العمل الخيري بين الماضي والحاضر

النهل من تقاليد العطاء

 

شبكة النبأ: لا تزال الأشكال التقليدية والعقائدية للعطاء موجودة منذ قرون، وهي تلعب دوراً رئيسياً في تحديد أنماط العطاء لدى الشعوب. ويوجد قدر كبير من الحماس بشأن الوتيرة التي ترسخ بها العمل الخيري الرسمي في كثير من البلدان النامية، ولكن البعض يعتقد أن فهم تقاليد السكان الأصليين - وربما الاستفادة منها - يمكن أن تجعل المبادرات الخيرية أكثر استدامة على المدى الطويل.

وذكرت جيني هودجسون، المديرة التنفيذية التنفيذية للصندوق العالمي للمؤسسات المجتمعية، في مقال لها أن "كل دولة وثقافة لديها تقاليدها الخاصة في مجال العطاء وتحقيق التكافل الاجتماعي في محيط الأسرة والأصدقاء والجيران، سواءً كان هذا التقليد هو جمعيات دفن الموتى في أفريقيا أو الجمعيات المحلية في المكسيك."

ومن الواضح أيضاً أن العطاء يحدث في جميع طبقات المجتمع ولا يكون الانتقال بشكل رأسي فقط - من الأغنياء إلى الفقراء – وإنما بشكل أفقي أيضاً، من خلال عطاء الفقراء لبعضهم البعض. ويمكن للعطاء أن يتخذ أشكالاً عديدة - بما في ذلك النقود والعمل ونقل المهارات والأصول والوقت.

وترى هودجسون أن الأشكال المتنوعة من العطاء ترجع بالتأكيد إلى العديد من الجذور وأن الوضع اليوم هو "نقطة التقاء مشوشة تجتمع عندها العوامل الخارجية، والتقاليد والسياقات المحلية والإفريقية". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

وعلى الرغم من أن الحركة العالمية للمؤسسات المجتمعية تعود أصولها إلى مدينة كليفلاند بولاية أوهايو في عام 1914، وأنها وصلت أخيراً إلى جنوب إفريقيا في منتصف تسعينيات القرن الماضي وإلى كينيا في عام 1997 مع تأسيس مؤسسة كينيا لتنمية المجتمع، إلا أن الواقع يؤكد أن المؤسسات المجتمعية متجذرة أيضاً في التقاليد الأفريقية القديمة المتمثلة في مفاهيم مثل أوبونتو (بمعنى "ما أنا عليه الآن يرجع إلى هويتنا الجماعية")، أو هارامبي (الشكل الكيني لجمع التبرعات من المجتمع وتعني" كلنا نتعاون سوياً")، أو إيليما (الممارسات المتبعة في جنوب أفريقيا للمشاركة مع أولئك الذين لا يملكون شيئا)، أو إيسوسو في غرب أفريقيا حيث تقوم المجتمعات المحلية بتدبير الموارد من أجل هدف محدد، وتشمل الممارسات التقليدية الأخرى مريمو (أو المساعدة المتبادلة) في تنزانيا، وباتكا في أوغندا (المساعدة في الجنازات).

والجدير بالذكر أن مشروعاً بحثياً بعنوان المحسن الفقير (Poor Philanthropist) أجرته جامعة كيب تاون في جنوب أفريقيا منذ عدة سنوات تناول الطرق العديدة التي يدعم بها الفقراء بعضهم البعض. وقد طرحت الدراسة سؤالاً حول أسباب استمرار هذا الكم من الفقر في الوقت الذي يتم ضخ مليارات الدولارات من المساعدات إلى المجتمعات الفقيرة كل عام، مما أدى إلى الاتهام بأن "الفقراء يسطون على جهود التنمية الخاصة بهم بطريقة أو بأخرى."

