الاقتصاد الإيراني... إنعاش بين رفع العقوبات وتقليص الدعم

 

شبكة النبأ: إيران تعيش اليوم بين طموحين وأكثر من تحدي، ففي الوقت الذي تراهن فيه على تحسين اقتصادها بخطة طموحة من الداخل، وتعول بذلك على جذب المستثمرين وزيادة الصادرات النفطية خارجياً، بعد الانفراجة المؤقتة في مسار الاتفاق النووي، ما زالت التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه الحكومة الحالية تحتاج الى المزيد من الجهد والعمل، بحسب ما يشير أغلب المتابعين.

فعلى المستوى السياسي، وبعد السماح المؤقت لها برفع جزئي عن الحظر الاقتصادي المفروض عليها منذ سنوات، والذي سمح لها بإنعاش محدود، ومن دون المبالغة في التقديرات، اذ ان الاتفاق النهائي لم ينجز، كما ان الملف النووي الإيراني لم يغلق نهائياً، فكما أشار أوباما في حديث صحفي، ان أكثر من 95% من العقوبات الاقتصادية ما زالت على حالها، وان الولايات المتحدة بإمكانها "بضغطة زر" ان تعيد الوضع الى السابق، فيما حث المرشد الأعلى للثورة في ايران الى نهج "اقتصاد المقاومة" في الاعتماد على النفس، في إشارة عدها الكثيرين الى عدم التفاؤل كثيراً برفع العقوبات الاقتصادية عن ايران.

اقتصادياً، ما زال الاقتصاد الإيراني يعاني من نسب التضخم المرتفعة والتي أدت الى تضعضع العملة الإيرانية، كما ان العديد من المشاريع الطموحة تعاني من التوقف نتيجة لتداعيات العقوبات الاقتصادية، سيما على مستوى انتاج الغاز الطبيعي، الذي يضع إيران في مصافي الدول الكبرى في احتياطي الغاز الطبيعي في العالم.

كما ان الإجراءات التي اعنت عنها حكومة روحاني مؤخراً، قد تجر الى اختبار حقيقي لمدى تمكن الحكومة الحالية من تنفيذ وعودها الإصلاحية والنجاح برفع العقوبات الاقتصادية اولاً، وتحسين مستوى الاقتصاد على المستوى الثاني، ما عده كثيرون اختباراً حقيقياً لقدرة الحكومة في تجاوز هذه العقبات الكبيرة.   

اختبار كبير

فقد تلوح في أفق إيران سحب زيادات جديدة في أسعار الوقود ستمثل أول اختبار رئيسي لقدرة الرئيس حسن روحاني على الاحتفاظ بالتأييد الشعبي في مواجهة هجمات منافسين من المتشددين، فمنذ انتخاب روحاني في أغسطس اب الماضي أدخل البهجة على قلوب كثير من الايرانيين بالتوصل إلى اتفاق مؤقت مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بشأن البرنامج النووي الايراني ومواصلة العمل للتوصل إلى اتفاق يضع حدا للعقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران.

وقد وعد روحاني بمزيد من الحريات الاجتماعية وأصلح بعضا مما لحق بالاقتصاد الايراني من ضرر من جراء العقوبات فاستقر سعر صرف الريال واتجه التضخم المنفلت للتراجع، إلا أن كل هذه الانجازات قد تتعرض للخطر إذا أساءت حكومته التصرف في التخفيضات المزمعة في الدعم الهائل الذي تقدمه الدولة لإبقاء أسعار الوقود المحلية أقل بكثير من مستوياتها العالمية.

وهذه التخفيضات جزء أساسي من جهود روحاني لإصلاح الاقتصاد بعد سنوات من التذبذب في إدارته في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، لكنها ستكون صعبة على كثير من الايرانيين وقد تؤثر على مكانة روحاني السياسية في وقت يحتاج فيه للتأييد للتغلب على المقاومة الداخلية لإبرام اتفاق نووي.

وقال كريم سجدبور خبير الشؤون الايرانية في معهد كارنيجي للسلام الدولي في الولايات المتحدة "أدلى الناس بأصواتهم لروحاني على أمل أن يخفض كلفة المعيشة لا زيادتها"، وقال دبلوماسي غربي كبير في طهران إن اعلان روحاني عن خطته لخفض الدعم أثارت بعض القلق في المجتمع الايراني من موظفي الحكومة لرجال الأعمال بل وبين رجل الدين، وبدأ البعض يعمل على تخزين المواد الغذائية.

