السعودية بلاد الوهم وثورة البطاقات!!

علي ال غراش

 

الإصلاح والتغيير والحصول على الحقوق يحتاج إلى مبادرة ومطالبة وحراك شعبي وتضحيات..، فالحقوق تتنزع ولا تعطى، وليس هناك شعب حصل على حقوقه بدون تضحيات، ومن يتوقع التغيير والإصلاح والعدالة - في ظل الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية والشمولية - بدون حركة ومطالبة وتضحيات فهو واهم، وللأسف الشديد ان هناك فئة من الشعب السعودي مصابة بهذا الوهم.

الشعب السعودي في حالة يأس وغليان واحتقان.. نتيجة تفاقم الأسباب التي تؤدي للغضب والتمرد والحراك والثورة منها الكبت والضغط والحرمان من الحقوق الوطنية وانتشار الفقر والبطالة والفساد في ارجاء الوطن، وغياب أي متنفس للتعبير..، وما يقوم به بعض الشعب السعودي من حراك وثورة عبر التسجيل بالصوت والصورة هي طريقة جديدة لإيصال صوته والتعبير بما هو مخفي داخل صدور أغلبية المواطنين إتجاه الجهات المسؤولة والاوضاع السيئة في البلاد؛ الشباب ركزوا على الاصلاح الحقيقي والتوزيع العادل للثروة والكرامة ومسمى الوطن..، ويأتي هذا الأسلوب بعد تحريم المؤسسة الدينية التظاهر ضد السلطة، وقيام الجهات الأمنية بحملات وإعتقالات وتعذيب وسجن باحكام قاسية جدا لكل من يتظاهر بشكل سلمي أو يؤيد التظاهر، حيث لم يجد الشعب إلا هذه الطريقة للتعبير عن رأيه، هذه الطريقة شهدت متابعة بالملايين، وهي بحاجة إلى دعم وتأييد من قبل الشعب، إنها فرصة لفرض إرادة التغيير بدون عنف، نعم لا للعنف.

كما ان ثورة البطاقات ثورة ناعمة ليس فيها تظاهر في الشوارع ومضايقة وفوضى - لمن يرفضون فكرة المظاهرات السلمية في الشوارع والميادين - وليس فيها عنف واعتداء، انها ثورة ناعمة سلمية بالصوت والصورة، ولكن السلطة والجهات الأمنية هي التي تتعامل بعنف مفرط الى حد الملاحقات الأمنية والمطاردة والاعتقالات والتعذيب والتهديد والترهيب، لانها ضد اي حراك ومطالبة ولو كانت سلمية، انها رسالة لمن هو ضد الحراك الشعبي المتوهم بان السلطة ترحب بالاصلاح.

إن الأنظمة الاستبدادية الشمولية تريد أن تحكم لتتحكم بالعباد وتملك الأرض وما فيها وما عليها، فالثروة لها والأراضي لها والحكم لها، وعلى الشعب الطاعة العمياء والاستسلام لرأي الحاكم الرازق صاحب المكرمات والعطايا للشعب، أنظمة لا تفكر ببناء وطن للجميع وبمصلحة المواطنين وترسيخ المواطنة، بل على العكس انها تكرس حكمها عبر القوة البوليسية والاستبداد والتضييق على الشعب وتجويعه ومنعه من حقوقه في المشاركة في إدارة الوطن واختيار الدستور ونظام الحكم وتطبيق العدالة والمساواة؛ ورغم طوال هذه العقود من الحكم والطفرة المادية الهائلة إلا انها فشلت فشلا ذريعا في بناء وطن يتسع للجميع في ظل وحدة وطنية واحترام القانون وتوزيع الثروة على المواطنين بعدالة.

ونتيجة استمرار الحراك والتظاهر والمطالبة بالحقوق من قبل الشعب الغاضب الثائر وعجز السلطة عن إيقافه - رغم استخدام القبضة البوليسية والقمع - تعلن عن حزمة من الوعود والمشاريع الخدماتية والدعم للمواطنين لإمتصاص الغضب، انها مجبرة لذلك للمحافظة على سلطتها، وبالتالي لولا الحراك والتظاهر والمعارضة والصوت المرتفع للمطالبة بالحقوق، وتعرض الالاف للاعتقال والسجن...، لما قامت السلطة بذلك أو بأي عمل في خدمة الشعب، لانها سلطة لا يهمها الشعب بل مصلحتها فقط، ومن يتوقع أن النظام يبادر من نفسه للاصلاح والتغيير والعمل لمصلحة الشعب والوطن فهو واهم.

الشعب الحر الشريف مع الإصلاح الشامل والعدالة الإجتماعية والكرامة والامن والأمان ومع محاسبة الفاسدين، وتطبيق قانون من أين لك هذا لجميع المسؤولين، وضد العنف والفساد واستغلال المناصب.

أفراد المجتمع طيبون ومسالمون وبسطاء، وكل فرد يريد أن يعيش حياة كريمة في ظل العدالة والحرية والتعددية والمساواة والامن والأمان الحقيقي، واحترام القوانين واحترام كرامة ورأي المواطن، وان يحصل على حقوقه ونصيبه من الثروة.

وأكثر الشعب لا يفكرون في الحكم والنظام والسياسة بل يريدون أن يعيشوا حياة كريمة مستورة كل مواطن لديه وظيفة ومسكن، وهذه أبسط الحقوق في ظل وطن يملك الخيرات الكثيرة، ولكن فشل سياسة السلطة والجهات التي تدير الوطن جعلته يشعر بالدونية والفقر والعوز..، وقد ساهمت تلك بدفع الشباب لكسر حاجز الخوف من بطش السلطة والقيام بثورة الشعب يريد الإصلاح ثورة البطاقات وتسجيل المطالب عبر برامج التواصل ونشرها.

إن الاصلاح الشامل لإرساء العدالة يتحقق بإرادة الشعوب والعمل الدؤوب والحراك المتواصل من قبل الجميع، اما التوقع من ان تقوم السلطة بالإصلاح فهو وهم كبير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/نيسان/2014 - 12/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م