه يحيك اتهامات جنائية ضد ابنه وأبناء ثلاثة وزراء بالتورط في فضيحة فساد والحصول على رشى تقدر بمليارات الدولارات.

كما اتهم حركة كولن (خدمة) بالتنصت على الاف الهواتف وتسريب تسجيلات صوتية على موقع يوتيوب منها تسجيل يزعم انه لوزير خارجيته وكبار مسؤولي الامن وهم يناقشون تدخلا عسكريا محتملا في سوريا، ونفى كولن هذه الاتهامات أيضا، وظهرت التسجيلات قبل انتخابات مجالس البلدية التي اجريت في 30 مارس آذار لكنها لم تؤثر كثيرا على شعبية اردوغان وهيمن حزبه العدالة والتنمية على الخريطة الانتخابية.

وقال اردوغان ان تركيا استجابت لأكثر من عشرة طلبات ترحيل تقدمت بها الولايات المتحدة وتنتظر الان استجابة مماثلة من واشنطن حليفتها في حلف شمال الأطلسي، ولم يوضح اردوغان ما اذا كانت تركيا قدمت رسميا طلب تسلم كولن.

خلافات وانتقادات

بدوره اشتكى رئيس المحكمة الدستورية في تركيا هاشم قليج من انتقادات سياسية قال إنها سببت صدمة للقضاء وأثارت الفرقة بين أعضائه في تحد قوي لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، ومن المرجح أن تؤدي الكلمة المتشددة التي ألقاها قليج في مراسم حضرها اردوغان الذي بدا متجهما إلى تدهور العلاقات المتوترة بالفعل بين الحكومة والسلطة القضائية في تركيا مما يسبب مزيدا من الإزعاج لرئيس الوزراء فيما يدرس ترشيح نفسه للرئاسة.

وقال اردوغان إن قطاعات كبيرة من القضاء والشرطة التركيين تخضع لنفوذ خصمه اللدود رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن، واشتبك مع القضاة حول سلسلة من الأحكام، وقال قليج في الكلمة التي نقلتها على الهواء قنوات التلفزيون المحلية "القول بأن المحكمة الدستورية تتحرك بأجندة سياسية أو توجيه اللوم اليها بأنها تفتقر للوطنية هو انتقاد أجوف".

وتابع قائلا "من الملفت للنظر أن ينتقد حكم للمحكمة الدستورية بشكل مفرط بسبب المخاوف السياسية" في إشارة إلى تصريح لادوغان انه لا يحترم حكما يقضي برفع حظر فرضته الحكومة على موقع تويتر.

وقال خصوم رئيس الوزراء إن الحظر محاولة لوقف سلسلة تسريبات لتسجيلات صوتية يزعم انها تربط بين الحكومة ومزاعم فساد، ووصف اردوغان التسجيلات التي قال إنها "ملفقة" بأنها جزء من حملة يشنها كولن وأتباعه في القضاء لتدمير الحكومة.

وقال قليج إن اتهامات اردوغان بأن قطاعات من القضاء شكلت "دولة موازية" فعلية في تركيا "تنذر بكارثة وخطيرة"، وتابع قائلا "مستحيل أن يظل القضاء على قدميه بينما يجري تلويثه بهذا الاتهام" وطالب من يقفون وراء هذه المزاعم بتقديم الأدلة، وأضاف "هذه الاتهامات سببت صدمة نفسية داخل المؤسسات القضائية".

وغادر اردوغان الذي اشتهر بعدم تسامحه مع الانتقادات مكان المراسم فجأة دون ان يحضر حفل استقبال عقب المراسم، ورد وزير العدل بكير بوزداج على رئيس المحكمة الدستورية بتوجيه اتهام لقليج بأنه كان يتصرف كحزب سياسي وأن كلمته كانت مثقلة بالقضايا المثيرة للجدل لكنها كانت مقلة في الأفكار القانونية.

وقال بوزداج للصحفيين "التصريحات التي أدلى بها رئيس المحكمة الدستورية توضح أن في تركيا معارضة جديدة"، وأضاف "فشل حزب المعارضة الرئيسي وأحزاب المعارضة الأخرى على ما يبدو، ويعتزم رئيس محكمتنا الدستورية على ما يبدو سد هذه الفجوة"، ولم يتحدث اردوغان بعد عن تصريحات رئيس المحكمة الدستورية.