وأضاف الدبلوماسي "خفض الدعم سيفرض المزيد من الضغوط على من أعطوا روحاني أصواتهم، وسيكون له أثر سلبي على التضخم المرتفع بالفعل وأسعار السلع"، وتابع "سيكون اختبارا فاصلا لقوة روحاني السياسية وشعبيته منذ انتخابه"، ويبلغ ثمن البنزين الان نحو 7000 ريال أي ما يعادل 0.28 دولار للتر بسعر الصرف الرسمي.

وتريد حكومة روحاني التي تعاني من شح السيولة المالية خفض الدعم لتخصيص المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية المهلهلة وخفض الاقتراض الحكومي من البنوك بما يمكنها من اقراض القطاع الخاص وكذلك التشجيع على ترشيد استهلاك الطاقة، وكان أحمدي نجاد خفض دعم أسعار الوقود أول مرة عام 2010 لكن هذا تسبب في ارتفاع كبير في التضخم وعرقل البرلمان المرحلة الثانية من الاصلاحات في 2012 بدعوى أن المرحلة الاولى رفعت أسعار الكهرباء وغاز الطهي لثلاثة أمثالها.

ويتمتع روحاني بتأييد أكبر كثيرا في البرلمان إذ أقنع أعضاءه في فبراير شباط الماضي بمبدأ اصلاح الدعم، لكن استجابة الشعب الذي واجه صعوبات كبيرة في الركود الناجم عن العقوبات قد لا تكون بنفس الهدوء الذي كانت عليه استجابة البرلمان لأن ما قد يجلبه إصلاح الدعم من نفع سيستغرق شهورا وربما سنوات قبل أن يظهر بينما سيشعر المواطنون بوطأته على الفور، وقال أحمد هاشمي الذي يعمل مدرسا في مدينة ساري الشمالية ويعول ثلاثة أطفال "عندي مشاكل اقتصادية بالفعل، فأنا أحاول العودة للبيت متأخرا لأتجنب رؤية أطفالي لأنني لا أستطيع كأب أن ألبي كل مطالبهم الأساسية.

وارتفع معدل التضخم عن 40 في المئة في ظل أحمدي نجاد وقال روحاني إن خفضه يمثل أولوية، وانخفض المعدل دون 35 في المئة مع تطبيق الحكومة سياسات نقدية ومالية أكثر تحفظا، ومن الممكن أن يقضي اصلاح الدعم على ما تحقق من تقدم على الأقل بصفة مؤقتة، وقال علي علمي الموظف الحكومي في مدينة قم المقدسة "نحن نشتري زيت الطعام والأرز لان الأسعار سترتفع ما أن يبدأوا في خفض دعم الوقود".

وتزيد نسبة البطالة عن 15 في المئة من قوة العمل في ايران لكن أجور كثير من العاملين زهيدة، وقال أصغر عبد الحسيني الذي كان موظفا وتقاعد بعد أن بلغ سن التقاعد في اصفهان "يعجبني السيد روحاني وأنا أؤمن به، لكن هذه ليست هي القضية، فأنا لا أستطيع عمليا وماديا إعالة أسرتي بمعاشي البالغ 8.8 مليون ريال (حوالي 350 دولارا) شهريا."

ومن المستبعد أن تشهد ايران اضطرابات خطيرة ردا على رفع أسعار الوقود لأسباب منها قوة الأجهزة الأمنية، لكن الاستياء الشعبي قد يضعف روحاني في كفاحه مع الساسة المتشددين الذين عارضوا انتخابه وربما يسعون لتعطيل أي اتفاق نووي، ومن هؤلاء الساسة بعض أعضاء البرلمان وقادة في الحرس الثوري ورجال دين من المحافظين.

