حرب الغاز بين أوربا وروسيا...

ارهاصات عودة الحرب القديمة بين الشرق والغرب

 

شبكة النبأ: يدور كلام معظم المختصين والمتابعين للخلافات الاوربية في قضية أوكرانيا وتشعباتها، ان الامر تجاوز حدودها الإدارية ليتحول الى مسالة وجود بالنسبة للأوربيين والروس على حد سواء، سيما وان المشكلة الرئيسية التي تؤرق الاوربيين منذ زمن والمتعلقة بإمدادات الطاقة الروسية من الغاز المسال (التي تغذي نسبة 30% من احتياجات الاتحاد الأوربي)، قد عادت الى الواجهة تزامناً مع الازمة الأوكرانية.

وقد بات هذا القلق المتبادل، إثر الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، حول قطع الغاز من الجانب الروسي، إضافة الى سعي اوربا الى البحث عن بدائل حقيقية تحول دون الاضرار بأروبا في حال نفذت روسيا تهديداتها، يشكل مصدر انزعاج عالمي، أعاد الحرب القديمة داخل اوربا بمعسكريها الشرقي والغربي، وقد ينذر مستقبلاً بتداعيات تتوسع مدياتها الى العالم بمختلف الاتجاهات، خصوصاً على المستوى الاقتصادي العالمي.

ويرى بعض المحللين، ان الازمة الأوكرانية قد لا تقف عند حد التهديدات، مع تنامي دور الانفصاليين داخل حدود أوكرانيا والمطالبين بالانفصال عن كييف، والانضمام الى روسيا، بعد ان احتلوا عدد من المباني الحكومية، ورفضوا أي مساعي لنزع السلاح او الحوار مع الحكومة التي اعتبروها غير شرعية، وتستهدف الناطقين باللغة الروسية عنصرياً، الامر الذي قد يستدعي المزيد من التدخل من قبل بوتين، الي منحة الكرملين التفويض الرسمي باستخدام القوة العسكرية الروسية لحماية هذه الأقليات، مما قد يصعد الموقف عالمياً ضد روسيا من قبل الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الامريكية وحلف شمال الأطلسي.

فقد حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من ان امدادات الغاز الروسية الى أوروبا يمكن ان تتعطل بسبب الفواتير التي لم تسدد مما دفع أمريكا لاتهام موسكو باستخدام الطاقة "أداة ضغط"، وفي رسالة الى زعماء 18 دولة أوروبية أوضح بوتين ان صبره ينفد ازاء ديون كييف التي تبلغ 2.2 مليار دولار وتتعلق بإمدادات غاز تدين بها لروسيا ما لم يتم التوصل الى حل عاجل.

وقال بوتين ان شركة جازبروم الروسية لتصدير الغاز ستطالب بتسلم دفعة مقدمة نظير امدادات الغاز لأوكرانيا "وفي حالة حدوث مزيد من الانتهاكات لشروط السداد ستوقف كليا أو جزئيا شحنات الغاز"، ويمكن ان يكون لهذا القرار آثار كبيرة على دول الاتحاد الاوروبي التي يتدفق معظم الغاز الروسي اليها في خطوط انابيب عبر أوكرانيا.

وجاء في رسالة بوتين "ندرك تماما ان هذا (الاجراء) يزيد من مخاطر نفاد الغاز الطبيعي الذي يمر عبر الاراضي الاوكرانية ويتجه الى مستهلكين اوروبيين"، وتتهم الولايات المتحدة موسكو باستخدام مواردها الهائلة من الطاقة في الضغط على الجمهورية السوفيتية سابقا، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية جين ساكي "ندد بجهود روسيا لاستخدام الطاقة أداة ضغط ضد أوكرانيا".

وقال البيت الأبيض في بيان بشأن محادثة هاتفية بين الرئيس الامريكي باراك اوباما والمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل "أكد الرئيس على ضرورة ان تكون الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والشركاء الآخرين في العالم على استعداد لمواجهة أي تصعيد روسي آخر بفرض عقوبات إضافية."

ويقول مسؤولون روس ان صفقات الغاز مع أوكرانيا تجارية محضة وانهم اضطروا الى التحرك بعد ان تقاعست كييف عن الاستجابة لمهلة سداد ثمن امدادات مارس اذار، من ناحية أخرى قال وزير المالية الأوكراني أوليكساندر شلاباك إن كييف أوفت بكل الشروط للحصول على الدفعة الأولى من حزمة مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي.

