رفاهية

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: في جميع تقارير مؤشرات الرخاء العالمي لا تظهر الدول العربية والمسلمة الا نادرا، وبمراتب ليست متقدمة في سلم الترتيب.

تصدر تلك التقارير اعتمادا على مجموعة عوامل اساسية تكون مقياسا للرخاء والرفاه، منها: (الإمكانيات الاقتصادية - مستويات البنية التحتية – التعليم - الحرية والصحة - الأمن والأمان - الحكم الرشيد - الحرية الشخصية - التآزر الاجتماعي في كل دولة - مع قياس مستويات الحريات الشخصية والديمقراطية والسعادة الشخصية وجودة الحياة للأفراد). هذه العوامل تساهم في تحريك النمو الاقتصادي والرفاهية الشخصية والرضى عن الحياة.

يعتبر معهد (ليغاتوم) هو الاشهر الذي يصدر مثل هذه التقارير كل عام، تتقدمه عشرون دولة، واحدة منها فقط توجد في منظومة الدولة المسلمة وهي سنغافورة، وتحتل المرتبة السادسة عشرة. وهذه الدول هي على التوالي:

(النرويج – الدنمارك – استراليا – نيوزيلندا – السويد – كندا – فنلندا – سويسرا – هولندا - الولايات المتحدة الامريكية – ايرلندا – ايسلندا - المملكة المتحدة – النمسا – المانيا – سنغافورة – بلجيكا – فرنسا - هونج كونج – تايوان).

ما هي الرفاهية؟

انها النعمة الواسعة من الرِّزق، وهي رغد العيش، وهي ايضا: لين العيش وسعته وبحبوحته.

ما هي الرفاهية الاقتصادية؟

يقصد بها وفرة السلع والخدمات التي يحتاج اليها الافراد، والمعتاد مبادلتها بالنقود. وقد عبر الاقتصاديون عنها بانها ذلك الجزء من الرفاهية الاجتماعية، الذي يمكن تحقيقه بصورة مباشرة او غير مباشرة، من خلال العلاقة بمقياس النقود، او بتعبير اخر، تلك النواحي من الرفاهية الاجتماعية التي تتعلق بالرفاهية المادية، تمييزا لها عن الرفاهية الادبية والروحية، وان كان من الواضح ان هناك علاقة متبادلة بطريقة او باخرى بين هذين النوعين من الرفاهية.

وقد اكد العالم الاقتصادي بيجو انه ليس هناك خط فاصل دقيق، بين الاشباعات الاقتصادية وغير الاقتصادية. وتشتق الاشباعات الاقتصادية والمادية من استهلاك كل من السلع والخدمات، وهذه هي بعينها موضوع علم الاقتصاد. كما اعلن بيجو ان الرفاهية الاقتصادية لا تصلح مقياسا للرفاهية العامة، لان اي سبب اقتصادي قد يؤثر في الرفاهية غير الاقتصادية، بطرائق قد تلغي تاثيراته في الرفاهية الاقتصادية، كما ان الرفاهية غير الاقتصادية، قد تكون عرضة للتعديل، من خلال الطريقة التي يكتسب بموجبها الدخل، وطريقة انفاقه كذلك.

وتختلف الرفاهية عن مستوى المعيشة فقد تتباين الآراء حول ما هو مفيد للمجتمع وما يلبي حاجياته. وقد تشمل الرفاهية نوعية الحياة وما تشمله من عوامل بيئية كنوعية الهواء والماء وكذلك بعض المؤشرات الاجتماعية كنسبة ارتكاب الجرائم وتناول المخدرات وتوفر بعض الخدمات الأساسية كالتربية والمستشفيات وكذا بعض العوامل الروحية كالعقيدة الدينية، وكلما اختلفت فئات المجتمع كلما عسر تقييم الرفاهية الاجتماعية لتباين الآراء حول مظاهر الحياة في المجتمع.

يؤكد الكثير من المختصين ان الرفاهية ليست في الوفرة المالية فحسب وارتفاع المدخولات المالية للافراد، انما في قدرة الدولة على توفير الخدمات الحياتية الطبيعية من اسكان وصحة وتعليم وطرق.

ماهي دولة الرفاهية؟

يعرفها البعض كالأتي:

(قيام الدولة بتقديم: خدمات وتأمينات اجتماعية ومعونات إلى أفراد المجتمع بما يحقق ارتفاع مستوى المعيشة أوضمان حد أدنى لها . وينطلق هذا المفهوم من:

حق كل إنسان في الحياة الكريمة ومن نظرة اجتماعية وإنسانية قوامها وجود رابطة قوية بين رفاهية (طيب العيش) الأفراد ورفاهية المجتمع. وتشمل الخدمات والتأمينات في دولة الرفاهية: التعليم والصحة ومستوى من الدخل وتوفير العمل والتأمين ضد العجز والشيخوخة على سبيل المثال لا الحصر. ولا تعتبر دولة الرفاهية اشتراكية بالضرورة على الرغم من وجود سمات مشتركة).

