السياحة.. مرهم اقتصادي يخفف من اوجاع الأزمات

 

شبكة النبأ: يشهد قطاع السياحة اليوم في العديد من دول العالم انتعاشاً ملحوظاً بعد ان عانى الكثير من المشاكل والصعوبات بسبب الأزمة العالمية التي أسهمت بتدهور هذا القطاع الأساسي للكثير من الدول باعتباره أهم الصناعات العالمية من حيث ترصين القيمة الاقتصادية وتوفير فرص عمل مناسبة، وهدف رئيسي للمعظم البلدان في الوقت الحاضر والمستقبل ايضا، من اجل انتعاش التنمية والتخلص من الأزمات الأخرى.

فقد اعتمدت معظم الدول السياحية خطط وإجراءات جديدة من اجل تحفيز وإنعاش صناعة السياحة، فيما يتوقع بعض خبراء الاقتصاد ان السنوات القليلة المقبلة ستشهد نمو السياحة وزيادة عدد وإنفاق السواح.

إذ يكتسب قطاع السياحة في العالم أَهمية خاصة في البلدان، التي لا تعتمد على النفط في اقتصادها، وقد اهتمت الدول النامية بالمرافق السياحية وحاولت تطويرها خصوصا بعد الازمة المالية الاخيرة لضمان النمو الاقتصادي بالاستثمار السياحي، فعلى الرغم من الوضع الاقتصادي والسياسي غير المستقر عالميا، إلا أن السياحة ومواردها أصبحت من الأنشطة الاقتصادية الرائجة والمهمة لدى معظم بلدان المعمورة في عصرنا الحديث، لتصبح السياحة مرهما اقتصاديا يخفف من اوجاع أزمة الاقتصاد العالمي.

العام 2013

وفي هذا الشأن فقد ازداد عدد السياح الذين جابوا أنحاء العالم، لا سيما منها آسيا وأوروبا، ليصل في العام 2013 إلى نحو 1,1 مليار سائح ويرتفع بالتالي بنسبة 5%، وفق منظمة السياحة العالمية. وبصورة إجمالية تنقل 1,087 مليار سائح من بلد إلى آخر في العام 2013، أي أكثر بمعدل 52 مليون سائح من العدد المسجل العام الماضي، بحسب الأرقام التي نشرتها منظمة السياحة العالمية.

وقال طالب الرفاعي الأمين العام للمنظمة خلال عرض هذه النتائج إن "العام 2013 كان عاما ممتازا بالنسبة إلى السياحة العالمية". وأضاف أن "قطاع السياحة أظهر قدرة ملحوظة على التكيف مع ظروف الأسواق المتغيرة وساهم أيضا في تعزيز النمو واستحداث فرص عمل في أنحاء العالم أجمع، بالرغم من التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي لا تزال قائمة"، معتبرا أن هذا القطاع "كان من القطاعات القليلة التي حسنت أوضاع اقتصادات كثيرة".

وأعربت منظمة الصحة العالمية عن تفاؤلها بالعام الجديد، متوقعة ارتفاعا يتراوح بين 4 و 4,5% في عدد السياح. ولفت طالب الرفاعي إلى أن "النمو تخطى توقعاتنا في اوروبا"، مشيرا إلى أن البلدان التي استقبلت أكبر عدد من السياح هي تلك التي أثرت عليها الأزمة أكبر تأثير. وتابع قائلا "يعزى ذلك جزئيا إلى قيام الاوروبيين برحلات أقصر ضمن أوروبا واستمرار أوروبا في الوقت عينه في إصدار أكبر عدد من السياح".

واستقبلت إسبانيا التي خرجت من كسادها الثاني في خلال خمس سنوات عددا قياسيا من السياح الأجانب في العام 2013 شمل 60,4 مليون سائح. وألمانيا وبريطانيا وروسيا هي من بين البلدان الخمسة التي صدرت أكبر عدد من السياح بعد الصين التي احتلت مرتبة الصدارة في هذا المجال سنة 2013 ثم الولايات المتحدة. وشهدت منطقة آسيا المحيط الهادئ أكبر نمو بنسبة 6% في السياح الذين تنقلوا من بلد إلى آخر (14 مليون) ليبلغ عددهم الإجمالي 248 مليون.

