مسلمو بورما.. بين إرهاب العنف الطائفي والإصلاحات الترقيعية

 

شبكة النبأ: الجرائم الوحشية والانتهاكات المستمرة التي تتعرض لها الأقلية المسلمة في بورما، من لدن الجماعات البوذية المتطرفة وبدعم حكومي والتي تسببت بمقتل وتشريد الآلاف من العوائل المسلمة، لا تزال محط اهتمام وترقب لدى العديد من المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، والتي أدانت وبشكل متكرر تلك الانتهاكات الخطيرة والتي اعتبرها الكثير جريمة بشعة ضد الإنسانية.

ففي ظل تزايد أعمال العنف الدينية في بورما الذي سيلقي بظلالها تفاقم الفوضى وتفشي الانتهاكات الحقوقية والإنسانية في البلاد.

ومنذ استقلال بورما ومسلمو الروهينجا محرومون من مواصلة التعليم في الجامعات، وممنوعون من التوظف في الحكومة، وممنوعون من السفر إلى الخارج، حتى إذا كان ذلك لأداء فريضة الحج. بل إنهم ممنوعون من الانتقال من قرية إلى أخرى، ومحظور عليهم دخول العاصمة رانجون. فقط هم مطلوبون كجنود في الجيش توكل إليهم الأعمال الشاقة مثل شق الطرق وردم الأنهار وإقامة الجسور.

ويذكر أنه في عام 1978 شردت بورما أكثر من 300 ألف مسلم إلى بنغلاديش، كما أنه وفي عام 1982 ألغت السلطات البورمية جنسية المسلمين بدعوى أنهم مستوطنون على أراضيها. وأضاف أنه وفي عام 1992 شردت بورما حوالي 300 ألف مسلم إلى بنغلاديش مرة أخرى، واتبعت سياسة الاستئصال مع من تبقى منهم على أراضيها عن طريق برامج تحديد النسل حيث تم منع الفتاة المسلمة من الزواج قبل سن الـ25 عاما والرجل قبل سن الـ30.

إذ يتفاقم الوضع الإنساني سوءا يوما بعد يوم، في مخيمات الروهينجيا الذي يعم البؤس من كل جانب، كما يتزايد عدد اللاجئين في مخيمات غرب بورما التي يصلون اليها وهم يحملون قلقهم بدون غذاء او مياه او ادوية، كما أثارت القضايا العنصرية والدينية وفي مقدمتها الكراهية التي لا تنتهي مطلقا والرغبة في الانتقام والاعمال الفوضوية الانتقام وارهاب وقتل بعضهم البعض خطرا متزايدا من العنف والاضطرابات فقد تتأثر بشدة عملية التحول للديمقراطية والتنمية، التي لا تزال في مرحلتها الانتقالية، وبالتالي فقدان الاستقرار والسلام في البلاد.

وفيما يخص آخر تلك الانتهاكات المتواصلة فقد قالت منظمة نسائية ان جيش ميانمار مازال يستخدم سياسة الاغتصاب كسلاح في الحرب وان هناك أكثر من مئة امرأة وفتاة تعرضن للاغتصاب من جانب جنود الجيش منذ الانتخابات التي جرت في البلاد عام 2010 وجاءت بحكومة مدنية اسميا سعت للتقارب مع الغرب. وقالت رابطة المرأة في بورما وهو اسم ميانمار سابقا والتي تتخذ من تايلاند مقرا لها في تقرير اطلعت عليه رويترز ان 47 حالة من الحالات الموثقة كانت اغتصابا جماعيا وان 28 امرأة قتلن او متن نتيجة اصاباتهن. وذكرت ان بعض الضحايا كن اطفال لا تزيد اعمارهن عن ثماني سنوات.

وذكرت الرابطة ان الموقف يحتاج الى اصلاح قانوني في ميانمار وتعديل دستور عام 2008 حتى يصبح الجيش تحت رقابة مدنية. ونفت الحكومة في ميانمار المزاعم. وقال يي هتوت المتحدث باسم الرئاسة "جيشنا لا يستخدم سياسة الاغتصاب كسلاح." وأضاف "إذا كانت هناك حالات اغتصاب ارتكبها أفراد فنحن نحاول كشفهم واتخاذ إجراء فعال ضد مرتكبيها. إذا أرسل لنا من أعدوا هذا التقرير تفاصيل عن هذه الحالات فسيساعدنا ذلك كثيرا في اتخاذ اجراءات." بحسب رويترز.

