حب الأوطان من الإيمان، ومن الطبيعي أن يحب المواطن وطنه ويدافع عن
ترابه الغالي ويضحي بكل ما يملك لأجله، ولكن ليس من الطبيعي الدفاع عن
السلطة الفاسدة المسؤولة عن إنتشار الفساد والازمات والمشاكل في الوطن،
بل ينبغي على المواطن الشريف الحر رفض وانتقاد ومحاسبة تلك السلطة
الفاسدة والعمل لإصلاحها وإسقاطها بشكل سلمي لانها غير جديرة بالثقة
وتحمل مسؤولية الوطن والمواطنين، وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.
السلطة في الوطن تمر بمشاكل وأزمات كثيرة بسبب سياستها العاجزة عن
إيجاد الحلول الناجحة في التعامل مع الملفات الداخلية كالمطالب الشعبية
بالإصلاح الشامل والحقوق، وملف المعتقلين والفقر وغيره، ولكن عوضا عن
المبادرة بفتح المجال للشعب للمشاركة في الحلول وتنفيس الأحتقان، نجدها
تأجج الوضع بالمزيد من الإعتقالات والمحاكمات والترهيب عبر قانون
الإرهاب الجديد، والعمل على تحويل الإحتقان إلى إنفجار، كما يحث خلال
هذه الفترة ..، وهذا من الغرائب والعجائب!!.
والأكثر غرابة من السلطة، هو موقف بعض المواطنين الذين يقفون بشكل
كامل مع السلطة المتهمة بالفشل والفساد والتخبط وتدمير الروح الوطنية
... (عن دراية وقناعة أو نتيجة الانخداع وضعف التجربة مع السلطة أو
الخوف بأن المطالبة بالحقوق سيجعل السلطة تحرق الوطن - مما يعني
المشكلة في السلطة -)، عبر الثناء ومدح سياستها السلبية وعدم إنتقادها
وغض الطرف عن تجاوزاتها واعتقال الأبرياء والحكم عليهم بأحكام قاسية
جدا بسبب التعبير عن الرأي والمطالبة بالاصلاح، وانتشار الفقر والبطالة
والازمات ومنها الأزمة السكانية الخانقة رغم الثروة الهائلة الخيالية
والأراضي الشاسعة.
رائحة التجاوزات زكمت الأنواف ووصلت إلى القريب والبعيد وأصبحت حديث
العالم، ولكن في الوطن شخصيات تحاول مدح السلطة رغم اعتراف بعض أفراد
الأسرة الحاكمة والمسؤولين بانتشار الفساد والسرقات والظلم من قبل
السلطة، ومن المؤسف أن يتحول بعض رجال الدين والشخصيات والوجهاء إلى
مجرد وكيل دعاية وعلاقات عامة للحكومة لمساعدتها على الخروج من
الازمات، ومن المؤلم أن ترتفع هذه الأصوات في هذه الفترة الذهبية حيث
الشعب يكسر حاجز الخوف من السلطة ويعبر عن ارئه ومواقفه ومطالبه
الوطنية بالصوت والصورة لتحقيق الإصلاح الشامل وتطبيق العدالة
الاجتماعية وتشييد دولة حضارية قائمة على دستور منبثق من الشعب مباشرة
وحكومة تمثل إرادة الأمة!!.
إن تلك المواقف من قبل بعض الشخصيات هي محاولات لتخدير المجتمع
وتثبيط إرادة الشباب وخدمة السلطة المصرة على عدم تفهم مطالب الشعب
وتحقيق الإصلاح الشامل بدون عنف وفوضى، إنها فئة مصابة بالوهم بأن تقوم
السلطة بإصلاح حقيقي!!.
الحذر من الإعلام والأصوات التي تحاول أن تشكك في كل من يقوم بكسر
حاجز الخوف من السلطة ويطالب بحقوقه بصورة سلمية، عبر وصفه بانه عميل
أو مرتزق أو تابع طائفة ما تيار ما أو جماعة ما، في محاولة لتأطيره
بنفس طائفي أو قبلي.. لقتل روح التفاعل الشعبي.. انها سياسة فرق تسد!!.
الفرق بين الوطن والسلطة
ينبغي التفريق بين الوطن والسلطة، فالسلطة ليست الوطن، وانما هي جهة
تدير الوطن حسب قوانين الدستور، وهي جهة تحاسب لانها مسؤولة، وعندما
يتم انتقادها لا يعني انتقاد الوطن، وليس من حق السلطة أن تجعل نفسها
في مقام الوطن، وتصف من ينتقدها ويطالب بمحاسبتها انه عدو للوطن، والحب
والمحبة والعشق للوطن وليس للسلطة، فالوطن باقي والشعب يعمل لإعماره
وتطوره ام السلطة فهي متغيرة وتعمل لخدمة الشعب، ويقال للسلطة شكرا إذا
قامت بالعمل المطلوب منها لخدمة المواطنين، وتحاسب إذا فشلت في بناء
الوطن رغم توافر المال المطلوب والمقومات للبناء، وتجرم إذا قامت
باستغلال السلطة وبأعمال منافية فيها ذل وإهانة وتهميش للمواطنين
وحرمانهم من حقوقهم الوطنية، لهذا نتمنى وصول سلطة تمثل الشعب تعمل
لخدمته.
الشعب يريد وطنا لكافة المواطنين قائما على قوانين دستور يمثل إرادة
الشعب عبر صناديق الانتخاب، بحيث يختار الشعب حاكمه وأعضاء المجالس
التشريعية عبره مباشرة.
وطن يحمي كافة المواطنين ويتعامل معهم من خلال المواطنة، ويطبق
العدالة والحرية والمساواة بين المواطنين، ويحترم كل الأديان والمذاهب
والآراء والكل يتعبد حسب عقيدته ومذهبه، ويجرم كل من يسيء للآخرين. وطن
لا تسرق أراضيه باسم منحة وأمر مسؤول والتشبيك، وبل يجب أن توزع
الاراضي على المواطنين والخيرات والثروة الوطنية على الجميع بالتساوي،
ويحصل كل مواطن على سكن ووظيفة محترمة ليشعر بالأمن الاجتماعي، وطن ليس
فيه اعتداء على الآخرين وسرقة والتلاعب بالمال العام.
وطن لا يفرق بين منطقة وأخرى في المشاريع والخدمات والبنية التحتية،
ويحاسب فيه المسؤول من اين لك هذا؟.
وطن لا يخاف المواطن فيه من التعبير عن آرائه ومطالبه ومواقفه، ولا
يختفي المواطن ويغيب لأنه أنتقد السلطة، ولا يسجن فيه آلاف المعتقلين
من النشطاء الحقوقيين لسنوات طويلة وتشوه سمعتهم في وسائل الاعلام، ..
ذنبهم المطالبة بالعدالة والإصلاح ومحاربة الفساد في وطنهم الغالي!!.
أحبك يا وطني
نتمنى نعيش في وطن هو الأفضل في العالم في كل شيء فهو يحتضن أهم
المقدسات الدينية وفيه ثروة مادية هائلة، وطن يتسع للجميع، وأسمه يمثل
الجميع، ويدافع عن جميع مواطنه.
وطن نحبه ونعشقه وندافع عن ترابه.. أحبك يا وطني، وأرفض السلطة
الفاسدة.
من جعل بلادنا بلاد الغرائب والعجائب، وان الشعب غير.. غير ..غير،
فأصبح غير ؟!. |