وسجلت أكبر نسبة من النمو (10%) في هذه المنطقة في جنوب شرق آسيا المعروف بشواطئه الرائعة وكنوزه الثقافية. وتعزى هذه النتائج الجيدة إلى "ازدياد الاستثمار في البنى التحتية وتزايد إنفاق الطبقة الوسطى وانفتاح سياسات المنطقة التي باتت تسهل عملية الحصول على تأشيرات دخول"، بحسب الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية.

وفي العام 2013، استقطبت افريقيا عددا أكبر بنسبة 6% من السياح، أي أكثر بمعدل 13 مليون سائح "لتسجل رقما قياسيا جديدا من السياح بلغ 56 مليون"، بحسب المنظمة الأممية التي تتخذ في مدريد مقرا لها والتي عزت هذا التقدم إلى "انتعاش وضع افريقيا الشمالية (زيادة بنسبة 6%) من جهة، والنمو المطرد المسجل في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى (زيادة بنسبة 5%) من جهة أخرى". أما في أميركا، فقد كان النمو أكثر انخفاضا مع ازدياد بنسبة 4% لا غير شمل 169 مليون سائح. بحسب فرانس برس.

وكانت السياحة العالمية قد تأثرت تأثرا كبيرا بالأزمة الاقتصادية العالمية وشهدت في العام 2009 "أسوأ سنة لها منذ 60 عاما"، بحسب منظمة السياحة العالمية، لينتعش وضعها في السنوات التالية مع نمو بنسبة 6,6% في العام 2010 و5% في العام 2011 و4% في العام 2012.

عدد قياسي

في السياق ذاته بلغ عدد السياح الوافدين إلى الاتحاد الأوروبي مستوى قياسيا جديدا العام الماضي وبقيت فرنسا على رأس البلدان الأوروبية الأكثر استقطابا للسياح، بحسب ما كشف مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي. وقد ارتفع عدد الليالي التي تمت تمضيتها في فنادق الاتحاد الأوروبي سنة 2013 بنسبة 1,6 % ليصل إلى 2,6 مليار ليلة، وفق البيان الصادر عن مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي.

واحتلت فرنسا صدارة هذه القائمة مع 405 ملايين ليلة في الفنادق (ارتفاع بنسبة 1,1 %) تلتها إسبانيا مع 387 مليون ليلة (+1,0 %) ثم إيطاليا 363 مليون ليلة (انخفاض بنسبة 4,6 %). وكانت المرتبة الرابعة من نصيب ألمانيا مع 355 مليون ليلة (+1,3 %) التي تقدمت على بريطانيا في المرتبة الخامسة مع 320 مليون ليلة (+6,5 %). وشهدت اليونان التي تمر بأزمة مالية حادة ارتفاعا بنسبة 11,7 % مع 87,3 مليون ليلة في الفنادق.

وكانت البلدان المتوسطية الدول التي استقبلت أكبر عدد من السياح غير المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين، أي مالطا وقبرص وكرواتيا واليونان، فضلا عن النمسا ولاتفيا. أما البلدان التي استقبلت أكبر عدد من المقيمين في الاتحاد الأوروبي، فهي رومانيا وألمانيا وبولندا والسويد.

من جانب اخر بلغ عدد السياح الذين زاروا اسبانيا مستوى قياسيا جديدا في العام 2013 مع 60,6 مليون سائح، فباتت البلاد بالتالي في المرتبة الثالثة عالميا متقدمة على الصين، بحسب ما أعلن رئيس الحكومة ماريانو راخوي. وقال رئيس الحكومة عشية افتتاح المعرض الدولي للسياحة في مدريد (فيتور) إنها "أفضل نتائج تسجل على الصعيد السياحي في تاريخ البلاد".

وأضاف "تخطينا للمرة الأولى عتبة الستين مليون سائح. وقد قام في الواقع 60,6 مليون شخص بزيارة اسبانيا (في العام 2013)، أي أكثر بنسبة 5,6% من العدد المسجل في العام 2012". وسمح هذا الرقم القياسي من السياح لاسبانيا باستعادة المرتبة الثالثة عالميا من حيث أكبر عدد للسياح، متقدمة بالتالي على الصين لكن بعد "فرنسا التي استقبلت 83 مليون سائح في العام 2013 والولايات المتحدة مع 67 مليون سائح".