بينما يعـرف البعض الأخردولة الرفاهية في الإطار التالي:

دولة الرفاهية هي ما يفترضه المجتمع في الدولة التي تتحمل مسؤولية رسمية وواضحة نحو تحقيق الرفاهية الأساسية لأعضائها وتظهر مثل هذه الحالة إذا:

أصبح المجتمع أوالذين يتولون أموره مقتنعين بأن رفاهية الفرد بجانب حفظ النظام والأمن القومي من الأهمية بمكان بحيث لا يمكن تركها للتقاليد أو التنظيمات غير الرسمية والمشروعات الخاصة بل هي مسؤولية الحكومة.

ويقابل دولة الرفاهية التي تقوم باداء الخدمات التي يتطلبها المجتمع الدولة الحارسة وهي التي تقتصر وظيفتها على وضع القواعد لصيانة النظام في المجتمع.

وهناك تعـريف ثالث يطلق على دولة الرفاهية أسم الدولة الرعوية ويعـرفها كالأتي:

(إن الدولة الرعوية هي هيئة تسلطية تدعي الحق في إخضاع الفرد وحقوقه إخضاعاً كاملاً لمصلحتها، وتزعم بأنها المقاول أورب العمل الرئيسي ومزود المجتمع بالخدمات التي يحتاجها في آن, وبكلمات أخرى, فإن الدولة الرعوية تستحوذ على مهمات اقتصادية شاملة وتسهر على مصلحة المواطنين بتزويدهم بالخدمات الأساسية كالصحية منها والتربوية والإسكانية).

دولة الرفاه تعني ان الدولة تلعب الدور الاساسي في توفير الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لمجتمعها، وتشمل مجموعة من المعايير التي يمكن قياسها لتحديد مدى انطباق الشروط على الدولة او تراجعها في مجال الرفاه، نذكر منها على سبيل المثال مساهمة الدولة في تحريك النمو الاقتصادي والرخاء ارتباطاً بالامكانيات الاقتصادية ومستوى البنية التحتية وجودة الحياة وارتفاع الدخل والرفاهية الشخصية والسعادة الشخصية، بالاضافة الى قياس مستوى الحريات الشخصية والديمقراطية وقياس مستوى الرضا عن الحياة ومستوى التعليم والصحة والامن والاسكان والشعور بالامان.

مفهوم دولة الرفاه لدى الدول الاسكندنافية على سبيل المثال هو تفكير حكوماتهم الدائم بكيفية خلق ظاهرة معينة غير مضرة بالشعب ترقى شكلا بأن تكون مشكلة ولكن موضوعاً ما هي إلا علاج ناجع لمسألة الانتحار المتزايد لدى شعوبهم والتي أصبح الثراء والرفاهية ووفرة المال وعدم وجود أي نقص أو منغصات في حياتهم من المهد إلى اللحد قد خلق مشكلة عدم وجود مشكلة، لافتا الى ان ذلك حدا بكثير منهم للتفكير بأن المواطن يحتاج إلى أن يعرف معنى النقص أو طعم المنغصات حتى يحرص على الحياة ولا ينتحر فتكون بمثابة محفز للمواطن أن يحس بأن الرفاهية التي يتمتع بها حق من حقوقه لا يجب أن يتخلى عنه بالانتحار.

النظام الاقتصادي في الاسلام يجعل الدولة دولة رفاه حارسة من الدول غير التدخلية: دولة تضع السياسات الموجهة وتراقب الإنتاج والإقتصاد الحرّ ليكون الإنتاج وكل الأعمال والمهن بيد الناس، فتنحصر مهام الدولة في تنظيم الاقتصاد والإنتاج، حفظ العدل، تكافؤ الفرص، منع الإجحاف، والتوجيه إلى سدّ الشواغر، استكمال النواقص، المراجعة ورفع الخلل وما نحو ذلك، فهي لا تتدخل فيما عدا ذلك إلا مؤقتا وعند ضرورة الضرورة وبمقدار الضرورة وبما يضمن حرية المبادرة والمنافسة الحرة ونظام السوق الى جانب مستلزمات الرفاه التي تختلف مع المفهوم السائد للرفاه مساحة وتمويلا وتحويلا في رسم الميزانية حيث يوجب ويلزم الدولة بخفض النفقات وبتأمين الضمان للجميع إضافة الى التوجية كي تكون الأجور والأسعار بما يحقق الرفاه لكل إنسان والعمل على نفي البطالة والتضخم والفقر والحرمان، ومكافحة الجهل والمرض.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 3/آيار/2014 - 2/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م