فايروس كورونا... يهدد السعودية صحياً وسياسياً؟

 

شبكة النبأ: ظهر فيروس كورونا للمرة الأولى في أبريل/ نيسان 2012 وأصاب 250 شخصا توفي منهم 93 في الشرق الأوسط وأوروبا وأسيا وشمال أفريقيا، ويمكن أن يتسبب المرض في السعال وارتفاع درجة الحرارة والالتهاب الرئوي وقد يفضي إلى الوفاة، بحسب الخبراء، وحتى الآن تبلغ نسبة الوفيات نحو 30 بالمئة، وينتمي الفيروس لعائلة متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) الفتاك الذي تفشى في عام 2003.

ويبدو ان انطلاقته القوية، مجدداً، في السعودية قد أربكت المسؤولين فيها كثيراً، سيما وان الهلع والخوف داخل المملكة، وبالأخص مدينة جدة، تملك عقول المواطنين، بعد ان وجدو ان هناك تناقضاً كبيراً بين تصريحات المختصين، إضافة الى عدم جدية الأجهزة الحكومية بالتعامل الجدي مع هذا الفايروس القاتل.

كما ان الارتباك الحاصل بين المؤسسات الصحية والعائلة المالكة، اتضح من خلال اعفاء وزير الصحة، إضافة الى الوعود التي أطلقت بقرب اكتشاف المصل والتطعيم ضد هذا الفايروس، الامر الذي استبعده الكثير من الخبراء وارجعوه لأسباب سياسية بحته.

فقد قال بارت هاجمانز خبير الفيروسات في مركز إراسموس الطبي في روتردام بهولندا "أشك أن تهتم شركات انتاج اللقاحات بتطوير لقاح للبشر في هذه المرحلة. هذا ما عرفناه بالفعل من خلال الكثير من حالات العدوى الفيروسية التي تصيب عددا محدودا من الناس وهذا ما يتفق مع المنطق السليم والمعلومات العامة".

فيما قال إيان جونز خبير الفيروسات بجامعة ريدينج في بريطانيا وهو يتابع انتشار المرض منذ بدايته "فكرة إنتاج لقاح ضد فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية محفوفة بالمشاكل، المسألة قد تشيع نوعا من الرضا في نفوس الناس، بالإمكان قطعا تحقيق ذلك من منظور الكيمياء الحيوية ولكن لا طائل منه من الناحية العملية"، وتساءل "من الذي ستقومون بتطعيمه؟ هل ستقومون بتطعيم كل السكان في حين أن عدد المعرضين للإصابة يبدو ضئيلا جدا؟".

وقد حثت منظمات دولية، السعودية، على اتخاذ خطوات جديه للحد من انتشار المرض، وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية في جنيف، إن المنظمة تشعر "بقلق" من زيادة أعداد المصابين بفيروس كورونا في السعودية. وأضاف أن "هذا يبرز ضرورة معرفة المزيد عن الفيروس وعن كيفية انتقاله وعن مسار العدوى".

عودة مفاجئة

فقد ظهرت أول كمامات عند مكتب تسجيل المسافرين في مطار الرياض قبل رحلة الصباح الباكر من العاصمة السعودية إلى جدة حيث أثارت عودة مفاجئة للإصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (فيروس كورونا) مخاوف بين بعض السكان، وفي مطار جدة وضع معتمر متوجه إلى مكة كمامة على وجهه، وعلى مقعد قريب كانت امرأة تعدل كمامتي ولديها الصغيرين.

كل ذلك علامة على المخاوف في هذه المدينة الواقعة على البحر الأحمر بعد حدوث زيادة نسبتها 47 في المئة الشهر الماضي في عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا الذي جرى اكتشافه في السعودية قبل عامين والذي قد يسبب سعالا وحمى والتهابا رئويا، ومن بين 91 حالة جديدة أعلنت في المملكة في أبريل نيسان كانت 73 حالة في جدة، وكثير من الحالات المصابة بين عاملين في مجال الرعاية الصحية.

قالت لمياء القزاز وهي ممرضة سابقة تقيم في جدة منذ فترة طويلة عن الأيام الأولى لتفشي الفيروس عندما اجتاحت الشائعات المدينة "كل معارفي، أصدقائي، جيراني، أقاربي، تركنا بدون أي توعية، كان هناك كثير من الارتباك، العائلات أبقت أبناءها في البيت، الناس كانت تخشى الذهاب للمستشفيات في المواعيد المحددة لإجراء كشف طبي".

وقالت رولا (35 عاما) وهي أيضا من سكان جدة إن كثيرا من صديقاتها خائفات، وقالت "عم صديقتي توفي قبل يومين بعد الذهاب إلى مستشفى، لم أذهب إلى الجنازة لأني أخشى أن يكونوا قد أصيبوا بالفيروس، كل من ذهبوا (إلى الجنازة) كانوا يضعون كمامات".