والسياح الذين زاروا اسبانيا في العام 2013 كانوا خصوصا من بريطانيا (23,6%) وألمانيا (16,2%) وفرنسا (15,7%). وبلغت نفقات السياح في العام 2013 مستويات قياسية أيضا، وهي شملت 55,896 مليار يورو، لترتفع بنسبة 8,7% بالمقارنة مع العام 2012، وفق بيان صدر عن وزارة السياحة.

على صعيد متصل بقيت باريس اول وجهة سياحية في العالم خلال العام 2013 مع 32,3 مليون سائح في فنادق العاصمة الفرنسية على ما افادت هيئة السياحة في منطقة باريس ايل- دو-فرانس. ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة ، قالت الهيئة في بيان ان "2013 تشكل ايضا احدى السنوات المرجعية على صعيد السياح الوافدين".

واتى نحو 15,5 مليون زائر من الخارج بارتفاع نسبته 8,2 % مقارنة بالعام 2012 "وهو عدد استثنائي اذ انه الاعلى منذ عشر سنوات" على ما اكد البيان. وفي التفاصيل ، كان السياح البريطانيون الاكثر عددا مع نزول 2,1 مليون بريطاني في فنادق العاصمة العام الماضي. واحتل الصينيون للمرة الاولى المرتبة بين السياح الاسيويين مع نزول 881 الفا منهم في الفنادق (بزيادة نسبتها 52,6 % ) متقدمين على اليابانيين.

وعلى صعيد جنسيات الذي زاروا باريس ومنطقتها اتى في المراتب الخمس الاولى، البريطانيون يليهم الاميركيون فالالمان والايطاليون والصينيون. واشارت الهيئة الى زيادة ملحوظة في عدد السياح من الشرق الاوسط والادنى الذين ينزلون في الفنادق (زيادة نسبتها 20,7 %). في المقابل تراجعت اعداد النزلاء الفرنسيين بشكل كبير (- 7,5 %). ويفسر الاقبال على زيارة باريس بتنوع تراثها وغناه. فاللوفر وبرج ايفل هما المعلمان الاكثر شهرة من بين 1803 معلما اخر في العاصمة الفرنسية التي تضم 173 متحفا و470 حديقة عامة وجسورا وارصفة وتتمتع ببيئة ثقافية مزدهرة.

الى جانب ذلك فمن المتوقع أن ينفق السياح الذين سيأتون إلى البرازيل لحضور كأس العالم لكرة القدم سنة 2014 حوالى 11,4 مليار دولار، بحسب دراسة للمعهد السياحي "امبراتور". وستمثل نفقات السياح البرازيليين 72 % من مجموع النفقات، أي 8,3 مليارات دولار، علما أن الأجانب سينفقون 3,1 مليارات دولار. وقال رئيس المعهد فلافيو دينو "من المهم أن نلفت الى أن هذه هي فقط النفقات التي سيدفعها السياح مباشرة". ولم يوضح دينو المبلغ الاجمالي الذي يتوقع أن يجنيه قطاع السياحة، لكنه اعتبر أنه سيكون "كبيرا جدا". بحسب فرانس برس.

ويتوقع مجيء نحو 600 ألف سائح أجنبي إلى البرازيل لحضور كأس العالم لكرة القدم، أي أكثر ب30 مرة من عدد السياح الذين شاركوا في كأس القارات في حزيران/يونيو الماضي. ومن 12 حزيران/يونيو الى 13 تموز/يوليو 2014، يتوقع حضور نحو 3 ملايين شخص الى المدن الاثنتي عشرة التي ستستضيف مباريات الكأس.