وحتى الآن كان دعم الزعيم الاعلى آية الله علي خامنئي درعا حاميا لروحاني من معارضيه لكن هذا الوضع قد يتغير إذا أثار إصلاح الدعم غضبا شعبيا، وبسبب المخاطر تتوخى حكومة روحاني الحذر فيما يتعلق بمدى الزيادة في أسعار الوقود وتوقيتها، وأشارت تقارير اعلامية ايرانية مبنية على تصريحات المسؤولين الحكوميين التي تتسم بالغموض بل وبالتناقض أحيانا إلى أن سعر البنزين سيتضاعف إلى 14 ألف ريال للتر. بحسب رويترز.

وتنبأت صحيفة طهران إمروز أن متوسط الزيادة في سعر البنزين ووقود الديزل وغيرها من أنواع الوقود ستكون في حدود 87 في المئة لتوفر للحكومة 9.9 مليار دولار سنويا، ولا تنشر ايران أرقاما شاملة لموازنة الدولة ولذلك يتعذر حساب الأثر العام لخفض الدعم، غير أن موازنة روحاني للسنة المالية التي بدأت في 21 مارس آذار تتوقع إنفاق 77.1 مليار دولار على الأنشطة الحكومية باستثناء بعض الانشطة مثل مشروعات الدولة.

وتشير التقارير الاعلامية إلى أن زيادات أسعار الوقود ستطبق في يونيو حزيران أو يوليو تموز رغم أن الحكومة قد تنتظر لما بعد أواخر يوليو تموز على أمل التوصل لاتفاق نووي مع الغرب، وسيكون تطبيق الزيادات أسهل إذا تم تخفيف العقوبات في إطار الاتفاق النووي الذي سيؤدي إلى إطلاق استثمارات جديدة للقطاع الخاص في البلاد.

وتشير بعض التقارير إلى أن الحكومة قد تعمد في البداية لتخفيف أثر القرارات على الفقراء بالإبقاء على البطاقات الذكية التي ستتيح لذوي الدخل المحدود بشراء حصة تبلغ 60 لترا من البنزين المدعم شهريا بسعر 0.16 دولار للتر، ويعتقد البعض أن إصلاحات روحاني بدأت بالفعل خلسة إذ ارتفعت أسعار الكهرباء ومرافق أخرى في بعض المناطق في الشهور الأخيرة، وقال الاقتصادي سعيد غازيان في طهران "ليس أمامه خيار آخر، فهذه الجراحة الاقتصادية المطلوبة بشدة ستكون مؤلمة لكنها ستنقذ حياة المريض".

تحديات وامال

من جهته قال حامد كاتوزيان مدير مركز الأبحاث بوزارة النفط الإيرانية في مؤتمر في طهران إن بلاده في سبيلها لأن تصبح أكبر دولة مستوردة للغاز في العالم بحلول عام 2025 ما لم تكبح الطلب المحلي الهائل، وتملك إيران أكبر احتياطيات من الغاز في العالم بحسب تقديرات بي.بي ويباهي مسؤولو قطاع الطاقة في البلاد منذ سنوات بأن بلادهم ستصبح أكبر دولة مصدرة للغاز قريبا، وأنعش تحسن العلاقات مع الغرب منذ تنصيب الرئيس حسن روحاني في منتصف 2013 الآمال بأن إيران قد تسهم يوما في تلبية الطلب العالمي المتنامي على النفط في أنحاء العالم.

لكن التقدم البطي تجاه استغلال الاحتياطيات على مدار العشر سنوات الأخيرة أضعف الصادرات، وفي الوقت ذاته يرتفع الاستهلاك المحلي وثمة حاجة لمزيد من الغاز للحفاظ على مستوى الإنتاج في حقول النفط القديمة، وتواجه البلاد نقصا حادا إذ لا يكفي الانتاج الطلب للأغراض المنزلية والصناعية، وإذا لم تتخذ خطوات حاسمة لكبح نمو الاستهلاك فإن الدولة التي تملك أكبر احتياطيات من الغاز في العالم قد تصبح أكبر مستورد في العالم.

ونقلت وكالة أنباء مهر عن كاتوزيان قوله "إذ لم يتغير نمط استهلاك الطاقة الحالي ستصبح إيران أكبر دولة مستوردة للغاز الطبيعي في العالم بحلول 2025"، وأضاف أن من أكبر المشاكل التي تواجه إيران ضعف كفاءة محطات الكهرباء التي تعمل بالوقود الاحفوري إذ تدنت إلى 13 بالمئة فحسب مقارنة مع نسبة تتراوح بين 60 و70 بالمئة في المحطات الحديثة بأجزاء أخرى من العالم.