"ومع ذلك، وبعيداً عن كونه عقبة في طريق تنميتهم، أثبتت أبحاثنا عن نظم العون الأساسية الموجودة في المجتمعات الأفريقية الفقيرة عمق وتعقيد القدرة على الصمود، التي مكنت المجتمعات المحلية من المواجهة والنجاة وحتى التقدم في ظل ظروف غير مواتية."

ويرى التقرير أن "معظم الغرباء لا يلحظون الأخلاق المحلية مثل العناية بالآخرين وتقاسم الموارد" مما يؤدي إلى تجاهلها أو إهمالها في جهود التنمية. وعليه، فما لم يفهم المانحون الطرق التي يساعد الفقراء بها بعضهم البعض، لن تكون التنمية مستدامة.

ومن جهة أخرى، تقوم منظمة تراست أفريكا (Trust Africa) ومقرها السنغال بتشجيع العمل الخيري في القارة وتدعو إلى مفاهيم مماثلة: "إن توفير موارد خيرية محلية يمكن أن يلعب دوراً محفزاً في تمكين الأفارقة من استعادة ملكية أجندتهم الخاصة، ونقل الأصوات الأفريقية والمساعدة في إصلاح اختلال توازن القوى الذي يصاحب المساعدات الخارجية،" كما تقول المنظمة. فالقارة ا|لأفريقية لديها ثقافة أسرية قوية وعطاء مجتمعي وأنظمة دعم. "ويمكن للجهود المبذولة من أجل إعادة تنشيط هذه التقاليد، وتوسيع نطاق انتشارها، أن تعطي منظمات المجتمع المدني نفوذاً أكبر لدى جهات التمويل في الخارج، فضلاً عن الحكومات الحذرة هنا في الداخل."

إن العطاء على أساس ديني غالباً ما يكون المصدر الرئيسي لعمل الخير في الكثير من البلدان. ولأن الهيئات الدينية تقوم في كثير من الأحيان بتوجيه العطاء الخيري من خلال مجموعة من المؤسسات، فإنه لا يكون دائماً من السهل تتبع هذه التبرعات. وعلاوة على ذلك، في حين أن الدافع وراء العمل الخيري غالباً ما يكون العقيدة الدينية، إلا أن الحصيلة لا تذهب دائماً إلى المؤسسات الدينية نفسها. ويقدم العديد من المسيحيين البالغ عددهم 2.8 مليار نسمة والمسلمين البالغ عددهم 1.6 مليار نسمة في جميع أنحاء العالم تبرعات منتظمة لأسباب دينية.

وفي المجتمعات المسلمة، يُعد العطاء الخيري جزءاً لا يتجزأ من الحياة. ففي إندونيسيا، على سبيل المثال، وجدت دراسة أن معظم العطاء يكون لأسباب دينية.

وتجدر الإشارة إلى أن التقليد الإسلامي الخاص بدفع الزكاة هو شكل من أشكال العطاء الإلزامي؛ بينما الصدقة عطاء طوعي، ووفقاً للقرآن يتعلق الأمر بالعطاء السري "للمحتاجين أكثر منه لغرض إعلام العامة به." وهناك نوع ثالث من العطاء وهو الوقف، الذي يعتبر شكلاً من أشكال العطاء له قيمة تتجاوز الشيء الممنوح نفسه، أو حياة الشخص الذي منحه، على سبيل المثال قطعة أرض أو مدرسة.

وتصف منظمات مثل مؤسسة الآغاخان، التي تروج للتنمية في أفقر أجزاء آسيا وشرق أفريقيا، نفسها بأنها "وسيلة حديثة لعمل الخير التقليدي" ولديها وجود في 30 دولة.

وفي مصر، كانت القوة الدافعة وراء إنشاء مؤسسة وقفية المعادي الأهلية في 2007، هي "إحياء وتحديث الوقف"، ووصفت بأنها ممارسة يصل عمرها إلى 1,400 عام في "مصر الفرعونية القديمة عندما كان الرهبان يهبون الأرض لتمويل معابدهم." وتهدف هذه المبادرة إلى تحويل أنماط العطاء من النموذج الخيري، الذي وجدت مروة الدالى، مؤسسة المبادرة، أن معظم المصريين يؤمنون به، إلى نموذج يعزز الاستدامة المدفوعة باعتبارات المجتمعات المحلية.