الصين واليابان

الى جانب ذلك سافر ما مجموعه 97 مليون سائح صيني الى خارج بلدهم العام الماضي وهو عدد قياسي على ما ذكرت الصحف الرسمية. وقد زاد العدد ب14 مليونا مقارنة بالعام 2012، ويتوقع ان يستمر الميل الى الارتفاع نظرا الى التوسع القوي المنتظر للطبقة المتوسطة في ثاني اقتصاد عالمي على ما اوضحت صحيفة "ديلي تشاينا" نقلا عن الهيئة الوطنية للسياحة.

وكانت الصين احتلت العام 2012 المرتبة الاولى عالميا على صعيد نفقات السياح في الخارج مع 102 مليار دولار على ما تظهر ارقام منظمة السياحة العالمية. واعتبر سونغ روي من الاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية وهو مركز ابحاث تشرف عليه الحكومة ان النفقات ستتجاوز هذا المجموع بالتأكيد خلال العام 2013.

واوضح سونغ لصحيفة "ديلي تشاينا"، "السياح الصينيون ينفقون كثيرا في الخارج وهم يلقبون احيانا بالمحافظ النقالة". وفي الخارج، تحتدم المنافسة لجذب السياح الصينيين وهم زبائن مفضلون في قطاع المنتجات الفاخرة غالبا ما يسافرون ضمن مجموعات ويزورن عدة دول في جولة واحدة. واعلنت دول عدة من بينها بريطانيا وفرنسا والمانيا اجراءات لتسهيل حصول الصينيين على تأشيرات دخول. وتفيد منظمة السياحة العالمية ان عدد السياح الصينيين في الخارج كان في العام 2000، عشرة ملايين فقط.

على صعيد متصل سجلت اليابان في شهر كانون الثاني/يناير عددا قياسيا من السياح الغربيين والآسيويين بلغ 944 الف شخص. وهذا الرقم هو الثاني بعد الرقم المسجل في تموز/يوليو 2013 اذ وصل عدد السياح الاجانب حينها الى مليون وثلاثين الفا. وقالت المنظمة الوطنية للسياحة ان عدد الصينيين الذين زاروا اليابان في كانون الثاني/يناير بلغ 155 الفا و700 شخص، أي ضعف العدد المسجل في الشهر نفسه من العام السابق. ويأتي ذلك بعد انحسار عدد السياح الصينيين مطلع العام 2013 اثر التوتر الدبلوماسي بين طوكيو وبكين على خلفية الجزر المتنازع عليها. ومع ان هذا النزاع لم يطو بعد، الا ان عدد السياج الصينيين عاد وانتعش.

وسجل ارتفاع ملحوظ في أعداد السياح الكوريين الجنوبيين، اذ بلغ عددهم في كانون الثاني/يناير 255 الفا، اي بزيادة نسبتها 9 % عن العام السابق. وسجل ارتفاع كبير ايضا في أعداد السياح من تايوان وهونغ كونغ وسنغافورة وماليزيا وتايلاند. اما اعداد السياح الاوروبيين فهي شهدت ارتفاعا نسبته أدنى من تلك المسجلة في صفوف السياح الاسيويين، لكنهم شكلوا اكثر من 10 % من اجمالي زوار اليابان. بحسب فرانس برس.

وكانت اليابان سجلت في العام 2013 عددا قياسيا من السياح تجاوز عتبة العشرة ملايين شخص، وهو هدف كانت تسعى لتحقيقه في السنوات السابقة، الا ان الزلزال وموجات المد البحري التي ضربتها في 11 اذار/مارس من العام 2011 حالت دون ذلك. وتحاول اليابان ان تضاعف عدد السياح الى 20 مليون شخص سنويا اعتبارا من العام 2020، وسيساعدها في ذلك اقامة الالعاب الاولمبية في طوكيو في تلك السنة.

ماليزيا وحاجات المسلمين

في السياق ذاته تعد ماليزيا الوجهة السياحية الأكثر مراعاة لحاجات المسافرين المسلمين بحسب دراسة أظهرت أيضا أن اليابان سجلت أفضل تقدم في هذا المجال مع الجهود التي تبذلها للانخراط في هذه السوق المتنامية. وكانت المراتب التالية من نصيب الإمارات العربية المتحدة ثم تركيا وإندونيسيا والمملكة العربية السعودية، بحسب هذا التصنيف السنوي الذي تصدره جمعية "كريستنرايتينغ" المتخصصة في السفريات للمقاصد السياحية الأكثر مراعاة لظروف المسلمين.