وعانت إيران من أوضاع مالية صعبة نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، وأبدى كاتوزيان أمله في أن تسهم خطط البرلمان لتقليص فاقد الطاقة في الحيلولة دون أن تصبح بلاده أكبر مستورد للغاز بعد نحو عشرة أعوام من الآن لكنه شدد على ضرورة تعاون رجال الصناعة والمواطنين لتحقيق ذلك.

كما نقل الموقع الإلكتروني لوزارة النفط الإيرانية عن مسؤول كبير بقطاع الطاقة قوله إن طهران لن تخفض سعر صادرات من الغاز الطبيعي إلى تركيا لكنها قد تبيع المزيد من الغاز إلى جارتها المتعطشة للطاقة إذا وقع البلدان اتفاقا جديدا، وتعتبر تركيا ثمن الغاز الإيراني مرتفعا كثيرا مقارنة مع صادرات دول أخرى مثل روسيا واذربيجان وهو ما ترفضه طهران.

ورفعت شركة بوتاس التركية الحكومية لخطوط أنابيب النفط دعوى أمام محكمة تحكيم دولية في عام 2012 للبت في تسعير الغاز الإيراني، وما زالت القضية قائمة، ونقل موقع وزارة النفط عن رئيس شركة الغاز الوطنية الإيرانية حميد رضا عراقي قوله "لن تخفض إيران سعر الغاز الطبيعي الذي تصدره إلى تركيا بموجب الاتفاق الحالي"، وتستورد تركيا عشرة مليارات متر مكعب من الغاز الإيراني سنويا بموجب عقد وقع في 1996 وبدأ تنفيذه في 2001.

وتعتمد أنقرة على الواردات في تلبية جميع حاجاتها تقريبا من الغاز الطبيعي والتي تشير تقديرات الي انها ستصل إلى 52 مليار متر مكعب هذا العام، وقال وزير الطاقة التركي تانر يلدز إن بلاده قد تزيد وارداتها من الغاز الطبيعي الإيراني إلى المثلين إذا اتفق البلدان على سعر، وقال عراقي "يمكننا أن نزيد حجم صادرات الغاز الإيراني إلى تركيا بموجب اتفاق جديد".

وتتطلع تركيا إلى زيادة وارداتها من النفط والغاز من طهران توقعا لرفع للعقوبات عن قطاع الطاقة الإيراني الضخم في أعقاب اتفاق نووي مؤقت توصلت إليه طهران مع ست قوى عالمية العام الماضي يهدف الي تقييد الأنشطة النووية الإيرانية الحساسة، وبموجب الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في 24 نوفمبر تشرين الثاني وبدأ تنفيذه في 20 يناير كانون الثاني تعهدت الجمهورية الإسلامية بتقليص بعض أنشطتها النووية المثيرة للخلاف.

من جهة أخرى قالت مصادر تتابع حركة ناقلات النفط إن صادرات الخام الإيرانية ظلت فوق المستويات المسموح بها بموجب العقوبات الغربية للشهر الخامس في علامة جديدة على أن الاتفاق الذي يخفف بعض القيود يساعد طهران في زيادة مبيعات النفط، ومن المفترض بموجب الاتفاق أن تظل صادرات إيران عند مليون برميل يوميا في المتوسط خلال ستة اشهر حتى 20 من يوليو تموز، لكن بيانات بخصوص حركة السفن أظهرت أن الشحنات لآسيا تجاوزت هذا المستوى منذ نوفمبر تشرين الثاني على الأقل.

وتعتقد حكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الصادرات ستهبط في الشهور القادمة وسيهبط المتوسط إلى المليون برميل يوميا التي نص عليها الاتفاق المؤقت الذي بدأ تنفيذه في 20 من يناير كانون الثاني، وقال مصدر إن صادرات الخام الإيرانية بلغت 1.3 مليون برميل يوميا في المتوسط في مارس اذار انخفاضا من 1.4 مليون برميل يوميا في فبراير شباط ومقارنة مع 1.1 مليون برميل يوميا في المتوسط في العام 2013.