وقال شلاباك للصحفيين على هامش اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن "نحن هنا لنتحدث بالتفصيل عن التوقيت والشروط اللازمة للمساعدة (الدولية)"، واضاف قوله "وفضلا عن ذلك فإن أوكرانيا أوفت بكل الشروط التي حددها صندوق النقد الدولي لإطلاق الشريحة الأولى"

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن من المستحيل أن تتوقف أوروبا عن شراء الغاز الروسي بشكل كامل رغم محاولات القارة الحد من اعتمادها على استيراد الطاقة من موسكو، وأضاف بوتين أن المرور بالأراضي الأوكرانية هو العنصر الأشد خطورة في شبكة إمدادات الغاز الأوروبية وإنه يأمل في التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا بخصوص إمدادات الغاز.

وتلبي روسيا نحو 30 بالمئة من حاجات أوروبا من الغاز الطبيعي، وأفرزت تدخلات موسكو في أوكرانيا محاولات للحد من اعتماد القارة على استيراد النفط والغاز من خصم الحرب الباردة السابق.

وقال بوتين "بالطبع الكل حريص على تنويع مصادر المعروض، هناك في أوروبا يتحدثون عن مزيد من الاستقلالية عن المورد الروسي"، وتبذل روسيا جهودا لتوطيد العلاقات مع آسيا، يذكر ان جهود أوروبا قد تقلص الواردات من روسيا نحو 45 مليار متر مكعب بحلول عام 2020 بما يساوي 18 مليار دولار سنويا أي ربع الإمدادات التي تضخها روسيا حاليا.

وقال بوتين في حوار تلفزيوني لمدة ساعة "نبيع الغاز في دول أوروبية تعتمد على الإمدادات الروسية في حوالي 30 إلى 35 بالمئة من حاجاتها من الغاز، هل بمقدورهم التوقف عن شراء الغاز الروسي؟ أرى أن ذلك مستحيل".

وقد حاول الرئيس الروسي أن يهدئ المخاوف الأوروبية بشأن وقف إمدادات الغاز بعد أن قالت بروكسل إنها ستقف إلى جانب السلطات الجديدة في كييف إذا نفذ الكرملين تهديدا بوقف إمدادات الغاز لأوكرانيا، ورفعت روسيا (التي أثارت غضب القوى الغربية بضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية لأراضيها) أسعار الغاز الذي تضخه لأوكرانيا وقالت إن كييف لم تدفع فواتير لموسكو قيمتها 2.2 مليار دولار.

وأعاد هذا إلى الأذهان "حروب غاز" سابقة عندما أدت الخلافات بين البلدين إلى وقوع مشاكل في الامدادات لغرب أوروبا، وقد يؤدي تكرار هذا السيناريو إلى الإضرار بروسيا ودول الاتحاد الأوروبي التي تشتري منها الغاز لان موسكو تعتمد في إيراداتها العامة على بيع الغاز لأوروبا.

وقال بوتين في تصريحات بثها التلفزيون خلال اجتماع مع مجلس الأمن الروسي "أريد أن أكرر: لا ننوي ولا نخطط لوقف إمدادات الغاز لأوكرانيا، نضمن الوفاء بكل التزاماتنا لمستهلكينا الأوروبيين".

وتسببت الأزمة في أسوأ توتر في العلاقات بين روسيا والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة عام 1991 وقد تفاقمت عقب الاطاحة بالرئيس الأوكراني المدعوم من موسكو فيكتور يانوكوفيتش بعد أن رفض إقامة علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي.

وبعد أن احتلت القوات الروسية شبه جزيرة القرم قال مسؤولون من حلف شمال الأطلسي إن موسكو تحشد جنودها على الحدود مع شرق أوكرانيا الذي يغلب على سكانه الناطقون بالروسية، ويحتمل أن يكون ذلك التحرك تمهيدا للاستيلاء على المزيد من مناطق البلاد، ونفى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن تكون هذه نية الكرملين.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن لافروف قوله "لا يمكن أن تكون لدينا مثل هذه الرغبة، إنها تتعارض مع المصالح الرئيسية للاتحاد الروسي، نريد أن تتمتع أوكرانيا بسلامة أراضيها ضمن حدودها الحالية لكن مع احترام كامل للمناطق".