وتقيم هذه الدراسة قدرة تكيف البلدان مع حاجات المسافرين المسلمين، من قبيل انتشار المطاعم التي تقدم الطعام الحلال وتخصيص قاعات للصلاة في المطارات والمراكز التجارية والفنادق. وقال فيصل بحر الدين المدير التنفيذي للجمعية التي تتخذ في سنغافورة مقرا لها "يزداد عدد المقاصد السياحية الراغبة في الانخراط في هذا المجال وتكييف خدماتها مع حاجات المسافرين المسلمين".

ولفت إلى أن مركز السياحة الإسلامية في ماليزيا ذات الغالبية المسلمة "يوجه القطاع ليراعي حاجات المسافرين المسلمين". وأضاف المدير التنفيذي أن "مزيدا من مطابخ الفنادق بات يتمتع برخص لتقديم أطباق حلال"، حتى أن أحد الفنادق بات يفصل بين الساعات المخصصة للرجال وتلك المخصصة للنساء عند استخدام النادي الرياضي وأحواض السباحة. وشرح أن سوق السفريات المخصصة للمسلمين قدرت العام الماضي بحوالى 140 مليار دولار، مشكلة بالتالي 13 % من إجمالي سوق السفريات. ويتوقع أن ترتفع قيمتها إلى 200 مليار دولار بحلول العام 2020.

واحتلت اليابان المرتبة الأربعين في هذا التصنيف الذي يضم 60 مرتبة، علما أنها كانت العام الماضي في المرتبة الخمسين. وسجلت بالتالي أكبر تقدم على هذا الصعيد. وأوضح فيصل بحر الدين أن "اليابان أطلقت مجموعة من المبادرات في هذا المجال، من برامج توعية إلى أدلة سياحية مخصصة للمسافرين المسلمين". كما أن بعض المطارات والفنادق بات يقدم الاطباق الحلال ويوفر قاعات للصلاة. بحسب فرانس برس.

وأتت سنغافورة في المرتبة السادسة من هذا التصنيف، وهي كانت الدولة الوحيدة غير المسلمة بين أول عشرة بلدان، تلاها المغرب ثم الأردن وقطر وتونس. وأتت إيطاليا وبلجيكا وإيرلندا والمكسيك في اسفل هذه القائمة، إذ انها لم تركز فعلا على احتمالات توسيع سوق السفريات المخصصة للمسلمين. وكانت المراتب العشر الأولى من نصيب ماليزيا والإمارات العربية المتحدة وتركيا وإندونيسيا والمملكة العربية السعودية وسنغافورة والمغرب والأردن وقطر وتونس.

الراند يستقطب السياح

على صعيد متصل تراجع سعر صرف الراند عملة جنوب افريقيا إلى أدنى مستوياته منذ 5 سنوات، ما يؤثر سلبا على سكان البلاد لكنه يعود بالنفع على السياح. ولا يشتكي السياح بتاتا من هذا التراجع، أكانوا يتبضعون أو يسمرون على الشاطئ أو يتذوقون النبيذ في ضواحي الكاب. النروجي فيدار فولدنغن (47 عاما) الذي يجول في السوق جد سعيد بهذا الوضع، و قال "أنا أكيد من أن الأوروبيين سيجلبون أموالهم إلى هنا عندما يتنبهون لذلك".

وبات الدولار الواحد يساوي اليوم في جنوب افريقيا 11 راندا، في مقابل 15 راندا لليورو الواحد، اي بزيادة نسبتها 60 الى 70% بالمقارنة مع نهاية العام 2010 وبداية العام 2011. ويعود هذا الوضع بالنفع على مدينة الكاب التي اختيرت عاصمة التصميم العالمية للعام 2014 وأدرجتها الصحف الأميركية والبريطانية مؤخرا في قوائمها الخاصة بأفضل الوجهات السياحية.

