لا أعلم إن كان بعض المرشحين يقلدون من فعل ذلك من قبل أم لا؟
وأولئك الذين إستحسنوا الأمر في العراق من المرشحين لإنتخابات مجلس
النواب ربما يكونوا على علم بذلك، أو إنهم أرادوا تغيير نمط السلوك
الدعائي الفج والمتعال الذي يطبع الطريقة التقليدية في مخاطبة الناس من
قبل المرشحين حين يمارسون سلوكا إستعلائيا، ويريدون للناس أن يذعنوا
للحقيقة ويصوتوا لهم على أية حال، حتى لو كان المصوت رث الثياب جائعا
لايمتلك النقود فعليه أن يصوت لمرشح من العيار الثقيل، أو الخفيف يحسن
شراء الثياب الفاخرة، ويجيد صعود سلم الطائرة، ويعرف مكان تواجد
المطاعم السياحية في العواصم التي تعرف إليها منذ أن صار في منصب من
تلك المناصب التي توزع على مواطنين عراقيين لايجيدون الإفادة منها،
ولايقدمون للشعب خدمة ما بها.
في الهند، وفي دول الغرب يعمد المرشحون الى التوجه الى المناطق
الأكثر حاجة حين يحاولون التقرب الى الناس ونيل ثقتهم. ودعونا من الغرب
ولنرحل الى الهند ونتجول مع زعيم (حزب الناس العاديين) الذي يتنقل في
مدن الصفيح، ويمر بالحواري والأزقة الضيقة المحرومة من خدمات الماء
والكهرباء وشبكات الصرف الصحي والمدارس والمستشفيات والطرق المعبدة،
ولايملكون سوى بيوت من الصفيح الذي لايقي الحر، ولايمنع تسرب ماء
المطر، ويعيشون معهم التجربة، ويرتدون ثيابا بسيطة، ويستخدمون مانسميه
في العراق ( الستوتة) في تنقلاتهم من حي الى آخر، وصحيح إن عمر الحكومة
التي شكلها أعضاء حزب الناس العاديين لم يستمر طويلا إلا إنها قدمت
المثال الجيد الذي يضع العلاقة بين المواطن والمسؤول في مكانها الملائم
لتصلح أن تكون مثالا للتعاون في حل المشاكل، وتوفير ضمانات العيش
الكريم والمحترم للفئات الأكثر حرمانا.
اليوم في الصباح مررت بحي فقير شرق بغداد، ودخلت ممرا ضيقا غير
معبد، بينما كانت الرياح تذروا الغبار، وبعض المياه الآسنة تحتل مساحة
من ذلك الممر المسمى شارعا وهو ليس بشارع، ألقيت التحية من خلال زجاج
السيارة على شاب بسيط يضع قبعة على رأسه ويرتدي ثيابا عادية، كانت
سيارة التاكسي الصفراء مركونة جانبا، ووضع عليها سلم ظننت إنه لعامل
الكهرباء، لم أتعرف عليه أول الأمر لكنه أخبرني بإسمه. قلت له، يارجل
أنت صديقي لكني فوجئت بك هنا وأنت بهذه الحال مع إنك مرشح للإنتخابات
البرلمانية؟ قال، أنا أضع لافتات الدعاية بنفسي مع أصدقائي، ولاأريد أن
أنفصل عن الناس العاديين. وفي الناصرية جنوبا تقوم مرشحة من النساء
المثقفات بالتجوال على المحلات، وتمر في الشوارع العامة وتلتقي
بالعشائر، وتحاول إقناعهم بمشروعها وبرامجها الإنتخابية التي ترى إنها
يمكن أن تقدم شيئا مختلفا للناس العاديين الذين لم يعودوا مقتنعين
كثيرا بما تحقق في الفترة الماضية دون تحديد الجهة المسؤولة بالضرورة
عن هذا الإخفاق. |