وجاء تقرير الرابطة بعد أقل من شهر من طرح مجموعة من الاعضاء الديمقراطيين والجمهوريين في مجلس الشيوخ الامريكي مشروع قانون يحظر على وزارة الدفاع (البنتاجون) تقديم اي أموال لحكومة ميانمار عام 2014 الا بعد التعامل مع هذه الاصلاحات وانتهاك الحقوق.

اعمال عنف طائفية

في السياق ذاته قتل العديد من الاشخاص في هجوم على بورميين من افراد الاقلية المسلمة في هذا البلد (روهينغا) في غرب بورما الذي يشهد اعمال عنف طائفية دامية، بحسب ما اعلنت منظمة غير حكومية في الوقت الذي عبرت فيه الولايات المتحدة عن قلقها. والوضع بالغ التوتر في ولاية راخين منذ عدة موجات من العنف بين الروهينغا وبوذيين من اقلية راخين.

ولم تتوفر تفاصيل كثيرة عن الموجة الاخيرة من اعمال العنف. وبحسب ناشطين حقوقيين قتل افراد من الروهينغا بينهم على الاقل امراتان وطفل بالسلاح الابيض في قرية قرب الحدود مع بنغلادش لكن الحصيلة يمكن ان تكون افدح بكثير. ونفى مسؤول في الشرطة بمدينة مونغداو المجاورة، طلب عدم كشف هويته، وجود ضحايا مدنيين مشيرا مع ذلك الى ان قوات الامن هوجمت وان شرطيا فقد وربما قتل.

وبحسب كريس ليوا مسؤولة منظمة "ذي اراكان بروجكت" التي تدافع عن الروهينغا، فان الهجوم على قرية شي يار تان وقع بعد هذه المواجهات مع الشرطة. وقالت "قتل اناس خصوصا نساء واطفال" مشيرة الى ان الحصيلة تختلف باختلاف المصادر من عشرة الى عشرات القتلى. وشاهد قروي معتاد على العمل مع هذه المنظمة غير الحكومية جثث امراتين وصبي في الرابعة عشر من العمر قتلوا طعنا ملاحظا ان استخدام السلاح الابيض يفترض ان يكون من قبل الراخين وليس من الشرطة. وقال مسؤول آخر في شرطة سيتوي عاصمة ولاية راخين ان عشرات الاشخاص تم اعتقالهم بينهم عشرة لا يزالون رهن الايقاف.

وابدت السفارة الاميركية في رانغون "قلقها الشديد" من اعمال العنف هذه "خصوصا من معلومات اشارت الى استخدام مفرط للقوة من قبل قوات الامن". وقالت السفارة في تغريدة "ندعو الحكومة الى القيام بتحقيق معمق واحالة المسؤولين الى القضاء وضمان المساواة في الحماية والامن تطبيقا لقانون ولاية راخين". وتعتبر الامم المتحدة ال 800 الف روهينغا الذين يعيشون في غرب ولاية راخين، احد اكثر الاقليات المضطهدة في العالم. وحرمت السلطات العسكرية السابقة في بورما الروهينغا من جنسية بلادهم وتعتبرهم السلطات مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش المجاورة ولا يخفي الكثير من البورميين كراهية حقيقية لهم.

من جانب اخر دعت الامم المتحدة بورما الى التحقيق في معلومات عن مقتل عشرات الرجال والنساء والاطفال في هجمات على قرية لاقلية الروهينغا المسلمين. وقالت المفوضة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي في بيان "آسف لسقوط قتلى في دو سي يار تان وادعو السلطات الى اجراء تحقيق كامل وسريع وموضوعي". واوضحت الامم المتحدة انها تلقت "معلومات تتمتع بالمصداقية" عن الهجمات على الروهينغا في ولاية راخين (غرب) المنطقة النائية التي تضم اغلبية من هذه المجموعة التي تفرض السلطات قيودا كبيرة على تحركاتها. بحسب فرانس برس.

وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ على حسابه على تويتر انه "يشعر بالحزن" للمعلومات عن مقتل نساء واطفال. من جهتها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان انه سمح للشرطة باعتقال كل الرجال والفتية الروهينغا الذين تتجاوز اعمارهم العشر سنوات. وقال فيل روبرتسن مساعد مدير ادارة آسيا في المنظمة ان "التمييز الرسمي ضد الروهينغا والافلات من العقاب لانتهاكات الماضي اوجدت ارضا خصبة لفظائع جديدة".