وقد شهدت المدينة ارتفاعا بنسبة 14,5 % في عدد السياح في تشرين الثاني/نوفمبر. وبلغت نفقات السياح الإجمالية فيها 1,2 مليار دولار (12,7 مليار راند) في العام 2013. ويبدو أن الازدهار سيكون بعد أكبر في العام الجديد. وشرح إنفر دوميني المدير العام لمكتب السياحة في الكاب "يعتبر سعر الصرف مناسبا للأسواق الرئيسية، أي بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وهولندا. وهذه الحالة تناسبنا تماما، إذ ان أسعارنا تصبح أكثر يسرا بالنسبة إلى الراغبين في السفر خارج أوروبا وأميركا".

ولفت راي فرانكو مدير فندق "فيكتوريا أند ألفرد" إلى أنه "عامل إيجابي"، فغالبية السياح جد سعداء بأن الأسعار ليست أغلى هنا، "لكنه ليس عاملا حاسما لاختيار الوجهة". وفي كروم "غروت كونستانتيا" لصناعة النبيذ ، باتت الزجاجة تكلف 18 دولارا بعد أن وصل سعرها إلى 31 دولارا في العام 2011. وهذا الكرم الذي يعد الأقدم في البلاد ويستقطب الكثير من السياح يصدر 60 % من إنتاجه ويبيع 20 % منه محليا.

وقال جان نود المدير العام ل "غروت كونستانتيا" إن "تراجع الراند يخدم مصالحنا على المدى القصير، لكنه سينعكس سلبا على التكاليف على المدى الطويل". فإن تراجع قيمة الراند نتيجة تقلب الأسعار في أسواق البلدان الناشئة يغرق الاقتصاد الوطني في دوامة تضخمية.

والفاتورة النفطية ترتفع، حالها حال أسعار وسائل النقل. ويزيد غلاء المعيشة من الاستياء السائد في المجتمع ويدفع العمال إلى الإضراب للمطالبة برواتب أعلى. وباتت التوترات الاجتماعية العنيفة تشوه صورة البلاد وتزيد من تراجع قيمة الراند. فمنذ أن قتلت الشرطة 34 عاملا منجميا مضربا في ناريكانا ، انخفض سعر صرف الراند في مقابل اليورو بنسبة 45 %، وبنسبة 30 % في مقابل الدولار. بحسب فرانس برس.

وتعد جنوب افريقيا ضحية عرضية لتغير السياسة النقدية في الولايات المتحدة، شأنها في ذلك شأن غيرها من البلدان الناشئة. فمردود سندات الخزينة الاميركية ارتفع مما يجذب الرساميل. وهي تدفع أيضا ثمن العجز العام المتزايد وتقاعس الحكومة العالقة بين تدابير شعبوية قبل انتخابات العام 2014 من جهة وإجراءات اقتصادية تميل إلى النيوليبرالية من جهة أخرى.

كينيا في ازمة

الى جانب ذلك تشتكي الجهات الفاعلة في قطاع السياحة في كينيا من تباطؤ الحركة السياحية في هذا البلد الذي كان مقصدا مزدهرا للزوار من مختلف انحاء العالم. فقد أدت أعمال العنف التي تلت الانتخابات في نهاية العام 2007 ومطلع العام 2008 إلى إبعاد السياح عن كينيا. وانخفض عدد الوافدين إلى البلاد بنسبة 30 % في خلال سنة العام 2008 وتتطلب الأمر ثلاث سنوات كي تستعيد كينيا نسبة السياح المسجلة في العام 2007. لكن في العام 2007، انخفض عدد السياح مجددا بنسبة 6 % في خلال سنة.

ولم تتوفر بعد الأرقام الرسمية لعام 2013، لكن يبدو أن وضع السياحة كان سيئا جدا العام الماضي. فالمخاوف من تجدد أعمال العنف خلال انتخابات آذار/مارس 2013 أثرت سلبا على النصف الأول من العام، قبل أن يوجه الهجوم على مركز "ويستغيت" في نيروبي في أيلول/سبتمبر ضربة قاضية للقطاع في النصف الثاني من العام.