ولم ينظر إلى قليج الذي يرأس أعلى محكمة في تركيا منذ عام 2007 في الماضي على أنه على خلاف مع الحكومة، وصوت في عام 2008 ضد محاولة لحظر حزب العدالة والتنمية وإغلاقه.

ويطلب من محكمته من حين لآخر النظر في طعون المعارضة على القوانين والتشريعات ومن بين الدعاوى التي لا تزال في انتظار حكم دعوة المعارضة لإعادة الانتخابات البلدية في العاصمة أنقرة المتنازع على نتيجتها، وقال مسؤول في الحكومة التركية إن المحكمة ليست لديها صلاحية للفصل في نزاع بشأن الانتخابات.

وفاز حزب العدالة والتنمية ببلدية العاصمة أنقرة بفارق ضئيل في الانتخابات المحلية لكن حزب الشعب الجمهوري (حزب المعارضة الرئيسي) قال إن الانتخابات شابها التزوير في اتهامات رفضتها بالفعل اللجنة العليا التركية للانتخابات، وانتقد رئيس الوزراء حكما آخر للمحكمة الدستورية يقضي بإلغاء بعض مواد قانون سعى الى زيادة سيطرة الحكومة على هيئة قضائية رئيسية.

وكان هذا القانون ضمن عدة اجراءات -من بينها تشريع يشدد الرقابة على الانترنت- اتخذتها الحكومة بعد ظهور فضيحة كسب غير مشروع في 17 ديسمبر كانون الاول استهدفت الشرطة خلالها أبناء وزراء ورجال أعمال مقربين من اردوغان، ولم يكن لتصريحات قليج تأثير على أسواق المالية.

وفي قرار منفصل أقالت لجنة البورصة التركية ثلاثة من بين أربعة نواب للرئيس و11 رئيس إدارة من بين 12 رئيس إدارة في خطوة ربط مصدر بينها وبين حملة تطهير في مؤسسات الدولة الأخرى في أعقاب فضيحة الفساد.

فيما اقر الرئيس التركي عبد الله غول قانونا مثيرا للجدل يوسع صلاحيات وكالة الاستخبارات، الامر الذي اعتبره منتقدوه انه يعزز سيطرة الحكومة التي تطالها فضيحة فساد على مؤسسات الدولة، وينص القانون الجديد الذي اقره البرلمان بعد نقاشات حادة هامشا واسعا لوكالة الاستخبارات التركية كي تتنصت على محادثات هاتفية او تجمع معلومات تتعلق بالإرهاب والجرائم الدولية.

كما يوفر للوكالة حصانة معززة من الملاحقة ويقضي بمعاقبة صحافيين او غيرهم ممن ينشرون معلومات مسربة بالسجن الى حد 10 سنوات، ووقع غول القانون في وقت سابق وسرى عند نشره في الجريدة الرسمية.

ويعتبر هذا القانون سلاحا اضافيا في ترسانة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بعد تسريب احادث هاتفية تورطه في فضيحة فساد واسعة النطاق وكشف مضمون اجتماعات امنية عالية المستوى حول سوريا، ويؤكد حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه اردوغان ان القانون سيعزز فعالية الوكالة. بحسب فرانس برس.

واتهم اردوغان الذي يتولى السلطة منذ 11 عاما حليفه السابق الداعية الاسلامي فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة وانصاره الكثيرين في سلكي القضاء والشرطة، بالوقوف وراء التحقيقات في قضايا الفساد والتسريبات.

وردت الحكومة بحملة تطهير واسعة في صفوف الشرطة والمدعين العامين وتضييق على الانترنت انعكس بحجب موقع تويتر المستخدم لنشر التسجيلات المسربة لمدة أسبوعين، بالرغم من فضيحة الفساد والاجراءات التي اثارت انتقادات جمة فاز حزب العدالة والتنمية في انتخابات 30 اذار/مارس البلدية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/آيار/2014 - 3/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م