وقالت موسكو إنها ستقطع الامدادات عن أوكرانيا إذا لم تدفع الأموال التي تدين بها، لكن وزير الطاقة الأوكراني يوري برودان أبلغ البرلمان أن الاتحاد الأوروبي سيتضامن مع كييف للحد من تأثير أي قطع أو تقليص للإمدادات لأوكرانيا، وقال برودان "لا يمكن لأوكرانيا أن تدفع مثل هذا الثمن السياسي الذي لا يمت للاقتصاد بصلة".

وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على سبعة انفصاليين من القرم وعلى شركة للغاز مقرها شبه الجزيرة المطلة على البحر الأسود وذلك ردا على ضم روسيا المنطقة الأوكرانية. بحسب رويترز.

وهذه الخطوة التي أعلنت في بيان هي ثالث مجموعة من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة بسبب الأزمة الأوكرانية، وتستهدف تبني نهج متشدد قبل محادثات مزمعة بين مسؤولين كبار من الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي تعقد في جنيف، ولا يمكن التنبؤ بالتداعيات في حالة تقليص موسكو امدادات الغاز الطبيعي لأوكرانيا.

وقالت دول الاتحاد الأوروبي إنها ستغير مسار خطوط الأنابيب التي توصل الغاز الروسي لها لتضخ الغاز إلى أوكرانيا وستكون الكميات ضئيلة لكنها ستحد من تأثير أي قطع روسيا للإمدادات، وقال برودان "نتفاوض مع الاتحاد الأوروبي بشأن تغيير مسار الامدادات لتصل لأوكرانيا".

البحث عن بدائل

فيما بدأت شركة أر دبلو إي الألمانية للطاقة في إبريل/نيسان مد كييف بشحنات من الغاز عبر بولندا، وأبرمت سلوفاكيا وأوكرانيا اتفاقا يقضي بنقل الغاز من أوروبا الوسطى إلى أوكرانيا عبر سلوفاكيا، وستعيد سلوفاكيا بموجب الاتفاق تشغيل خط أنابيب لم يستخدم، والذي سيكون قادرا على توريد ثلاثة مليارات متر مكعب من الغاز إلى أوكرانيا سنويا.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تبحث فيه أوكرانيا عن بدائل للغاز الروسي، والذي شكّل العام الماضي نحو نصف استهلاك أوكرانيا من الغاز البالغ 55 مليار متر مكعب سنويا، وكانت شركة آر دبلو إي الألمانية للطاقة قد بدأت في إبريل/ نيسان مد كييف بشحنات من الغاز عبر بولندا.

وبموجب الاتفاق ستوفر شركة الطاقة الألمانية شحنات من الغاز تصل إلى 10 مليارات متر مكعب سنويا، وكانت روسيا قد ضاعف تقريبا أسعار الغاز إلى أوكرانيا، وذلك بعد الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لموسكو، فيكتور يانوكوفيتش، في فبراير/ شباط الماضي.

وتبلغ ديون أوكرانيا لشركة الغاز الروسية غازبروم 2.2 مليار دولار مقابل إمدادات الغاز، وتشهد أوكرانيا وروسيا نزاعًا حول هذا الدين، فيما يعبر المسؤولون في أوكرانيا عن مخاوفهم من أن تقطع غازبروم إمداداتها من الغاز إلى أوكرانيا.

وأعربت أوكرانيا عن أملها في أن تتمكن سلوفاكيا من فتح الباب أمام مزيد من الإمدادات عبر خط الأنابيب الرئيسي الذي ينقل الغاز من روسيا إلى الغرب، والذي يمتلك القدرة على نقل الغاز من الاتجاه المعاكس، لكن السلطات السلوفاكية قلقة من أن تنتهك هذه الخطوة شروط عقدها المبرم مع شركة غازبروم الروسية.

وقال توماس مالاتينسكي، وزير الاقتصاد السلوفاكي، في بيان له: "أنا مقتنع بأن هذا الحل هو أول الحلول الممكنة والواقعية، والذي من شأنه عدم المساس بأمن الطاقة لسلوفاكيا ودول الاتحاد الأوروبي"، ومن المقرر أن تقوم الشركات التي تدير خطوط الغاز في أوكرانيا وسلوفاكيا بتوقيع اتفاق التوريد في براتيسلافا.