أما في الهند، فيُقال أن أكثر من 80 بالمائة من السكان يقدمون هبات سنوية، لقضايا دينية في أغلب الأحوال - إما ما يُعرف باسم دان في المجتمعات الهندوسية، أو سيفا في مجتمعات السيخ، أو الزكاة (الإسلامية). بينما تقوم المنظمات البوذية مثل باهوجان هيتاي في الهند بتقديم المساعدة لنحو 150 مليون داليت (منبوذين) الذين يعيشون في فقر. "بدأ كل من البوذيين التقليديين في آسيا والبوذيين الجدد في الغرب في إيجاد تعبيرات جديدة ورسمية لُبعد الإيثار في تقاليدهم،" بحسب ما كتبه  بيتر جوزيف، مدير منظمة كارونا تراست في المملكة المتحدة.

كما تستند التقاليد اليهودية المسيحية أيضاً إلى منح الهبات للفقراء. وتمتلك المنظمات التي تعمل على نطاق واسع مثل المعونة المسيحية (Christian Aid) أجندة عمل اجتماعي معلنة، تتمثل مهمتها في "كشف فضيحة الفقر" وتحدي "النظم والهياكل والعمليات التي تعمل ضد مصالح أولئك الذين دُفعوا إلى الفقر أو التهميش." ويبتعد العديد من الجماعات المسيحية حالياً عن النماذج التقليدية للمساعدات والإغاثة، ويتجهون إلى نهج مدفوعة باعتبارات المجتمعات المحلية بدرجة أكبر وتعالج الأسباب الجذرية للفقر وتضغط من أجل التغيير المجتمعي.

تنامي الأعمال الخيرية

على الصعيد نفسه دعونا من بيل غيتس وأوبرا وينفري. فلقد أصبح لدى الاقتصادات الناشئة أيضاً عمالقة محليين في مجال العمل الخيري. وأصبحت هذه الشخصيات توفر مصدر دخل من المحتمل أن يكون أفضل وأكثر واستدامة للاحتياجات الإنسانية والتنموية المحلية.

وفي هذا الصدد، ذكرت جيني هودجسون، المديرة التنفيذية للصندوق العالمي للمؤسسات المجتمعية، أن ظهور طبقة جديدة من الأفراد الأثرياء في العديد من الدول النامية قد أدى إلى "نمو سريع للمؤسسات الخاصة والعائلية في العديد من الأسواق الناشئة."

لم يعد تنامي العمل الخيري يقتصر على الاقتصادات الجديدة القوية فقط، بل أصبح شائعاً في أوساط نخبة عالمية في دول أفريقية لا تزال فقيرة نسبياً، يرجى الاطلاع على قائمة أكبر 10 متبرعين للأعمال الخيرية في أفريقيا. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

تعتقد هودجسون أن تزايد الشخصيات الرأسمالية الخيرية على المستوى المحلي لا يعزى إلى تراجع تدفقات المعونة من الشمال إلى الجنوب فقط، ولكن يأتي أيضاً نتيجة لإدراك أوجه القصور في نموذج التنمية السائد، "الذي يتسم بالتعامل مع كل قضية بمعزل عن الأخرى، وآفاق المشاريع قصيرة المدى، والمساءلة أمام الجهات المانحة الخارجية فقط." وترى أنه ينبغي على المبادرات الممولة محلياً "أن تتبع نهجا أكثر شمولية وأطول مدى وأكثر مرونة بما يسهم في تعزيز قدرة المجتمع على الصمود والتماسك الاجتماعي".

