شبكة النبأ: شارفت نفوس العالم على
سبعة مليارات او فاقت ذلك، وهذا الرقم الضخم من البشر الذي يتوزع ارجاء
المعمورة، ينقصه الكثير مما ينتمي الى الاصلاح، قولا وفعلا، فثمة
الحروب والتجاوزات وانتهاكات الحقوق والحدود والاعراف، بين الامم
والدول والجماعات لتصل الى مستوى الافراد ايضا، حيث تُنتَهَك الحقوق،
وتضيع الحدود بين الحق والباطل، ويستأسد القوي على الضعيف من دون وجه
حق، ويسود خطاب الظلم والفسق والقوة والطغيان، على خطاب الرحمة والعدل
والاصلاح والمدنية، فيشتعل العالم بالكراهية والحقد، وغالبا ما تكون
النتائج الخطيرة، من حصة الفقراء والضعفاء دائما وغالبا.
ما يحتاجه الانسان اليوم، على المستوى العالمي، هو تعميم خطاب معتدل
متوازن إصلاحي، يسعى الى رأب الصدع بين النفوس، ويقرّب بين افكار وعقول
ونفوس الناس جميعا، من خلال نشر خطاب الاصلاح، وقيم الخير، بين عموم
البشر، بغض النظر عن طبيعة انتمائهم، فالناس تجمعهم الاخوة الانسانية،
والانسان نظير لاخيه الانسان بالخلق، كما قال الامام علي عليه السلام،
لذا من الاهمية بمكان، أن يتم إصلاح الانسان أولا وترويض النفس نحو
الصواب، وسحبها الى جانب قيم الخير، من خلال ضخ الخطاب الاصلاحي، عبر
القنوات الفضائية، ونشره في البقاع التي ربما لم تصل إليه بذور الهداية
وأنوار كلمة الحق.
بهذا المعنى فإن هداية الانسان في عموم المعمورة، أصبحت تمثل واجبا،
يعني الجميع، أو يشمل الجميع، فطالما هناك قدرة للانسان على إطلاق
وتوصيل خطاب الاصلاح لمن يحتاجه، فعليه أن لا يتردد ولا يتقاعس في هذا
العمل، لانه نوع من الواجب، أي عندما يشعر ويعرف الانسان أن هناك بشرا
وأناسا يحتاجون الى الهداية والتوجيه نحو سبل الحق والقيم الفاضلة،
عليه أن يسعى لمساعدتهم، واليوم لم يعد الامر صعبا، طالما ان صوت الحق
وخطاب الاصلاح، يمكن أن يتم ارساله الى آخر نقطة من العالم عبر
الفضائيات.
يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق
الحسيني الشيرازي دام ظله، في كلماته التوجيهية القيّمة حول تأسيس
القنوات الفضائية لهداية الناس: (اليوم يجب هداية الناس في كل مكان وفي
كل نقطة من العالم).
الهداية واجب على الجميع
وهكذا يصبح نشر الخطاب الاصلاحي من الواجبات التي تقع ضمن العمل
الانساني، كي يرتفع بوعي الانسان، ويهديه الى كلمة الحق، وتعاليم
الاسلام، وافكار ومنهج آل بين النبوة عليهم السلام، كونها مصابيح
متوهجة بنور الكلمة الحق، ولابد من توصيل هذا الخطاب الى ابعد نقطة في
الارض، لان هناك من يحتاج الى هذا الخطاب دائما.
يقول سماحة المرجع الشيرازي، في هذا المجال: إن (هداية الناس واجب،
ومقدمات وجودها واجبة أيضاً، وإذا لم يوجد من يقوم بهما على نحو
الكفاية، تصبح واجبة على الجميع. فنفوس البشرية اليوم بالعالم هم قرابة
سبعة مليارد، فكم منهم يعرف الإسلام؟ وكم منهم يعرفون أهل البيت صلوات
الله عليهم؟ والجواب على ذلك هو: قليل منهم يعرف ذلك).