كما اعلن وزير الصناعة الايراني محمد رضا نعمة زاده ان بلاده يمكن ان تزود اوروبا بالغاز الطبيعي بشكل "مضمون وموثوق به وطويل الامد"، وذلك في لقاء نشر في المانيا، وصرح نعمة زاده لصحيفة "هاندلسبلات" انه "في المستقبل نريد ان نلعب دورا مهما في السوق العالمية للغاز"، وقال "لا نريد منافسة روسيا، لكننا نعلم ايضا ان حاجات اوروبا الى الغاز في زيادة مستمرة ويمكننا ان نساعد في ذلك". بحسب رويترز.

وقال ان "ايران يمكن ان تكون شريكا مضمونا وموثوقا به وطويل الامد لاوروبا"، وتابع "لدينا الاحتياطيات النفطية والمشاريع لمثل هذا التعاون"، كما دعا نعمة زاده شركات تصنيع السيارات الالمانية الى العودة الى بلاده لبناء مصانع انتاج مثلا.

التحول الروسي نحو الشرق

الى ذلك وفي سهول التندرة القطبية وعلى مسافة كبيرة إلى الشمال من موسكو تخطط روسيا مسارا للابتعاد عن الغرب والاتجاه إلى آسيا، ففي يامال التي تعني باللغة المحلية "نهاية الأرض" اكتسب مشروع تبلغ استثماراته 27 مليار دولار لإسالة الغاز الطبيعي أهمية سياسية كبرى إلى جانب أهميته الاقتصادية.

فالمشروع يتلاءم تماما مع استراتيجية أكثر جرأة تنتهجها موسكو للتحول شرقا منذ فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات عليها بسبب ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا إلى أراضيها، فبدلا من نقل الغاز عبر خط أنابيب إلى زبائنها القدامى في الاتحاد الاوروبي تهدف روسيا إلى شحن الغاز الطبيعي المسال بحرا من شبه جزيرة يامال النائية إلى مشترين في آسيا مثل الصين التي تجنبت الوقوف في وجه موسكو منذ استولت القوات الروسية على القرم.

ويتضمن المشروع حفر أكثر من 200 بئر في طبقة الجليد التي تغطي القشرة الأرضية في الدائرة القطبية وإقامة منشآت لتحويل الغاز إلى سائل، ويجري العمل بالفعل في ميناء سابيتا على مسافة تتجاوز 2000 كيلومتر شمالي موسكو.

وتبدو العقوبات الغربية للعاملين في مشروع يامال خطرا بعيدا رغم أن العقوبات الامريكية استهدفت جينادي تيمشنكو أحد الشركاء في شركة نوفاتك لانتاج الغاز التي تملك حصة تبلغ 60 في المئة في المشروع، فالمهم هو التأييد الذي يلقونه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومن المستثمرين الأجانب.

وقال فلاديمير فورونكين نائب رئيس يامال للغاز الطبيعي المسال في المكان الذي أصبح موقع بناء ضخما في سهول التندرة المتجمدة "نحن واثقون، فالميناء والمحطة تحت حماية الرئيس والحكومة"، وأشار فورونكين إلى أن كلا من مجموعة توتال الفرنسية للطاقة وشركة الصين الوطنية للبترول يملك 20 في المئة من مشروع يامال، وتساءل قائلا "مستثمرون أجانب يضعون أموالهم هنا. فلماذا سيرغبون في ضياعها؟".

وتقدر احتياطيات روسيا من الغاز في الدائرة القطبية الشمالية بأكثر من 30 تريليون متر مكعب وهي تأمل تحويل ربع هذه الكمية إلى غاز مسال بموجب خطة طويلة الأجل لتنويع عملائها وعدم الاعتماد على السوق الاوروبية وحدها.

ومع بحث الاتحاد الاوروبي وأوكرانيا سبل خفض الاعتماد على الغاز الروسي اتجهت موسكو لشركائها في اسيا أملا في الاستفادة من الأسعار القياسية للغاز المسال في اليابان والصين وكوريا الجنوبية.

وقد أشاد بوتين بمشروع يامال وأبدى استعداده لبذل كل ما هو ممكن لاستكماله، وتملك روسيا حاليا محطة واحدة لإسالة الغاز تسيطر عليها شركة جازبروم المنتجة للغاز والتي تديرها الدولة على جزيرة سخالين الواقعة في المحيط الهادي بطاقة سنوية تبلغ عشرة ملايين طن.