ولا شك أن الانخراط مع المحسنين المحليين يمثل منحنى تعليمياً حاداً لكل من المنظمات غير الحكومية والمحسنين أنفسهم. ففي حين أن المنظمات غير الحكومية معتادة على "لغة المانحين" التكنوقراطية وإجراءات الإبلاغ البيروقراطية المرهقة التي يطلبها الممولون في الخارج، نجد أن المتبرعين للأعمال الخيرية يستخدمون لغة الأعمال ويفضلون "الحلول التجارية عند التعامل مع أي مشكلة"، كما أفادت هودجسون.

ويرى دوغان فريزر، منسق مبادرة العدالة الاجتماعية في جنوب أفريقيا، أن هناك تحد آخر يتمثل في أن كل متبرع للأعمال الخيرية يعمل بشكل مختلف، ويتعين على المنظمات غير الحكومية أن تعتاد على أسلوب كل فرد وطبائعه الشخصية، وأضاف فريزر أن منظمات المجتمع المدني في جنوب أفريقيا تدرك على نحو متزايد مزايا العمل مع المحسنين المحليين، فالأمر لا يقتصر على مجرد أن هناك عدد أقل من الإجراءات البيروقراطية والتقارير المرهقة. وقال: "من الأفضل أن يكون لديك شخص محلي يُقدر ويتفهم السياق المحلي ويعرف الجهات المحلية الفاعلة. وهذا من شأنه أن يجعل البرامج أكثر ارتباطاً بالدينامية الوطنية."

في السياق ذاته، تضيف هودجسون أنه في ضوء الشكوك السائدة لدى الحكومات والمجتمعات المحلية إزاء الأجندات الخفية أو المفروضة من قبل الجهات المانحة الأجنبية، تتمتع البرامج الممولة محلياً في الغالب بقدر أكبر من المصداقية والدعم المحلي.

على الجانب الآخر، يشكو البعض من أن المحسنين المحليين ليسوا مستعدين دائماً لتمويل البرامج "الحساسة سياسياً" المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي قد يُنظر إليها بعين الشك والريبة من قبل الحكومات ومُحدثي الثراء. وفي هذا الصدد، تعتقد لوسيا نادر، مديرة منظمة كونيكتاس غير الحكومية البرازيلية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان، أن العمل الخيري في البرازيل لا يواكب المكانة الدولية البارزة التي تتمتع بها الدولة في المجالين السياسي والاقتصادي.

وذكرت في مقالة نشرت مؤخراً على موقع Opendemocracy.net أنه على الرغم من أن البرازيليين لديهم تاريخ طويل من العطاء للجمعيات الخيرية، إلا أنه على سبيل المثال "لا يوجد عمل خيري منظم ومستدام لدعم جماعات حقوق الإنسان الراسخة والمتخصصة." ولم تستغل هذه الثروة من قبل المنظمات، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها لم تكن بحاجة إليها حتى الآن.

لكن نادر تشير أيضاً إلى وجود تصور لدى العامة، في دولة يصل معدل جرائم القتل بها إلى 50,000 حالة سنوياً، بأن جماعات حقوق الإنسان العاملة في مجال إصلاح نظام العدالة، على سبيل المثال، تساهم في تمكين المجرمين. وتضيف لوسيا نادر: "ولكن هذا الأمر بدأ يتغير الآن لأن الجيل الجديد يفهم ما نتحدث عنه. وهناك إحساس متزايد بأن الدولة سوف تنفجر من الداخل إذا لم نبدأ الحديث عن هذه القضايا التي تتعلق بحقوق الإنسان."

ويرى فريزر أن المحسنين المحليين في جنوب أفريقيا كانت تقدم مساعدات سخية على الدوام في الماضي، لكنها كانت تميل أيضاً للابتعاد عن القضايا السياسية الواضحة مثل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، مفضلين توجيه أموالهم إلى مجالات "أكثر أماناً" مثل التعليم والصحة والبيئة.