بورما غير مستعدة

على صعيد متصل رفضت بورما فكرة منح الجنسية البورمية لاقلية الروهينغا على اراضيها على الرغم من الدعوة التي وجهتهاالامم المتحدة التي تعتبر هؤلاء المسلمين بمثابة احدى الاقليات الاكثر اضطهادا في العالم. وقال يي هوت المتحدث باسم الرئاسة البورمية على صفحته على فيسبوك التي يستخدمها للردود الرسمية "لا يمكننا منح المواطنية للذين لا يتوافق وضعهم مع القانون ايا كانت الضغوط. هذا يعود لسيادتنا". واضاف ان "بلدا مسؤولا لا يمنح المواطنية لمن لا يتوافق وضعهم مع القانون حتى لو طلبت منظمات دولية ذلك".

وصدر قرار عن الامم المتحدة يدعو الحكومة البورمية الى منح الروهينغا فرصة الحصول على الجنسية ووقف اعمال العنف التي يتعرضون لها. لكن بورما تعترض حتى على عبارة "روهينغا". وكتب يي هوت "لا نقبل بعبارة روهينغا"، مشددا على ان تستخدم الامم المتحدة بدلا من هذه العبارة عبارة "بنغالي"، الاسم الذي يطلق في بورما على هذه الاقلية المسلمة التي لا يحمل افرادها جوازات سفر وهم بالتالي لا يتمتعون بحقوق مع نتائج ماسوية بالنسبة لحصولهم على الخدمات الصحية والعمل او ارسال اولادهم الى المدارس.

ويعيش القسم الاكبر من الروهينغا في ظروف معيشية صعبة وغالبا في مخيمات للاجئين في ولاية راخين في غرب بورما. لكن المتحدث باسم الرئيس ثين سين اعلن انه قد تمنح الجنسية البورمية "للبنغاليين الذين يستوفون معايير قانون المواطنية العائد للعام 1982"، من دون ان يوضح ما هي هذه المعايير التي اشار اليها.

وقال نيان وين المتحدث باسم حزب الرابطة الوطنية للديموقراطية بزعامة المعارضة اونغ سان سو تشي حائزة جائزة نوبل للسلام ان "الروهينغا غير موجودين بحسب القانون البورمي"، واضاف انه "يتفق" مع المتحدث باسم الرئاسة. وقال ايضا ان هذا الملف يتعلق ب"الشؤون الداخلية" لبورما. وتعترف بورما ب135 اقلية اتنية.

على صعيد متصل بدأ عشرات الآلاف من الموظفين ينتشرون في كافة ارجاء بورما لجمع معلومات إحصائية عن هذا البلد الذي بقي مغلقا لعقود في عهد الحكم العسكري. ويفترض ان يسمح الاحصاء بتحسين السياسات التنموية (التعليم والصحة والعمران..) اللازمة للحكومة التي تتولى السلطة منذ حلت المجموعة العسكرية نفسها في 2011.

لكن هذا المشروع الوطني الكبير اثار تظاهرات عنيفة في ولاية راخين المنطقة الواقعة غرب البلاد التي تشهد توترا بين البوذيين والمسلمين. ويمكن ان يضعف عملية السلام مع متمردي الاقليات الاتنية. واعلنت بورما انه لن يسمح للمسلمين بتسجيل انفسهم تحت اسم "الروهينغا" في اول احصاء للسكان تجريه منذ ثلاثة عقود ويثير توترات طائفية. وتاتي هذه الخطوة بعد ان توعد البوذيون في ولاية الراخين الغربية التي تشهد اعمال عنف بمقاطعة الاحصاء بسبب مخاوف من ان يؤدي الى الاعتراف الرسمي بالروهينغا الذين تصنفهم الامم المتحدة بين اكثر الاقليات في العالم تعرضا للاضطهاد. بحسب فرانس برس.

وصرح المتحدث باسم الحكومة يي هتوت للصحافيين في رانغون انه "اذا ارادت عائلة التعريف بنفسها بانها من الروهينغا فلن نقوم بتسجيلها". واضاف انه يمكن للاشخاص ان يصفوا انفسهم بانهم "بنغاليون" الصفة التي تطلقها السلطات على معظم الروهينغا الذين تعتبرهم مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش المجاورة. وفر موظفو اغاثة اجانب من ولاية راخين الغربية المضطربة بعد ان هاجمت عصابات من البوذيين مكاتبهم في الولاية مع تصاعد التوتر قبل اجراء الاحصاء السكاني.