وحثت شركات من بينها شل الشريكة في مشروع سخالين روسيا على التعجيل بالتوسع في منشآت إسالة الغاز أو مواجهة ضياع فرصة الاستفادة من ذروة أسعار الغاز، قام ايجور سيتشين رئيس شركة روسنفت المملوكة للدولة بجولة في آسيا، ونقلت وسائل اعلام عن نائب رئيس الوزراء أركادي دفوركوفيتش قوله من بكين إن المحادثات بشأن صفقة الغاز مع الصين أحرزت بعض التقدم.

وتجري المباحثات بين جازبروم والصين منذ عشر سنوات على الأقل للتوصل إلى اتفاق، وإذا تم التوصل لاتفاق في نهاية المطاف فبوسع بوتين أن يستخدمه كدليل على أن المحاولات الغربية لعزل روسيا مآلها الفشل، وفرض الاتحاد الأوروبي حظرا على التأشيرات وجمد أرصدة عدد من المسؤولين الروسي بسبب تطورات شبه جزيرة القرم لكن العقوبات الأمريكية هي التي أثرت على تيمشينكو الذي يعتقد أنه من قدامى معارف بوتين.

وبعد ساعات من إعلان وضعه على القائمة الامريكية السوداء قال تيمشينكو إنه باع حصته البالغة نحو 50 في المئة في شركة جونفور رابع أكبر شركة لتجارة النفط في العالم، لكنه احتفظ بحصته البالغة 23 في المئة في شركة نوفاتك، وفي سابيتا قال عامل لم يذكر من اسمه سوى فيكتور إن التهديدات الأمريكية لن توقف المشروع أو تبطيء من خطواته.

وقال فيكتور الذي يعمل في بناء وحدات إقامة جاهزة لألاف العمال الذين سينتقلون إلى سابيتا لعدة شهور على الأقل في السنة "هل تعتقد أن مقاعد الحكومة يشغلها حمقى لا يعرفون ما يفعلون؟ هل تعرف مدى اهتمام بوتين بهذا المشروع؟"، وأضاف "مهما قالت الولايات المتحدة سيكون كل شيء على ما يرام هنا".

وسيعمل أكثر من عشرة آلاف عامل في المشروع في نهاية الأمر لإنتاج 16.5 مليون طن من الغاز المسال بنهاية العقد الحالي وهو ما يكفي لتزويد الصين أسرع الدول المستهلكة للطاقة في العالم نموا لمدة عام تقريبا، وتعتزم روسيا مضاعفة هذه الكمية خلال العقد التالي مع بدء الانتاج من حقول أخرى.

لكن على روسيا في البداية أن تضمن امكانية استخدام ناقلات الغاز الطبيعي المسال لميناء سابيتا على مدار العام حتى عندما يكون مقبلا على فترة جليدية، وسيتطلب ذلك استخدام أجهزة ضغط لضخ الهواء المضغوط تحت الجليد ضمان تكسيره بسهولة أكبر حتى يمكن للسفن المرور.

وبسبب الأحوال الجوية في المنطقة لا يمكن للسفن السفر من يامال إلى المحيط الهادي عن طريق مضيق بيرنج سوى خلال فترة من خمسة إلى سبعة أشهر في السنة فقط، وخلال بقية السنة يمكن نقل الغاز المسال إلى المحيط الهادي عن طريق قناة السويس رغم أن ذلك يضاعف المسافة حتى شنغهاي ويرفع تكلفة النقل، كما اتفقت نوفاتك على بيع بعض من انتاجها من الغاز المسال لاسبانيا.

أما في الوقت الحالي فيستخدم ميناء سابيتا الذي جرى تشييده خلال العام الماضي والعام الجاري في نقل المواد الغذائية والمعدات ومواد البناء والخشب اللازم للتدفئة للعمال، ويبلغ عدد العمال في سابيتا خمسة آلاف يعملون 45 يوما ثم يأخذون عطلة تماثل هذه المدة وتتراوح أجورهم بين 70 ألف و100 ألف روبل شهريا أي أعلى كثيرا من متوسط أجور في روسيا الذي يبلغ 30 ألف روبل (850 دولارا).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 1/آيار/2014 - 29/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م