ويشير فريزر إلى وجود توجه جديد، حيث بدأت بعض المؤسسات الخيرية المحلية، مثل صندوق الألفية ومؤسسة بيرثا، تتحرك لملء الفراغ: "لقد بدأت تدرك أن الحكومة تخفق في كثير من المجالات، وأن هناك أعمال لم تنجز في عملية التحول، وأنه ينبغي على المجتمع المدني أن يلعب دورا كبيرا في هذا الصدد."

في أعقاب فيضان عام 2012، الذي كان أسوأ فيضان تشهده نيجيريا منذ عقود، أنشأت الحكومة لجنة برئاسة أحد أقطاب الصناعة ويدعى أليكو دانغوتي، وقدمت شركات القطاع الخاص تبرعات ضخمة لمساعدة حوالي 7 مليون شخص. وقد حددت اللجنة الرئاسية المعنية بالإغاثة من الفيضان وإعادة التأهيل لنفسها هدفاً لنفسها يتمثل في جمع نحو 640 مليون دولار لأعمال إعادة الإعمار وإعادة التأهيل الفورية والطويلة الأجل. ويشير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن اللجنة نجحت خلال حفل عشاء واحد لجمع التبرعات في جمع 70 مليون دولار، بيد أنه لا تتوفر سوى تفاصيل محدودة عن كيفية صرف تلك المبالغ.

وفي سياق متصل، تقول ماجا داروالا، المديرة التنفيذية لمبادرة الكومنولث لحقوق الإنسان، على الرغم من أن الهند لديها تاريخ طويل من العمل الخيري، إلا أن "فكرة دعم حقوق الإنسان، أو دعني أقول منظمات الحريات المدنية، ليست مغرية بالنسبة للجهات الممولة أو المؤسسات الخيرية المحلية." ويمكن تمويل قضايا مثل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحماية النساء والأطفال من العنف طالما تم ذلك تحت مسمى تحسين أحوال الضحايا، وليس تمكينهم من "الانتفاض للمطالبة بحقوقهم."

ربما يكون هناك شعور سائد بين الأثرياء في الأسواق الناشئة يلقي باللائمة على الفقراء لفقرهم، كما أفادت هودجسون، مضيفة أن "هناك فلسفة قائمة على مقولة 'لقد ساعدت نفسي بنفسي، فلماذا لا يمكنك القيام بذلك أيضاً؟'"

دفع نمو الأعمال الخيرية المحلية في الأسواق الناشئة منظمة هيومن رايتس ووتش إلى توسيع نموذجها القائم على الاستفادة من أصحاب الدخول المرتفعة في الدول المتقدمة عن طريق طلب التبرعات من الأثرياء في الدول النامية أيضاً. وقالت إليزابيث سولينغ، مديرة مكتب التنسيق المعني بالمؤسسات والبرامج في منظمة هيومن رايتس ووتش: "من المهم بالنسبة لنا أن لا يأتي مانحونا من دول أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية فقط."

تعمل منظمة هيومان رايتس ووتش على جمع التبرعات في جنوب أفريقيا والبرازيل والهند لأنها تريد، من بين أمور أخرى، أن "يتم دعم أعمالها من قبل أناس في دول لها صوت عالمي مؤثر." وقالت سولينغ أن المنظمة واجهت تحديات مختلفة في كل دولة: "بدءاً من القوانين التي تحد من قدرتنا على جمع الأموال محلياً إلى اختلاف التقاليد المتعلقة بالأعمال الخيرية."

وأضافت قائلة: "لقد صادفنا مجتمعات يقدم فيها الناس تبرعات للمبادرات المحلية وليس الدولية، وفي مجتمعات أخرى وجدنا الناس يفضلون تمويل خدمات مباشرة بدلاً من الدعوة إلى ضمان تقديم تلك الخدمات دون تمييز. وفي بعض المجتمعات نجد الناس يقدمون تبرعات سخية في شكل مواد غذائية أو ملابس، ولكن لا يقدمون عطايا نقدية."

