هناك مثل إنكليزي جميل يحمل الكثير من المعاني ويغوص في النفس
الانسانية بعمق يقول المثل:
(الحب الذي يتغذى على الهدايا يبقى جائعا على الدوام)
هذا المثل ينطبق على المرشحين للانتخابات العراقية الذين يتفقدون
الناس في ايام الدعاية الانتخابية ويقدمون لهم الهدايا والوعود بسخاء،
وينطبق بذات الوقت على الناخبين الذين يخدعون او يطمعون بما يقدم لهم،
لذا سيبقى الحب بين الاثنين جائعا ولن يشبع، ما دام هناك رشوة تقدم
مقابل الحب، وما دامت العلاقة بين الناخب والمرشح تعتمد على البيع
والشراء، فحينما يكون صوت الناخب سلعة خاضعة للعرض والطلب فلن يكون
هناك شيء اسمه وطن بل هو سوق نخاسة يُعرض فيه العبيد ويشتري فيه السادة.
فالحب علاقة إنسانية راقية لا تعتمد على الحسابات المادية بل هو
عطاء روحي خالي من المنفعة الأنانية اما السوق فهو علاقة مادية لا تنظر
الى من خلال زاوية الربح والخسارة،
فالانتخابات التي تعتمد على الغش والخداع والمصلحة الشخصية هي علاقة
أنانية بحتة، وهي خداع يشترك به الناخب والمرشح معا، وكلاهما مجرمان
بحق الوطن، فمن يجامل على حساب الوطن ويمنح صوته لمن لا يستحق هو
كالإرهابي الذي يفجر ويقتل، لانه يساعد على وصول المفسدين لمصدر القرار
وبالتالي يصادر أحلامنا ويسرق الفرح من شفاه أطفالنا، فهي عملية خيانة
بحق الناس الذين يتطلعون للتغير وإهانة لكل القيم التي نسعى ان نصل
اليها يوما لنكون ضمن الدول التي تستحق الحياة.
فهناك مقولة رائعة لبرنارد تشو الفيلسوف الأيرلندي الشهير يقول:
احترام من لا يستحق إهانة لمِنْ يستحق. فحينما تمنح صوتك لمن لا يستحق
فإنك تحتقرنا جميعا بل تخوننا جميعا ً.
فالصوت مسؤولية كبيرة قد لا يعيها البعض ويستهين بها وربما يقول
ماذا يغير صوت واحد في العملية الانتخابية، لكن الصوت الواحد الشجاع
أكثرية كما قيل عن الامام علي عليه السلام (ان صوتا شجاعا واحدا
أكثرية).
هذا الصوت الشجاع هو صوت الحب الذي لا يتغذى على الرشاوي والهدايا
بل هو الصوت المسؤول الصوت السيد وليس الصوت العبد.
فالعملية الانتخابية هي صوت السادة الذين يقررون مستقبلهم ومستقبل
اجيالهم بأيديهم وهي صوت الرفض لكل فاسد وسيء. فقد جاءت الديمقراطية
كنظام حكم لتجعل من الأفراد أشخاص فاعلين وتحولهم الى سادة يقررون عن
أنفسهم ولا أحد يقرر عنهم، سادة لهم حق الاختيار والإرادة.
الإرادة النابعة من الوعي والعقل، فلا أدرى لماذا يختار البعض
العبودية وقد خلقه الله حرا ً هل هو الجهل ام شيء آخر.
البعض يريد من الديمقراطية ان تكون آلية للوصول الى السلطة ليصبح
سيدا ليتحكم بالعبيد وقد وجدت كنظام لمجتمع الأحرار الذين تجمعهم
المواطنة ويحكمهم القانون.
فالديمقراطية هي علاقة السادة بالسادة وليس علاقة العبيد بالسادة
وهي الحب الذي يتغذى على الحرية ليبقى خالداً على الدوام. |