المساعدات مهددة

الى جانب ذلك وبالنسبة للمسلمين المقيمين في مخيمات في غرب بورما تلعب المساعدات الانسانية دورا حيويا، لكن المنظمات تواجه تهديد القوميين البوذيين الذين دفعوا بالسلطات الى طرد منظمة اطباء بلا حدود من المنطقة. وتبدو الاوضاع في ولاية راخين على حدود بنغلادش متفجرة بعد موجتين من العنف بين مسلمي اقلية الروهينغا المعدومة الجنسية وبوذيي اتنية راخين.

واسفرت المواجهات عن مقتل اكثر من 200 شخص في 2012 ونزوح 140 الفا اغلبهم من المسلمين. وشكل اعلان السلطات عن تعليق انشطة اطباء بلا حدود في هذه المنطقة الفقيرة انذارا الى الهيئات الانسانية بحسب الخبراء. وفي احد المخيمات البائسة على مشارف سيتوي كبرى مدن ولاية راخين تزاحم النازحون قبل ايام للحصول على الصابون ومنتجات العناية الصحية التي وزعتها منظمة انسانية طلبت عدم ذكر اسمها.

واغلبية سكان هذه المخيمات من الروهينغا الذين تعتبرهم سلطات بورما مهاجرين غير شرعيين.

نظرا الى تقييد تحركاتهم تعتمد اكثريتهم على المساعدات الدولية للبقاء. لكن هذه المساعدة تلقى تنديد الجماعات القومية الراخين التي تتهمها بالانحياز. وقبل صدور الاعلان بخصوص اطباء بلا حدود صرح شوي ماونغ المسؤول في حزب تنمية القوميات الراخين "انهم يهملون شعبنا". وتابع "ليسوا في صفنا، نحن ندرك ذلك. لكنهم يساعدون اعداءنا".

وحذر المحلل المستقل ريتشارد هورسي من ان القوميين الراخين الذين طالبوا برحيل جميع الجهات الانسانية من بينها وكالات الامم المتحدة، سيرون على الارجح في تعليق عمل اطباء بلا حدود تاييدا لقضيتهم. وصرح "ماذا سيحدث لاحقا؟ ان كان القوميون الراخين يعتقدون انهم قادرون على طرد هيئات، ان نجحوا مع اطباء بلا حدود، فسيواصلون ذلك مع هدف اخر". واعلنت اطباء بلا حدود ان الحكومة امرتها بوقف جميع انشطتها في البلاد. لكن اجيز لها لاحقا استئنافها في كل مكان باستثناء ولاية راخين.

وكانت المنظمة التي تؤكد انها لا تعمل الا بحسب الحاجات، تقدم مساعدات صحية اولية للروهينغا الذين لا يسعهم اللجوء الى المؤسسات العامة. ومن دون هذه المساعدة يواجه عشرات الاف سكان ولاية راخين "ازمة انسانية" صحية، على ما حذرت المنظمة التي تواصل التفاوض مع السلطات. وفي الاسابيع الاخيرة استهدفت موجة تظاهرات اطباء بلا حدود، بعد الكشف عن علاجها عددا من الجرحى في احدى عياداتها قرب قرية دو تشي يار تان حيث قتل عشرات الروهينغا في هجمات شنها راخين.

ونفت الحكومة بحزم هذه الاتهامات التي كررتها الامم المتحدة. وحاليا يكمن الخطر في احتمال اثارة تعليق عمل المنظمة الانسانية تحركات ضد منظمات انسانية اخرى على ما افادت كريس ليوا من جمعية مشروع اراكان الناشطة من اجل حقوق الروهينغا. وصرحت "انه امر غير مقبول في بلاد تزعم انها على طريق الديموقراطية".

في العام الفائت ادت اعمال العنف في ولاية راخين الى هجمات على مسلمين في انحاء اخرى في البلاد، ما شوه صورة نظام جديد كثف الاصلاحات منذ حل السلطة العسكرية التي كانت حاكمة في 2011. كما دفعت بعشرات الاف الروهينغا الى الفرار على متن زوارق مرتجلة توجهت اغلبيتها الى ماليزيا. بحسب فرانس برس.

لكن فيا لا يخفي عدد من البورميين عداءهم تجاه الاقلية المسلمة تتعرض الحكومة الى ضغوط القوميين البوذيين في ولاية راخين وغيرها بحسب هورسي. واضاف "يبدو انهم يشعرون بالحاجة الى فعل شيء لتهدئة هذه العناصر المتشددة. وهذا مؤشر مقلق الى النفوذ الذي يملكه هؤلاء". واتهم رهبان بوذيون بتحفيز التوتر الديني فيما شارك بعضهم في ولاية راخين في تظاهرات ضد المنظمات الدولية. واتهم نانداوباثا من احد اديرة سيتوي الهيئات الانسانية باثارة العنف لتبرير انشطتهم. وصرح "لو لم تكن هناك مشاكل بين المجموعتين لما كانوا هنا. لذلك يفتعلون المشاكل. انهم اساس هذه النزاعات هنا".