وترى هودجسون أن هناك ثمة تحول في المنظور السائد، من نهج تنموي قائم على القضايا إلى نهج قائم على الاحتياجات المجتمعية الشاملة، ويولي تركيزاً أقل على احتياجات الجهات المانحة وتركيزاً أكبر على العديد من الاحتياجات المتشابكة التي تعبر عنها المجتمعات المحلية نفسها.

من هذا المنظور، يمكن ملاحظة أن التوجه نحو العمل الخيري المجتمعي - الذي يشير إلى الأعمال الخيرية التي تستخدم الموارد والأصول المحلية، ليس فقط من المانحين المحليين الأثرياء، ولكن من المجتمعات المحلية نفسها، وفي نفس الوقت يسهم في تطوير المجتمع المدني - يتزايد بسرعة في الدول النامية. ويشير تقرير "العمل الخيري العالمي للاتصالات"، إلى أن عدد المؤسسات المجتمعية قد ازداد بنسبة 86 بالمائة في الفترة من عام 2000 إلى 2010، وأن الجهات المانحة المحلية تستثمر في شتى مجالات تنمية المجتمع المحلي.

في كينيا، شيدت منظمة تدعي جمعية ماكوتانو لتنمية المجتمع عدداً من السدود والآبار وطورت أراض زراعية من خلال تمكين السكان المقيمين من إدارة الأنشطة التنموية الخاصة بهم.

ومن جانبها، تعتقد هودجسون أن المؤسسات الخيرية في المجتمع "عادة ما يتم تجاهلها باعتبارها هامشية وغير استراتيجية من قبل قطاع التنمية الرسمي"، في حين أنها في الواقع قيّمة للغاية - ليس فقط كاستراتيجية للتمويل، ولكن لأن "نتائج التنمية تكون أكثر ديمومة عندما يستثمر الناس في التنمية الخاصة بهم".

أكبر 10 متبرعين للأعمال الخيرية في أفريقيا

الى ذلك تتبرع الشخصيات الرأسمالية الخيرية في أفريقيا بما يقدر بنحو 7 مليار دولار سنوياً - على الأقل من الأشخاص الذين نعرف نشاطهم. وهؤلاء هم الرجال (للأسف، لا يوجد نساء على هذه القائمة حتى الآن) يقدمون حلولاً محلية لتلبية الاحتياجات المحلية.

فرانسوا فان نيكيرك من جنوب أفريقيا - هو مؤسس مجموعة ميرتيك (Mertech Group) الذي قدم 70 بالمائة من حصته في المجموعة (التي تقدر بنحو 170 مليون دولار) لمؤسسة ميرغون (Mergon Foundation) التابعة له والتي تمول مبادرات التعليم والصحة وبناء المهارات.

آلان غراي من جنوب أفريقيا - هو صاحب شركة آلان غراي لإدارة الاستثمار، وقد منح غراي مؤسسة آلان غراي أوربس (Allan Gray Orbis Foundation) التي يمتلكها 150 مليون دولار. وتمول المؤسسة منح دراسية للمرحلة الثانوية وتدعم قضايا أخرى.

ثيوفيلس دانجوما من نيجيريا - هو رئيس شركة بترول جنوب الأطلسي (South Atlantic Petroleum) وقد حطم الرقم القياسي في الأعمال الخيرية في نيجيريا عندما قدم 100 مليون دولار لإنشاء مؤسسة تي واي دانجوما (TY Danjuma) وهي منظمة تقدم المنح وتدخل في شراكات مع المنظمات غير الحكومية في مجالات التعليم والصحة والسياسة والمجالات ذات الصلة بالفقر. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

دونالد غوردون من جنوب أفريقيا - هو ملياردير العقارات والتأمين الذي أنشأ مؤسسة دونالد غوردون التي قدمت ما يقدر بنحو 50 مليون دولار كتبرعات لتطوير مرافق التعليم العالي والفنون في المملكة المتحدة.