وقال مصدر ثان إن صادرات الخام الإيرانية باستثناء الصادرات إلى اليابان بلغت 1.28 مليون برميل يوميا في مارس اذار وشملت مبيعات لكبار المشترين مثل الصين والهند إلى جانب كوريا الجنوبية وتركيا وسوريا، وأضاف أن هذا يشير إلى استقرار الصادرات الإيرانية بوجه عام، وسوريا ليست من الدول التي تفرض عليها واشنطن عقوبات لشرائها النفط الايراني.

وقدر مصدر ثالث ان الشحنات الاجمالية في مارس اذار انخفضت قليلا لكنها لا تزال فوق مستوى 1.1 مليون برميل يوميا، وقال "الصادرات في مارس أقل بعض الشيء، ربما ضغطت الولايات المتحدة على بعض المشترين الآسيويين"، وجاءت الزيادة المطردة في الصادرات عقب اتفاق مؤقت بين القوى العالمية الست وإيران في العام الماضي يهدف لكبح برنامج طهران النووي ويسمح بتخفيف محدود للعقوبات.

وقالت مصادر في القطاع إن هذا حسن الوضع المعنوي وقلص المخاطر السياسية بالنسبة لعملاء إيران وأغلبهم في آسيا، وقال مصدران إن صادرات الجمهورية الإسلامية بلغت 1.4 مليون برميل يوميا في فبراير شباط وهي أرقام تتفق إلى حد بعيد مع بيانات بخصوص تحميل السفن في وقت سابق ذكرت أن الصادرات باستثناء المبيعات لسوريا بلغت 1.28 مليون برميل يوميا.

وأظهرت بيانات لوكالة الطاقة الدولية في وقت سابق هذا الشهر أن الواردات العالمية من النفط الإيراني وتشمل المكثفات سجلت أعلى مستوى لها في عام في كل من يناير كانون الثاني وفبراير شباط 1.41 مليون برميل يوميا، ومنذ فرضت واشنطن عقوبات مشددة تستهدف صادرات النفط الايرانية في عام 2012 يزور مسؤولون من وزارات الخارجية والخزانة والتجارة الأمريكية الدول المستهلكة لمساعدتها في العثور على بديل للخام الايراني.

وقال مصدر بالحكومة الأمريكية إن إدارة أوباما تعتقد أن طهران غير قادرة على بيع النفط لسوريا، وبدلا من ذلك فإن طهران "تهبه" لسوريا وهو ما يظهر أن العقوبات على إيران مجدية لأن طهران التي تعاني من شح السيولة ستفضل بيع الخام لعملاء مثل الصين والهند واليابان، وأضاف المصدر أن حكومة أوباما تركز على ضمان الحد من أي إمدادات لنظام الرئيس بشار الأسد.

ويقول المؤيدون لتشديد العقوبات إن البيانات تظهر أن إيران تحصل على تخفيف أكبر مما قالت واشنطن إنها ستحصل عليه بموجب الاتفاق المؤقت، وبشكل منفصل قالت مصادر تتابع حركة الناقلات إن كميات النفط الإيراني المخزنة في سفن في البحر أو في مراس بدأت تنخفض بعد عدة شهور، وقال مصدر إن عدد الناقلات التي يخزن بها الخام هبط إلى ما بين 11 أو 13 سفينة من 16 في فبراير شباط، وكان عدد ناقلات التخزين قد بلغ ذروته في عام 2011 عندما جرى تخزين الخام في أكثر من عشرين ناقلة عملاقة كل منها قادر على حمل مليوني برميل كحد أقصى، وقال تيم ويلسون الخبير لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وهي مؤسسة بحثية أمريكية تؤيد تشديد العقوبات "انخفض العدد حاليا إلى تسع سفن".

جذب المستثمرين

فيما قالت وسائل إعلام إيرانية إن إيران عرضت نموذجا جديدا لعقود تطوير حقول النفط في مسعى لجذب شركات الطاقة الأجنبية، ويسمح أحد التغيرات في عقد البترول المتكامل الجديد للمقاولين الأجانب بالعمل في الحقول لفترة أطول بدلا من تسليمها في مرحلة مبكرة إلى الشركات الإيرانية، وبموجب نظام "إعادة الشراء" المعمول به حاليا كان المقاولون يباشرون أعمال التطوير الأولية ثم يحصلون على مستحقاتهم نفطا وهو ما لم يكن مرضيا للمستثمرين الأجانب قبل أن تدفعهم العقوبات الغربية إلى النزوح.

