الدجاج التركي مايزال لذيذا

هادي جلو مرعي

 

أظهرت نتائج الإنتخابات البلدية في 81 محافظة تركية تقدم حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب اوردوغان على بقية الخصوم الذين يتقدمهم حزب الشعب المعارض وحركة السلام الكردية، وبدا واضحا إن رئيس الحكومة الذي يتعرض لضغوط متزايدة بعد حملة إنتقادات واسعة ضده، وعدد من أركان حزبه يتجه الى الفوز، وقرر أن تكون إنتخابات المجالس البلدية محطة أولى في الإستعداد للإنتخابات الرئاسية التي ينوي خوضها، وإختبارا لمدى شعبيته التي أراد لها خصمه العنيد وحليفه السابق فتح الله غولن أن تهتز بفعل فضائح فساد وتنصت كان آخرها التسجيل الشهير الذي بث عن إجتماع رفيع حول المعارك في ريف اللاذقية والتدخل في سوريا، ودعم مجموعات مسلحة معارضة للرئيس بشار الأسد حيث تشير تلك التسريبات الى إختراق في المنظومة الأمنية برغم إدعاءات عن سيطرة أوردوغان وتحكمه في الأجهزة الأمنية بعد أن أقال موالين لفتح الله غولن في أجهزة الجيش والشرطة والقضاء والتعليم ومؤسسات أخرى.

التدخل التركي في الملف السوري كان عاملا مضافا الى بقية العوامل التي يرى معارضون إنها أثرت في شعبية رئيس الحكومة، والتخبط الذي شاب التدخل في الملف المصري ودعم حركة الإخوان المسلمين التي فشلت في تدعيم وجودها في الحكم وسقطت في، أول إختبار قوي في مواجهة العسكر، وحماس الشعب الرافض للطريقة التي أدار بها الإخوان شؤون مصر ولم يحققوا ماكانوا وعدوا برغم إنهم حصلوا على تشجيع من الغرب والولايات المتحدة وتركيا وقطر.

 كان السعوديون يعملون بصمت حيث ضربوا في العمق وأسقطوا الإخوان نهاية يونيو الماضي بعد أن حشدوا الملايين، وكان طموح الأتراك ضحية مضافة الى بقية الضحايا الذين سقطوا في ميداني النهضة ورابعة، لكن أوردوغان لم يتراجع، وظهر على التلفاز وهو يجهش بالبكاء حزنا على الحلم الديني الضائع، وحاول من جديد من خلال التحول الى إيران، ونجح في التخلص من تبعات ضغط غولن وبقية الخصوم، حتى جاءت الإنتخابات البلدية لتجهض حلم المعارضين في سقوط مدو للعدالة والتنمية التي وجدت أنها متفوقة، وماتزال قادرة على إظهار القوة.

خطاب أوردوغان وهو يحتفل مع أنصاره أول أمس كان مهرجانا مكرسا للتنديد بالخصوم وتهديدهم بضربات ماحقة بعد ظهور النتائج النهائية، وتأكيد الفوز حتى وإن لم يكن فوزا ساحقا فهو يضمن له وجودا قويا في المعادلة السياسية القادمة تحضيرا لإنتخابات الرئاسة ولإكمال مشروع تدمير الخصوم التقليدين، وأولئك الذين ظهروا على الساحة مجددا، وردا حقيقيا على المؤامرات الخارجية التي تقودها دول في المنطقة، وليس خفيا من هي. فالمملكة العربية السعودية تأتي في المقدمة منها من خلال دعم المعارضة التركية بوسائل شتى لصناعة نموذج مشابه للنموذج المصري.

علينا أن ننتظر المزيد من الإثارة في الفترة القادمة لجهة الصراع الداخلي، ولمواجهة التحديات الخارجية المتصاعدة التي فرضتها طريقة أوردوغان في التعاطي مع الوضع السوري والثورات العربية.. ولابد من الإشارة الى إن الدجاج التركي (كوسكن أوغلو) مايزال لذيذا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 2/نيسان/2014 - 30/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م