أليكو دانغوت من نيجيريا - رئيس مجموعة دانغوت (Dangote Group) الذي انضم مؤخراً إلى مجال العمل الخيري وقد قدم بالفعل مساهمات كبيرة بلغ مجموعها 35 مليون دولار. وساهم في جهود الإغاثة من الفيضانات، وفي وتطوير المساكن منخفضة التكلفة والجامعات في نيجيريا، وقدم أيضاً 500,000 دولار لضحايا الانفجار الذي وقع في مدينة برازافيل في الكونجو في عام 2012.

مارك شاتلوورث من جنوب أفريقيا - بعد قيامه ببيع شركته للأمن الرقمي بمبلغ 575 مليون دولار، قدم شاتلوورث 20 مليون دولار لتطوير برنامج مجاني مفتوح المصدر يسمى أوبونتو (Ubuntu)، كما قدم 20 مليون دولار أخرى من خلال مؤسسة شاتلوورث لتمويل المشروعات التابعة لأفراد يحاولون تغيير المجتمع.

جيم أوفيا من نيجريا - هو مؤسس بنك زينيث، وقد قدم 6,3 مليون دولار لجهود الإغاثة من الفيضانات في نيجريا في عام 2012. ومن خلال مؤسسته لتمكين الشباب وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، قدم الكثير من أجل زيادة اهتمام الشباب بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما قدم مبلغ 320,000 لمساعدة 10 من رجال الأعمال النيجريين الشبان على إنشاء شركاتهم الخاصة في مجال التكنولوجيا.

سترايف ماسييوا من زيمبابوي: هو أغنى رجل في زيمبابوي ومؤسس شركة ايكونت وايرليس (Econet Wireless). وقد قام بنشر أعماله الخيرية في العديد من الدول الأفريقية، بما في ذلك زيمبابوي. وقام بإنشاء صندوق استئماني بقيمة 6.4 مليون دولار في عام 2012 لدفع تكاليف تعليم 40 طالباً. ويقوم أيضاً بدعم المنظمات التي تساعد الأيتام في زيمبابوي.

توني اليوميلو من نيجريا - اليوميلو هو رئيس شركة ايرز القابضة (Heirs Holdings) وقد ساهم بمبلغ 6.3 مليون دولار في جهود الإغاثة من الفيضانات في نيجريا في عام 2012. وتوفر مؤسسة توني اليوميلو التابعة له التدريب على تنظيم المشاريع للشباب الأفريقي.

أرثر إيزي من نيجريا - هو قطب النفط المراوغ الذي تبرع بمبلغ 6.3 مليون دولار لجهود الإغاثة من الفيضانات في نيجيريا. ويقدم أيضاً مبالغ مالية ضخمة لدعم التعليم العالي.

وهناك متبرعون آخرون جديرون بالذكر، مثل مايك أدينوغا وحكيم بيلو أوساغي من نيجريا، ومانو تشانداريا ونوشاد ميرالي من كينيا، وأشيش ثاكار من أوغندا، وعائلة ساويرس من مصر، وباتريس موتسيبي ونيكي أوبنهيمر ورايموند أكرمان وطوكيو سيكسوالي وسيريل رامافوسا من جنوب أفريقيا.

وقد أُطلق على ملياردير الاتصالات البريطاني السوداني المولد مو إبراهيم لقب أقوى رجل أسود في المملكة المتحدة، كما أُطلق عليه أيضاً لقب "بيل غيتس أفريقيا" لجهوده في أعمال الخير في القارة. وقد قام بتوقيع تعهد العطاء للتبرع بنصف ثروته، وقدم جائزة قيمتها 5 مليون دولار على مدار عشر سنوات وجائزة أخرى قدرها 200,000 دولار مدى الحياة لقادة أفريقيا المتميزين. ويعتبر موتسيبي هو أول رجال أعمال أفريقي يقوم بتوقيع تعهد العطاء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/نيسان/2014 - 15/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م