وقال مهدي حسيني مدير اللجنة المسؤولة عن تعديل نظام العقود لمنتدى في طهران إن ذلك النهج كان أحاديا أكثر من اللازم ويصب في مصلحة إيران فحسب، وسيحصل المستثمرون على شروط أفضل للمشاريع عالية المخاطر كما يحدث في العراق الذي اقتبس المسؤولون الإيرانيون من عقوده.

ونقل موقع وزارة النفط الإيرانية على الانترنت عن حسيني قوله "في العقود الجديدة تجري ترسيه المراحل المختلفة لصناعة النفط (التنقيب والتطوير والإنتاج) بشكل متكامل"، وقال "يجب أن نحاول إقناع الشركات الأجنبية بدخول المجالات عالية المخاطر من صناعة النفط" مضيفا أنه ينبغي ألا تتحمل الحكومة التكاليف الباهظة لأعمال التنقيب عن النفط والغاز لكن تعمل على أن تحقق العقود مردودا مجزيا لمن يتحملون ذلك.

ومازال بعض شركات النفط الرئيسية ينتظر مدفوعات بملايين الدولارات عن مشاريع تمت منذ عشرات السنين، وصعبت العقوبات الغربية المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووية استخراج النفط ونالت من إنتاج إيران في العامين الأخيرين، وخفف اتفاق مرحلي بين القوى الغربية وطهران بعض القيود التجارية لكن منع الشركات الأمريكية والأوروبية من القيام باستثمارات طويلة الأمد في طهران مازال قائما.

بدوره قال فيفيك راي وكيل وزارة النفط الهندية إن بلاده مستعدة لدفع 1.5 مليار دولار لإيران لتسوية جزء من مدفوعات متأخرة عن شحنات نفطية بعد التخفيف الجزئي للعقوبات الغربية المفروضة على طهران، وكانت مصادر مصرفية قالت إن كوريا الجنوبية ستسدد دفعتين في مارس آذار مجموعهما مليار دولار وتستحق الشريحة التالية من أموال النفط في العاشر من ابريل نيسان.

وأكد فحوى تقرير بأن إيران تريد 1.5 مليار دولار من الهند من المبالغ المستحقة مقابل شحنات نفطية، وقال إن وزارة المالية الاتحادية ستحدد القناة المصرفية التي ستستخدم للسداد، وبموجب جدول مواعيد الدفع تحصل طهران على 450 مليون دولار من الهند في أول مارس آذار إذا استوفت شروطا منصوصا عليها في اتفاق نوفمبر تشرين الثاني، وتستطيع بعد ذلك تسلم شريحتين أخريين حجم كل منهما 550 مليون دولار في السابع من مارس آذار والعاشر من ابريل نيسان دون شروط جديدة.

وتتوقف المدفوعات من 15 من ابريل نيسان على التأكد من التزام إيران بخفض نسبة تخصيب اليورانيوم من 20 بالمئة إلى خمسة بالمئة على الأكثر، ورفعت الهند وارداتها من الهند بقوة لكن الشحنات الإجمالية من ابريل نيسان إلى يناير كانون الثاني (الأشهر العشرة الأولى من السنة المالية) بلغت نحو 201 ألف برميل شهريا بانخفاض 26 بالمئة على أساس سنوي.

ومنذ فبراير شباط من العام الماضي تحتجز شركات التكرير الهندية 55 بالمئة من الأموال المستحقة لإيران بعد توقف آلية دفع سابقة من خلال بنك خلق التركي جراء العقوبات، وشركات التكرير مدينة حاليا بنحو ثلاثة مليارات دولار مقابل الخام الإيراني وستسوي الدفعات المقررة البالغة 1.5 مليار دولار ما يقرب من نصف ذلك المبلغ، وتودع الشركات نسبة الأربعة والخمسين بالمئة الباقية بالروبية في بنك يو.سي.أو وتستخدم طهران تلك الأموال لاستيراد بضائع من نيودلهي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/آذار/2014 - 27/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م