الإصلاحات البورمية

من جهة اخرى لا يشعر اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش، الذين فروا من العنف الطائفي في دولة ميانمار المجاورة في عام 2012، بثقة كبيرة في الإصلاحات الديمقراطية التي يتم التبشير بها كثيراً في موطنهم الأصلي. وقال محمد زكريا، 31 عاماً، الذي فر من منزله في ولاية راخين التي تقع في غرب ميانمار بعد الموجة الأولى من العنف الطائفي بين البوذيين والمسلمين في يونيو 2012: "نحن نعاني منذ عدة أجيال". وأضاف قائلاً: "لم يتحقق السلام منذ زمن جدي. ولذلك فإنني لست متأكداً من أن أياً من هذه الإصلاحات سوف تحقق السلام".

ومنذ عام 2012، ترد تقارير عن فرار الآلاف من الروهينجا من البلاد، غالباً إلى دولة بنجلاديش المجاورة، على الرغم من عدم توافر إحصاءات دقيقة. وقد انضم هؤلاء إلى أكثر من 200,000 لاجئ من الروهينجا فروا منذ عدة عقود، ومعظمهم حالات غير موثقة. ودعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الحكومة البورمية والمجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز المصالحة والتعايش السلمي في راخين بعد أن لقي عشرات من الروهينجا مصرعهم أثناء محاولة الفرار من ميانمار عن طريق القوارب.

وأفادت رحيمة فتون، 40 عاماً، التي فرت من ميانمار بعد أحداث العنف في يونيو 2012، بأنها ركضت عبر الغابة مع امرأتين أخريين، قيل أن شرطة الحدود قتلتهما رمياً بالرصاص، لكي تصل إلى بنجلاديش. وأضافت قائلة: "رحلنا لأننا كنا نشعر بكثير من الألم. لم نكن نستطيع التحرك، حتى عندما كانت البلاد تتطور. لم يكن بمقدورنا أن نذهب من مكان إلى آخر".

وقد تبددت آمال الإصلاح الديمقراطي والسلام في ولاية راخين بسبب الحملة السياسية المتواصلة ضد الروهينجا، بما في ذلك، وفقاً لتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش "تصريحات وتصرفات بعض الناشطين في مجال الديمقراطية البارزين في بورما، من بينهم زعيمة المعارضة أونغ سان سو كي". ورداً على سؤال حول ايمانها بفرص تحقيق السلام بين المسلمين والبوذيين في ميانمار، قالت فتون: "لو كانت أونغ سان سو كي مسلمة، عندئذ فقط كنت سأشعر بأن شيئاً جيداً سيحدث. أتمنى لو كانت مسلمة، لأننا كنا سنعرف حينئذ على وجه اليقين أنها سوف تساعدنا".

وفي وقت سابق حلت الحكومة البورمية قوات ناساكا، التي كانت قوة أمنية مثيرة للجدل مكلفة بدوريات لحراسة الحدود، "وتطبيق مختلف السياسات التمييزية ضد الروهينجا،" وفقاً لمجموعة الأزمات الدولية (ICG). وأضافت مجموعة الأزمات الدولية أنه "لا توجد وكالة أخرى قائمة من المحتمل أن تتمتع بسلطات ناساكا أو قدرتها على الوصول إلى مختلف المناطق، وينبغي أن يؤدي إلغاؤها إلى خفض مستوى الانتهاكات التي يواجهها الروهينجا". بحسب إيرين.

ولكن هذا ليس مقنعاً للجميع. "فحتى لو أبعدوا ناساكا عن راخين، سيكون هذا مجرد ذر للرماد في العيون، ولن يتغير شيء على أرض الواقع،" كما أكد زكريا، مردداً عبارة هيومن رايتس ووتش التي تشير إلى أن زوال ناساكا كان بمثابة "ستار دخاني". وأضاف زكريا أن "هذا يجب أن يأتي من المجتمع الدولي. فإذا ضغطت بلدان مختلفة على الحكومة بالقدر الكافي، يمكن أن يحدث شيء جيد، ولكن بخلاف ذلك، لا أرى أي أمل للروهينجا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/نيسان/2014 - 5/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م