وقال كازونغو (27 عاما) الذي يحاول اقناع السياح على شاطئ نيالي بالقرب من مومباسا بالمشاركة في جولات سياحية، متأسفا "اعداد السياح ليست بكبيرة. وأنا لم أكسب أي فلس منذ أسبوعين". وما زال الشاطئ مقصدا للكينيين، لكن السياح الأجانب قليلون جدا. وفي فندق "نيالي إنترناشونل بيتش هوتيل" الفاخر الذي يضم 170 غرفة، يجلس بعض الزبائن في الحانة ونحو ستة آخرين يتنزهون في الحديقة، في حين يجلس زوجان بالقرب من حوض السباحة. ويرفض مدراء الفندق تقديم أرقام دقيقة عن سير الأعمال.

وقد انخفض رقم أعمال تعاونية أكامبا للحرف اليدوية في مومباسا إلى النصف منذ العام 2007، على ما افاد مديرها جاكسن موانيكي الذي قال إن "الحركة لم تعد يوما على حالها منذ أعمال العنف التي تلت انتخابات العام 2007". وتزامنت أعمال العنف تلك مع نشوب الأزمة الاقتصادية العالمية. وحتى لو عاد السياح تدريجيا إلى كينيا، فهم لم يعودوا ينفقون كالسابق. وأكد جاكسن موانيكي أن "غالبية السياح ... يقولون إنهم يعانون تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وإن الوضع الاقتصادي سيء وقدرتهم الشرائية قد انخفضت".

وقال توماس غارسيا هيرتز المسؤول عن كيينا في شركة السفريات الكبيرة "فنتيدج افريقا"، "من الواضح ان الوضع الاقتصادي بشكل عام لدى زبائننا الاجانب ليس في افضل حال (..) الكثير من الناس يقلقون على وظيفتهم وليسوا في وارد ان ينفقوا الكثير من المال على عطلتهم".

ويعاني الساحل الكيني الذي يقدم خصوصا اقامات في فنادق ونواد على شاطئ البحر، مباشرة من منافسة وجهات اسيوية وكاريبية هي افضل سعرا. واوضح توماس غارسيا هيرتز "هناك سوق للزبائن الذين يريدون الجمع بين الحياة البرية والشاطئ" الا ان كينيا تعاني من اسعار مرتفعة وتنظيمات غير مسهلة لهذا النشاط فضلا عن مهنية متدنية في القطاع.

وكانت كينيا المتقدمة على جيرانها، لفترة طويلة وجهة لعشاق الحياة البرية والشواطئ في افريقيا الشرقية. الا ان تنزانيا باتت توفر خدمات مماثلة مع متنزه سيرينغتي الشهير وشواظئ زنجبار الخلابة بأسعار اقل بكثير على ما يقول منظمو الرحلات السياحية. فرسم الدخول الى متنزه سيرينغيتي يكلف 60 دولارا في اليوم للفرد في حين يكلف 80 دولارا في نظيره الكيني ماساي مارا على الجانب الاخر من الحدود بل ان رسم الدخول يصل الى 90 دولارا في متنزهات كينية اخرى. واكد هيرتز "بالنسبة لعائلة من اربعة اشخاص تريد الاقامة اربعة الى خمسة ايام في المتنزه يكون الفرق في السعر شاسعا".

وفي ظل الوضع الاقتصادي الراهن "يشكل السعر عاملا اساسيا" على ما اضاف موضحا ان لارتفاع الاخير في الرسوم ومن بينها الضريبة على القيمة المضافة في كينيا زاد الوضع سوءا. وانتقد عدم اهتمام الحكومة الكينية الظاهر بالصعوبات التي يمر بها القطاع السياحي في مواجهة منافسة الدول المجاورة في حين ان اوغندا واثيوبيا باتتا طرفا نشطا في السوق السياحية. بحسب فرانس برس.

ويأتي ذلك مع ان السياحة في العام 2011 (اخر الارقام الرسمية المتوافرة) كانت تساهم بشكل مباشر او غير مباشر بحوالى 14 % من اجمالي الناتج المحلي الكيني وتوفر اكثر من 700 الف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة اي 12 % من الوظائف المتوافرة في البلاد. وشدد توماس غارسيا هيرتز على ان السلطات الكينية "لا تساعدنا بل على العكس تصعب الامور علينا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/نيسان/2014 - 22/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م