وزاد الذعر العام بسبب انتشار شائعات من خلال شبكات التواصل الاجتماعي عن حالات لم يتم تشخيصها وكذلك بسبب اتهامات للحكومة بالتستر وعدم كفاية إجراءات النظافة في بعض المستشفيات.

ونفت وزارة الصحة هذه الاتهامات، لكن السلطات وجدت صعوبات في المراحل الأولى من تفشي الفيروس للسيطرة على الخطاب الموجه للجمهور بإصدار تحذيرات صارمة ضد انتشار الشائعات، وتقول منظمة الصحة العالمية إنها "تشعر بقلق" وعرضت المساعدة في تحري تفشي الفيروس في السعودية وفي الإمارات.

ومنذ ظهور فيروس كورونا لأول مرة في أبريل نيسان عام 2012 تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية بنحو 253 حالة أكدت الاختبارات المعملية إصابتها بالفيروس بينها 93 حالة وفاة، وبينما تتركز الغالبية العظمى للحالات في السعودية ظهرت حالات كذلك في الأردن والكويت وعمان وقطر وأوروبا وشمال إفريقيا وآسيا.

وقالت منظمة الصحة العالمية إنه "لم يتم تحديد" مصدر العدوى إلى الآن لكن الأدلة تتزايد على صلتها بالإبل التي يعتقد كثير من الخبراء أنها المستودع الحيواني للفيروس، وينتمي فيروس كورونا لعائلة متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) الذي قتل نحو 800 شخص في مختلف أنحاء العالم بعدما ظهر في الصين عام 2002.

وقال استشاري الرئة في جدة معن نزار فتيح "من الطبيعي أن يكون هناك ذعر أثناء تفشي الفيروس لأنه حدث يرتبط بمعدل مرتفع للوفيات، الناس تصاب بإنفلونزا ثم توضع على جهاز للتنفس الصناعي بعد خمسة أو ستة أيام"، ومضى يقول "نحن أيضا كعاملين في مجال الرعاية الصحية منزعجون لأننا نرى زملاء لنا -أطباء وفي التمريض- عملنا معهم ونفاجأ بدخولهم في قسم الرعاية المركزة، لكن، اعتقد أن الأمور تتحرك في اتجاه إيجابي".

وقال إن السلطات عملت على توعية العاملين في الرعاية الصحية والمرضى بالوقاية وتعاونت مع المستشفيات لعزل حالات الاشتباه بالإصابة وحالات الإصابة المؤكدة، لكن لا يوجد اتفاق عام على هذا الرأي بين العاملين في مستشفيات جدة، وقال موظفة كبيرة في الرعاية الصحية في جدة لديها خبرة تمتد لعشرات السنين "العاملون في الرعاية الصحية فقدوا الثقة في وزارة الصحة، لقد فقدت مصداقيتها".

وأشارت إلى ما وصفته بسوء حفظ الملفات ونقص الملابس الوقائية والإرشاد الوقائي والمقاومة من قبل بعض الإداريين للإبلاغ عن حالات الإصابة بفيروس كورونا، وفي حي الخالدية الراقي تقوم صيدلية السعوديين ببيع الكمامات ومطهرات الأيدي.

قال غسان يوسف (22 عاما) مندوب المبيعات "سكان جدة خائفون، يأتون إلى هنا لشراء الفيتامينات وأقراص الكالسيوم والمسكنات وأدوية الأنفلونزا، يشترون ما بين أربعة إلى خمسة صناديق من الكمامات ومطهرات الأيدي"، لكن ليس كل من يسير في شوارع جدة أو في طرقات المراكز التجارية المكيفة يخشى الإصابة بالفيروس في الأماكن العامة.

وأشار سائق سيارة أجرة بإشارة بيده معترضا وقال العشرات يلقون حتفهم في حوادث السيارات على الطرق في جدة كل أسبوع، وأضاف متسائلا "لماذا ننزعج إذا أصيب شخص أو اثنين بالفيروس؟". بحسب رويترز.

فيما وصل الملك السعودي عبد الله الى مدينة جدة في مسعى منه لطمأنه السعوديين حول وضع فيروس كورونا الذي ينتشر بشكل خاص في المدينة الساحلية الغربية والذي اودى حتى الآن بحياة 85 شخصا في المملكة بحسب آخر ارقام رسمية، ونقلت صحيفة الوطن عن وزير الحرس الوطني ونجل الملك متعب بن عبد الله قوله انه يقسم بان "كل مواطن سعودي أغلى على الملك من نفسه".

واكد انه "على وقع تطورات كورونا في جدة، فان خادم الحرمين عجل بقدومه إلى جدة، لأن الملك كما تعلمون لا يمكن أن يتخلى بأي شكل من الأشكال عن المواطن في أي مكان ولهذا حضر شخصيا حتى يكون معكم، رغم أن الإعلام ضخم المسألة".