نعم هناك حاجة فعلية لنشر خطاب الاصلاح، في اوسع رقعة ممكنة من
الارض، وقد بات هذا ممكنا، في ظل التقنيات الهائلة التي توفرت في مجال
البث التلفازي الفضائي، حيث الاثير ينقل الصورة والكلمة الى ابعد نقطة
في الارض، الامر الذي يعني انتفاء الذرائع والاسباب التي قد تعيق من
نشر الخطاب الاصلاحي، عبر العالم أجمع، وقد تبدو هذه المهمة او هذا
الهدف عسيرا بالنسبة للبعض، لاسباب تتعلق بالقدرات والامكانيات و
الظروف وما شابه، لكن من يتمكن ويستطيع توصيل الخطاب الاصلاحي الى
الاخرين، عليه ان لا يتردد لحظة واحدة في ذلك، لانه بهذا العمل انما
يسهم في صناعة عالم افضل، وبشرية اكثر وعيا وصلاحا، وهذا هو الهدف الذي
يسعى اليه الاسلام وآل بيت النبوة الاطهار.
لذلك عندما يكون الانسان قادرا على نشر الاصلاح، فلا عذر له عندما
يتلكّأ في ذلك، أما اذا لم يكن قادرا لاسباب مقنعة، فإنه معذور بطبيعة
الحال، كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في قوله: (في أداء الواجبات
يكون الإنسان معذوراً بمقدار ما لم يتمكّن على أدائه، ولكنه غير معذور
فيما يتمكّن عليه). نعم لا عذر للانسان عندما يكون قادرا على اطلاق
وتوصيل كلمة الحق لمن يحتاجها، ولا يسعى في ذلك تحت حجج واهية.
خاصة ان وسائل النقل الصوتي والصوري باتت قادرة على الوصول الى ابعد
نقطة في العالم، لذلك لابد من الشروع في توصيل افكار اهل البيت عليهم
السلام عبر الفضائيات الى كل من تنقصه تلك الافكار الانسانية في
منطوقها وجوهرها، فالفضائيات اصبحت قادرة على القيام بهذه المهمة، كما
نقرأ في قول سماحة المرجع الشيرازي:
إن (القنوات الفضائية لها الأثر البالغ في عملية تسريع تحوّل الناس
واستبصارهم بنور أهل البيت صلوات الله عليهم).
الوصول الى العالم أجمع
قد يتعذر الوصول الى الناس فردا فردا، لابلاغهم بمبادئ الخير
والسلام والصلاح، لاسباب معروفة تتعلق بالسفر وما ينطوي عليه من
معوقات، مثل تأشيرات السفر، والمنع، فضلا عن القدرات المالية وضيق
الوقت وما شابه، لكن يبقى هدف الاصلاح ماثلا امام الجميع، وواجبا على
كل من يستطيع الاسهام في نشر فكر الاعتدال والرحمة والعدل والخير والحق
والحرية في ربوع الارض كلها، من الواضح أن مثل هذا الهدف الانساني
الجوهري، يستدعي قدرات وامكانيات كبيرة، ولكن تبقى الارادة تتقدم على
كل شيء، فإذا كان الانسان ذا نيّة خالصة وارادة فاعلة، في نشر مبادئ
الاسلام وكلمة الحق وفكر اهل البيت عليهم السلام وكل ما ينتمي الى
انسانية الانسان، فهذا يكفي لكي يكون قادرا على المشاركة في تحقيق هذا
الهدف.
يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (قد لا يمكن وليس
بالإمكان الوصول إلى الناس في كل العالم، لكن بالإمكان العمل عن طريق
القنوات الفضائية، حيث بهذه الوسيلة الإعلامية يمكن الوصول إلى العالم
كلّه. ومن مقدّمات هذا العمل هو المال، والأفراد، والعزم والتصميم،
والنشاط والجهد، ونحو ذلك، وهذه كلّها واجبة).
وهكذا اصبح واضحا، أن الجميع له دور في مجال نشر الخطاب الاصلاحي،
ولو كان ذلك، عبر الفضائيات، فلا يصح التقاعس في هذا الجانب، خاصة لمن
هو قادر من حيث المال والقدرات الاخرى التي تتعلق بالجوانب الفنية، أو
القضايا الفكرية وكيفية توصيلها، وهو امر يمكن معرفته ووضع الحلول
اللازمة له، بالمعرفة والتخطيط والتنفيذ السليم، ولكن لابد من توافر
ارادة التنفيذ والمشاركة قبل كل شيء.
والحقيقة ان الانسان مطالب أن يعمل كل ما في وسعه في هذا الجانب
الاصلاحي، كونه يتعلق في توعية الناس وتنويرهم، لذلك يؤكد سماحة المرجع
الشيرازي قائلا في هذا المجال: (كل ما تقدرون عليه ولم تعملوا به فإنكم
ستكونون مسؤولون عنه يوم القيامة. فاسعوا إلى هذا العمل شيئاً فشيئاً). |