وذكر متعب ان الملك عبد الله سبق ان قطع زيارة الى فرنسا في الماضي واتى فورا الى محافظة جازان الجنوبية الغربية بعد انتشار مرض حمى الوادي المتصدع فيها و"رفض أن يتلقى أي لقاح أو مصل قبل هبوط طائرته في جازان".

إعفاء وزير الصحة

الى ذلك أعفى الملك عبد الله آل سعود وزير الصحة عبد الله الربيعة من منصبه في الوقت الذي تكافح فيه المملكة لمواجهة زيادة مثيرة للقلق في حالات الإصابة الجديدة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (فيروس كورونا).

وذكر التلفزيون السعودي أن أمرا ملكيا صدر بتكليف وزير العمل عادل فقيه بمهام وزير الصحة بالإضافة إلى منصبه الحالي، ولم ترد انباء عن اسباب ذلك التغيير، وجاء في الأمر الملكي ان الربيعة عين مستشارا بالديوان الملكي، وكان الربيعة قال في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون إنه لا يوجد أي سبب طبي يدعو لفرض اجراءات وقائية أشد صرامة لمواجهة انتشار الفيروس.

وأعلنت المملكة العربية السعودية إصابة 244 شخصا بالفيروس منذ ظهوره عام 2012 توفى منهم 79، وتراجعت حالات الإصابة الجديدة خلال فصل الشتاء لكنها ارتفعت بشكل مفاجئ هذا الشهر.

وظهرت 49 حالة إصابة مؤكدة خلال معظمها في مدينة جدة الساحلية مما يمثل زيادة بنسبة 25 في المئة في مجمل حالات الاصابة المؤكدة منذ بدء ظهور الفيروس، وفي بعض الأوقات سعت السلطات جاهدة لنفي الشائعات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت بأنها لا تتسم بالشفافية فيما يتعلق بمدى انتشار الفيروس وفعالية الاجراءات الوقائية التي اتخذت في المستشفيات.

وطلبت الحكومة السعودية من وسائل الإعلام في المملكة عدم إذاعة أي اخبار إلا عن الحالات التي تؤكدها وزارة الصحة رسميا، وعبر الربيعة عن اعتقاده بأن الارتفاع المفاجئ في حالات الإصابة الجديدة في جدة قد يكون لأسباب موسمية بالنظر إلى تزايد حالات الاصابة قبل عام.

فيما تعهد وزير الصحة السعودي المكلف عادل الفقيه بالشفافية مع المجتمع والاعلام بعد تكاثر الاصابات بفيروس كورونا الذي اودى بحياة 81 شخصا في المملكة حتى الآن.

من جهتها، اعلنت وزارة الصحة السعودية في اخر حصيلة لها، اصابة 11 شخصا اضافيا بالفيروس بينهم فتاة في الثالثة عشرة من العمر، ليصل اجمال الاصابات في المملكة الى 272 شخصا.

وتأتي تصريحات الفقيه التي اطلقها عبر تويتر بعد استلامه هذه الوزارة الحساسة خلفا لعبد الله الربيعة الذي اقيل من منصبه في خضم انتشار موجة من الخوف بسبب الفيروس المسبب لمتلازمة الشرق الاوسط التنفسية والذي تعتبر السعودية البؤرة الاولى له.

وقال عادل فقيه عبر حسابه الشخصي "أشكر الملك عبد الله بن عبد العزيز على تكليفي بتولي مهام وزير الصحة شاكرا لمقامه الكريم ثقته الغالية ومؤكدا حرصي على بذل كل ما أستطيع لأكون محلا لهذه الثقة وأهلا لحسن ظنه".

واضاف "قد عدت قبل قليل من زيارة لمستشفى الملك فهد بجدة لتفقد حالات الإصابة بفيروس كورونا شملت عددا من المرضى بما فيهم زملاء من منسوبي وزارة الصحة والمواطنين واستمعت لإيجاز من الفريق الطبي المشرف على علاج الحالات ولمن زرتهم من المصابين، ولقد سرني أن بعض المصابين تماثل للشفاء ولله الحمد وإن كانت هناك عدة حالات أخرى حرجة لا تزال تخضع للعلاج والمتابعة بشكل متواصل".

واكد الفقيه التزامه "بالتواصلِ الدائمِ مع المجتمع وإحاطته بنتائج المتابعة والمراجعة التي تعمل عليها وزارة الصحة في الوقت الراهن"، كما اكد التزامه "بمبدأِ الشفافية والإفصاح مع وسائل الإعلام وكافة أفراد المجتمع وتوفير إمكانية الوصول إلى المعلومات في الوقت المناسب بيسر وسهولة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/نيسان/2014 - 26/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م